محمد المجذوب لـ«الشرق الأوسط»: عاطفتي لحظة التلحين أترجمها رأساً في النغمة

اختارته المنظمة الدولية لحقوق الإنسان سفيراً للشباب

يحضّر المجذوب لأعمال غنائية جديدة من ألحان محمد حيدر (المكتب الإعلامي للفنان)
يحضّر المجذوب لأعمال غنائية جديدة من ألحان محمد حيدر (المكتب الإعلامي للفنان)
TT

محمد المجذوب لـ«الشرق الأوسط»: عاطفتي لحظة التلحين أترجمها رأساً في النغمة

يحضّر المجذوب لأعمال غنائية جديدة من ألحان محمد حيدر (المكتب الإعلامي للفنان)
يحضّر المجذوب لأعمال غنائية جديدة من ألحان محمد حيدر (المكتب الإعلامي للفنان)

عندما تلقى الفنان محمد المجذوب نبأ اختياره سفيراً للشباب من قبل المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، اختلطت عليه مشاعر الحزن والفرح. ويوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أستوعب الأمر للوهلة الأولى. فرحتي كانت كبيرة، وبان ذلك على ملامح وجهي. ولكن ما لبثت أن فكّرت بالمسؤولية التي يحمّلني إياها هذا اللقب. فهو سيف ذو حدّين كونه تم اختياري من بين أعدادٍ من الفنانين العرب. ومن ناحية ثانية لأنه يزودني بعبء كبير في التعامل معه بمسؤولية».

وبذلك تكون المنظمة الدولية لحقوق الإنسان (IOHR) واللاجئين قد حسمت خيارها، واختارت المجذوب سفيراً للشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام كامل. وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية المُنظّمة التي تسعى إلى تمكين الشباب وتعزيز مُشاركتهم في القضايا الإنسانية، وإلى إيمانها العميق بأن للفنّ دور محوري في نشر ثقافة السلام والتغيير الإيجابي في المجتمعات.

ينصح المواهب الشابة بأن تتعلّم العزف على آلة موسيقية (المكتب الإعلامي للفنان)

ويشرح المجذوب: «سأركّز في مهماتي على قضايا اللاجئين ومشكلاتهم. فأقدم لهم الدعم المطلوب في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها. قد تكون نسبة قليلة من الناس مطلعة على معاناة هؤلاء. ولكنني أعرف عن قرب كل الصعوبات التي يعانون منها. حتى إني وقبل أن أحوز على هذا اللقب انشغلت كثيراً بالموضوع. فكنت حاضراً لأي مساعدة أستطيع أن أقدمها لهم».

وعن طبيعة المهمات التي سيقوم بها يقول: «عليّ إيصال صوت المنظمة لأكبر عدد من الناس من خلال فنّي. وأستطيع الركون إلى أسماء فنانين أو شخصيات معروفة تشاركني مهماتي. فندعم معاً أهداف المنظمة ونوسّع حجم انتشارها. وقد تكون أولى المهمات التي ستوكل إليّ تدور في فلك دعم طلاب المدارس وتمكينهم».

الفنان محمد المجذوب يتسلم لقبه من منظمة حقوق الإنسان الدولية (المكتب الإعلامي للفنان)

ولكن ألم يتساءل محمد المجذوب عن سبب اختياره لهذه المهمة؟ يردّ: «هذا السؤال يجب توجيهه للمنظمة المذكورة وليس لي. ولكن وبمراجعة سريعة لنفسي أعلم جيداً بأن تركيبتي الفنية والشخصية أسهمت بذلك. فأنا أملك خلفية ثقافية موسيقية لا يستهان بها. درستها وتعمقت بها وأنحاز لا شعورياً للموسيقى الإبداعية التي تحمل القيمة والكلمة الحلوة. لم يسبق أن غنّيت موضوعات سخيفة أو لحقت بـ(ترند) الأعمال من دون المستوى المطلوب. كما أني أحرص على التعاطي مع الآخرين باحترام. ولا يصدر عني تصريحات أو انتقادات تطال زملاء المهنة. وأعتقد بأن كل ذلك بنى عند المنظمة فكرة واضحة عن شخصيتي. فالجانب الإنساني فيها غير ملوّث».

أولى اهتماماته ستتعلق باللاجئين ومعاناتهم (المكتب الإعلامي للفنان)

وعن رأيه بالساحة اليوم، يقول في سياق حديثه: «الساحة تعيش لخبطة لافتة ومحورها قطبان أساسيان؛ الأول يدور حول مستوى الأغنيات الجيّد، والثاني الميل نحو الفن غير الراقي. وأحزن عندما أسمع أغنية غير مفهومة بلحن أقل من عادي ومستوحى من آخر معروف».

يُبدي محمد المجذوب إعجابه بالفنان فضل شاكر الذي حققت أعماله الأخيرة نجاحاً ملحوظاً. «أدرك جيداً بأنه ليس عبد الوهاب، ولكنه يوصل إحساسه بتقنية وأسلوب رائعين، فيخترق قلب مستمعه بسرعة. وأنا من محبذي هذا النوع من الأغنيات ومن جمهوره».

اللقب الذي حصل عليه محمد المجذوب من قبل منظمة حقوق الإنسان وشؤون اللاجئين يعدّ الأول الذي يحمله أحد الفنانين اليوم. فغيره سبق ونال ألقاباً مشابهة تصب في خانة «سفير النوايا الحسنة». ولكن لم يسبق أن حمل مثله لقب «سفير الشباب».

ويختم في هذا الموضوع: «هذا اللقب سيعطيني الفرصة لأكون صوت الناس. هناك أفكاراً كثيرة أرغب في تحقيقها، ولكن كل شيء سيأتي في أوانه. وما أستطيع تأكيده أن أي مهمة سأقوم بها ستبنى على المساعدة. وإن كانت اجتماعية، ومادية، وإنسانية وغيرها. واللاجئ السوري سيشكّل أولوياتي في هذا الموضوع».

من ناحية ثانية، يتحدّث المجذوب عن أغنيته الأخيرة «رجّعت الروح». وهي من ألحانه، ومن كلمات الشاعر محمد حيدر. وبالنسبة له فهو يعدّها قريبة جداً من قلبه. ويستطرد: «عندما أقوم بتلحين أغنية ما أدقق كثيراً بتفاصيلها، فتولد من نوتات وجمل لحنية ترتكز على أحاسيسي ومشاعري. فالعاطفة التي تجتاحني لحظة التلحين أترجمها رأساً في النغمة. ولذلك أعدّ (رجّعت الروح) قريبة إلى قلبي؛ لأنها تمثّل جزءاً مني. والنوتة الموسيقية بالنسبة لي تسهم في حبي وتفضيلي لأي أغنية».

سأركّز في مهمتي على قضايا اللاجئين ومشكلاتهم

يستعد محمد المجذوب لإصدار مجموعة أغان جديدة. ويخبر «الشرق الأوسط» بأنه سيتعاون فيها مع اسم جديد في عالم اللحن. «هذه المرة سأخرج من جلباب ألحاني، وأسافر مع محمد حيدر كملحن جديد يدخل الساحة. أحب هذا النوع من المغامرات فأكون أول من يتعاون مع اسم جديد في أي مجال فني كان. سبق وتعاونت مع حيدر بالشعر وكلمات الأغاني. ولكن روحه الفنية لامستني عن قرب، فقررت أن أخوض معه هذه التجربة من دون تردد. وهناك نحو 6 أعمال غنائية أحضّر لتنفيذها وتسجيلها قريباً».

ويعتبر المجذوب عملية اختيار الأغنية هي أصعب ما يمكن أن يمر به المغني. وكونه يملك خلفية ثقافية فنية فإن هذه الصعوبة تتضاعف معه. ويتابع: «أكثر ما يقلقني في هذا الأمر هو تقديم الأغنية التي تروق للناس. فليس من البديهي أن العمل الذي يعجبني قد يترك أثره عندهم. ولذلك مرات كثيرة تتجاذبني الأفكار وتصبح عملية الاختيار أصعب».

ويختم متوجهاً للمواهب الغنائية الشابة التي ترغب في دخول المجال الفني: «عليهم أن يبحثوا عن التجديد والأفكار غير المستهلكة. فهم اليوم يعيشون في زمن يسهّل لهم طريقهم. فلا يعانون مثلنا وكما أجيال سابقة. وهنا لا بد من توجيه نصيحة أساسية لهم وهي أن يرفقوا موهبتهم الغنائية بإجادة العزف على آلة موسيقية. لأن ذلك يسهم في تطوير شخصيتهم الفنية».


مقالات ذات صلة

دراسة: الاستماع للموسيقى بعد السبعين يخفض خطر الخرف بـ40 %

صحتك الخرف هو مجموعة من الاضطرابات الإدراكية التي تؤدي إلى تراجع في الذاكرة والتفكير والقدرات الذهنية الأخرى (أرشيفية - رويترز)

دراسة: الاستماع للموسيقى بعد السبعين يخفض خطر الخرف بـ40 %

تشير دراسة جديدة إلى أن الاستماع إلى الموسيقى أو عزفها قد يساهم بشكل كبير في خفض خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق جانب من الحفل الموسيقي للفنان الفرنسي جان ميشال جار في ميدان ريجستان - سمرقند (الشرق الأوسط)

الموسيقى والضوء يوقظان ذاكرة سمرقند التاريخية في حفل جان ميشال جار

شهد ميدان ريجستان التاريخي في سمرقند أمسية فنية، أحياها الموسيقي الفرنسي العالمي جان ميشال جار، الذي قدّم عرضاً جمع بين الموسيقى والضوء والهندسة التاريخية.

ميرزا الخويلدي (سمرقند)
يوميات الشرق «وردة إشبيلية» تفتح بتلاتها على مسرح الأوبرا (سانا)

«وردة إشبيلية»... دمشق تستعيد أنفاسها على خشبة الأوبرا

العرض يُذكّر بالماضي الجميل المُتمثل بذروة الحضارة العربية والإسلامية في الأندلس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق وسام الشرف الروسي للدكتورة هبة القواس (هبة القواس)

هبة القواس تتسلّم وسام الشرف الروسي في مسرح البولشوي

تسلّمت هبة القواس وسام الشرف الروسي تقديراً لدورها البارز في تعزيز العلاقات الثقافية الدولية ودبلوماسية الموسيقى بين لبنان وروسيا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الوتر السادس مايا واكد لـ«الشرق الأوسط»: أُمثّل صوت الانتشار اللبناني

مايا واكد لـ«الشرق الأوسط»: أُمثّل صوت الانتشار اللبناني

لفتت الفنانة اللبنانية مايا واكد الجمهورين اللبناني والعربي بأغنيتها الأخيرة «شو عدا ما بدا». وهو عمل سبق وغنّاه الموسيقار الراحل زياد الرحباني.

فيفيان حداد (بيروت)

مايا واكد لـ«الشرق الأوسط»: أُمثّل صوت الانتشار اللبناني

تنوي واكد إصدار أغنية جديدة قريباً من ألحان خليل شاهين (حسابها على إنستغرام)
تنوي واكد إصدار أغنية جديدة قريباً من ألحان خليل شاهين (حسابها على إنستغرام)
TT

مايا واكد لـ«الشرق الأوسط»: أُمثّل صوت الانتشار اللبناني

تنوي واكد إصدار أغنية جديدة قريباً من ألحان خليل شاهين (حسابها على إنستغرام)
تنوي واكد إصدار أغنية جديدة قريباً من ألحان خليل شاهين (حسابها على إنستغرام)

لفتت الفنانة اللبنانية مايا واكد الجمهورين اللبناني والعربي بأغنيتها الأخيرة «شو عدا ما بدا». وهو عمل سبق وغنّاه الموسيقار الراحل زياد الرحباني. وقد نالت موافقته الشخصية، قبل وفاته، لتقديمه بصوتها من جديد. رافق الأغنية فيديو كليب يواكب بعصريته وفكرته أجواء الأغنية. وهو ما أضاف إلى مايا نجاحاً آخر، لا سيما أن مخرجته الصاعدة ميا الشعار عرفت كيف تترجم اللحن والكلمات بعدسة كاميرا جذابة.

مايا تتنقل بين لبنان ودولة الإمارات، وحالياً تقيم في هذه الأخيرة. وتعدّ نفسها جسر تواصل بين لبنان الاغتراب والوطن. فالقدر شاء أن يرسم لها هذا الطريق منذ بداياتها عندما كانت في كندا. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «قصتي قديمة مع الاغتراب اللبناني. بدأت في عام 2005، رحت أحيي حفلات غنائية في كندا ومن ثم في دبي، وأنا سعيدة بمهمتي هذه لأنني أكرّم لبنان والمغتربين بصوتي وعلى طريقتي».

كشفت واكد عن اتفاقها مع الراحل زياد الرحباني على غناء عمل آخر له (حسابها على إنستغرام)

ولكن هل تكتفي بما تقوم به اليوم بعيداً عن الوطن الأم؟ ترد في سياق حديثها: «لبنان يسكنني وأحبه كثيراً. ولكن شاءت الصدف أن تؤخر قيامي بأي حفل فيه. وأحدث محاولة لي في هذا الإطار حصلت في عام 2019. فكنت على وشك إحياء حفل في بيروت إلا أن الأحداث التي شهدها لبنان في تلك الفترة حالت دون ذلك. وبالتالي لم ينعم بلدي بالاستقرار الذي يسمح لي بتحقيق خطوتي هذه. ولكنني أصرّ على الغناء قريباً في لبنان بين أهلي ومحبي».

وتشير مايا إلى أن الفنان يجب ألا يشعر بالاكتفاء عامة. وتستطرد: «عليه البحث دائماً عن كل ما يسهم في تطويره وتألّقه. أدرك تماماً أن أغنياتي يعرفها اللبنانيون. كما سبق وقدّمت أغنية لبنانية بعنوان (حلمي غنّيلك ببيروت) ولاقت صدى طيباً. فالموسيقى التي أقدمها ليست حكراً على بلاد الانتشار في الغرب والشرق. ولدي هاجس دائم بأني سأغني يوماً ما على أرض وطني».

تتمسك بإحياء حفل غنائي في وطنها الأم لبنان (مايا واكد)

إصدارها أغنية «شو عدا ما بدا» التي شكّلت لها محطة فارقة في مشوارها، كان ذلك قبل رحيل زياد الرحباني بقليل. وكانت قد اتفقت معه على تلحين أغنية خاصة لها. فكيف تصف رحيل زياد؟ «تأثرت كثيراً بفقدان موسيقار لن يتكرر. وكنا في حالة تعاون وقد اتفقنا على غناء عمل آخر له سبق وقدّمته الراحلة منى مرعشلي. وهو بعنوان (اتركني انسالي اسمي). إضافة إلى أغنية أخرى لن أفصح عنها اليوم. وفي كل الحالات سأقوم بأداء الأغنيتين كون زياد أعطاني الحق في ذلك. فزياد أحب أغنية (شو عدا ما بدا) بصوتي وبأسلوبي. وهو ما حضّه على التفكير في التعاون معي من جديد».

حققت نجاحاً ملحوظاً مع أغنيتها «شو عدا ما بدا» (مايا واكد)

رغم وجودها خارج لبنان فإن مايا واكد تتابع باستمرار الساحة اللبنانية. وتلفتها أصوات ومواهب موسيقية تتمتع ببصمة خاصة. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نقلة نوعية نلاحظها اليوم على الساحة الفنية اللبنانية. وعناصرها تتكوّن من أصوات رائعة كعبير نعمة. فهي استطاعت أن تخلق أسلوباً فنياً معاصراً بعد أن اجتهدت لتحقيقه. ويعدّها كثيرون اليوم في لبنان والعالم العربي من الأصوات البارزة. كما أن هناك أيضاً ماريلين نعمان التي تتمتع بخامة صوتية لا تشبه غيرها. وقد صقلتها بموسيقى شبابية ففرزت لها مكانة خاصة على الساحة. ومن الملحنين الشباب لا بد أن نذكر نبيل خوري وجان عبيد اللذين تعاونت معهما ماريلين أيضاً. أعتقد أن جيل من الملحنين الجدد تأثر بالراحل زياد الرحباني، فطبعهم بهويته الموسيقية التي تمزج بين الآلات الشرقية والغربية. وكذلك استطاع إدخال المفردات اللبنانية على نصوص الأغاني. وهو أمر لم يكن يحضر في الأغنية المحلية من قبل».

زياد الرحباني موسيقار لن يتكرر وتأثرت كثيراً بفقدانه

مايا واكد

من ناحيتها فإن مايا واكد تحضّر لإصدار أغنية جديدة من تأليفها ومن ألحان وتوزيع خليل شاهين. «إنه أيضاً ملحن موهوب وهو ينتمي مثلي إلى الـ(دياسبورا) اللبنانية في الخارج. فيعيش في لوس أنجليس، ولكنه يحمل للبنان حبّاً كبيراً. ومن المتوقع أن أصدر هذا العمل بعد حوالي الشهرين. وأتمنى أن يلاقي هذا العمل النجاح. فهو يأتي من ضمن نمط موسيقي متجدد. ويتناول قصة امرأة تحاكي بصوتها الشريك. فتشعر بضرورة وضع حدّ لعلاقة لا تستطيع أن تستمر. وتحمل نصّاً هادفاً وخفيف الظل في آن. وأعتقد أن النساء والرجال سيعجبهما موضوعها».

نشرتُ ثلاث روايات من تأليفي... وكتبت أغنية «حلمي غنيلك ببيروت» على لحن «بيلا تشاو»

مايا واكد

وعما إذا هي تحمل عادة راية المرأة وتدافع عنها كما تتحدث الأغنية، تردّ: «لا، لست بهذا الوارد بتاتاً. رأيي أن كل امرأة لديها القوة اللازمة لرفع رايتها بنفسها. وأنها لا تحتاج إلى من يتكلّم عن حقوقها. فالأنثى تتمتع بنعم كثيرة تجعلها كائناً مميزاً بالقوة والصلابة».

جيل من الملحنين الجدد تأثر بالراحل زياد الرحباني فطبعهم بهويته الموسيقية

مايا واكد

وبالنسبة لدخولها مجال كتابة الأغاني تروي لـ«الشرق الأوسط»: «قصتي مع القلم طويلة ولطالما كان رفيقي. فمنذ أن بدأت أدرس الموسيقى كان القلم يواكبني. وقد نشرت ثلاث روايات من تأليفي، اثنتان منها بالفرنسية وواحدة بالعربية بعنوان (مقفلة بداعي السفر). واستوحيتها من واقعنا اللبناني. كما سبق وكتبت كلمات أغنيات غربية غنيتها بالعربية وتعود لألحان روسية وإيطالية. ومن بينها (حلمي غنيلك ببيروت) التي كتبتها على لحن (بيلا تشاو) الإيطالي».

وعما إذا هي تعيش حالة صراع ما بين إثبات هويتها الغنائية في لبنان أو خارجه تقول: «كنت في الماضي أطرح أسئلة كثيرة على نفسي في هذا الموضوع. وبأني ربما لو بقيت في لبنان لكان قدري الفني رُسم بطريقة مختلفة. ولكنني أدركت أن هناك روزنامة محددة تسيّرنا وربما القدر هو صاحبها. واقتنعت بأن ما أقوم به والدور الذي بين بلاد الانتشار والداخل اللبناني هو مكتوب لي. فتوقفت عن عيش هذا الصراع أو حتى التفكير فيه».


نسمة محجوب: مشروعي الموسيقي لا يهتم بحسابات السوق

أبدت محجوب سعادتها بردود الفعل التي تلقتها من الجمهور بعد طرح الألبوم (حسابها على فيسبوك)
أبدت محجوب سعادتها بردود الفعل التي تلقتها من الجمهور بعد طرح الألبوم (حسابها على فيسبوك)
TT

نسمة محجوب: مشروعي الموسيقي لا يهتم بحسابات السوق

أبدت محجوب سعادتها بردود الفعل التي تلقتها من الجمهور بعد طرح الألبوم (حسابها على فيسبوك)
أبدت محجوب سعادتها بردود الفعل التي تلقتها من الجمهور بعد طرح الألبوم (حسابها على فيسبوك)

قالت الفنانة المصرية نسمة محجوب إن ألبومها الجديد الذي حمل عنوان «UNPLUGGED» جاء بعد تفكير طويل في كيفية العودة إلى روح الموسيقى الأصيلة التي تلامس وجدان المستمع دون زحام الآلات أو المبالغة في التوزيع، مشيرةً إلى أنها رغبت في أن يكون هذا العمل مختلفاً شكلاً ومضموناً عن كل ما قدمته من قبل.

برأي نسمة إعادة تقديم أغنيات معروفة بتوزيعات جديدة هو تحدٍ كبير (حسابها على فيسبوك)

وأضافت في حوارها لـ«الشرق الأوسط»، أن «فكرة الألبوم انطلقت من شغفها بتقديم التجربة الغنائية في أنقى صورها، حيث تعتمد الأغنيات على الأداء الحي والمباشر بما يمنحها صدقاً ودفئاً خاصاً»، لافتة إلى أن «اختيار اسم الألبوم جاء ليعبر عن الجوهر الحقيقي للموسيقى، حيث أرادت أن تنزع عنها كل ما هو مصطنع أو مكرر».

وقالت: «الألبوم يميل إلى تقديم التجربة الغنائية بشكل بسيط لكنه عميق في الوقت نفسه، كما حرصت على أن يحتفظ كل لحن بروحه الخاصة دون أن يتشابه مع الآخر، فهذا التنوع هو ما يمنح العمل حيويته واستمراريته في ذاكرة المستمع».

وبيّنت أن عملية التحضير للألبوم استغرقت وقتاً طويلاً: «كنت حريصة على تجربة كل أغنية بعدة طرق موسيقية قبل الاستقرار على الشكل النهائي، لأن الهدف لم يكن تقديم نسخ جديدة من أعمالي السابقة بل إعادة صياغتها موسيقياً في ضوء خبرتي الحالية».

عدّت نسمة أغنية «في نفس الميعاد» الأقرب إلى قلبها (حسابها على فيسبوك)

وحسب وصفها، فقد استعانت نسمة «بفريق موسيقي يمتلك حسّاً مرهفاً، يتعامل مع الموسيقى ككائن حي يمكن أن يتنفس ويشعر»، لافتةً إلى أن «الألبوم اعتمد على الآلات التقليدية مثل البيانو والفيولينة والجيتار، لكنها وُظفت بأسلوب بسيط ومتوازن دون اللجوء إلى المؤثرات الإلكترونية».

وأوضحت أن «هذا الأسلوب يتيح للمستمع أن يشعر بالقرب من الصوت والآلة في آنٍ واحد»، مؤكدة أن «التجربة جعلتها تعيد اكتشاف صوتها وقدرتها على التعبير في مستويات مختلفة من الإحساس، مع رغبتها في أن يكون الغناء هو البطل الأول دون منافس».

أوضحت نسمة أن التحضير للألبوم تزامن مع فترة من التغيرات في حياتها الشخصية والفنية (حسابها على فيسبوك)

وقالت محجوب إن «تسجيل الألبوم بطريقة (اللايف) منح الأغنيات حياة مختلفة عن التسجيلات المعتادة، إذ يشعر المستمع أنه داخل الغرفة ذاتها مع العازفين والمطربة»، مضيفة أن «هذه الطريقة رغم صعوبتها فإنها أكثر صدقاً لأنها تكشف عن قدرة الفنان على التحكم في إحساسه وأدائه دون الاعتماد على المونتاج أو المعالجة الإلكترونية».

استعنتُ بفريق يمتلك حسّاً مرهفاً يتعامل مع الموسيقى ككائن حيّ

نسمة محجوب

وأبدت المطربة المصرية سعادتها بردود الفعل التي تلقتها بعد طرح الألبوم، خصوصاً من الجمهور الذي تابعها منذ بدايتها في برنامج «ستار أكاديمي»: «أكثر ما أسعدني هو أن المستمعين شعروا بأن الألبوم أعاد إليهم الحنين إلى زمن الغناء الجميل دون أن يبدو قديماً أو منقطعاً عن الواقع، وهو ما يحقق التوازن الذي أسعى إليه بين الأصالة والحداثة».

وأكدت أن المقارنة بين النسخ القديمة للأغنيات وتلك التي قدمتها في الألبوم لم تزعجها، بل كانت فرصةً لتأكيد رؤيتها أن الموسيقى يمكن أن تتجدد دون أن تفقد جوهرها، لأن إعادة تقديم أغنيات معروفة بتوزيعات جديدة هو تحدٍ كبير، يضع الفنان أمام مسؤولية الحفاظ على روح العمل مع منحه شكلاً مختلفاً في الوقت ذاته»، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى أن تجربة «UNPLUGGED» علمتها الكثير عن ذاتها فنانةً، إذ أدركت أن التبسيط ليس سهلاً كما يظن البعض، بل يحتاج إلى وعي وجرأة في الوقت نفسه، لافتة إلى أنها «سعت إلى تقديم مشروع موسيقي يعكس إحساسها الحقيقي دون التوقف عند حسابات السوق أو متطلبات الترند».

تسجيل الألبوم بطريقة اللايف منح الأغنيات حياة مختلفة عن التسجيلات المعتادة

نسمة محجوب

وأضافت أن «الألبوم الجديد هو امتداد لتلك التجارب، لأنه يقوم على فكرة التواصل الحي مع المستمع، حيث أردت أن يشعر الجمهور بأنه جزءٌ من التجربة وليس مجرد متلقٍ لها».

ولفتت إلى أن «التحضير للألبوم تزامن مع فترة من التغيرات الكبيرة في حياتها الشخصية والفنية، الأمر الذي جعل المشروع يحمل بصمتها الخاصة من حيث المزاج العام والاختيارات اللحنية»، مؤكدة أنها «لا تؤمن بالفصل بين الفنان والإنسان، لأن صدق التجربة الإنسانية هو الذي ينعكس في النهاية على العمل الفني».

وعدّت أغنية «في نفس الميعاد» الأقرب إلى قلبها رغم مرور الوقت، إذ ترى أنها «تمثل لحظة فنية وإنسانية لا تتكرر كثيراً في حياة الفنان، لذلك فالجمهور ما زال يتفاعل معها في كل حفلة كما لو كانت جديدة تماماً».

وعن تجربتها في الدوبلاج الصوتي والفارق بينها وبين تجربتها في الغناء، اعتبرت نسمة محجوب أن مشاركتها في تجارب مثل «موفاسا» و«سنو وايت» كانت ثرية وأسهمت في صقل موهبتها، وأتاحت لها اختبار قدرتها على الدمج بين الأداء الدرامي والغناء الحي في آن واحد.


جورج نعمة: أنا سينمائي الهوا وسأكثّف من إصداراتي

يؤكد نعمة بأن تفاعل الناس معه على المسرح يزوده بالحماس والإحساس بالرضا (المكتب الإعلامي للفنان)
يؤكد نعمة بأن تفاعل الناس معه على المسرح يزوده بالحماس والإحساس بالرضا (المكتب الإعلامي للفنان)
TT

جورج نعمة: أنا سينمائي الهوا وسأكثّف من إصداراتي

يؤكد نعمة بأن تفاعل الناس معه على المسرح يزوده بالحماس والإحساس بالرضا (المكتب الإعلامي للفنان)
يؤكد نعمة بأن تفاعل الناس معه على المسرح يزوده بالحماس والإحساس بالرضا (المكتب الإعلامي للفنان)

بخطى ثابتة فيها الكثير من الدقة والتأني يسير الفنان جورج نعمة في مشواره الغنائي. لا يلحق بالـ«ترند» ولا تهمّه أرقام الـ«سوشيال ميديا»، كما يذكر لـ«الشرق الأوسط». فالانتشار السهل لا يشكّل هدفاً له. ويتمسّك بالأغنية الأصيلة التي تعيش وتدوم لسنوات طويلة.

أخيراً أطلق نعمة أغنية «وقف المشروع»، وهي من كلمات فادي الراعي وألحان زياد بطرس وتوزيع جورج قسيس. يقول مطلعها: «تقريباً وقف المشروع من مطرح ما بلّشنا تقريباً خلص الموضوع شو سمعنا وشو طنّشنا، مرق علينا ألف قطوع، لكن الله عيّشنا». واللافت هو إصداره لها من دون فيديو كليب. فاكتفى بعرض صور له وكتابة كلمات الأغنية لتؤلّف العمل البصري لها. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصررت على عدم تصويرها على طريقة الفيديو كليب. فموضوعها يحمل سردية شاملة لا يمكن حصره بثيمة معينة. شعرت بأن إعطاء كلام الأغنية ولحنها الحيّز الأكبر هو الأفضل».

يتحضّر نعمة لإصدار ألبوم غنائي كامل (المكتب الإعلامي للفنان)

فنانون عديدون اتبعوا هذه الطريقة في إصداراتهم الغنائية. ولكن هل يمكن أن يشكّل غياب ميزانية مادية للتصوير هي سبب آخر بالنسبة له؟ يرد: «لا شك بأن للإنتاج تأثيره على عملية تصوير كليب. وأنا من الأشخاص الذين يهتمون كثيراً بمضمون الصورة. أرغب دائماً بأن تحمل رسالة فلا تكون سطحية بمشهديتها. فيكون عنصر الإبهار فيها مطلوباً. ولكن لا أحبّذ طبعها بالعنصر التجاري. فأنا سينمائي الهوا، وإذا لم أقتنع بقصة الصورة التي أقدّمها فأفضّل إلغاءها. فاكتفيت بإطلاق الأغنية مستخدماً العامل السمعي فقط من دون البصري، وبذلك أترك لسامعها حرية تأليف القصة التي يرغب بها في خياله».

بالنسبة له فأن يتكفّل الفنان بإنتاج أعماله الفنية فهي استقلالية يحبّذها. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك إيجابيات جمّة لتبني إحدى شركات الإنتاج مشاريع فنان ما. تلقيت عروضاً كثيرة في هذا الموضوع. ولكنني فضّلت النأي بالنفس، وتحمّل مسؤولية فشل أو نجاح عمل ما. العبء يكون كبيراً أدرك ذلك تماماً. ولكن مساحة الحرية والقدرة على تحكّم الفنان بأعماله تحملان إيجابيات كثيرة».

برأي جورج نعمة الفن يتمحور اليوم حول نوعين. فهناك الفنان الذي يهمّه الالتحاق بالـ«ترند». والآخر الحقيقي الذي يبحث عن الأفضل ويتطلّع إلى أعماقه، فيخرج منها عملاً جميلاً يشبهه، فتأتي النتيجة على قدر طموحاته.

أصرّ نعمة على إطلاق الأغنية من دون تصويرها على طريقة الفيديو كليب (المكتب الإعلامي للفنان)

ويرى نعمة أن الحفلات هي ملعبه الأصيل. «أعتبرها بمثابة الامتحان الحقيقي الذي من شأنه أن يشير إلى نجاح فنان أو العكس. وبالتالي تتقدّم على أرقام وسائل التواصل الاجتماعي. الاثنان يكملان بعضهما بعضاً، ولكن المسرح يشعرني بالراحة. وتفاعل الناس معي يزودني بالحماس والإحساس بالرضا. كما أني أرى الوقت هو العامل الأساسي الذي باستطاعته أن يغربل الأمور ويضعها على الخط المستقيم».

ويستشهد نعمة بواحدة من أولى الأغنيات التي أصدرها في بداياته «تفيدة». فرغم مرور سنوات طويلة على إطلاقها لا تزال تحافظ على وتيرة النجاح نفسها. «برأيي هنا يبرز معيار النجاح الحقيقي».

خيارات جورج نعمة الفنية تعكس مدى اهتمامه بمحتوى العمل الذي يقدّمه. فمنذ بداياته يسير بخطوات ثابتة ولو بطيئة. يدرك كيف يغلّفها بالمستوى المطلوب إنْ باللحن أو بالكلام. كما يعير الآلات الموسيقية المستخدمة في لحنها وتوزيعها أهمية كبيرة. «كوني أملك خلفية دراسية معمّقة بالموسيقى فإني أدخل تفاصيل اللحن ونغماته. ولا يمكن أن أصدر العمل فيما لو لم أقتنع به تماماً من كل جوانبه. وهو ما يتطلّب مني الوقت، ويقلل من إصداراتي فلا تكون عشوائية».

حالياً يستعد لتقديم أغنيات جديدة بإيقاعات منوعة. كما أنه قرر التكثيف من إصداراته في المستقبل. وهناك مشروع متكامل يحضّر له، وهو كناية عن ألبوم غنائي بعد أن كان يتبع الإصدارات الفردية.

وعن تعاونه المتكرر مع الموسيقي زياد بطرس يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نقاط تشابه كثيرة بيني وبينه. فألحانه لبنانية بامتياز والنغمة فيها تعلق في الأذن وتعيش حياة طويلة، وأعدّه بمثابة علامة فارقة على الساحتين اللبنانية والعربية. كما يجمع إلى جانب ألحانه المميزة روحه الإنسانية التي نستشفّها من ميلودي أعماله ككل. صحيح أنه مقلّ في ألحانه، ولكنني أعتز بتخصيصه مساحة لي من مؤلفاته الموسيقية».

ومن ناحية ثانية يشيد نعمة بكاتب كلمات أغنيته الجديدة «وقف المشروع»، وهو فادي الراعي. «إنه يملك قلماً سلساً بحيث يستخدم كلاماً لبنانياً من السهل حفظه. كما أن صوره جميلة، وهو ما نلاحظه في أغنيتي (احتمال) و(وقف المشروع). هذان العملان إضافة إلى (تفيدة) من ألحان زياد بطرس، أعتبرها أغاني للأرشيف لما تتضمن من عناصر فنية جميلة. وهي إشارة واضحة إلى أن الفنان عليه الالتحاق بالجمال الفني وليس بالـ(ترند) كي يبقى ويستمر».

أكثر ما تأثّرت به في مسرح الرحابنة هو الالتزام والجدّيةفي العمل

جورج نعمة

تاريخ جورج نعمة الفني غني بالتجارب الفنية المثقلة بخبرات العمالقة. فهو عمل مع الراحل زياد الرحباني، كما شارك في مسرحيات الرحابنة. «كنت في الثالثة عشرة من عمري عندما سنحت لي الفرصة بالعمل مع الراحل زياد. فزودني بخبرات موسيقية ملونة، تتراوح بين الجاز والكلاسيك واللاتينو والموسيقى الشرقية. ومن خلاله دخلت عالم الرحابنة وفيروز. وشاركت في مسرحية (صح النوم). وأكثر ما تأثّرت به في مسرح الرحابنة هو الالتزام والجدّية في العمل. وكذلك توقفهم عند أصغر تفاصيل أي عمل يقدمونه. وهو ما ولّد هذا التطور. كما أنهم يتقنون الفن الأصيل ويعدّونه القيمة الأساسية لأي عمل يصدرونه، إضافة إلى العامل الترفيهي».

قريباً نرى جورج نعمة في عمل فني، ولكن من نوع آخر. سنترك تفاصيله إلى حين ولادته على الشاشة الصغيرة. يهتم حالياً بألبومه الجديد الذي يتفرّغ لتنفيذه عن قريب.

ويختم جورج نعمة مشيراً إلى أن الفن يتطلّب الاجتهاد والعمل. وبأنه لم يلهث يوماً وراء الأضواء والشهرة. «لا أملك الجوع للضوء، بل شغف العمل بكدٍ ودقة. وسعيد بخبرات منوعة حصدتها خلال مشواري، وبينها سينمائية وتلفزيونية ومسرحية. وأعدّ نفسي أسير بخطى صحيحة. وهو ما يزودني بالشعور بالأمان. مسيرتي في نمو مستمر وسليم. ولا يمكنني أن أجزم من الآن إلى أين سأصل».