مهرجان «الجونة» يحتفي بالسينما السودانية و«بطولة» صنّاعها

يعرض أفلاماً مُرمَّمة من بينها «الضريح» و«الحبل» و«المحطة»

مشهد من فيلم «جمل» المُشارِك في المهرجان (الجونة السينمائي)
مشهد من فيلم «جمل» المُشارِك في المهرجان (الجونة السينمائي)
TT

مهرجان «الجونة» يحتفي بالسينما السودانية و«بطولة» صنّاعها

مشهد من فيلم «جمل» المُشارِك في المهرجان (الجونة السينمائي)
مشهد من فيلم «جمل» المُشارِك في المهرجان (الجونة السينمائي)

يحتفي مهرجان «الجونة السينمائي» المصري بالسينما السودانية في دورته السادسة المُقامة من 13 إلى 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ويُضيء على مجموعة أفلام قصيرة ومتوسطة الطول مُرمَّمة حديثاً، لعرضها ضمن قسم «عروض خاصة». وتخصّ الدورة بالضوء، «جماعة الفيلم السوداني»، عبر مخرجين حالمين أنجزوا هذه الأعمال، من بينهم سليمان النور، والطيب مهدي، وإبراهيم شداد، بعدما أعاد معهد «أرسينال للسينما وفنون الفيديو» في برلين، إحياءها حفاظاً على هذه «الكنوز» السينمائية.

لقطة من فيلم «الضريح» (الجونة السينمائي)

وقال مدير المهرجان انتشال التميمي، في بيان اليوم (الخميس): «عندما تقدّمت ماريان خوري (المديرة الفنية) بهذا الاقتراح، رحّبتُ. فلطالما دعم المهرجان التواصل الحيوي مع السينما السودانية، ورحلتنا معها انطلقت عام 2018 بفيلم (أوفسايد الخرطوم) لمروة زين. وفي العام التالي، احتفى المهرجان بفيلم (ستموت في العشرين) لأمجد أبو العلا الفائز بجائزة (نجمة الجونة الذهبية) في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة».

ووفق التميمي، فإنّ العام عينه شهد الاحتفاء بـ«الحديث عن الأشجار» لصهيب قسم الباري، إذ فاز بجائزة «نجمة الجونة الذهبية» لأفضل فيلم في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، وحصل على جائزة «فارايتي» التي يحتضنها المهرجان كل عام.

مشهد من فيلم «جمل» المُشارِك في المهرجان (الجونة السينمائي)

كما تشهد الدورة السادسة، العرض الشرق الأوسطي والشمال أفريقي الأول لفيلم «وداعاً جوليا» لمحمد كردفاني؛ فيما ذكرت ماريان خوري أنه «بالصدفة المحضة، وجد صنّاع هذه الأفلام أنفسهم في القاهرة خلال التحضير للبرنامج، هرباً من موجة العنف والاضطرابات في الخرطوم، ما أكّد لنا ضرورة توفير منبر للمخرجين السودانيين».

ويعرض المهرجان 8 أفلام مُرمَّمة، من بينها فيلمان للمخرج سليمان النور، هما «أفريقيا: غابة، طبل وثورة» (1979)، وهو رحلة استكشافية لما تمثله أفريقيا في الاتحاد السوفياتي، و«ولكن الأرض تدور» (1978)، عن فصل من الحياة في مدرسة يمنية، فيما يعرض للمخرج الطيب المهدي «الضريح» (1977)، و«المحطة» الذي يصوّر مجموعة لقاءات عند مفترق طرق في السودان، كما يعرض له فيلم «أربع مرات للأطفال» الذي يقدّم نظرة معمّقة إلى حيوات الأطفال من ذوي الحاجات الخاصة؛ إلى فيلم «الحبل» لإبراهيم شداد (1985)، وهو رحلة رجلين ضريرين ودابة لاكتشاف الصحراء، و«حفلة صيد» للمخرج نفسه (1964)، ويتضمّن خطاباً مؤثراً عن العنصرية، إلى فيلمه «جمل» (1981) الذي يقدّم عبر 13 دقيقة مقاربة مختلفة للمعاناة الإنسانية.

تجسّد مجموعة الأفلام المُرمَّمة هذه الروح المنيعة للسينما السودانية والتزامها الدائم بفنّ هذه الصناعة، لتنقل الجمهور زمنياً إلى عصر قديم عنوانه الإبداع وعبقرية السرد القصصي.

فيلم «ولكن الأرض تدور» يُعرض في المهرجان (الجونة السينمائي)

في هذا السياق، يؤكد الناقد المصري طارق الشناوي أنّ السينما السودانية تقاوم من أجل البقاء رغم قسوة الحرب، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «شاهدتُ أفلاماً سودانية في مهرجانات (برلين) و(كان) و(فينسيا)، وهي تضرب مثلاً عظيماً في المقاومة والاستمرار والنجاح والتتويج بالجوائز، رغم افتقار البنية التحتية للصناعة السينمائية، وفي ظل تاريخ قصير قائم على محاولات فردية».

ويضرب المثل بالمخرج أمجد أبو العلا الذي ينتج ويشارك في إنتاج أعمال، «ما يؤكد وجود إرادة قوية لبقاء السينما. فبينما كانت طبول الحرب تُقرَع، وقف السينمائيون السودانيون على السجادة الحمراء بمهرجان (كان) بفيلم (وداعاً جوليا). يُحسب لهم أنهم يقدّمون أفلاماً رغم ندرة دور العرض في بلدهم، ويجدون موزّعين في الخارج، وهذه بطولة».

يُذكر أنّ «جماعة الفيلم السوداني» تأسّست في أبريل (نيسان) عام 1989، وتضمّ مخرجين خاب أملهم جراء القيود المفروضة على عملية صناعة الفيلم برعاية الدولة. وهدفت هذه المجموعة إلى تشكيل مسار جديد للتعبير الإبداعي والاكتشاف السينمائي والتعليم، وفق بيان «الجونة».


مقالات ذات صلة

مايكل دوغلاس نجمُ «البحر الأحمر»: في عامي الـ80 أنعمُ بإجازة للمرة الأولى!

يوميات الشرق دوغلاس خلال حديثه في المسرح الرئيسي للمهرجان (البحر الأحمر)

مايكل دوغلاس نجمُ «البحر الأحمر»: في عامي الـ80 أنعمُ بإجازة للمرة الأولى!

قدَّم دوغلاس، خلال الحوار في جدة السعودية، ومضات من خلاصة تجربته السينمائية، قائلاً: «الكاميرا دائماً تفضحك حين تكذب!».

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق رئيسة مجلس أمناء مؤسسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد تُلقي كلمتها (غيتي) play-circle 05:20

«البحر الأحمر السينمائي»: منصة عالمية تُعزّز مكانة السعودية في صناعة الفنّ السابع

جسَّدت الكلمة المُلهمة لرئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، رؤية المهرجان في الإضاءة على مكانة السعودية في صناعة السينما العالمية.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق لحظات من التكريم والحوار شكَّلت تقديراً لجهود النجوم (تصوير: عمار عبد ربه)

إيميلي بلانت... من التلعثم إلى العالمية

تحدَّثت النجمة إيميلي بلانت عن مشوارها الفنّي الحافل، مؤكدةً على التنوُّع الكبير الذي شهدته أدوارها في أفلام الأكشن، والدراما، والرعب، والموسيقى.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجمة إيفا لونغوريا مع الجمهور على السجادة الحمراء (غيتي)

أجواء احتفالية تدشن انطلاقة مهرجان البحر الأحمر في جدة التاريخية

عاد مهرجان البحر الاحمر السينمائي تحت شعار «للسينما بيت جديد»، إلى المنطقة العريقة في تاريخية جدة، التي احتضنت دورته الأولى.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجمان السينمائيان مايكل دوغلاس وكاثرين زيتا جونز في افتتاح مهرجان جدة (تصوير عمار عبد ربه وبشير صالح)

افتتاح باهر لـ«البحر الأحمر» السينمائي في جدة

في أجواء احتفالية باهرة، افتتحت الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، أمس (الخميس)، على ضفاف بحيرة الأربعين في «ميدان الثقافة»

أسماء الغابري (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.