شاشة الناقد: Exorcist‪:‬ Believer **

مشهد من «طارد الأرواح: المؤمن» (يونيفرسال)
مشهد من «طارد الأرواح: المؤمن» (يونيفرسال)
TT

شاشة الناقد: Exorcist‪:‬ Believer **

مشهد من «طارد الأرواح: المؤمن» (يونيفرسال)
مشهد من «طارد الأرواح: المؤمن» (يونيفرسال)

هناك ثلاث عودات الأسبوع الحالي: الأولى بعد 50 عاماً. الثانية بعد 31 عاماً. الثالثة من النوع الذي كنت تتمنى ألا يعود.

Exorcist‪:‬ Believer **

إخراج: ‪ ديفيد غوردون غرين‬| رعب| الولايات المتحدة | 2023

في السينما، الفرق بين (Sequel وReboot) محدد. الكلمة الأولى تعني «استكمال» أو «تكملة». الثانية تعني «إعادة تشغيل». المخرج ديفيد غوردون غرين، ينفي أن يكون فيلمه الجديد «طارد الأرواح: مؤمن»، إعادة تشغيل، لأن القصّة تختلف تماماً، وإعادة التشغيل عادة لا تتطلب قصّة جديدة.

نعم هو كذلك، استكمال يقع على بعد 50 عاماً من الفيلم الأول في السلسلة، ذلك الذي أخرجه ويليام فريدكن. لكنه في الوقت نفسه إعادة تشغيل. ليس أن الفيلم الجديد يحكي القصّة السابقة مجدداً، بل من حيث أن الرغبة هي إعادة تشغيل الاهتمام الشعبي بحكاية الأرواح، التي تمتلكها الشياطين وتديرها صوب الشر المطلق. كلمة «Exorcist» باتت مصنع تفريخ لأفلام عديدة انتمى أربعة منها مباشرة للفيلم الأصلي، والباقي توزّعت في أفلام تحت عناوين مختلفة أشهرها سلسلة «الفأل» (The Omen).

في كل الحالات هي حكاية شيطان يدخل فتاة أو صبياً ويحتل الروح والجسد. في الفيلم الجديد هناك فتاتان (واحدة سوداء والثانية بيضاء)، تتعرّضان لهذا النوع من الاحتلال وحالتهما تستدعي، بعد مقدّمة جيدة تستمر لنحو نصف ساعة، الاتصال بالأم كريس (إيلين بيرستين)، التي خسرت ابنتها (ليندا بلير) في الفيلم السابق. الغاية من التواصل معها هي توظيف خبرتها في هذا المجال. لكن خبرة كريس لن تُفيد لأن في الفيلم أحداثاً تمنع أن ينتهي سريعاً، بل عليه مضغ الطعام نفسه لساعتين.

كانت الفتاتان الصغيرتان قد دخلتا غابة (تقع الأحدث في بلدة في ولاية جورجيا)، واختفتا لثلاثة أيام. حين عادتا لم تعد أي منهما الفتاة المعهودة. بعد ذلك هو صراع بين الخير والشر. لكن في حين أن الفيلم الأول وما تلاه منحا الكنيسة الكاثوليكية دوراً أساسياً في مجال هذا الصراع، يستخدمها الفيلم الجديد كعامل بعيد عن ناصية المحاولات لاستخراج الشيطان من الجسد. المجتمع، حسب الفيلم بفئاته المختلفة، هو من سيقوم بذلك.

بعد وصول الفيلم إلى المشاهد الأولى للفتاتين وقد تبدلت حالتهما من البراءة إلى الشر المطلق (صورة وصوتاً وقيئاً) ينطلق الفيلم في مشاهد روتينية مألوفة ومتوقعة. الرعب المنوي إنجازه يتوقف عند حدود إحداث صدمات. بعد حين يتعود المُشاهد عليها (هذا إذا لم يجدها معتادة من البداية) ولا يبقى من الفيلم إلا انتظار نهايته.

عروض تجارية حول العالم

‪ ‬Close Your eyes

إخراج: فيكتور إريس | دراما | أسبانيا | 2023

في سن الثانية والثمانين وبعد 31 عاماً من الغياب، يقدم المخرج إريس فيلمه الرابع بالعناصر الجمالية الفكرية منها والبصرية. يحتوي على تلك الحالات الإنسانية التي تميّز شخصياته. كذلك يتناول تلك الأسئلة الحارة بين الذاكرة وما تحتفظ به طوعاً أو كرهاً. الموضوع الماثل لديه كذلك ميزة أنه يعكس وضع المخرج نفسه. هو فيلم عن مخرج متقدّم بالعمر، ابتعد طويلاً عن المهنة، وها هو الآن في صدد العودة إليها. المخرج ميغيل (مانولو صولو).

عودته تثير الاهتمام، لأنه كان قرر الانزواء في قرية ساحلية صغيرة لثلاثة عقود. الآن يكتشف أن صديقه الممثل جوليو (جوزي كورونادو) اختفى من دون أثر. هناك سمة البحث عن هذا الاختفاء وأسبابه، كذلك تلك المقدرة على جعل اللغز يعيش طويلاً من دون أن يستنفد طاقته.

من فيلم «أغلق عينيك» (فيلم فاكتوري)

لكن أفلام إريس ليست غريبة لا عن تبرير سبب غياب أو عزلة (كما مرّ معنا)، وليس غريباً عن استخدام الفيلم داخل الفيلم كمنطلق. هنا، ومن خلال السينما كموضوعٍ أكثر حضوراً من ذي قبل، تعليق موازٍ لحالها الآن بالنسبة لمخرج يود العودة إليها بعد طول انقطاع... تماماً كفيكتور إريس.

أفلام فيكتور إريس من القلة والتباعد بحيث يمكن لأي منّا نسيانه وأفلامه الثلاثة، التي حققها ما بين 1973 و1992. بذلك فإن الفترة ما بين فيلمه الأول «روح خلية النحل» سنة 1973، وفيلمه الثاني «الجنوب» 10 سنوات وبين «الجنوب»، وثالث أفلامه «حلم ضوئي» تسع سنوات. ومن ذلك الفيلم الذي حققه سنة 1992 إلى فيلمه الرابع... احسبها!: 31 سنة.

لكن كيف يمكن للمرء أن ينسى لوحاته السينمائية التي لا تختلف كثيراً في فنها وفي قيمتها عن تلك التي وفّرها لنا أندريه تاركوفسكي، وثيو إنجيلوبولوس، وترنس مالك من بين آخرين؟ أو موضوعات تلك اللوحات التي تميل إلى تخزين اللحظة في الفيلم ومضمونها؟

عروض مهرجان «سان سباستيان»

The Expendables 4

إخراج: ‪سلفستر ستالون‬ | أكشن | الولايات المتحدة | 2023

لو صدّقنا، افتراضاً، بأن نصف ما نشاهده مقبول فإن «المُستهلَكون 4» ما زال فيلماً رديئاً. هذه الرداءة تشمل الكتابة والإخراج والمؤثرات المستخدمة وأساساً الفكرة التي تبتدع المفارقات التي تشبه أكاذيب أصحاب الخيالات الواسعة. مثل ذاك الذي قال إنه كان على سطح منزله حين شاهد طائرة تهوي وكابتن الطائرة طل من نافذة القيادة وأشار له بأنه لا يدري ما يفعل. صاحبنا أشار له (كون المسافة لا تزال بعيدة) بأن عليه أولاً استخدام المكبح ومن ثَمّ إلقاء ما هو ثقيل (يعني حقائب الركّاب) والإقلاع ثانية. هكذا فعل القبطان (وبسرعة نافذة)، فإذا بالطائرة تستوي سريعاً. كان على صاحبنا إرشاد الكابتن للهبوط فوق سطح منزله لكي يصلح له العطل حتى لا يتكرر.

هناك طائرة تهوي بالفعل في بدايات الفيلم ويُقتل من فيها. تقترب الكاميرا من أحدهم فإذا به بارني (سلفستر ستالون). هل هذا معقول؟ هل قرر الاكتفاء بدور صغير لكي يتيح للدزينة من الممثلين الملتحقين بهذا الجزء الرابع من سلسلته التمتع بمشاهد أكثر؟ طبعاً لا. بل هذه تفعيلة لكي يعتقد السذّج منّا أن روح بيرني انتقلت إلى بارئها. ما تبخّر عن الوجود هنا هو أي عنصر حكائي جديد كان يمكن لكاتب سيناريو على قدر بسيط من الخيال أن يأتي به، أو أي إبداع محتمل من مخرج جيء به لملء الفراغ، اسمه سكوت ووف.

سلفستر ستالون (ليونز غَيت)

الذي فجّر الطائرة هو رئيس مجموعة إرهابية اسمه رحمات (إيكو عويس)، ينوي الحصول على أجهزة تفجيرات نووية لأن الأخ (عربي)، رغب في إشعال فتيل حرب عالمية ثالثة. يخطط ويتحين الفرصة، لكن قبل التنفيذ سيُفاجأ بأن بارني ما زال حيّاً وسيُغير عليه وأتباعه بكل أنواع الأسلحة. حذار، يكاد رحمات أن يفجر العالم، لكن كيف سيفسّر الأمر في الجزء الخامس إذا ما تم إنتاجه؟ أمرٌ غير محتمل كون «المستهلَكون 4» آيل ليكون آخر ما في الجعبة تبعاً لفشله التجاري.

باعتماد نظرة خاطفة للأجزاء السابقة، فإن الفكرة هي وجود جيش خاص من المرتزقة الذين تطلب منهم الحكومة الأميركية تنفيذ مهامٍ قد لا يعودون منها أحياء. بالطبع يعودون في كل مرّة إلا إذا استقال أحد الممثلين بحثاً عن دور آخر، أو ربما فضل الانشغال بلعبة بلياردو مع أصحابه. الأساسيون في هذا الفريق الذين ما زالوا يصرّون على الوجود في كل مرّة يُتّخذ القرار بجزء جديد هم، دولف لندغرن وجيسون ستاثام، وستالون بالطبع.

خلال الأجزاء السابقة دخل آخرون وخرجوا: ميل غيبسون، وأنطونيو بانديراس، ويسلي سنايبس، وهاريسون فورد، وأرنولد شوارتزنيغر،و جت لي، وتشاك نوريس.

كان المثير حتى الجزء الثالث مثل هذا التنويع. كان حافزاً لبعضنا، على الأقل، لمحاولة معرفة ما الذي يفعله عجوز مثل هاريسون فورد، أو معتزل مثل تشاك نوريس، أو مخرج ممتاز مثل ميل غيبسون، أو ممثل أسباني جيد مثل أنطونيو بانديراس في سلسلة استهلاكية كعنوانها.

يفتقد الفيلم الرابع لهذا التنوّع المثير. الجدد فيه (كالممثلين فيفتي سنت، وميغان فوكس وتوني غارسيا) يبدون مثل بيادق الشطرنج أكثر مما هم محترفي تمثيل بعضهم موهوب كغارسيا.

لكن هذا هو الاستهلاك بعينة والشيء الإيجابي الوحيد هنا، هو أن الفيلم استهلك نفسه بنفسه وسيبحث ستالون عن مهمّة جديدة ينقذ بها العالم، أو بالأحرى مستقبله.

عروض تجارية حول العال

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

على هامش محاولة اغتيال ترمب... تاريخ السينما غني بأفلام المؤامرات السياسية

دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
TT

على هامش محاولة اغتيال ترمب... تاريخ السينما غني بأفلام المؤامرات السياسية

دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)
دنيال داي لويس في في ستيفن سبيلبرغ «لنكولن» (دريمووركس)

لم يكن هناك شك. رجل اعتلى مبنى مطلاً على الحفل الانتخابي وجهّز سلاحه وانتظر ما اعتقد أنها اللحظة المناسبة لقتل المرشح الذي وقف وراء المنصّة خاطباً في الحاضرين. انطلقت الرصاصة وأصابت أذن المرشح على بعد سنتيمترات قليلة من الدماغ. سقط المرشّح الرئاسي وراء المنصّة ثم وقف والدماء تنزف منه. أما مطلق النار فقد أرداه الأمن قتيلاً على الفور.

الحدث واضح ولا يدع مجالاً للشك. الصورة لا تكذب، لكن عدم كذبها قد لا يكون، بالنسبة لآخرين، صدقاً. من الواقف وراء المحاولة؟ رئيس الجمهورية الحالي؟ الدولة العميقة؟ أم لعله المرشّح على أساس توضيب الوضع، بحيث لا تصيبه الرصاصة في مقتل وذلك لكي تزداد شعبيّته؟

ما سبق يمكن أن يكون موضوع فيلم يطرح الأسئلة ضمن إطار من نظرية المؤامرة. تلك النظرية التي لا تصدّق الرواية الرسمية، بل تجد فيها ثقوباً كافية لكي تكوّن احتمالات أخرى تُطرح كبدائل، إذا لم يكن في الواقع المعاش، فعلى شاشة السينما على الأقل.

هاريسون فورد في «الطائرة الرئاسية» (كولمبيا)

حبكة مثيرة

أفلام عديدة أنتجتها هوليوود سبقت تلك الحادثة وتناولت خططاً لاغتيال رئيس أميركي أو أي مرشّح قريب من هذا المنصب. هذه الأفلام سبقت حتى اغتيال جون ف. كندي وشقيقه روبرت ف. كندي. ولو كانت هناك سينما قبل اغتيال الرئيس أبراهام لينكولن سنة 1865 لسبقت، على الأرجح، الحادثة بحفنة أفلام مماثلة.

هذا لأن الموضوع مثير كحبكة تشويقية من ناحية، ولأن الضحية، المحتملة أو التي تم اغتيالها فعلاً، تتبوأ أعلى منصب في البلاد. ومع أن السينما لم تكن موجودة عندما قام جون ويلكس بوث باغتيال الرئيس لينكولن الذي كان يؤم مسرحية «عمّنا الأميركي» للكاتب المسرحي البريطاني توم تايلور، إلا أن ذلك لم يمنعها من التطرّق إلى الموضوع مرّات عديدة.

لم تترك السينما اغتيال لينكولن يمضي من دون أفلام دارت عنه وعن مقتله وذلك من عام 1924 عندما أخرج فل روزن «الحياة الدراماتيكية لأبراهام لينكولن» (The Dramatic Life of Abraham Lincoln). بعده بستة أعوام تبرّع ديفيد وورث غريفيث بتحقيق «لينكولن» متابعاً مراحل ذلك الرئيس إلى النهاية. ثم تدخل جون فورد فحقق «يونغ مستر لينكولن» (1939) وصولاً إلى فيلم ستيفن سبيلبرغ «لينكولن» سنة 2012 الذي سعى فيه إلى سرد الأيام السابقة لاغتياله وأنهى فيلمه بخروج لينكولن من بيت الرئاسة في تلك الليلة صوب المسرح حيث سبقته زوجته.

كلينت ايستوود في «في خط النار» (كولمبيا)

قنّاصة

القنص في الاغتيالات عنصر أساسي. القنّاص هو قاتل لا يقف وسط الجموع ولا يصل إلى مكان الجريمة محاطاً بعصبة تصاحبه ولا يحمل بندقية رشاشة يطلق رصاصها كما اتفق. عادة ما يصعد سطح المبنى المشرف على المكان وينبطح في المكان مع بندقيّته ذات المنظار مترقباً اللحظة الحاسمة.

اسأل فرانك سيناترا الذي كان عمد، سنة 1954، لبطولة فيلم بعنوان «صدنلي» (Suddenly) وهو أيضا اسم بلدة صغيرة لا تقع فيها مفاجآت. يصل إليها سيناترا واثنان من أعوانه ويقتحمون منزلاً يشرف على محطة القطار حيث سيتوقف قطار رئيس الجمهورية. يقدّم الفيلم سيناترا كمهووس خدم في الحرب الكورية وخرج منها قاتلاً محترفاً لمن يدفع وهناك جهة «أجنبية» استأجرته للغاية.

صدى ذلك تردد بالفعل قبل أيام قليلة عندما تم الإعلان من أن هناك شكوكاً تدعم فكرة أن إيران هي التي خططت لاغتيال دونالد ترمب. في ذلك الفيلم لا يتوقف القطار ويتم القضاء على الشرير ورجليه. في الواقع الحاضر، لم تصب الرصاصة ما هدفت إليه ونجا المرشّح الرئاسي. لكن مع سرعة قتل صاحب المحاولة (عوض العمل على إلقاء القبض عليه لاستجوابه) تم دفن الباعث والدافع سريعاً.

من وحي الواقع

الأفلام التي دارت عن اغتيال جون ف. كندي، الذي تم اقتناصه أيضاً خلال جولة في مدينة دالاس. بعض تلك الأفلام كان تسجيلياً (Killing Kennedy لنلسن ماكورميك. 2013)، وبعضها كان درامياً لكن بأسلوب التحقيقات المسجّلة (JFK لأوليفر ستون، 19991) أو روائياً خيالياً مبني على خيط من الحقيقة كما حال «في خط النار» (On the Line of Fire) الذي أخرجه وولفغانغ بيترسن من بطولة كلينت إيستوود سنة 1993.

كون هذا الفيلم غير مبني على واقعة محددة سمح له بأن يكوّن إثارة تم صنعها وسردها جيداً. حكاية حارس أمني كان أحد أعضاء الفريق الذي كلف بحماية الرئيس جون ف. كندي، لكن بعدما تم اغتيال الرئيس فقد الحارس جزءاً من ثقته بنفسه وتحمّل سخرية زملائه. فجأة تصله معلومة بأن أحدهم يخطط لقتل الرئيس الحالي. لا أحد يصدّق لكن إيستوود يأخذ على عاتقه اكتشاف هوية القاتل وإنقاذ حياة الرئيس مسترداً مكانته.

أدى نجاح هذا الفيلم إلى قيام بيترسن، سنة 1997، بقبول عرض لفيلم آخر من النوع ذاته هو «الطائرة الرئاسية» (Air Force One) لكن الخيال هنا ذهب بعيداً فرئيس الجمهورية الأميركي، كما قام به هاريسون فورد، يجيد القتال اليدوي وها هو يتصدى بنفسه للإرهابيين الذين تسللوا إلى طائرة الرئاسة وهاجموه وهي في الأجواء العالية.

الأعمال البطولية استمرت بعد هذا الفيلم من خلال سلسلة «أوليمبوس» التي بدأت سنة 2013 بفيلم Olympus Has Fallen لأنطوان فوكوا. لكن هذه المرّة ينقذ رجل أمن (جيرار بتلر) حياة رئيس الجمهورية (ارون إكهارت) بعدما نجحت كوريا الشمالية بإرسال طائرات قصفت البيت الأبيض.

ليس من قبيل الصدفة، بل من قبيل الاستفادة من فرصة القبض على ما تعكسه تلك الحبكة من فرص نجاح، قام رولاند إيميريش في السنة ذاتها بإخراج فيلم آخر عن قيام فرد واحد (تاتوم شانينغ هنا) بإنقاذ رئيس البلاد (جايمي فوكس) من القتل داخل البيت الأبيض وذلك في White House Down.

من يستعرض هذه الأفلام، وهناك غيرها الكثير، قد يدرك حقيقة غائبة، وهي أن أخطر منصب في العالم هو منصب رئيس الجمهورية، وحين النظر إلى من تم اغتيالهم في التاريخ الأميركي كما في السينما تتراءى حقيقة أخرى، وهي وجود شغف جماهيري بالحكايات ونظريات المؤامرة الواقعية منها والخيالية.