شاشة الناقدJohn Wick‪ : ‬

كيانو ريفز في «جون ويك - 4» (ليونزغايت)
كيانو ريفز في «جون ويك - 4» (ليونزغايت)
TT
20

شاشة الناقدJohn Wick‪ : ‬

كيانو ريفز في «جون ويك - 4» (ليونزغايت)
كيانو ريفز في «جون ويك - 4» (ليونزغايت)

John Wick: Chapter 4‪

****

أوبرا بصرية عنيفة من بطولة كيانو ريفز

هناك 300 درجة من الباطون العريض، في كنيسة ساكركور، في روتردام، باريس. على الزائر إذا ما أراد دخول الكنيسة صعود الدرجات جميعاً. لا يوجد مصعد كهربائي، بل ذلك السلم الممتد صوب المدخل في أعلى الجبل.

على هذه الدرجات، نشاهد كيانو ريفز، لاعباً شخصية القاتل شديد الاحتراف جون ويك، وهو يصعد نحو مائة منها قبل أن يسقط ويتدحرج إلى أسفل السلم. ينهض ويعاود الكرّة لكن أعداءه كثيرون ويحاولون قتله بكل الوسائل، ولو أنهم ينجحون فقط في سقوطه من فوق تلك الدرجات في كل مرّة. للحظة يكاد يكف عن المحاولة، لكنه بمساعده صديق (دوني ين) لا يمنعه فقدان بصره من موازاته مهارة في استخدام كل أنواع السلاح بما في ذلك سيف الساموراي، يهب ويك على قدميه ويبلي بلاءً أفضل من السابق ويطيح بعشرات (أو هل أقول بمئات) المتصدين له. في النهاية يصل جون ويك إلى الساحة التي عند باب الكنيسة قبيل شروق الشمس حسب موعد تم تحديده لمبارزة بينه وبين الأعمى ذاته الذي سيحاربه نيابة عن رئيس الجمعية المسماة بـ«هاي تابل» (الطاولة العليا). هذا الرئيس يريد القضاء على جون ويك بأي طريقة لكنه لا يملك الجرأة لمنازلته، لذلك توجَّه إلى المقاتل الأعمى للقيام بذلك.

لن يطلق الأعمى النار عبثاً لأنه لا يرى، بل اعتاد تحديد العدو بكل سهولة وقتل من الأعداء مئات كثيرة تماماً كما نرى جون ويك يفعل بداية من مطاردة في الصحراء المغربية (نابت عنها الصحراء الأردنية) وصولاً إلى فندق ياباني مبهر المساحة والحجم ومنه إلى مواقع عدة في برلين قبل الانتهاء إلى منطقة روتردام كما تقدّم.

«جون ويك - الفصل الرابع» هو أفضل أجزاء هذا المسلسل الذي يختلف عن معظم ما شوهد من مسلسلات منذ بداية القرن الحالي بأنه «أورغانِك»، بمعنى أنه لم يُقتبس من شخصيات الكوميكس ولا من روايات منشورة. نجاحه الكبير (الذي يكلله هذا الجزء) يحمل معنى موازياً لنجاحه كفيلم أكشن، وهو أنه ما زال بالإمكان ابتكار شخصيات ومواقف مشوّقة وناجحة وعضوية.

في سياقه العنيف يجسّد الفيلم مستوى من حاضر يحتضر وعالم سوداوي لا علاج له أو شفاء.

المثير، في هذا الجزء الرابع المعروض حالياً بنجاح كبير، الذي أخرجه تشاد ستوهلسكي (مخرج كل الحلقات السابقة) هو التصاميم التي في واقعها تُميّز الفيلم وتتميّز به طوال مدة العرض. إنها في اختيار أماكن التصوير وفي اختيار الأماكن ذات التصاميم الفريدة واختيار تصاميم المعارك التي لا تتوقف. كل ذلك يؤدي إلى فيلم أوبرالي بصري من الدرجة الأولى خالٍ من المزاح ومليء بالخيال.

لا يمكن معه محاولة تطبيق المنطق. يتشرّب ريفز الشخصية بكل ما تعانيه في سبيل القضاء على تلك الجمعية. المواجهات جميعاً بينه وبين كل أعدائه تعمل كالساعة في دقتها وكالبرق في سرعتها. المخرج ستوهلسكي كان ممثل أدوار الخطر بديلاً لأبطالها ويستخدم هنا مهارته في تسيير المعارك وتصاميمها معاً.

* :ضعيف| * * : وسط| ***: جيد | ****: ممتاز | *****: تحفة


مقالات ذات صلة

«إيميليا بيريز» و«الوحشي» يقودان قراءةً في ترشيحات «الأوسكار» الـ97

يوميات الشرق أدريان برودي في «الوحشي» (بوكستريت)

«إيميليا بيريز» و«الوحشي» يقودان قراءةً في ترشيحات «الأوسكار» الـ97

تحتوي قائمة الأفلام المتنافسة على «أوسكار» أفضل فيلم، 10 أعمال، بعضها - كما جرت العادة مؤخراً - من إنتاج غير أميركي... إليكم التفاصيل

محمد رُضا (‫صندانس (يوتا))
يوميات الشرق فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)

مُخرجة فيلم «انفصال» أنجيلا مراد: العالم الآلي يُخيفني والخطر ينتظرنا

في «انفصال»، تقدّم أنجيلا مراد رؤية إخراجية مختلفة اعتمدت فيها على شخصيات افتراضية رسمتها بنفسها. حتى أغنية الفيلم نفّذتها عن طريق الذكاء الاصطناعي.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)

«لا أرض أخرى» يصل للقائمة القصيرة في ترشيحات «الأوسكار»

وصل الفيلم الفلسطيني «لا أرض أخرى» للقائمة القصيرة لترشيحات جوائز «الأوسكار»، ضمن الأفلام المتنافسة على جائزة «أفضل فيلم وثائقي طويل» في النسخة 97 من الجائزة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما «بلو مون» (سينيتك ميديا)

«مهرجان برلين» يرفع ميزانيته مُجابهاً التحديات

75 سنة مرّت على تأسيس «مهرجان برلين السينمائي» الذي سينطلق في 13 فبراير (شباط) المقبل ويسدل ستارة الختام في يوم 23 من فبراير.

محمد رُضا (صندانس - ولاية يوتا)
سينما  فرناندا توريس في «لا زلت هنا» (ڤيديوفيلمز)

شاشة الناقد: أنظمة عسكرية

كما في غير بقعة من العالم، خصوصاً في الدول اللاتينية، شهدت العقود المنصرمة قيام أنظمة حكم عسكرية أودت بحياة عشرات الآلاف من السياسيين والمثقفين والإعلاميين

محمد رُضا (صندانس ولاية يوتا)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)
المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)
TT
20

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)
المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن لثلاثين سنة مقبلة.

بالنسبة لجوستن (نيكولاس هاولت) في جديد كلينت إيستوود «محلّف رقم 2» (Juror ‪#‬2) هناك طريقة ثانية. بوصفه محلّفاً في القضية المرفوعة في المحكمة سيحاول بعثرة قناعات المحلّفين الآخرين من أن المتهم هو مذنب بالفعل، وذلك عن طريق طرح نظريات (وليس براهين) لإثارة الرّيب في قناعات الآخرين. ليس أن قناعات الآخرين ليست مدفوعة بقصر نظر أو أنانيات أو الرغبة في الانتهاء من المداولات والعودة إلى ممارسة نشاطات أخرى، لكن المحور هو أن جوستن واثق من أن جيمس (غبريال باسو) لم يقتل المرأة التي تشاجر معها والمتهم بقتلها. جيمس لا يملك الدليل، لقد شُوهد وهو يعنّفها في تلك الليلة الماطرة واعترف بأنه وصديقته كثيراً ما تشاجرا، لكنه أكد أنه لم يلحق بها في تلك الليلة المعتمدة ويدهسها. من فعل ذلك، ومن دون أن يدري، هو جيمس وهو في طريق عودته إلى البيت حيث تنتظره زوجته الحامل.

ليوناردو دي كابريو في «ج. إدغار» (وورنر)

بدوره، لم يُدرك في ذلك الظلام وفي تلك الليلة الممطرة فوق ذلك الطريق خارج المدينة ما صدم. ظن أنه غزالاً عابراً. نزل من السيارة ونظر حوله ولم يجد شيئاً ركب سيارته وانطلق مجدداً.

لكنه الآن يُدرك أنه صدم تلك المرأة التي يُحاكم صديقها على جريمة لم يرتكبها. لذا يسعى لإصدار قرار محلّفين ببراءته.

محاكمات مفتوحة

يؤسّس إيستوود (94 سنة) في فيلمه الجديد (وربما الأخير) لما سبق، ثم يُمعن في إضافة تعقيدات على الحبكة تتناول موقف جوستن المصيري، موقف باقي المحلّفين حياله ثم موقف المدعية العامّة فايث (توني كوليت) التي لا يُخالجها أي شك في أن جيمس هو القاتل. في بالها أيضاً أن فوزها في هذه القضية سيساعدها على الارتقاء إلى منصب أعلى.

إنه فيلم محاكمات وليس فيلم محاكمة واحدة. كعادته يُلقي إيستوود نظرة فاحصة وناقدة على كل ما يرد في أفلامه. على بطله الذي تشبّع بالقتل خلال الحرب العراقية في «قنّاص أميركي» (American Sniper)، ومن خلاله حاكم الحرب ومسؤولية من أرسله إلى هناك.

«محلّف رقم 2» خلال المداولات (وورنر)

في «بيرد» (Bird) قدّم سيرة حياة عازف الجاز تشارلي بيرد بايكر الذي سقط مدمناً على المخدّرات، ومن خلاله الطقوس التي تُحيط بأجوائه والمسؤولة عن مصيره.

نراه في «ج. إدغار» (J‪.‬ Edgar) يعرض لحياة ج. إدغار هوڤر، واحد من أقوى الشخصيات السياسية في الولايات المتحدة خلال القرن العشرين، لكنه يمضي ليحاكمه باحثاً في استخدامه سُلطته لهدم الآخرين. وعندما تناول جزءاً من سيرة حياة المخرج جون هيوستن، ذلك الجزء الذي أمضاه في أفريقيا ببندقية اصطاد بها الفيلة، انتقد هذا المنوال ودوافعه وتبعاته.

أما في «سُلطة مطلقة» (Absolute Power) فخيّر المُشاهد ما بين الحكم على لص منازل أو الحكم على رئيس الجمهورية الذي شاهده اللص وهو يقتل عشيقته.

في الواقع كل أفلام إيستوود مخرجاً (من منتصف السبعينات وما بعد) كانت سلسلة من محاكماته للمجتمع. للسُلطة، للقانون، للسياسة، للإعلام وللمصالح التي تربطها مع بعضها بعضاً، ومن ثم الفرد الواقع ضحية كل ذلك التآلف.

في «محلّف رقم 2» يعمّق منظوره من دون أن يشعر المُشاهد بأي ثقل أو عناء. بالنسبة إلى إيستوود هو أستاذ في كيف يطرح الأفكار العميقة والحبكات المستعصية بأسلوب سهل تستطيع أن تأخذه كعمل تشويقي أو تذهب به لما بعد به متجاوزاً حبكته الظاهرة إلى تلك البعيدة.

المواقف في هذا الفيلم متعددة. جوستِن يضع عدداً من رفاقه المحلّفين في شكوك ويُثير غرابة عدد آخر. أحدهم يخبره بأنه يقرأه ككتاب مفتوح ملئ بالنظريات، لكن من دون براهين. يسأله لماذا. جوستن لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال.

رقصات التانغو

هو دراما محاكمات، كما كثير من الأفلام من قبله ومن بعده، «12 رجلاً غاضباً» (12Angry Men) الذي حققه سيدني لومَت في 1957 ويُشار إليه أحياناً بأنه أفضل فيلم محاكمات (نظرة موضع نقاش)، لكن على عكس معظمها من ناحية طروحاتها وأبعادها من ناحية، وعلى عكسها على نحو جامع من حيث تخطيه الشكل المستطيل المعتاد لأفلام المحاكمات. مثال، عوضاً أن يقضي إيستوود الوقت في قاعة المحكمة، يقطع قبلها وخلالها وبعدها لمشاهد خارجية داعمة. وعوض تقديم الأحداث كمشاهد استرجاعية (Flashbacks) يوردها ضمن تداول المحكمة كمشاهد موازية لما يدور متجنّباً مشاهد داخلية طويلة.

لا يترك إيستوود نافذة مفتوحة ولا يستخدم مواقف للتخفيف ولا يضيّع الوقت في سردٍ مُعاد أو موقف مكرر. هو أذكى من الوقوع في رقصات التانغو التي تسميها هوليوود اليوم أفلاماً.

فيلم إيستوود، كمعظم أعماله، عمل راقٍ وجاد. لا مزح فيه ولا عواطف ملتاعة عملاً بمقولة أرسطو «القانون هو سبب وجيه من دون العاطفة». إنه كما لو أن إيستوود استوحى من هذا التعريف كيفية معالجة هذا الفيلم وطرحه لولا أنه دائماً ما عالج أفلامه على هذا النحو بصرف النظر عما يسرد فيه. حتى فيلما الوسترن الشهيران له وهما «The Outlaw Josey Wales» و«Unforgiven» حملا لجانب إتقان العمل البُعد النقدي للتاريخ وللمؤسسة.