خلفيات الفشل الذريع لفيلم الـ200 مليون دولار

«ذا فلاش» اختفى مثل وميض

«ذا فلاش» برَق واختفى (وورنر)
«ذا فلاش» برَق واختفى (وورنر)
TT

خلفيات الفشل الذريع لفيلم الـ200 مليون دولار

«ذا فلاش» برَق واختفى (وورنر)
«ذا فلاش» برَق واختفى (وورنر)

هناك مثل لبناني يقول: «برَق... برَق... واختفى بين الورق»، وهو مثل ينطبق على كل ما يمر سريعاً ويختفي كالبرق مثلاً أو كفيلم The Flash.

‫اسم على مسمّى هذا الفيلم. «وميض» بالفعل‬. قُصد بالعنوان تجسيد بطل خارق يضرب بسرعة البرق ويهرب بأسرع من ذلك. «سوبر هيرو» لا مجال للقبض عليه والفيلم برهن، بعد يومين من بدء عروضه مطلع هذا الأسبوع، على أنه أيضاً لا مجال للقبض عليه فهو مثل قطعة ثلج تذوب سريعاً خارج البرّاد.

أنففت عليه شركة «وورنر» 200 مليون دولار. وإذا أضفنا تكاليف الدعاية والإعلام (نحو نصف هذا المبلغ على الأقل)، فإن المجموع يزيد على 300 مليون دولار. في أول يومين وعلى شاشات 2140 صالة أميركية وكندية، استحوذ الفيلم على 32 مليوناً و612 دولاراً. أي إنه في حاجة إلى ستة أسابيع من البقاء على سدّة النجاح ليعيد تكلفته المباشرة (200 مليون دولار) وحينها لن يُعدّ أنه غطى خسارته؛ لأن تسجيل الأرباح لا يبدأ إلا من بعد تسجيل ضعف ونصف ضعف التكلفة. في هذه الحالة يحتاج إلى 500 مليون دولار قبل أن تعلن شركة «وورنر» أنها سجّلت نجاحاً.

أسباب

أخرج الفيلم أندي موشييتي الذي تداعت الأخبار قبل ثلاثة أيام من العرض بأنه الأقرب إلى اختيار «وورنر» لإخراج نسخة جديدة من «باتمان». والسائد الآن هو أن «وورنر» ستبحث عن مُخرج آخر لفيلم «باتمان» المقبل. سيحاول موشييتي ترقيع الوضع قدر الإمكان لإقناع الشركة بأن فشل الفيلم ليس بسببه. هذا صحيح جزئياً، هناك عناصر أخرى تضافرت لصنع هذا الفشل الذي توقّعه له بعض العارفين بحكم الخبرة وتسببت فيما تطاير من حوله من رذاذ لاسع حتى من قبل أن يرى النور.

«ذا فلاش» هو أحد أربعة أفلام كوميكس أنتجتها «وورنر» وتنتمي إلى أبطال شركة «DC» المنافسة لشركة «Marvel» التي تتولى الإنفاق على أفلامها وتوزيعها شركة «ديزني». أيضاً «ذا فلاش» هو ثاني فيلم من هذه الأفلام قامت «وورنر» بعرضه هذه السنة. ذلك الفيلم السابق هو Shazam‪!‬ Fury of the Gods الذي بوشر بعرضه في السابع عشر من مارس (آذار) الماضي. ذلك الفيلم تكلّف 125 مليون دولار وهوى على رأسه؛ إذ اكتفى بنحو 134 مليون دولار، وتم وضعه في تلك الخانة السوداء كذلك.

يرى البعض أن السبب هو سوء اختيار التوقيت لعرض «ذا فلاش»، لكن هذا ليس صحيحاً كون الفترة الحالية تخلو من فيلم كوميكس وسوبر هيرو آخر. منافسه الوحيد كان فيلم Elemntal («تحليل عناصر») وهو رسوم متحركة من إنتاج «ديزني». هذا بدوره سجّل 50 مليون دولار حول العالم حتى كتابة هذه السطور، بينما بلغت ميزانيّته 200 مليون دولار (لماذا وكيف؟ لا أحد يعرف).

آخرون ذكروا أن الفيلم دخل مرحلة احتضار مبكرة عندما تأخر العمل عليه منذ أن توالت أدمغة كتّاب السيناريو عليه ما بين 2010 و2013. هذه الأدمغة لم تنجح في وضع سيناريو ينال الثقة فتمت إضافة كتّاب آخرين للمهمّة.

في مثل هذا الشهر من سنة 2016 تم تعيين ريك فاموييوا لإخراجه. بعد خمسة أشهر استقال من المهمّة.

«تحليل عناصر» سقط بدوره (ديزني)

في العام 2019، وبعد أن توالى ترشيح عدد آخر من غير المعروفين لإخراج هذا المشروع، تم اختيار أندي موشييتي (آت من سينما الرعب وأحدها It). وفي العام نفسه تم جلب كرستينا هدسون لكتابة سيناريو جديد. في أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 2021 دخل مرحلة ما بعد التصوير وفي 18 مايو (أيار) خرج منها.

كل هذا و«حنفية» التمويل مفتوحة.

«أكوامان»: الفيلم المقبل (وورنر)

الجمهور لا يهتم

على أن الجمهور لا يهتم كثيراً بمن دخل وخرج من المشروع ومتى بدأ العمل عليه ومتى انتهى. فيلم توم كروز «توب غن: ماڤيريك» (لشركة باراماونت) خاض تجربة مماثلة بالنسبة لتاريخ المشروع وتأخر عروضه لأكثر من عشر سنوات، لكنه أنجز هذا العام مليار و496 مليون دولار علماً بأن تكلفته كانت أيضاً مرتفعة (170 مليون دولار).

تبقى ثلاثة أسباب مهمة لهذا السقوط المروع لفيلم «ذا فلاش»: اختيار الممثل إزرا ميلر الذي إلى جانب أنه ليس اسماً يهرع الجمهور لمشاهدة أفلامه، ارتكب العديد من الجنايات الأخلاقية. حسب مجلة «ڤارايتي» تداولت المواقع شريط فيديو وهو يخنق امرأة. لم يقتلها لكن نظرة واحدة لفعل بمثل هذا العنف كاف لأن يثني العديدين عن الاهتمام به.

السبب الآخر يبدو مثل بالون ينتفخ سريعاً. العديد من أفلام الكوميكس بدأت تفقد حرارتها في شباك التذاكر. بالنظر إلى مجمل إيرادات هذه الأفلام، فإن نجاحات الأمس تبدو اليوم مثل نجوم تتلألأ في سماء بعيدة: «جوكر» (2019) أنجز ملياراً و57 مليون دولار، «باتمان ضد سوبرمان» (2016) حصد 874 مليون دولار. «أكوامان» (2018) تمتع بمليار و148 مليون دولار.

في مقابل هذه النماذج الناجحة هناك أفلام الكوميكس من «ديزني» كما من وورنر وصوني التي لم تنجز الا الفشل أو ما جاوره: «ووندر وومان - 1948» (2020)، شازام» (الأول، 2014) «فرقة الانتحار» (2016).

تبقى مسألة ثالثة لا تود شركات هوليوود الاعتراف بها: الجمهور ما عاد يزحف لأي فيلم كما كان يفعل في السابق ما دام أن منصات اليوم تعرض له الأفلام التي توزعها صالات السينما أحياناً في أسبوع افتتاحها وأحياناً بعد شهر واحد. مرّة أخرى، أصابت «باراماونت» الهدف عندما أخّرت عرض الفيلم على منصّتها لثلاثة أشهر؛ ما تسبب في عودة الجمهور غير الصبور إلى صالات عرضه.

أفلام كوميكس أخرى قادمة

• يوليو (تموز): The Marvels

• يوليو: Justice League‪:‬ Underworld

• أغسطس (آب): Blue Beetle

• أكتوبر (تشرين الأول): Kraven

• ديسمبر (كانون الأول): Aquaman and the Lost Kingdom


مقالات ذات صلة

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز