إيراداته «هزيلة»... «مطرح مطروح» يغادر صالات مصر

ضعف الدعاية وغياب «نجم شباك» من العوامل المؤثرة

محمود حميدة وكريم عفيفي وشيماء سيف في لقطة من فيلم «مطرح مطروح» (الشركة المنتجة)
محمود حميدة وكريم عفيفي وشيماء سيف في لقطة من فيلم «مطرح مطروح» (الشركة المنتجة)
TT

إيراداته «هزيلة»... «مطرح مطروح» يغادر صالات مصر

محمود حميدة وكريم عفيفي وشيماء سيف في لقطة من فيلم «مطرح مطروح» (الشركة المنتجة)
محمود حميدة وكريم عفيفي وشيماء سيف في لقطة من فيلم «مطرح مطروح» (الشركة المنتجة)

بعد 4 أسابيع فقط من طرحه في صالات السينما المصرية، غادر فيلم «مطرح مطروح» سباق الموسم الصيفي باكراً، ورُفع من دور العرض (الأربعاء)، بعد تحقيقه إيرادات «هزيلة»، هي الأدنى بين الأفلام المعروضة، إذ بلغ إجمالي ما حقّقه منذ انطلاق عرضه 2.618.424 جنيهاً فقط (الدولار يوازي نحو 30.92 جنيهاً)، بينما وصل إيراده اليومي إلى أدني حد بين الأفلام (739 جنيهاً فقط) في اليوم الأخير قبل سحبه.

الفيلم من بطولة محمود حميدة، وشيماء سيف، وكريم عفيفي، وليلى زاهر، والممثل البريطاني سكوت أدكنز (بويكا)؛ وتدور أحداثه خلال أربعينات القرن الماضي، حيث يقود سوء الحظ أسرة حلمت بالسفر لقضاء الصيف على شواطئ مدينة مرسي مطروح، فيتزامن ذلك مع اندلاع الحرب العالمية الثانية؛ وهو من تأليف لبيب عزت، الذي شارك في كتابة السيناريو والحوار مع محمد عز الدين، وأحمد محارب، وخليفة سمير؛ ومن إخراج وائل إحسان.

لقطة من أحداث «مطرح مطروح» (الشركة المنتجة)

يرى الموزّع السينمائي محمود الدفراوي، أنّ الموسم الصيفي يشهد منافسة كبيرة بين الأفلام، لأنه «يُعدّ فعلياً أول موسم حقيقي بعد أزمة (كوفيد-19) التي أثرت في الإنتاج السينمائي والعروض»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «واكب ضعف إيرادات الفيلم انطلاق 3 أفلام جديدة في توقيت عرض واحد؛ هي (وش في وش)، و(العميل صفر)، و(5 جولات)؛ وبالتالي رُفع الفيلم الذي حقق أدنى الإيرادات لإفساح المجال أمام الأفلام الجديدة»، مؤكداً أنّ «هذا الأمر يماثل نظام (الهولد أوفر) الذي طُبِّق من قبل، ويلزم الأفلام بتحقيق حد معين من الإيرادات؛ وإلا رُفعت».

أما الناقد الفني أحمد سعد الدين، فتحدّث عن أزمة «مطرح مطروح»، بقوله إنه «لم يحظَ بأي قدر من الدعاية»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «الدعاية عنصر أساسي في تسويق أي فيلم، لا سيما في المواسم الكبيرة مثل الصيف، فتحتاج الأفلام إلى تكثيفها، وإنْ ضمَّ الفيلم نجوماً. هذا ينطبق أيضاً على فيلم (ع الزيرو) من بطولة محمد رمضان، الذي لم يحظَ بدعاية مماثلة لفيلم (مرعي البريمو) من بطولة محمد هنيدي».

وأشار إلى أنّ «(مطرح مطروح) يخلو من وجود نجم شباك يستطيع المنافسة أمام كريم عبد العزيز ومحمد رمضان ومحمد هنيدي وغيرهم... وهذا الموسم الذي بدأ بأفلام عيد الأضحى، ولحقت به أفلام الصيف يُعَدّ البقاء فيه للأقدر على تحقيق أعلى الإيرادات»، موضحاً أنه «رغم عدم قدرة الفيلم على الصمود أمام شباك التذاكر؛ فذلك لا يعني أنه لم يغطِّ تكاليفه الإنتاجية. قد يحقق ذلك؛ لكن على مدى فترة أطول، من خلال العروض خارج مصر والبيع للمنصّات. وقد يحقق أرباحاً أيضاً على المدى البعيد. لكن المنتج يعدّ تأخير الإيرادات خسارة»، لافتاً إلى أنّ الفيلم «لم يحمل عناصر الجذب رغم أنه يطرح فكرة جيدة، واستعان بالممثل البريطاني (بويكا) ليكرّر تجربة (حرب كرموز)؛ لكنه هذه المرة لم يكن مؤثراً».

الممثل البريطاني سكوت أدكنز في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)

وكان الفنان بيومي فؤاد أثار أزمة حول فيلم «مطرح مطروح»، بعدما ذكر أنه تحمّس كثيراً له منذ أن قرأه على الورق، لكنه فوجئ باستبعاده وإسناد دوره لمحمود حميدة، ما عرّضه لـ«أزمة صحية»، وفق تصريحاته الصحافية؛ فيما أكد حميدة أنه «لم يكن يعلم بترشيح فؤاد للدور».

وكان المؤلّف لبيب عزت ذكر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «مَشاهد حُذفت من الفيلم وأُضيفت أخرى من دون العودة إلى كتّاب السيناريو، ما أحدث خللاً».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يرى تقدماً محدوداً في مساعدات غزة رغم الاتفاق مع إسرائيل

المشرق العربي الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس تصل إلى الاجتماع الوزاري الخامس للاتحاد الأوروبي ودول الجوار الجنوبي في بروكسل ببلجيكا 14 يوليو 2025 (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يرى تقدماً محدوداً في مساعدات غزة رغم الاتفاق مع إسرائيل

قال الاتحاد الأوروبي إن هناك مؤشرات على وصول المزيد من الشاحنات والإمدادات إلى قطاع غزة، لكن الاتحاد لا يرى تحسناً كافياً على الأرض.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم العربي كامل الوزير في إحدى جولاته الميدانية بقطاعات وزارة النقل (وزارة النقل)

ما حقيقة «تغيير» المسمى الوظيفي لوزير النقل المصري؟

أثار قرار الحكومة المصرية بشأن تعديل بعض أحكام قرار مرتبط بضوابط وإجراءات طرح تراخيص الصناعات الثقيلة جدلاً حول «تغيير» المسمى الوظيفي للفريق كامل الوزير.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي «الداخلية المصرية» اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة حيال القائمين على منصة «VSA» (وزارة الداخلية المصرية)

«الداخلية المصرية» تعلن تفكيك شبكة «احتيال إلكتروني» جديدة

قالت سلطات الأمن المصرية إنها تمكنت من ضبط «شبكة» نصب واحتيال إلكتروني واسعة النطاق استهدفت عشرات المواطنين بدعوى استثمار أموالهم نظير أرباح مالية مزعومة.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي جيهان زكي (مقابلة تلفزيونية سابقة)

من هي البرلمانية المصرية التي منحها ماكرون أعلى وسام فرنسي؟

منح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون البرلمانية المصرية الدكتورة جيهان زكي وسام «جوقة الشرف»، وهو أعلى وسام مدني في الجمهورية الفرنسية، ضمن قائمة شخصيات دولية.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي أدى حادث انهيار عقار بالإسكندرية صباح الأحد لمقتل مواطنين وإصابة 5 آخرين (محافظة الإسكندرية)

مصر: مطالبات بمراجعة دورية للبنايات مع تكرار حوادث الانهيار

جدد انهيار بناية في محافظة الإسكندرية في الساعات الأولى من صباح الأحد المطالبات بمراجعة دورية لحالة البنايات مع تكرار وقائع انهيارها.

أحمد عدلي (القاهرة)

حين حاكم يوسف شاهين نفسه

نور الشريف في «حدوتة مصرية» (مصر إنترناشنال)
نور الشريف في «حدوتة مصرية» (مصر إنترناشنال)
TT

حين حاكم يوسف شاهين نفسه

نور الشريف في «حدوتة مصرية» (مصر إنترناشنال)
نور الشريف في «حدوتة مصرية» (مصر إنترناشنال)

حقق المخرج المصري يوسف شاهين، الذي رحل عن دنيانا في مثل هذا الشهر قبل 17 سنة، عدداً مهمّاً من الأفلام التي استحقت التقدير الذي نالته، من بينها «باب الحديد» (1958)، و«الأرض» (1971)، و«عودة الابن الضال» (1976)، و«المصير» (1997). لكن هناك أفلاماً أخرى قرَّر محبّو المخرج إغفال نقاط ضعفها وهناتها. من بينها واحدٌ من أهم أعماله، وهو «حدوتة مصرية» (1982).

تركيبة خيالية

إنه الفيلم الثاني في رباعية شاهين التي بدأت بـ«إسكندرية ليه» (1979)، وشملت أيضاً «إسكندرية كمان وكمان» (1990)، وانتهت بـ«إسكندرية نيويورك» (2004).

ما يميّز «حدوتة مصرية» أنه محاكمةٌ بطلها شاهين، والمتّهم فيها هو شاهين نفسه. وهي تسير على خطّين متلازمين: فهو فيلم يلقي فيه المخرج نظرة على حياته، انطلاقاً من العملية الجراحية التي أجراها لقلبه في لندن بعد انتهائه من إخراج فيلم «العصفور» (1974)، وآخر يسبر فيه غور المحاكمة خياليّاً، يتحدّى فيها شاهينُ الصبيَّ شاهينَ نفسه كبيراً. يخرج الصبيّ من لدن يحيى الكبير خلال، وبعد العملية الجراحية التي أجراها في أعقاب فيلم «العصفور».

هناك قدر من السوريالية في هذا الوضع، لكن ليس وفق الفن السوريالي، بل أقرب إلى تركيبة خيالية مناسبة وضعها المخرج في تصميم إنتاجي خاص (ديكورات وألوان وشخصيات). مشاهد المحاكمة ليست متتابعة أو مستديمة، بل يخرج الفيلم منها ويعود إليها بضع مرّات.

محاكمة مخرج لنفسه أمام الجمهور من جهة، والشخصيات التي عايشها من جهة أخرى، فكرة نيّرة. لكن الفيلم لم يَسْلَم من تقلبات عديدة، من بينها أن ثورته ضد نفسه لا تكاد تبدأ حتى يقاطعها بثورة ضد الآخرين، لأنهم - في رأيه - على خطأ (خصوصاً والدته، وشقيقته، وزوجته)، وضد الظروف السياسية التي يذكر أنها أحاطت به بعد ثورة 1952. ما هو مفقود هنا قدرٌ أعلى من الحقيقة، ونسبة أقل من الخيال.

في الفيلم، يتحدّث شاهين عن ابنته الصغيرة، وهو الذي لم يُنجب. ويتحدّث عن أنه كان ناقداً للثورة، وهذا لم يحدث إلا لاحقاً، وإن حدث قبل ذلك، فليس في الفيلم ما يؤيّده. ما هو موجود مشهد يقول فيه ساخراً لكاتب سيناريوهاته (محمد منير): «ما ترسولكم على برّ»، بعدما وجد أن كاتبه الثوري سُجن بسبب آرائه. ومشهد آخر، ربما تأصّل في الواقع، عن مشادّة حامية بينه وبين الرقابة التي لم توافق على سيناريو أحد أفلامه.

يوسف شاهين (مهرجان كان)

ملابسات فيلم

ينطلق الفيلم من تعرّض يحيى لنوبة قلبية يضطر على إثرها إلى السفر مع طبيبه (أحمد محرز) إلى لندن. وما إن يدخل في غيبوبة العملية حتى تنفتح نوافذ الذكريات، بما فيها مشاهد المحاكمة، ومن بينها محاكمة يُواجه فيها نفسه. كل هذا واضح، وجهد شاهين لإتمام مشاهده داخل الشرنقة السوريالية أو خارجها ثابت، لكن هناك دوماً الشعور بأن المخرج أخفى أكثر مما أبدى، في فيلم هو جزء من سيرة حياته.

بعد أن يمضي الفيلم بعض الوقت في مدينة «كان» ومهرجانها حين عرض «ابن النيل» سنة 1951، ينتقل إلى فيلم «جميلة» (1958). تبدو اختيارات شاهين هنا مشوّشة حيال تلك الفترة. يريد أن يحكي «حواديت» كثيرة في وقت محدد، من دون الإفصاح كثيراً عن مضامين بعضها. بعد الفشل في «كان»، نجاحٌ محدود في مهرجان «موسكو» عند عرض «جميلة». ثم هناك فقرة طويلة عن ملابسات عرض فيلمه اللاحق «باب الحديد» في مهرجان «برلين»، في المسابقة. في «حدوتة مصرية»، نراه وقد اضطر للبقاء في القاهرة، لأنه لم يكن يملك المال الكافي للسفر. في مشهد ضمن هذا الفصل، يُعلِمنا أن 6 من أعضاء لجنة التحكيم أرادوا منحه جائزة أفضل فيلم، قبل أن تُمنح لفيلم آخر «Wild Strawberries» لإنغمار برغمان.

يسرا ونور الشريف في «حدوتة مصرية» (مصر إنترناشنال)

ميزات مهمّة

استرجع شاهين، في لقاء خاص بيننا بعد سنوات من عرض «باب الحديد» في مهرجان «برلين»، أن جمهور المهرجان الألماني فُوجئ به يظهر على مسرح الصالة من دون عرج، إذ اعتقدوا أن شاهين الممثّل أعرج فعلاً، كما هو حاله في الدور الذي أدّاه. وفي الفيلم، ينفي أنه كان في برلين أساساً! أحد الأسباب التي جعلت يوسف شاهين مخرجاً مرموقاً، هو اختياره أساليب سرد ومعالجات غير سائدة بين باقي المخرجين العرب. لذا فإن أفلامه، من بعد مرحلته الأولى، تستند إلى تجربة المخرج الذاتية ورؤيته، وكنه حياته، وهي من مميزات سينماه الأهم.

اعتمد شاهين على تأليف أدوات تعبير تنطلق من ذاته ورؤيته. طبعاً، كان قد بدأ بإخراج أفلام عادية المستوى (أو أقل، في عدد منها)، لكن منذ السبعينات انصرف إلى إنجاز أفلامه الأهم (باستثناء «باب الحديد» في الخمسينات).

انتمى إلى النبتة المصرية فيه، غير أنه استلهم من الثقافات الأجنبية ما يكفي ليترك في أفلامه تأثيراً شكليّاً مهمّاً نراه في إدارة الممثلين، وفي اختيار زوايا وأحجام اللقطات، وتحريك الكاميرا، كما في المونتاج والإيقاع العام للفيلم الواحد.

ما يُعرقل سيرته في «حدوتة مصرية»، كما في رباعيته الذاتية عموماً، هو مزجه ما حدث بما لم يحدث (وهناك كثير من هذا التناقض)، بغرض إرضاء نزعة إعجاب بالنفس، ورغبة في التباهي. في ذلك، هو مثل شخص يصفّق لنفسه: هنا ينتقد نفسه، لكنه يمنعها من إدانته في مشهد آخر، ويؤكّد نبوغه مباشرة في كل الحالات.