«قدحة: حياة ثانية»... عندما يمنح الآباء أطفالهم الفقر والمرض

يعرض في صالات السينما السعودية

TT

«قدحة: حياة ثانية»... عندما يمنح الآباء أطفالهم الفقر والمرض

مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)
مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

«أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم...»، بهذه العبارة المقتبسة من كتاب «النبي» للكاتب اللبناني جبران خليل جبران يُختتم فيلم «قدحة… حياة ثانية» للمخرج التونسي أنيس الأسود، تاركا علامة استفهام كبيرة حول مصير أبطاله، ليختزل الفيلم الروائي جوانب كثيرة من معاناة الأطفال وتحدياتهم لتجاوز العقبات التي تعترض طريقهم.

يستعرض الفيلم حياة أسرة فقيرة يهاجر عائلها إلى أوروبا هجرة غير شرعية؛ لتنقطع أخباره على إثرها. يبدأ الفيلم بتعرض الطفل نبيل وشهرته «قدحة» إلى حادث سير ينقل على إثره إلى المستشفى، ولا تجد والدته وسيلة لعلاجه سوى الاستسلام لعطف إحدى الأسر الغنية. في المقابل تسمح الأم بالتبرع بإحدى كليتي ابنها قدحة لطفلهم أسامة، الذي يعاني بدوره من الفشل الكلوي. تنتقل والدة قدحة مع ابنها وابنتها الصغيرة للعيش في كنف هذه الأسرة ميسورة الحال، فتنشأ علاقة صداقة بين قدحة والطفل أسامة دون أن يعلم سر هذا التحول في حياته.

«قدحة» والطفل أسامة في أحد مشاهد الفيلم (الشرق الأوسط)

في الفيلم يجد الطفل الصغير «قدحة» نفسه مشتتا بين طبقتين اجتماعيتين مختلفتين، بينما يستمر ظل الأب الغائب مخيما على علاقته بأمه. وتمضي الأوضاع نحو التعقيد حين يكتشف «قدحة» ما حدث له، وأن الضعف الذي ينتاب جسده هو نتيجة تخلي والدته عن إحدى كليتيه لطفل آخر.

واختار المخرج التونسي الأسود، الجانب الصعب من هذه التجربة الإنسانية بتسليطه الضوء على العالقين بالجانب الآخر في انتظار الأب الغائب، وهي أسرة كغيرها من آلاف الأسر الفقيرة التي سحقها غياب الأب وأطاحت بتماسكها مغامرة الهجرة والنزوح.

أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم

جبران خليل جبران

 

مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

وجاء إسناد البطولة الرئيسية في هذا العمل لصبي صغير خيارا في غاية الصعوبة، لكونه يمثل تحديا خاصا، بيد أن التعامل مع الممثلين في مثل هذا العمر الصغير له عواقبه، ما لم يتم ضبط الأداء، وهو أمر ينطوي على جهد ومثابرة بالغين، وهي المجازفة التي وفق المخرج الأسود إلى حد كبير في إنجازها.

ووفقاً للتقارير المتداولة عن العمل الفني، حاز فيلم «قدحة… حياة ثانية» على سعفة لجنة التحكيم لأفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بمدينة تورنتو الكندية، وسبق أن فاز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان القدس للسينما العربية، كما حصل على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان مدينة مالمو السويدية للسينما العربية في دورته الـ 12، وسبق أن حاز الفيلم أيضاً على تنويه خاص من مسابقة «آفاق السينما العربية»، ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.

مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

وأعلنت صالات السينما السعودية عن قائمة الأفلام المقرر عرضها في نهاية الأسبوع الحالي، وتشمل القائمة مجموعة من الأعمال العربية الاستثنائية، أبرزها «قدحة... حياة ثانية».

جسّد الأدوار الرئيسية للفيلم مجموعة من الممثلين التونسيين المخضرمين والشباب، من بينهم جمال العروي وأنيسة لطفي وشامة بن شعبان ودرصاف الورتاني وأنس العبيدي.

يذكر أن المخرج أنيس الأسود، أخرج أفلاما كان أغلبها يختزل جوانب من الطفولة مثل فيلم «صباط العيد» (حذاء العيد)، و«صبة فلوس» أو الحصاد السحري وهما شريطان سينمائيان قصيران.



«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
TT

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

لم تكن الحياة في غزة سهلة أو حتى طبيعية قبل حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن حتى هذه الأيام يحن لها الآن الناجون من القطاع ويتمنون استعادتها، ومنهم نادين وعائلتها أبطال الفيلم الوثائقي «وين صرنا؟» الذي يمثل التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، والذي لفت الأنظار خلال العرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

يستعرض الفيلم على مدى 79 دقيقة رحلة نزوح نادين وطفلتيها التوأمتين وإخوتها وأمها من حي تل الهوى بمدينة غزة يوم 13 أكتوبر 2023 وصولاً إلى مصر بعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب.

ويعتمد في مجمله على سرد أفراد العائلة في القاهرة لذكريات حياتهم في غزة قبل الحرب ومغادرتهم منزلهم قسراً بناء على أمر إخلاء من القوات الإسرائيلية، حاملين معهم أبسط المتعلقات الشخصية على أمل العودة قريباً وانتقالهم إلى مخيم النصيرات، ثم رفح.

وفي مقابل ارتياح مؤقت بالنجاة من قصف مكثف حصد آلاف الأرواح من بينهم جيرانها وأصدقاؤها، يعتصر الخوف قلب نادين بسبب زوجها عبود الذي لم يستطع الخروج مع العائلة وظل عالقاً في غزة.

ويظهر عبود في لقطات من غزة معظمها ملتقط بكاميرا الهاتف الجوال وهو يحاول تدبير حياته بعيداً عن الأسرة، محاولاً إيجاد سبيل للحاق بهم في القاهرة حتى يكلل مسعاه بالنجاح.

وفي رحلة العودة يمر عبود بشواطئ غزة التي اكتظت بالخيام بعدما كانت متنفساً له ولأسرته، والأحياء والشوارع التي دُمرت تماماً بعدما كان يتسوق فيها ويعمل ويعيل عائلته رغم الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ويتساءل قائلاً: «يا الله... وين كنا ووين صرنا؟!».

وقالت الممثلة درة زروق مخرجة الفيلم قبل عرضه العالمي الأول، أمس (الجمعة)، في دار الأوبرا المصرية ضمن الدورة الخامسة والأربعين للمهرجان: «أبطال الفيلم ناس حقيقية من فلسطين... كلنا عملنا الفيلم بحب وإيمان شديد بالقضية الإنسانية اللي بنتكلم عنها».

وأضافت حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء: «حبيت أقرب منهم من الجانب الإنساني، المشاعر؛ لأنهم عمرهم ما هيبقوا أرقام، هما ناس تستحق كل تقدير، وشعب عظيم».

وينافس الفيلم ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» في المهرجان الذي يختتم عروضه يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني).