شاشة الناقد: The Critic**

«الناقد» (بي ك أس ستديوز)
«الناقد» (بي ك أس ستديوز)
TT

شاشة الناقد: The Critic**

«الناقد» (بي ك أس ستديوز)
«الناقد» (بي ك أس ستديوز)

الأفلام الواردة هذا الأسبوع تتحدث عن نوع من القمع: ناقد مسرحي يفقد وظيفته، عازف بيانو اختفى في ظروف سياسية، وبوّاب عجوز يواجه ما قد يسلبه حياته.

The Critic**

إخراج: ‪ أناند تَكر‬| دراما | الولايات المتحدة | 2023

ربما حان الوقت لتحقيق فيلم حول ناقد. سبق للسينما أن تعامت مع شخصيات امتهنت النقد الفني لكن لم يسبق لفيلم أن قدّم شخصية أولى ورئيسية تمارس هذا النوع من العمل. صحيح أن الشخصية الماثلة في هذا الفيلم ليست شخصية ناقد سينمائي، لكن النقد في المجالات الفنية (سينما، مسرح، موسيقى، رسم) واحد يتطلب القراءة الأبعد والثقافة العريضة والمثابرة.

شخصية جيمي (إيان مكيلين)، تتضمن هذه الصفات في فيلم يتحدّث عن وضع ناقد مسرحي عندما يُفصل عن العمل فيجد نفسه وقد بات عارياً من أسباب الحضور في الوسط الإعلامي والفني. جيمي يعمل في مجال النقد المسرحي في مجلة بريطانية في أحداث تقع فترة الثلاثينات من القرن الماضي. المجلة، واسمها «لندن كرونيكل»، ذات خط يميني محافظ. لكن الناشر الذي التحق جيمي في عهده يموت ويخلفه في إدارة الصحيفة ابنه فيسكاونت (مارك سترونغ)، الذي لا يتبع خط أبيه، بل يجري تغييرات عدّة ليستخدم منهجاً جديداً بدلاً من منهج المجلة السابق. هو الآن يريدها مجلة بلا تطرّف وتنتمي إلى جمهور عريض. ينظر الابن إلى تاريخ جيمي ويُعدّ وجوده لم يعد ضرورياً بل عليه الإتيان بناقد جديد يحل مكانه.

جيمي رجل مسن مارس المهنة منذ سنوات عديدة. لكن الفيلم الماثل أمامنا يوعز بأن الدافع قد يعود إلى أن جيمي مثلي لذلك صُرف من الخدمة. أمر لا يمكن أن يحدث اليوم، ويفسّر لماذا وضع المخرج وكاتبه الأحداث في سنة 1934. لكن جيمي لن يستسلم وسيحاول العودة لمنصبه مهما كلّفه الأمر من حيلة أو حتى فعل عدائي. إنه يجد نفسه مؤهلاً للاستمرار بسبب علمه ومعلوماته والدور الذي مارسه منذ سنوات بعيدة.

إخراج تَكر يستند إلى سيناريو مقتضب. ليس هناك الكثير مما يريد قوله في عمق وخلفية شخصيتيه الرئيسيّتين جيمي وفيسكاونت، لذلك يعمد إلى تصريف أعمال على صعيد سرد لحكاية يتابعها المرء من موقع غير متعاطف.

هناك دفع تجاه ذروة تحتوي على انتقام جيمي في سبيل استعادة مركزه، مما قد يذكّر بعضنا بفيلم «مسرح الدم» لدوغلاس هيكوكس (1973) الذي انتقم بطله فينسنت برايس بقتل عدد من نقاد المسرح تسببوا في فشله ممثلاً. الأوضاع في الفيلم الجديد لا تصل إلى هذا الحد، لكن الفيلم يبقى هائماً في توجهه، مما يعزز حاجته لموقف مقنع عوض استعراض حكائي.

عروض مهرجان تورنتو.

‪ ‬They Shot the Piano Player***

إخراج: فرناندو تروبا، خافيه ماريسكال | رسوم | أسبانيا | 2023

خلال مهنة بدأت سنة 1980 وما زالت مستمرّة بنجاح، عالج الإسباني تروبا أنواعاً كثيرة منتقلاً بين الدراما الرومانسية والفيلم التشويقي وحتى الموسيقي. يُضاف إليها فيلمان من نوع الرسوم (أنيميشن) أولهما «تشيكو وريتا» (2010)، وثانيهما هو الفيلم الحالي «قتلوا عازف البيانو».

الفيلم السابق، «شيكو وريتا» دار حول أحلام عازف بيانو بالوصول إلى سدّة فنية كبيرة. في الفيلم الحالي الشخصية التي في العنوان حقيقية. في عام 1976، خلال الحقبة الدكتاتورية في البرازيل، اختفى عن الوجود لاعب بيانو شاب اسمه فرانشيسكو تينوريو جونيور. لم يُعرف عنه انتماؤه إلى أي فريق مناهض للحكم أو حتى معه. عازف اهتم فقط بفنّه وعمله. ذات ليلة خرج لمحل مجاور للنادي الذي يعمل فيه لشراء بعض حاجياته، كان ذلك آخر مرّة شوهد فيها حياً.

«يقتلون عازف البيانو» (أ بي سي بيكتشرز)

لخمسة عشر عاماً، واظب تروبا على جمع المعلومات والوثائق حول تينوريو وظروف اختفائه. لا عجب أن بطله هنا هو صحافي يحاول البحث عن مصير ذلك العازف وأسباب اختفائه. الخط الرئيسي في هذا البحث يقوده صحافي نيويوركي (صوت جف غولدبلوم)، الذي كان في صدد وضع كتاب عن موسيقى الجاز البرازيلية عندما توقف على اسم تينوريو ممعناً. كان العازف البرازيلي شاباً طموحاً وسجّل أسطوانة كبيرة (LP) عازماً على تكرار التجربة، لكن ذلك الألبوم قدّر له أن يكون الأول والأخير.

التماثل بين بحث تروبا وبحث بطله كبير إلى حد أن الصحافي هو شخصية المخرج الذي قابل عشرات الأشخاص خلال بحثه عن الحقيقة الغامضة، تحدّثوا إليه عن العازف، وبعضهم أضاف إلى الغموض طبقة جديدة من الغموض. هذا ما نراه يقع في الفيلم عبر شخصية الصحافي، وفي فيلم يستخدم فن الرسم باليد لمزيد من التمايز عن أفلام سائدة اليوم تستخدم برامج الكومبيوتر للتنفيذ. للفيلم بصرياته الداكنة المتلائمة مع الموضوع المُثار، وكلاهما يساهم في تحريك قصّة لا تهدف للتشويق، بل لهضم الحقائق. يخلق ذلك التوجّه عملاً بمشكلة واحدة: انفصاله عن السبب الذي من أجله اختار المخرجان تقديم هذه الحكاية عبر الرسم وليس التصوير الحي.

الصوت المصاحب لهذا البحث، الذي يوفره تعليق الصحافي، لا ينضوي على حرارة الاهتمام الفعلية، بل فيه رتابة كان الفيلم بغنى عنها.

عروض مهرجان لندن السينمائي.

‪ ‬19B***

إخراج: أحمد عبد الله | دراما | مصر | 2022

لن يطول البحث عمن يؤدي دور البوّاب في فيلم أحمد عبد الله الأخير، للآن، قبل اختيار الممثل سيد رجب للدور. يملك الممثل السن المناسبة والوجه المفعم بالتموّجات الرقيقة والانفعالات التلقائية، وفوق ذلك كله، هو ممثل جيد فيما يقوم به هنا.

لم يمنح المخرج لهذا البواب الذي يحرس فيلا تحمل الرقم 19 ب اسماً. هو بوّاب من جملة ملايين البوّابين في شتّى مدن مصر. لكن موقعه في مدينة القاهرة التي تلتقطها مصطفى الكاشف كما هي اليوم. لا جماليات ولا رومانسيات والنوستالجيا الوحيدة المتاحة هي تلك التي تعيش في بال البوّاب وما ترمز إليه الفيلا الخالية من السكان.

أصحابها، يقول السيناريو الذي وضعه المخرج، غادروها منذ زمن بعيد. تركوا لها هذا البوّاب وهجروها. يتقاضى راتبه البسيط الذي لم يرتفع منذ عقود. سلوته هي الحيوانات الأليفة، والطبيبة التي توفر لها الطعام، والبواب المجاور وابنته يارا (ناهد الصباحي)، التي تزوره بمودّة وعناية مشهودة. كل شيء روتيني والبوّاب اعتاد عليه وقد بلغ من العمر سنّاً متقدّمة لا يأمل فيه أي تغيير طارئ، لكن هذا يتبدّل عندما يحل صاحب سوابق، اسمه ناصر (أحمد خالد ناصر) وجد في الفيلا ضالته. ما زال يتاجر بالممنوعات ويحتاج إلى إخفائها في الفيلا المهجورة كونها مثالية لهذا الغرض

من مسلسل «19 ب» لأحمد عبد الله (فيلم كلينيك)

يحاول البوّاب ردعه لكن ناصر شخصية مهيمنة وشريرة. تتدخل يارا بعدما نجح ناصر بإدخال ممنوعاته داخل إحدى الغرف المهجورة. إنه صراع نموذجي بين الضعف والقوّة، وحين يتحوّل الضعف إلى قوّة بسبب التمسك بالمبدأ فإن الناتج هو ما سيحدث لاحقاً من مجابهة يحيطها المخرج بظلالات سوداء، مستعيناً بمشاهد ليلية جيّدة التصوير والإيحاء. لكن المجابهة ليست محدودة بالقوّة البدنية أو النفسية، بل هي متوفرة بين الماضي والحاضر وبين ما كانت عليه الحياة في القاهرة وما أصبحت عليه الآن.

على ذلك، ما منع الفيلم من التبلور على نحو صحيح عراقيل غير مقصودة يلقيها السيناريو في طريق الفيلم تتحوّل إلى عثرات؛ عادة في أفلامه السابقة يعمد إلى التوسع في الشرح، مانحاً كل شخصية لديه وجهين متقابلين. هذا صحيح كمبدأ، لكن عدم الاكتفاء بقدر من هذا الاهتمام بجانبي الشخصية يضع كاهلاً على العمل ككل وقد يودي به.

على حسناته، يستغل المخرج وجود ناصر ليعمد إلى شرح أسبابه عبر تقديم خلفية تجعله يبدو شخصية رمادية يختلط الأبيض والأسود فيها على نحو يضيّع الفرصة المتاحة للحفاظ على قوّة تلك المجابهة وما تحمله من رموز.

عروض متوفر على منصات مدفوعة.

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

يوميات الشرق المخرج حكيم جمعة أثناء تصوير مسلسل طراد (الشرق الأوسط)

حكيم جمعة لـ«الشرق الأوسط»: مسلسل «طراد» يثير تساؤلات عميقة

هل هناك لصوص أبطال؟ سؤال عميق يطرحه المسلسل السعودي «طراد» المقتبس عن قصة الأسطورة الإنجليزية «روبن هود» الذي أخذ على عاتقه سرقة أموال الأغنياء وتقديمها للفقراء

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

في ظل الجدل الذي أثير أخيراً حول «موهبته» احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الأميركي براد بيت (رويترز)

باستخدام الذكاء الاصطناعي... محتال يوهم سيدة بأنه «براد بيت» ويسرق أموالها

تعرضت امرأة فرنسية للاحتيال من قبل رجل أوهمها بأنه الممثل الأميركي الشهير براد بيت، باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وحصل منها على مبلغ 830 ألف يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مريم شريف ونهال المهدي شقيقتها بالفيلم (الشركة المنتجة)

«سنووايت» يستهل عروضه التجارية ويعوّل على حبكته الإنسانية

تنطلق، الأربعاء، العروض التجارية للفيلم المصري «سنووايت» الذي شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان شكري سرحان قدم أدواراً مهمة في السينما المصرية (أرشيفية)

تصاعد الجدل حول انتقاد رموز الفن المصري بعد أزمة «شكري سرحان»

تصاعد الجدل خلال الأيام القليلة الماضية حول أزمة انتقاد رموز الفن المصري على خلفية انتقاد موهبة الفنان الراحل شكري سرحان بعد مرور 27 عاماً على رحيله.

داليا ماهر (القاهرة )

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).