«قدحة: حياة ثانية»... عندما يمنح الآباء أطفالهم الفقر والمرض

يعرض في صالات السينما السعودية

TT

«قدحة: حياة ثانية»... عندما يمنح الآباء أطفالهم الفقر والمرض

مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)
مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

«أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم...»، بهذه العبارة المقتبسة من كتاب «النبي» للكاتب اللبناني جبران خليل جبران يُختتم فيلم «قدحة… حياة ثانية» للمخرج التونسي أنيس الأسود، تاركا علامة استفهام كبيرة حول مصير أبطاله، ليختزل الفيلم الروائي جوانب كثيرة من معاناة الأطفال وتحدياتهم لتجاوز العقبات التي تعترض طريقهم.

يستعرض الفيلم حياة أسرة فقيرة يهاجر عائلها إلى أوروبا هجرة غير شرعية؛ لتنقطع أخباره على إثرها. يبدأ الفيلم بتعرض الطفل نبيل وشهرته «قدحة» إلى حادث سير ينقل على إثره إلى المستشفى، ولا تجد والدته وسيلة لعلاجه سوى الاستسلام لعطف إحدى الأسر الغنية. في المقابل تسمح الأم بالتبرع بإحدى كليتي ابنها قدحة لطفلهم أسامة، الذي يعاني بدوره من الفشل الكلوي. تنتقل والدة قدحة مع ابنها وابنتها الصغيرة للعيش في كنف هذه الأسرة ميسورة الحال، فتنشأ علاقة صداقة بين قدحة والطفل أسامة دون أن يعلم سر هذا التحول في حياته.

«قدحة» والطفل أسامة في أحد مشاهد الفيلم (الشرق الأوسط)

في الفيلم يجد الطفل الصغير «قدحة» نفسه مشتتا بين طبقتين اجتماعيتين مختلفتين، بينما يستمر ظل الأب الغائب مخيما على علاقته بأمه. وتمضي الأوضاع نحو التعقيد حين يكتشف «قدحة» ما حدث له، وأن الضعف الذي ينتاب جسده هو نتيجة تخلي والدته عن إحدى كليتيه لطفل آخر.

واختار المخرج التونسي الأسود، الجانب الصعب من هذه التجربة الإنسانية بتسليطه الضوء على العالقين بالجانب الآخر في انتظار الأب الغائب، وهي أسرة كغيرها من آلاف الأسر الفقيرة التي سحقها غياب الأب وأطاحت بتماسكها مغامرة الهجرة والنزوح.

أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم

جبران خليل جبران

 

مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

وجاء إسناد البطولة الرئيسية في هذا العمل لصبي صغير خيارا في غاية الصعوبة، لكونه يمثل تحديا خاصا، بيد أن التعامل مع الممثلين في مثل هذا العمر الصغير له عواقبه، ما لم يتم ضبط الأداء، وهو أمر ينطوي على جهد ومثابرة بالغين، وهي المجازفة التي وفق المخرج الأسود إلى حد كبير في إنجازها.

ووفقاً للتقارير المتداولة عن العمل الفني، حاز فيلم «قدحة… حياة ثانية» على سعفة لجنة التحكيم لأفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بمدينة تورنتو الكندية، وسبق أن فاز بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان القدس للسينما العربية، كما حصل على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان مدينة مالمو السويدية للسينما العربية في دورته الـ 12، وسبق أن حاز الفيلم أيضاً على تنويه خاص من مسابقة «آفاق السينما العربية»، ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.

مشهد من الفيلم (الشرق الأوسط)

وأعلنت صالات السينما السعودية عن قائمة الأفلام المقرر عرضها في نهاية الأسبوع الحالي، وتشمل القائمة مجموعة من الأعمال العربية الاستثنائية، أبرزها «قدحة... حياة ثانية».

جسّد الأدوار الرئيسية للفيلم مجموعة من الممثلين التونسيين المخضرمين والشباب، من بينهم جمال العروي وأنيسة لطفي وشامة بن شعبان ودرصاف الورتاني وأنس العبيدي.

يذكر أن المخرج أنيس الأسود، أخرج أفلاما كان أغلبها يختزل جوانب من الطفولة مثل فيلم «صباط العيد» (حذاء العيد)، و«صبة فلوس» أو الحصاد السحري وهما شريطان سينمائيان قصيران.



لا مفاجآت في جوائز مهرجان «كان»... و3 عرب يفوزون بـ«نظرة ما»

المخرج جوناثان غلايزر مع أبطال فيلمه أمام كاميرات الصحافة (غيتي)
المخرج جوناثان غلايزر مع أبطال فيلمه أمام كاميرات الصحافة (غيتي)
TT

لا مفاجآت في جوائز مهرجان «كان»... و3 عرب يفوزون بـ«نظرة ما»

المخرج جوناثان غلايزر مع أبطال فيلمه أمام كاميرات الصحافة (غيتي)
المخرج جوناثان غلايزر مع أبطال فيلمه أمام كاميرات الصحافة (غيتي)

نال فيلم المخرجة الفرنسية جوستين ترييت «تشريح سقوط» سعفة مهرجان «كان» الذهبية للدورة الـ76 من هذا المهرجان الفرنسي الرائد، في حفل توزيع الجوائز الذي انتهى في ساعة متقدمة من صباح الأحد.

يتناول الفيلم حكاية زوجة (تقوم بدورها الألمانية ساندرا هولر) المتهمة بجريمة قتل زوجها إثر مشاجرة. الفيلم مقسوم ما بين التمهيد للتعريف بالأسرة، ثم تصاعد الأحداث التي أدت إلى مقتل الزوج. القسم الثالث هو المحكمة التي تنظر في القضية لكي تبت ما إذا كانت الزوجة قتلت زوجها فعلاً أم لا.

السعفة الذهبية هي أعلى مرتبة من مراتب الجوائز التي تقدّم في «كان» وألقت خطبة التمهيد لها الممثلة الأميركية جين فوندا التي طالبت بحشد المزيد من أفلام تخرجها النساء.

ثلاثة شرق آسيويين تقاسموا الكعكة

الفوز النسائي بجائزة أفضل ممثلة كان من نصيب الممثلة التركية ميرڤ ديزدار عن فيلم «حول الأعشاب الجافة» للمخرج نوري بيلج شيلان.

أما المقابل الرجالي فكان من نصيب الممثل الياباني كوجي ياكوشو وعن جدارة، لاعباً شخصية منظّف حمامات في فيلم أخرجه الألماني ڤيم ڤندرز بعنوان «أيام مثالية».

وذهبت جائزة أفضل مخرج للألماني جوناثان غلايزر عن فيلم «منطقة الاهتمام»، وهو دراما عن الهولوكوست من زاوية عائلة ألمانية تسكن بجانب أحد المعتقلات.

الوحيد الذي غاب عن الحضور لاستلام جائزته هو الفنلندي آكي كوريسماكي عن فيلمه الممتاز «سقوط أوراق الخريف»، وهو دراما آسرة عن مشروع علاقة بين رجل وامرأة يعانيان شظف الوضع الاقتصادي ونال جائزة لجنة التحكيم. ونال الفيتنامي الأصل تران آنه هونغ جائزة أفضل مخرج عن فيلمه «بوت أو فو» (اسم وجبة فرنسية شهيرة) بطولة الممثلة الفرنسية جولييت بينوش.

تران آنه هونغ مع جائزة أفضل مخرج عن فيلمه «بوت أو فو» (رويترز)

إلى جانب الممثل الياباني ياكوشو والمخرج الفيتنامي الأصل (يعيش ويعمل في فرنسا)، عزز كاتب السيناريو الياباني يوجي ساكاموتو الحضور الآسيوي بفوزه عن فيلم «مونستر»، واستلمها بالنيابة عنه مخرج الفيلم هيروكازو كوري-إيدا.

بدت الجوائز مقررة على نحو هندسي ولم تأت، فعلياً، بمفاجآت أو تقلب توقعات. لكن المثير فيها ظهور المنتج والمخرج الأميركي المخضرم روجر كورمن الذي ألقى أقصر كلمة في هذه المناسبة إذ لم تتجاوز الدقيقة، وذكّر فيها الحضور بأنهم في أرفع «مكان سينمائي على الأرض».

رحلة سياحية

نتوقف عند جوائز المهرجان وتحديداً جوائز ثاني أهم المسابقات، مسابقة «نظرة ما».

هذه الجائزة أعلنت السبت، وجاءت على النحو الآتي: الجائزة الأولى (المسمّاة «جائزة سارتا ريغار») لفيلم بريطاني- يوناني لمولي مانينغ ووكر. يسرد حكاية ثلاث فتيات بريطانيات يصلن إلى اليونان بحثاً عن اللهو والمتعة. هو الفيلم الأول لمخرجته. يبدأ كما لو أنه بمثابة تسجيل مصوّر لرحلة سياحية، لكن بعد قليل من بدايته، تتراءى سماته بكل ما حملته من خفّة وسهولة تصوير حالات ثلاث صديقات يرغبن في الترفيه العابر على ساحل بلدة ماليا. شيء يقع، كما يتحسّس المُشاهد، يودي بكل ذلك المرح البادي، ويوفر بديلاً له لم يكن في حسبان البطلات.

الجائزة الثانية في التعداد كانت باسم «جائزة صوت جديد»، مُنحت للمخرج الأفريقي بيلوجي (يكتفى باسم واحد) عن فيلمه «فأل» (حكاية أربعة سحرة يهاجرون خوفاً من القتل على أيدي أبناء البلدة).

لقطة من فيلم أسماء المدير «كذب أبيض» (مهرجان كان)

من بين الجوائز الست، نال ثلاثة مخرجين عرب ثلاث جوائز بما يشبه مطراً منعشاً لحضور السينما العربية في دورة هذا العام. جائزة أفضل مخرج ذهبت إلى أسماء المدير عن فيلمها التسجيلي «كذب أبيَض» وهو اسم تسويقي (The Mother of All Lies). وجائزة لجنة التحكيم ذهبت إلى فيلم كمال الأزرق «كلاب»، الذي فيه من جهد الكتابة والتنفيذ ما يتجاوز فيلم أسماء المدير.

«جائزة الحرية» نالها المخرج محمد قردوفاني عن فيلمه «وداعاً جوليا» وهو المشاركة السودانية الرسمية الأولى في تاريخ المهرجان الفرنسي. لا يبتعد الفيلم (إنتاج أمجد أبو العلا، مخرج «ستموت في العشرين» - 2018) عن أحداث اليوم، لكن من دون معالجتها. صُوِّر قبل نشوب الصراع بين المتحاربين حالياً في السودان. لكن الموازاة قائمة، لكون الأحداث التي يعرضها تقع في عام 2005 عندما عاشت الخرطوم حالات انهيار أمني آخر.

هذا فيلم آخر سوداني جيّد (بالإضافة إلى «ستموت في العشرين» والتسجيلي «الحديث عن الأشجار» لصهيب قاسم الباري)؛ نال تلك الجائزة ذات النبرة السياسية باستحقاق. لكن ما هو ملاحَظ أنّ أسماء الجوائز في هذه التظاهرة تحاول تفادي تداوُل مبدأ «الأفضل»، على نحو «أفضل فيلم» و«أفضل مخرج»... إلخ، مما يجعل المجموعة الفائزة شبه متساوية في التقدير.

لجنة تحكيم متنوعة

وكانت لجنة التحكيم بقيادة المخرج السويدي روبن أوستلوند؛ وتضم ثمانية أعضاء من بينهم المخرجة وكاتبة السيناريو المغربية مريم توزاني؛ والمخرج الأفغاني عتيق رحماني والمخرج الزمباوي رونغانو نيوني. والباقون؛ كتاب ومخرجون وممثلون غربيون، من بينهم بول دانو وبري لارسون ودوني مينوشيه وداميان شيفرون، علماً أنه من غير المتاح بالطبع معرفة كيف تلاقت الثقافات والآراء بين أكثرية غربية وقلّة أفريقية وآسيوية.

أعضاء لجنة التحكيم قبل حفل إعلان الجوائز (إ.ب.أ)

ليس المقصود أنّ صراعاً محتدماً وقع. عادة ما تُذلّل العقبات والمناقشات بطريقة ديمقراطية، فيصغي الجميع للجميع. يوافقون أو يعترضون والكلمة الفصل للتصويت. لكن هذا لا يمنع أنه في مرات عدة، اختلف أعضاء لجان التحكيم وظهر الخلاف على وجوههم لدى اعتلاء المنصّة. حدث ذلك، على سبيل المثال، في دورة 2018 عندما نال فيلم كوري - إيدا هيروكازو «السعفة الذهبية» عن «نشالو المحلات» (Shoplifters).

كما تردّد لاحقاً، فإنّ بعض لجان التحكيم في تلك الدورة فضّلوا فيلم «حرب باردة» للبولندي بافل بافليكوفسكي؛ وتمسّك البعض، إلى حين، بفيلم «الرماد هو الأبيض الأكثر نصاعة» (Ash is Purest White) للصيني جانكي جيا.

هذه كانت أقاويل ما بعد توزيع جوائز تلك السنة، لكن فوز الفيلم الياباني «نشالو المحلات» كان في نهاية المطاف صائباً. كوري - إيدا هيروكازو، مخرج هذا الفيلم، حضر هذه السنة أيضاً بفيلمه «مونستر». حظوظ المخرج لم تكن قوية هذه المرة، لكن حظوظ كاتب سيناريو فيلمه كانت أفضل بحصده الجائزة. احتوى الفيلم على كل بصمات مخرجه المعتادة، باستثناء أنه ليس مدهماً كما حال أفلام سابقة له. حكاية ثلاثية الإلقاء (الأحداث من ثلاث وجهات نظر) تفقد حسنات أسلوبها المتبع والمأمول.

شيء مشابه يقع في فيلم مخرج آخر اعتاد عرض أفلامه في «كان»، هو كريم عينوز (من أب جزائري وأم برازيلية). فقد حاول، في فيلمه المتسابق «فايربراند»، تحويل حكاية آخر زوجات الملك هنري الثالث عشر إلى دراما تحمل (على غرار فيلم الافتتاح «جان دو بوري» حول آخر عشيقات الملك الفرنسي لويس الخامس عشر) مأساة البطلة (تؤدّيها أليسيا فيكاندر بجدارة)، لكن رغم جودة التنفيذ، لم يتجلَّ في السيناريو أكثر بكثير من الوصف والسرد القصصي.

فيلم آخر كان أوفر حظاً - كما تراءى للعدد الأكبر من الحاضرين قبل أن تتحقق النبوءة ويحصد جائزة أفضل مخرج - هو فيلم جوناثان غلايزر «منطقة الاهتمام» (The Zone of Interest). إنه حكاية مختلفة عن الهولوكوست من مخرج يعود إلى العمل بعد عشر سنوات من العزلة، منذ تقديمه فيلمه السابق «تحت الجلد» الذي جمع بين اللغز والرعب ونال رواجاً نقدياً لا بأس به.

مشهد من فيلم جوناثان غلايزر «منطقة الاهتمام» (The Zone of Interest) (آي إم دي بي)

الفيلم الجديد نقلة باتجاه أفلام الهولوكوست التي قد يزيد عددها منذ الحرب العالمية الثانية على ألف فيلم تناولتها تسجيلياً ودرامياً ومن زوايا مختلفة. على ذلك، وجد غلايزر زاوية جديدة تتمثل في حكاية ضابط ألماني (كريستيان فريدل) وزوجته (ساندرا هولر) وأولادهما الخمسة الذين يعيشون في منزل فوق أرض خضراء جميلة ونهر يمرّ ليس بعيداً عن بيت العائلة.

ليس بعيداً كذلك، سجن أقامه النازيون لزجّ اليهود فيه. تُسمع أصوات طلقات البنادق بين حين وآخر، أو صراخ الضحايا من دون أن يؤدّي ذلك إلى زعزعة استقرار تلك الأسرة. هذا التناقض بين حياة هانئة، وعلى بُعد يسير، أخرى معذَّبة؛ يتّضح من المَشاهد الأولى ويستمر. غلايزر يستثمر المفارقة إلى الحد الأقصى، بهدف القول إنّ أمثال الضابط وعائلته موجودون حتى اليوم في حياة الإنسان (الغربي كما يتّضح)، تعبيراً عن الرغبة في الصمت المطبق حيال التاريخ وجلاديه. الفيلم فيه ما يكفي من أسلوب عرض وموضوع.

المُنافس الأول لهذا الفيلم كان فيلم «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall) للفرنسية جوستين تريست الذي فاز بأفضل فيلم. يتناول الفيلم قضية روائية (ساندرا هولر) متهمة بقتل زوجها بدفعه من نافذة في الطابق الثالث. ابنهما شبه أعمى، لكنه يستطيع الإفادة بما قد يوضح اللغز حول إذا ما كانت والدته دفعت زوجها فعلاً أو أنّ الزوج سقط عَرَضاً.

بعد بداية موحية بفيلم مُتقن، ينحدر إلى مستوى عادي من التحقيق ويسود من منتصفه فصاعداً شعور بأن الفيلم قال الكثير، ولم يبقَ سوى الانخراط في واقع المحكمة التي تنظر في القضية. بكلمات أخرى، ما يتم سرده في ساعتين ونصف ساعة، كان يمكن سرده في ساعة ونصف ساعة، لولا أنّ المخرجة رغبت في سرد أحداثها على بساط عريض.

براعة أسلوبية

الحصان الأسود الذي خرج خاوي الوفاض في هذا السباق هو فيلم الفنلندي آكي كوريسماكي الجديد «سقوط أوراق الشجر» (Fallen Leaves) منذ «الجانب الآخر للأمل» (The Other Side of Hope) سنة 2017. هنا حكاية حب يرويها المخرج من دون عاطفة. أسلوبه في ذلك، عرض الموقف بعد عصر الأمل منه تاركاً للمُشاهد التمعّن في الأسباب.

من فيلم آكي كوريسماكي «سقوط أوراق السجر» (مهرجان «كان»)

بطلته امرأة تعمل في سوبر ماركت تدعى أنسا (ألما بوستي) ورجل مدمن على الكحول يدعى هولابا (جوسي فاتانن)؛ يلتقيان عرضاً ثم يتفقان على مشروع علاقة لا تسير حسب المُتوقع لها. كلاهما يصبح عاطلاً عن العمل، فهي تُطرد من عملها لأنها سمحت لنفسها بالاحتفاظ بساندويش فاتت مدة صلاحيته. وهو يطرد لاحتسائه المشروب خلال عمله في مصنع خردة.

يسرد المخرج الحكاية بمفرداته الاقتصادية المحددة. لا رغبة لديه للإيهام بأنه سيحقق فيلماً مبهراً بتصويره أو باستعراضاته أو حتى بتصاعد درامي حاسم. على العكس، يبقى بسيطاً وكادراته محددة. حتى الدلالات الاجتماعية تبقى في متناول العين، إنما من دون عزف منفرد لمنحها أكثر من الدلالة الفورية. هو فيلم بديع عن الوحدة في مجتمع رأس المال الذي يعيشه كل منهما على مضض، وبل بقبول ظاهري، محاولاً البحث عن خلاص من الوحدة بالانخراط في وحدة الشخص الآخر.


شاشة الناقد: «أسترويد سيتي»... الصراع على الأرض والمجرّات

توم هانكس وجاسون شوارتزمان في «أندرويد سيتي» (فوكاس فيتشرز)
توم هانكس وجاسون شوارتزمان في «أندرويد سيتي» (فوكاس فيتشرز)
TT

شاشة الناقد: «أسترويد سيتي»... الصراع على الأرض والمجرّات

توم هانكس وجاسون شوارتزمان في «أندرويد سيتي» (فوكاس فيتشرز)
توم هانكس وجاسون شوارتزمان في «أندرويد سيتي» (فوكاس فيتشرز)

تنقسم أفلام المخرج و.س أندرسن قسمين: نوع تحبه ونوع تكرهه، لكن كلا النوعين يرتدي شكلاً واحداً. الفارق أن بعض أفلامه يثير الإعجاب والبعض الآخر يُثير الامتعاض.

«أسترويد سيتي»، هو من النوع الثاني: حكاية «إذا صح التعبير» تدور في رحى صحراء أميركية في منتصف الخمسينات، عدد سكانها 87 نفراً. تكمن البلدة فوق أرض ذات تربة حمراء في الجنوب الغربي للولايات المتحدة. يحتوي المكان على مبانٍ سكنية قليلة ومحطة بنزين وهاتف عمومي واحد وجراج وعدد من الشخصيات التي تلتقي هناك. تصل إحداها مع عائلتها في سيارة لم تعد تصلح للسفر.

على مقربة هناك محطة تجارب نووية اعتاد سكان البلدة عليها. لا أحد يسأل عن الإشعاعات أو المخاطر، فالبال منصرف لمتابعة مسائل تعني لهم شيئاً ولا تعني للمشاهد أي شيء.

هناك زائر من الفضاء يهبط ويرحل سريعاً؛ ما يحوّل البلدة حَجْراً صحياً بعدما طوّقها الجيش، مما يجعل مغادرتها أو دخولها ضمن الممنوعات.

يبني المخرج فيلمه على أساسين متماثلين: يأتي بفكرة غريبة أولاً ثم يجعلها أكثر غرابة حين تنفيذها واختيار ما يتحدث فيه خلالها. أحياناً ما ينجح كثيراً كما الحال في فيلمه الجيد «ذا غراند بودابست هوتل» (2014) و «مونرايز كينغدوم» (2017). هذا الفيلم من تلك، التي لا تنجح؛ نظراً لأنها تبدو محدودة المعالم. لا شيء مثيراً في بناء وحدة سكنية فوق صحراء منبسطة وشخصيات تتحدّث كثيراً ولا شيء كثيراً يحدث.

فيلم أندرسن يحتوي على سمات محببة إليه. على سبيل المثال لا يحبّذ بطولة منفردة ويجمع هنا عدداً كبيراً من الممثلين الذين هم طاقم مخلص له يستعين به في كل فيلم له تقريباً. هنات تيلدا سوينتن وإدوارد نورتن وأدريان برودي وتوم هانكس، بالإضافة إلى سكارلت جوهانسن وجاسون شوارتزمان. في جانب آخر، وفي هذا الفيلم أكثر من سواه، يتعامل مع التأطير المحدد وبفورمات تقنية متعددة. هناك الأبيض والأسود والألوان والصورة المنقسمة إلى نصفين كما الانتقال من الفيلم إلى المسرح لا عبر الأحداث فقط، بل عبر المعالجة الكلية بحيث يبدو الفيلم كما لو كان نتاجاً مسرحي النَفَس والمصدر، إنما مع حرية الشغل على تكوينات المشهد المنفتح على المكان الشاسع وحجم اللقطات.

كذلك مشهود له تعامله مع مكان صحراوي تتساءل فيه إذا ما كانت الجبال البعيدة موجودة فعلاً أو نتيجة تأسيس الاستوديو لها. فالفيلم، من هذه الناحية يبدو بمجمله كما لو أنه صوّر فوق أرض الاستوديو. واللعبة هنا هي التغلّب على لون الطبيعة الصحراوية بابتكار لون زهري يشبه اللون الذي تعكسه الصحراء الفعلية عند الغروب. في مشاهد أخرى هو لون باهت.

«أسترويد سيتي» هو، بالنتيجة ورغم جهد التأطير والديكورات وبث الألوان ينتهي بدوره إلى نتيجة باهتة أقل شأناً مما هدف المخرج إليه.


سنوات السينما: «أغنية ناراياما»... الفيلم الذي ربح «سعفة كان» قبل 40 سنة

«أغنية ناراياما» (تووي كومباني)
«أغنية ناراياما» (تووي كومباني)
TT

سنوات السينما: «أغنية ناراياما»... الفيلم الذي ربح «سعفة كان» قبل 40 سنة

«أغنية ناراياما» (تووي كومباني)
«أغنية ناراياما» (تووي كومباني)

هو في الواقع فيلمان يشتركان في عنوان واحد. هناك نسخة كايسوكي كينوشيتا التي حققها سنة 1958 ونسخة شوهاي إيمامورا، التي أنجزها هذا المخرج سنة 1983 وخطفت سعفة مهرجان «كان» في العام ذاته.

كلتا النسختان مستوحاة من أعمال الكاتب شيشيرو فوكازاوا، الذي نال عليها الجائزة الأدبية الأولى في اليابان مطلع الخمسينات. لكن فيلم إيمامورا هو الذي أصبح معروفاً لا بفضل جائزة «كان» فقط، بل أساساً لثرائه البصري وواقعيّته المذهلة وحكايته التي تغوص في أعماق الحياة القروية في قرن أو أكثر مضى.

تقع الأحداث في قرية جبلية، اسمها ناراياما على بعد شاسع من أي مدينة. قرية مقطوعة الوصال مع العالم الآخر وتتعرّض لعوامل الطقس البارد كما للمجاعة، وتحيا على نحو بدائي همجي مليء بالعواطف النيئة والاعتقادات الخرافية والصراعات المختلفة.

الفيلم مدهم حتى اليوم. بمشاهد إلقاء الأطفال الذكور في حفر عميقة للتخلص منهم بسبب قلّة المحاصيل والطعام، تمر على الشاشة بكل قسوتها. الأطفال الإناث لديهم حظ أفضل للحياة بغية بيعهن لمن يشتري حين يكبرون. الغابة التي تحيط بالقرية لا تقل قسوة. جمالها الأخضر قاسٍ. الحشرات والأفاعي منتشرة فيها ويستخدمها إيمامورا كرموز يقطع إليها كثيراً لإظهار لا الخطر والقسوة فقط، بل لتماثل حب الحياة لديها مع تلك التي لدى الإنسان.

الجميع مشترك في صراع حياة وموت وبطلة الفيلم (أو محوره تحديداً) هي المرأة العجوز ذات التاسعة والستين من العمر. تؤديها الممثلة سوميكو ساكاموتو بكل ما أوتيت من رغبة في تجسيد حي لعمرها ووضعها العائلي. هي الأم التي تقطف النباتات وتطبخ وتغسل وتنظّف وترشد الأبناء (رجال راشدون) إلى ما يجب القيام به. لكن كل شيء في تلك القرية محكوم بالرغبة في البقاء على قيد الحياة. وهذا التقليد يعني التخلص كذلك من الكبار سنّاً بنقلهم إلى أماكن جبلية وعرة، وتركهم هناك ليموتوا وحيدين ومنعزلين. هذه الأم لن تكون بمعزل عن هذا التقليد على الرغم من حب ابنها الأكبر لها. يحملها، في ربع الساعة الأخيرة من الفيلم، فوق كتفيه ويصعد بها جبالاً ويجتاز صخوراً وودياناً وصولاً إلى حيث سيتركها لكي تموت.

«أغنية ناراياما» فيه مواقف آسرة التنفيذ والتصوير يتقاسم حضورها الإنسان والطبيعة. هي آسرة بجمالها وبحسن إخراجها ومخيفة لوحشيّتها وعنفها الإنساني.

صوّر إيمامورا المشاهد الداخلية في الاستوديو مع ما يحيط بالمنازل الخشبية من نباتات وحيوانات. لكنه صوّر كذلك الطبيعة في بعض المضارب اليابانية الجميلة والموحشة معاً. الفصل الأخير يترك تأثيراً بالغاً في الذات ويختم دراما على قدر كبير من عنف الدلالات.


دي نيرو وديكابريو... من فاز على الآخر في الأداء؟

روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)
روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)
TT

دي نيرو وديكابريو... من فاز على الآخر في الأداء؟

روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)
روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)

إذا كنت ستنتظر إلى أن تعرض منصّة «آبل» «قتلة فلاور مون» (Killers of the Flower Moon) على الأثير فإنك لن تتمتّع بكل ما في فيلم مارتن سكورسيزي الجديد من مساحات فضاء وأعماق شخصيات ورحلات في الأزمنة والأماكن.

فيلم مارتن سكورسيزي الواحد والأربعون مصنوع على طريقة معظم أفلامه الروائية: حكاية متسعة لشخصيات كثيرة وأفعال أكثر وإجادة في تلوين الأحداث بالمواقف ذات الرؤيا. إلى ذلك هو نوع من الوسترن الذي يحتفي بالمكان على شاشة عريضة وفي أحداث تعود إلى تاريخ معين (1922) مما يشكّل ثروة بصرية للمُشاهد إذا ما اختار متابعة الفيلم على الشاشة العريضة. والشركتان المنتجتان باراماونت و«آبل» ستعرضان الفيلم انطلاقاً من السادس من أكتوبر (تشرين الأول) على نحو محدود في الولايات المتحدة ثم في العشرين من الشهر ذاته على نطاق واسع قبل أن يتوجه إلى عروض النت في الشهر التالي على الأرجح.

بداية شبيهة بأخرى

المشكلة في العروض السينمائية هي أن الفيلم يقارب الأربع ساعات. هي تمضي بالنسبة للمشاهدين كما لو كانت في ساعتين ونصف نظراً للأحداث المتابعة وذات الإيقاع المتناسق، لكن الأزمة هي أن سكورسيزي بالفعل لم يكن بحاجة إلى كل هذا الوقت لعرض فيلمه. هناك وقت طويل يمضي في الاستفاضة حول مفارقات درامية كان تم تداولها من قبل. من بين ذلك، الفترة الزمنية التفصيلية المنصرفة على العلاقة بين ليوناردو ديكابريو وليلي غلاستون. هو الزوج الذي يحب المال أكثر من حبّه لامرأته، وهي الزوجة التي تعتقد أنه يحبها أكثر مما يحب المال.

‫الحكاية واقعية منسوجة من كتاب لديفيد غران كُتب كتقارير وصفية وليس كرواية سنة 2017. غران صحافي من فريق مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية وهو وضع كتاباً كاشفاً عن سلسلة من الجرائم التي وقعت في ولاية أوكلاهوما في مطلع العشرية الثانية من القرن الماضي وسُجلت على أساس أنها جرائم انتحار. في الواقع يبدأ سكورسيزي فيلمه بنماذج منها. أشخاص غامضون يقتلون رجالاً من قبيلة أوساج الهندية. هذه البداية شبيهة ببداية فيلمه الشهير Goodfellas الذي عمد فيه إلى تصوير سقوط ضحايا عمليات مافياوية في نيويورك. الفارق أن الأحداث التي يتناولها في «قتلة فلاور مون» وقعت بالفعل ولو أنها سُجلت كحوادث انتحار عبر «شريف» البلدة المرتشي. أسبابها، كما يكشف الكتاب والفيلم، أن القبيلة، التي تم ترحيلها من موطنها السابق في ولاية كنساس وإسكانها ولاية أوكلاهوما، اكتشف النفط تحت أقدامها في موطنها الجديد.‬

عرف أفرادها الثراء المفاجئ، وهذا ما تسبب في حسد أبناء البلدة وما دفع الحكومة للتواطؤ مع بعض النافذين لإصدار قرار غريب من نوعه يعتبر أن الأوساج ليسوا مؤهلين لاستثمار أموالهم وأنهم بحاجة لمرشدين لذلك.

ويليام هايل (Hale)، كما يؤديه روبرت دي نيرو، أحد الذين اعتبروا أن هذا الثراء يجب ألا يكون من نصيب «ذلك العنصر» (That race) كما يقول في أحد المشاهد وعبر أذرعه النافذة يرسل من يقتل أثرياء القبيلة بينما يتظاهر بحبه لهم ومودّته وكل ما من شأنه استمرار خداعهم.

إلى هذا المكان يصل أرنست (ليوناردو ديكابريو) باحثاً عن عمل عند عمّه ويليام. العلاقة مع عمّه بدأت، عائلياً، طبيعية من حيث إنه لم يكن يدري ما يخبّؤه عمّه له. يلاحظ العم أن ابن أخيه يرمق امرأة هندية ثرية اسمها مولي (ليلي غلادستون) بإعجاب. يدفعه للزواج منها ليس لأنه يكترث للتوفيق بين عاشقين، بل لأنه إذا ما قتل والدتها ثم قتل شقيقتها ثم قتلها فإن الثروة ستقع بين يدي أرنست وبالتالي بين يديه هو.

قتل مباح

لا داعي لتفاصيل كثيرة لولا أن تحليل هذا العمل لا يمكن أن يتم إلا بإيضاح، لكن التركيبة الدرامية المذكورة تأتي كاملة في نصف الساعة الأولى من الفيلم ولدى المشاهد نحو ثلاث ساعات أخرى من التفاصيل. ذلك الزواج يمشي حسب المقرر له وعندما يُطلب من أرنست أن يتسبب في موت بطيء لزوجته يقبل الأمر، ومع انحدار صحتها وإشرافها على الموت، يزداد الوضع البائس الذي يواجهه أرنست بالانصياع أكثر وأكثر لعمّه. يستمر هذا لما بعد وصول رجال الأف بي آي (يقودهم الجيد جسي بليمونز) للتحقيق ووضع حد للقتل المباح.

أرنست لا يتوقف عن الكذب على زوجته. الغنيمة تعميه وعمّه لا يمكن عصيانه لكن تورّطه في خطتّه كما في توجيه أزلام لتنفيذ عمليات قتل تنكشف للمحققين.

ديكابريو مع ليلي غلادستون (باراماونت)

بعد المشهد الأخير من الدراما يفتح سكورسيزي على مشهد لمسرح إذاعي يتم فيه تقديم ما آلت إليه شخصيات الفيلم الأساسية. هذا الاستخدام بديل لما اعتادت السينما تقديمه عبر كلمات تشرح مآلات الشخصيات مطبوعة على شاشة سوداء. الطريقة الجديدة تستخدم أيام الراديو عن طريق ممثلين يروون على خلفية مؤثرات سمعية (بوق سيارة، حوافر حصان، جرس باب... إلخ). ثم ها هو سكورسيزي نفسه يضع الكلمة الأخيرة على كل شيء وتسدل الستارة عليه.

إنها خاتمة جديدة بالفعل لكنها تترك مذافاً كوميدياً على المأساة التي أمضى المخرج تلك الساعات لتعميقها. في الأساس لا يتجنّب المخرج الدفاع عن مصير تلك القبيلة وما شهدته من ظلم وخداع. الأشرار هم كل البيض في الفيلم (باستثناء المحققين). ما دام هذا مقتبس من وقائع لا بأس، خصوصاً وأن المواطنين الأصليين لأميركا عوملوا منذ وصول كولمبوس لسواحل القارة الشرقية كما لو أنهم مجموعات متوحشة تستحق السطو على أراضيهم وقتلهم ونقلهم من مكان إلى آخر لتوسيع مساحات الاستيطان خصوصاً إذا ما كانت القبائل تعيش فوق ركام من الذهب والفضّة.

موسيقى روبي روبرتسون تكاد تنطق حواراً من شدّة امتزاجها بواقعية الفترة والمكان. سبق لروبرتسون أن وظّف موسيقاه في فيلمين لسكورسيزي هما The Wolf of Wall Street سنة 2013 وThe Isrishman في 2019. بالإضافة إلى ذلك، استعان الفيلم بأغاني بلوز من الفترة من أمثال فرد ماكدووَل وصن هاوس وبلايند ليمون جفرسون.

أزمة ديكابريو

فيلم سكورسيزي يواصل ما بدأه من قبل في أفلامه عموماً: يروي الحكايات من وجهة نظر الجلادين أو القتلة وليس من وجهة نظر الضحايا. وحدها غلادستون، في دور الزوجة، تعبّر هنا عن تراجيديا الجشع والعنصرية، لكن الواجهة الأساسية لا تزال ملكاً للشريرين روبرت دي نيرو وليوناردو ديكابريو، المقارنة بينهما على صعيد الأداء تشي بأن كلاً منهما لجأ إلى ما ينص عليه الدور: دي نيرو يمتلك الدراية لتبوؤ الشخصية المهيمنة والتسلّط ولجعل نفسه مكروهاً. ديكابريو يؤدي شخصية المغلوب على أمره والتائه ما بين ضمير يموت وجشع يرتفع لكنه لا يملك كيفية جعل نفسه مكروهاً. يتوقع المرء هنا أن يصحو من أفعاله، لكن تكرار وقفاته المتسائلة عن أخلاقية ما يقوم به تفرّغ مشكلته من داخله ليبقى التمثيل. قد يكسب تعاطفاً، لكن هذا التعاطف يذبل تدريجياً من دون أن يبلور الممثل وضعه حيال ما يؤديه على نحو كامل.

في نواحٍ أخرى من هذا العمل، ولجانب إخفاق مشهد النهاية في إيداع رسالة الفيلم في الإطار الصحيح، هناك إخفاق في دفع الأحداث إلى تشويق فعّال. طبعاً لا ننسى أن الفيلم وسترن، إلى حد (لكنه ليس فيلم أكشن عن الهنود الحمر والجنود الزرق ولا هو فيلم رعاة بقر) وسكورسيزي لا يعالجه على هذا الوضع، وهذا اختيار لا غُبار عليه. لكن هذا لا يعفي الفيلم من طريقته في دفع الأحداث صوب مستوى من التشويق، خصوصاً مع وجود تلك المناطق التي يبدو فيها الفيلم وهو يكرر مفاداته. ربما حقيقة أن الفيلم مقتبس عن كتاب غير روائي يلعب دوراً في ذلك، لكن حتى هذا يبرر غياب أي تشويق فعّال أو أي غموض كان يمكن استخدامه لمنح الدراما بعض المفاجآت.

تساءل هذا الناقد عما سيكون الفيلم عليه لو أن فرنسيس فورد كوبولا أو برايان دي بالما أو كلينت إيستوود أو مايكل مان هو من أخرج الفيلم. وفي كل الأحوال يجب ألا ننسى أن الراحل حديثاً مايكل أبتد أنجز فيلمين مثاليين في تعاملهما مع أوضاع مشابهة هما «ثندرهارت» (thunderhart) و«حادثة في أوغالا» (‪(‬ncident at Olgala وكلاهما في سنة 1992.

الأول خيالي حول فل كيلمر يحقق في جريمة قتل المتهم فيها هندي، والثاني تسجيلي حول أحداث وقعت سنة 1975 عندما تسبب تصدي الـ«إف بي آي» ومضايقتهم لهنود ولاية داكوتا الجنوبية في مقتل إثنين من المحققين. كلا هذان الفيلمان حملا معاً الواقعية من ناحية والحدة من ناحية أخرى وتم بناؤهما للكشف عن مأساة المواطنين الأصليين لأميركا على نحو جيد وواضح.


دي نيرو يقارن شخصيته الشريرة في «كيلرز أوف ذي فلاور مون» بترمب

الممثل الأميركي روبرت دي نيرو (رويترز)
الممثل الأميركي روبرت دي نيرو (رويترز)
TT

دي نيرو يقارن شخصيته الشريرة في «كيلرز أوف ذي فلاور مون» بترمب

الممثل الأميركي روبرت دي نيرو (رويترز)
الممثل الأميركي روبرت دي نيرو (رويترز)

رأى النجم الأميركي روبرت دي نيرو، في تصريح أدلى به (الأحد)، على هامش مهرجان كان السينمائي، أنّ الشخصية التي يؤديها في فيلم «كيلرز أوف ذي فلاور مون» تنطوي على الشر نفسه الذي يظهره الرئيس السابق دونالد ترمب.

ويتشارك النجم البالغ 79 عاماً مع ليوناردو دي كابريو بطولة «كيلرز أوف ذي فلاور مون» الذي شهد مهرجان كان السينمائي، (السبت)، عرضاً أول له، ووقعه المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي.

ويؤدي دي نيرو في الفيلم الذي تدور أحداثه في عشرينات القرن الفائت وسط قبيلة أوساج من السكان الأصليين، دور ويليام هيل الذي ينال ثقة أفراد القبيلة قبل أن ينخرط في جرائم قتل عدة بهدف الاستيلاء على النفط في أرضهم.

وقال دي نيرو للصحافيين على هامش مهرجان كان السينمائي: «لا أفهم الكثير عن هذه الشخصية ولماذا خانت» أفراد أوساج، مضيفاً: «لكننا بتنا أكثر وعياً بعد مقتل جورج فلويد»؛ في إشارة إلى الرجل الأسود الذي قُتل بيد شرطي أبيض في حادثة أشعلت احتجاجات ما يُعرف بحركة «حياة السود مهمة».

وتابع: «إنها تفاهة الشر، وهو ما يجب أن ننتبه إليه. كلنا ندرك عمّن أتحدث، لن أقول اسمه».

لكن بعد لحظات، قال دي نيرو ضاحكاً: «الأمر مشابه لما حصل مع ترمب... كان علي أن أذكر اسمه»، مضيفاً: «ثمة أشخاص يعتقدون أنّ ترمب قادر على إنجاز ما هو جيّد. تخيّلوا أي جنون هذا».


احتفاء كبير بفيلم سكورسيزي «قتلة زهرة القمر» في مهرجان كان

روبروت دي نيرو ومارتن سكورسيزي وليوناردو دي كابريو في مهرجان كان (رويترز)
روبروت دي نيرو ومارتن سكورسيزي وليوناردو دي كابريو في مهرجان كان (رويترز)
TT

احتفاء كبير بفيلم سكورسيزي «قتلة زهرة القمر» في مهرجان كان

روبروت دي نيرو ومارتن سكورسيزي وليوناردو دي كابريو في مهرجان كان (رويترز)
روبروت دي نيرو ومارتن سكورسيزي وليوناردو دي كابريو في مهرجان كان (رويترز)

خطف نجوم فيلم «كيلرز أوف ذا فلاور مون» (قتلة زهرة القمر) للمخرج‭‭ ‬‬الأميركي مارتن سكورسيزي، الأنظار على السجادة الحمراء بمهرجان كان السينمائي، الذي يشهد العرض الأول للفيلم المدجج بالنجوم.

واستقبل النقاد والجمهور الفيلم، الذي تبلغ مدة عرضه 3 ساعات و26 دقيقة، مساء (السبت) بحفاوة بالغة ونال تصفيقاً حاراً من الحاضرين استمر 9 دقائق.

وقال سكورسيزي بعد العرض: «كانت هذه تجربة مؤثرة، لا أعتقد أنني مررت بشيء من هذا القبيل من قبل»، كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

والفيلم مأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه وحققت مبيعات قياسية. وتدور أحداثه حول عدة جرائم قتل في عام 1920 تستهدف أمة أوسيدج الغنية بالنفط في أوكلاهوما في عشرينات القرن الماضي.

يشترك في بطولة الفيلم نجما هوليوود ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو إلى جانب جيسي بليمونس وبرندان فريزر وجون ليثجو وليلي جلادستون.

ولن ينافس الفيلم في «كان»، رغم أن مدير المهرجان تيري فريمو، قال إنه وجه دعوة لصناع الفيلم للمشاركة في سباق السعفة الذهبية بعد أن وافقت شركة «أبل» على عرضه في دور العرض قبل عرضه عالمياً.

ويعد الاستقبال الحار في المهرجان إشارة جيدة بالنسبة لشركة «أبل أوريجينال» للأفلام، التي أفادت بأنها منحت سكورسيزي ميزانية قدرها 200 مليون دولار لتحويل الكتاب الصادر في عام 2017 ويحمل الاسم نفسه إلى فيلم سينمائي.

تيم كوك المدير التنفيذي لشرك «أبل» عقب عرض فيلم «كيلرز أوف ذا فلاور مون» في مهرجان كان (إ.ب.أ)

واشتركت «أبل» مع «باراماونت بيكتشر» لعرض الفيلم حصرياً في دور العرض في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) قبل عرضه عالمياً، وهو أحد الشروط المسبقة للسماح للفيلم بالمنافسة في مهرجان كان.

ويقام مهرجان كان السينمائي في شهر مايو من كل عام في مدينة كان الفرنسية، ويعد واحد من أهم مهرجانات السينما الأوروبية إلى جانب فينيسيا وبرلين، وحمل الملصق الدعائي لنسخة هذا العام صورة الممثلة الفرنسية كاترين دينوف التي سبق وأن حصلت على جائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان في عام 2005.


وزير الثقافة السعودي يبحث تطلعات صُنّاع الأفلام

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة لدى لقائه صُنّاع الأفلام السعوديين في كان الفرنسية (واس)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة لدى لقائه صُنّاع الأفلام السعوديين في كان الفرنسية (واس)
TT

وزير الثقافة السعودي يبحث تطلعات صُنّاع الأفلام

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة لدى لقائه صُنّاع الأفلام السعوديين في كان الفرنسية (واس)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة لدى لقائه صُنّاع الأفلام السعوديين في كان الفرنسية (واس)

التقى الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، في مدينة كان الفرنسية، الخميس، بعدد من صُنّاع الأفلام السعوديين، وذلك خلال زيارته جناح المملكة المشارك في الدورة 76 من مهرجان كان السينمائي الدولي.

واستمع الوزير إلى تطلعاتهم تجاه القطاع، وتطورات مشاريعهم السينمائية، وأبرز الاحتياجات التي ستمكنهم من تقديم صناعة وطنية إبداعية، كما جرت مناقشة الموضوعات المتعلقة بصناعة الأفلام في السعودية والعاملين فيها، فضلاً عن تحدياتها، والمقترحات والحلول التي يمكن أن ترتقي بها.

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يزور جناح السعودية في مهرجان كان السينمائي (واس)

من جانب آخر، شهد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، توقيع الصندوق الثقافي السعودي، في كان، الخميس، اتفاقية من حيث المبدأ مع شركتي «ميفيك كابيتال» و«رؤى ميديا فينتشرز» لإنشاء أول صندوق استثماري في قطاع الأفلام بقيمة 375 مليون ريال سعودي (100 مليون دولار).

ويسهم الصندوق الثقافي كمستثمر رئيسي بنسبة 40 في المائة من قيمة الصندوق الاستثماري في قطاع الأفلام بالسعودية، بهدف الاستثمار في شركاته ومشروعاته أو توفير التمويل اللازم لها، وبناء شبكة من المرشدين، ورواد الأعمال، وخبراء التوزيع لدعم الشركات، والتأكد من إدارة مخاطر المحافظ الاستثمارية في القطاع بأفضل الممارسات.

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان يشهد توقيع اتفاقية إنشاء أول صندوق استثماري في قطاع الأفلام (واس)

وتمثل هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة السعودية في المهرجان، الذي يستمر حتى 26 مايو (أيار) الحالي، وذلك عبر جناح يضم نخبة الجهات المحلية في قطاع السينما، إلى جانب مجموعة من صُنّاع الأفلام؛ بهدف تعزيز وجود الرياض في المحافل السينمائية الدولية، والترويج للقطاع، والفرص الاستثمارية التي يقدمها للمهتمين بهذا المجال، وبناء الشراكات الدولية.

ويشهد المهرجان في دورته الحالية حضوراً سعودياً بارزاً من خلال إطلاقات لبرامج نوعية، وكان أولها إطلاق الصندوق الثقافي برنامج الاستثمار في الأفلام بقيمة 300 مليون ريال (80 مليون دولار)، ضمن مبادرة تمويل القطاع، ويستهدف تحفيز الاستثمار في مشروعات إنتاجها وتوزيعها بالسعودية، من خلال دعوة مديري الصناديق المحليين والدوليين للإسهام في جهود الصندوق والاستثمار في القطاع؛ لدعم إطلاق مشروعات تثري المشهد الثقافي، وتخلق بيئة جاذبة لصنّاع الأفلام المحليين والأجانب، وتسهم بصورة فاعلة في دعم تلك المشروعات، وتطوير البنية التحتية.

محمد بن دايل الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي يعلن عن البرنامج الاستثماري على مسرح مهرجان كان السينمائي (واس)

 


بطل سلسلة «إنديانا جونز» يؤكد حبه لـ«التقدم في السن»

الممثل الأميركي هاريسون فورد (رويترز)
الممثل الأميركي هاريسون فورد (رويترز)
TT

بطل سلسلة «إنديانا جونز» يؤكد حبه لـ«التقدم في السن»

الممثل الأميركي هاريسون فورد (رويترز)
الممثل الأميركي هاريسون فورد (رويترز)

قال الممثل الأميركي هاريسون فورد (80 عاماً) إنه يحب «التقدم في السن»، وذلك في أثناء وجوده بمهرجان «كان» السينمائي بفرنسا في نسخته الـ76؛ لتقديم أحدث أفلام «إنديانا جونز» الذي يستعيد فيه ملامح الشباب بفضل مؤثرات خاصة.

وأضاف فورد خلال مؤتمر صحافي «لا ألتفت إلى الوراء وأقول لنفسي: أرغب في أن أعود هذا الشاب الذي كنته يوماً، لأن الأمر لن يحصل، أحب التقدم في السن، عيش مرحلة الشباب كان أمراً جيداً جداً، لكن بالحق كان يمكن أن أكون ميتاً، لكنني مسنّ فقط».

ولا يعتزم النجم السينمائي هاريسون فورد الذي حصل على سعفة ذهبية فخرية بصورة مفاجئة قبل العرض الرسمي للفيلم مساء (الخميس) التقاعد بعد هذا الوداع لشخصية «إنديانا جونز»، أشهر أدوار مسيرته الطويلة بجانب شخصية هان سولو في سلسلة «حرب النجوم». وأكد استمراره في المشاركة بمسلسلي «1923» عبر منصة «باراماونت بلاس» و«شرينكينغ» عبر «أبل تي في».

من جهتها، قالت كاثلين كينيدي، رئيسة شركة «لوكاس فيلم» التابعة لـ«ديزني» والمالكة لحقوق سلسلة «إنديانا جونز» إن هذه الاستوديوهات لن تستعين مستقبلاً بالمؤثرات الخاصة لإعادة هاريسون فورد على الشاشة بدور عالم الآثار الشهير.

ويُطرح فيلم «إنديانا جونز أند ذي دايل أوف ديستيني» نهاية يونيو (حزيران) في صالات السينما الأميركية والعالمية.

وتبدي هوليوود اهتماماً متزايداً بهذا النوع من الأعمال التي تتضمن ما يوصف بعمليات تجميل رقمية، التي تبدو مقنعة بدرجة كبيرة؛ خصوصاً في هذا الجزء الخامس من السلسلة التي يستعيد فيها فورد دور عالم الآثار الشهير للمرة الأخيرة.


شاشة الناقد: الصراع على الأرض والمجرّات

  كريس برات يحرس المجرّات (مارڤل ستديوز)
كريس برات يحرس المجرّات (مارڤل ستديوز)
TT

شاشة الناقد: الصراع على الأرض والمجرّات

  كريس برات يحرس المجرّات (مارڤل ستديوز)
كريس برات يحرس المجرّات (مارڤل ستديوز)

Gurdians of the Galaxy‪-‬ Vol‪.‬ 3 ***

الصراع على الأرض والمجرّات

مثل سواه من أفلام السوبرهيروز، يأتي هذا الجزء في أعقاب ما سبق من أجزاء (اثنان بالنسبة لهذا المسلسل). الحكاية غير متّصلة بما سبق لكن الشخصيات ذاتها. وجدت نفسي خلال العرض أتذكّر ما كانت عليه قصّة الجزء الثاني، لكن ذلك كان مستحيلاً، فكل أفلام الكوميكس تدور في حلقات متشابهة. أبطال بقدرات خارقة يكتشفون وجود أشرار بقدرات مشابهة (أو أقوى) يحاولون إما احتلال كوكب الأرض أو تدميره. يتصدى الأبطال للأشرار. يكاد الأبطال يخفقون، لكنهم أسرى النهاية السعيدة في كل الأحوال. لعل الاختلاف الوحيد هنا هو أن الصراع يدور حول من سيمتلك المجرّات الفضائية أيضاً.

يأتي الجزء الثالث من «حراس المجرّات - 3» بعد ست سنوات من الجزء الثاني، لكن حتى لو جاء بعد عام واحد، فإن احتمال تذكّر حكاية ذلك الجزء ليست سهلة بسبب كل تلك الأحداث المشابهة من ناحية والشخصيات الغزيرة التي تحتويها. هنا لدينا دراكس (ديف بوتيستا) ومانتس (بوم كليمنييف) وروكب (برادلي كوبر) وكوزمو (مريا باكالوفا) ويونغ روكيت (شون غن) وستار لورد (كريس برات) وآخرون.

أبطال هذا الفيلم يعيشون بسلام في مكان خاص بهم على سطح الأرض عندما يتعرّضون لهجوم من فوق. لديهم طريق واحد أمامهم وهو الدفاع عن أنفسهم ضد الغزاة لكن هناك - بالطبع - مصاعب تحول دون ذلك. بعد الساعة الأولى أو نحوها سيستعيد رجال ستار لورد ونسائه المبادرة وترتفع رايات المؤثرات البصرية والخاصّة لكي تشعل الشاشة بالمعارك الفانتازية تماماً كما يتوقع المُشاهد المتيّم بهذا النوع أن يحدث.

الفيلم سهل السرد تشوبه بعض المواقف الفكهة وتعتري شخصياته حميمية التواصل والألفة. المخرج جيمس غَن يعرف ملعبه متراً متراً، والنوع الذي يمارسه ليس جديداً عليه. هو أفضل من سواه بمسافات بعيدة، لكن تلك المحاولة لمنح بعض أبطاله جوانب درامية (كالبحث عن هوية لمخلوقات نصفها بشري والنصف الآخر وحشي) لا تنجح في تشكيل اهتمام فعلي إذا كان ذلك هو المقصود.

Fast X **

عودة «فاست عشرة» إلى «فاست خمسة»

للحلقة العاشرة من مسلسل Fast and Furious التي يخرجها لويس لتريير، فتح المنتجون الذين صاحبوا أفلام هذه السلسلة، وبينهم فِن ديزل بطل هذا المسلسل، أدراجهم وعادوا إلى جزء سابق ليستوحوا منه حكاية هذا الفيلم. الجزء كان الخامس في عداد السلسلة وجاء تحت عنوان Fast Five (أخرجه جوستن لِن سنة 2011) وحكى قصّة واحد من كبار تجار المخدّرات البرازيليين، الذي يملك جيشاً من المرتزقة لتأمين تجارته، لكن دومينيك توريتو (هذا ديزل) وفريقه (من بينهم بول ووكر كان لا يزال حيّاً وتاريز غيبسون الذي ما زال ضمن الفريق) يعترضون طريقه وتدور تلك المعارك، التي تؤدي إلى مقتل التاجر الكبير.

القصّة الجديدة هي أن ابنه ورث «بزنس» أبيه، والرغبة في الانتقام من ديزل وشلّته وهو الآن أصبح ندّاً خطراً على الجميع. أي واحد شاهد خمسة أفلام من هذا النوع في حياته سيعلم من سيخرج رابحاً في النهاية.

*: ضعيف| * * : وسط| ***: جيد | ****: ممتاز | *****: تحفة


سنوات السينما: «لا خروج»... استنساخ الوجودي سارتر بنجاح

 مشهد من نسخة جاكولين أودري لفيلم مارسيو
مشهد من نسخة جاكولين أودري لفيلم مارسيو
TT

سنوات السينما: «لا خروج»... استنساخ الوجودي سارتر بنجاح

 مشهد من نسخة جاكولين أودري لفيلم مارسيو
مشهد من نسخة جاكولين أودري لفيلم مارسيو

وضع جان - بول سارتر مسرحية «لا خروج» سنة 1944 وتم تقديمها على الخشبة في فرنسا والولايات المتحدة في العام ذاته.

هي حكاية ثلاثة أشخاص يدخلون الجحيم معتقدين أنها نار وعذاب. يفاجأون بأنها ليست كذلك، بالنسبة إليهم على الأقل.

هي شخصيات لها ذنوبها الدنيوية بلا شك لكنها لم تكن تعرف بعضها بعضاً قبل أن تجد نفسها في غرفة رحبة دَخلوها بمعية وصيف يطلعهم على القوانين ويجيب عن بعض أسئلتهم ثم يتركهم يتحدّثون عما فعلوه في حياتهم على الأرض، مما تسبب الآن في دخول غرفة لا يستطيعون مغادرتها ولا نوافذ فيها. كل من الرجل والسيدتين لديه ما يرويه وما سيتذكّره مما يعتبره ذنوباً وآثاماً اقترفها في حياته.

بعد عشر سنوت قامت المخرجة الفرنسية جاكولين أودري بتحقيق نسخة سينمائية عن المسرحية مدفوعة بمنهجها المنضوي على نقل الأعمال الأدبية (روائية أو مسرحية) إلى الشاشة. أودري كانت أول مخرجة أنثى تحقق نجاحات تجارية بعد تحرير فرنسا من النازية. وما قامت به حيال «لا مخرج»، هو إضافة شخصيات متعددة ومشاهد متوالية تسبق التمحور حول الشخصيات الثلاث.

كذلك من الاختلافات قيامها بالاستغناء عن الأجواء الداكنة للمسرحية. ففي المسرحية (كما شاهدها هذا الناقد مصوّرة بكاميرا) داكنة وتبدأ في حوار بين رجلين هما المذنب والوصيف.

بعد عشر سنوات أخرى تصدّى الكاتب البريطاني هارولد بينتر للمسرحية. مشاهدة الفيلم تكشف اتجاهاً ثالثاً في رصف الأجواء، فبينما المسرحية تدور في جو داكن، كما سبق القول، وبينما نسخة أودري معالجة بتوسع وتمييز بصري بعيداً عن شروط المسرح، جاءت نسخة بينتر أمينة للمسرحية. الاختلاف أن المخرج لهذا الإنتاج هو فيليب لاثروب، الذي عمد إلى أسلوب تجريبي بلقطات مؤطرة أحياناً أو بلقطات «كلوز أب» مائلة لأبطال الفيلم.

في سنة 1962 استهوت المسرحية المخرج البولندي تاد دانياليوفسكي، فحقق عنها فيلماً بعنوان «الخاطئون يذهبون إلى الجحيم» (Sinners Go to Hell). هنا نجد نوعاً من الصراع بين أمانة النص والرغبة في كسر قوانين المسرح باستخدام أسلوب الفلاشباك.

بين كل هذه الاستنساخات تبقى نسخة المخرجة أودري (الصورة) الأكثر جودة فنية وذات ابتكار ما يساعد الفيلم على محو الحواجز بين قوانين المسرح وقوانين السينما.