كريستين بجاني... بينها وبين آلة «الدرامز» قصة حبّ

واجهت التحديات لاختيارها مهنة فنية يتنافس فيها الرجال

يجري اختيارها من قبل نجوم الغناء لتفتتح حفلاتهم بوصلة موسيقية (كريستين بجاني)
يجري اختيارها من قبل نجوم الغناء لتفتتح حفلاتهم بوصلة موسيقية (كريستين بجاني)
TT

كريستين بجاني... بينها وبين آلة «الدرامز» قصة حبّ

يجري اختيارها من قبل نجوم الغناء لتفتتح حفلاتهم بوصلة موسيقية (كريستين بجاني)
يجري اختيارها من قبل نجوم الغناء لتفتتح حفلاتهم بوصلة موسيقية (كريستين بجاني)

تملك كريستين بجّاني علاقة وطيدة بآلة «الدرامز» الإيقاعية، حيث ابتكرت أسلوباً خاصاً في عزفها. قصة الحب بينها وبين هذه الآلة بدأت منذ كانت صغيرة. حاولت إبراز شغفها بتعلّم استخدامها لوالديها، لكنهما وقفا حجر عثرة أمام حبّها هذا. بعد إصرارها على الأمر، استطاعت تعلّم العزف على «الدرامز» مع أستاذ موسيقى. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما بدأت مشواري مع هذه الآلة، وطوّرت نفسي مع الوقت. ابتكرت أسلوبي الخاص في العزف عليها».

ما لفت كريستين في آلة «الدرامز» هو أهمية وجودها في المقطوعة الموسيقية. كما كانت تراقب العازفين عليها بدقة، وتعجب بأدائهم. لاحظت أن تأثير صوت هذه الآلة على الموسيقى لا يشبه غيره. وفي سن العاشرة عندما طلبت من أهلها اقتناء آلة «درامز» رفضوا، لكن شغفها لم يتوقف إلى حين امتلاكها أول آلة درامز وهي في الـ14 من عمرها. وتعلّق: «هذه الآلةُ الإيقاعيَّة تنشر الحماسة، والإحساس في كل أغنية. حضورها في الموسيقى لا يمر مرور الكرام. كل ذلك جذبني، ولا سيما أن العزف عليها مليء بالتحديات».

طبيبة الأسنان تهوى الموسيقى وعزفها (كريستين بجاني)

شاهدت كريستين فيديوهات مصورة لعازفين نجوم على آلة «الدرامز». وراحت تتحدى نفسها كي تبرز موهبتها بشكل أفضل: «أخذت هذا الأمر على عاتقي، ولا سيما أن والديّ لم يشجعاني بتاتاً. استغربا كيف أن فتاة تغمرها الأنوثة من رأسها حتى أخمص قدميها ترغب في هذا الأمر». انتفضت كريستين على واقعها، ومارست هوايتها حتى صارت اليوم من الأشهر على الساحة اللبنانية. أسهم في ذلك لجوؤها إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإبراز موهبتها. شاركت في حفلات موسيقية في لبنان ودول عربية كثيرة. وكانت تشكّل بعزفها نقطة الافتتاح لأمسيات يحييها كبار الفنانين، من بينهم غي مانوكيان وشيرين عبد الوهاب وتامر حسني ومروان خوري. أما تميزها فيكمن بأسلوبها في العزف: «أتمسك بالعزف بشكل فردي، فأحضر وحدي على الخشبة من دون أي فرقة موسيقية. وبذلك أملك مساحة الحرية التي أرغب فيها من دون التقيّد بآراء غيري».

جذبتها آلة الدرامز منذ أن كانت في العاشرة من عمرها (كريستين بجاني)

لم تتوقع كريستين تحقيقها كل هذا النجاح بظرف سنوات قليلة. ما أسهم في ذلك تفاعل جمهور الحفلات معها بشكل ملحوظ. اللافت في الموضوع هو أن كريستين طبيبة أسنان، تمارس تخصصها هذا كمهنة أساسية لها: «لم أرغب في أن تتعلّق حياتي بمهنة مردودها على المحكّ، ألا وهو العزف الموسيقي. وبذلك كنت حرّة في تحديد مواعيد عملي، وأملك الوقت الكافي للتخطيط لوصلات عزف لا تشبه غيرها. وأحياناً تنبت في رأسي أفكار خارجة عن المألوف. كأن أستخدم عصي (الدرامز) ضمن ألعاب الخفّة».

ولكن هل يتطلّب العزف على «الدرامز» قوة بدنية لا نجدها عادة عند العازفة المرأة؟ تردّ: «لا بتاتاً، الأمر لا يتعلّق بقوة بدنية أو تمرين لعضلات اليدين. كل ما في الموضوع هو ضرورة امتلاك العصب القوي. وكذلك التمتع بقبضة يد تتحرك بانسيابية مع النغمة. فضرب عصي (الدرامز) على الآلة يتألف من إيقاع يشمل اليدين والقدمين. وهنا تكمن اللعبة كي تبدو سليمة وعلى المستوى المطلوب». تخلط كريستين بجاني بين النغمات الشرقية والغربية في عزفها على هذه الآلة: «أتميز باستخدام إيقاع سريع، أبدّل فيه بين نوعي الموسيقى التي ذكرتها.

يوجد عازفون محترفون أكثر مني، ولهم تاريخ طويل في هذه المهنة. ولكن الفرق بيني وبينهم يكمن في الكاريزما على المسرح، وبأسلوب العزف مع لغة جسد تترجم الشغف الذي يتملّكني تجاه هذه الآلة».


مقالات ذات صلة

السعودية أروى العبيد: الموسيقى تُولد من جذور الأرض وتُحلّق في الآفاق

يوميات الشرق السعودية أروى العبيد: الموسيقى تُولد من جذور الأرض وتُحلّق في الآفاق

السعودية أروى العبيد: الموسيقى تُولد من جذور الأرض وتُحلّق في الآفاق

خلال سنوات دراستها وعيشها في بريطانيا، تلمّست خيطاً ناعماً يربط الشعوب، فيتجاوز الصوت واللغة إلى المعنى. هو المعنى الذي يبحث عنه الجميع، مهما اختلفت الجغرافيا.

فاطمة عبد الله (الشارقة)
يوميات الشرق كارول سماحة مع المخرج والممثل روي الخوري خلال التدريبات (فريق عمل المسرحية)

«كلو مسموح»... ميوزيكال عالمي يُبعَث باللهجة اللبنانية

تُعدّ هذه المُشاركة نقطة تحوّل في مسيرة كارول سماحة المسرحية، التي اشتهرت بأدوار الأميرات والملكات في الأعمال الرحبانية، وشاركت في «آخر أيام سقراط» و«المتنبي».

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق عمر خيرت في حفل عيد الربيع بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

عُمر خيرت يستعيد زخم حفلات الربيع في الأوبرا المصرية

«في هويد الليل» و«قضية عم أحمد» و«100 سنة سينما» و«ليلة القبض على فاطمة»، و«فيها حاجة حلوة»... مقطوعات موسيقية ترسخت في وجدان محبي الموسيقار المصري عمر خيرت.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية جينيفر حظيت بإعجاب الجماهير التي حضرت حفلتها الرائعة (جائزة السعودية الكبرى)

«جائزة السعودية الكبرى»: جينيفر لوبيز تلهب حماس الحاضرين بـ«أون ذا فلور» المثيرة

في واحدة من أبرز لحظات سباق «جائزة السعودية الكبرى» لـ«فورمولا 1»، خطفت النجمة العالمية جينيفر لوبيز الأضواء خلال زيارتها مدينة جدة، حيث حضرت بوصفها ضيفة شرف.

فاتن أبي فرج (جدة)
يوميات الشرق المغنية الأميركي كيتي بيري تظهر بعد الرحلة الفضائية في تكساس (إ.ب.أ)

بعد الرحلة الفضائية النسائية... كيتي بيري تصف العودة إلى «الواقع»

بعد أن سافرت إلى الفضاء ضمن طاقم شركة «بلو أوريجين» التابعة للملياردير جيف بيزوس - والذي ضمّ لورين سانشيز وجايل كينغ - عادت نجمة البوب كيتي بيري إلى الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مدحت العدل: أغنيات أم كلثوم حفزتني لكتابة الشعر

جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})
جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})
TT

مدحت العدل: أغنيات أم كلثوم حفزتني لكتابة الشعر

جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})
جانب من مؤتمر الإعلان عن مسرحية أم كلثوم (حسابه على {فيسبوك})

كشف الشاعر الغنائي والمؤلف المصري د. مدحت العدل عن تعاون جديد يجمعه بالمطرب عمرو دياب عبر أغنية كتبها له، بعد أن قدم لدياب عدداً كبيراً من الأغنيات الناجحة في بداية مسيرته الفنية على غرار «راجعين»، و«كان عندك حق»، و«رصيف نمرة خمسة»، و«هواك حيرني»، «ولا الليالي تهون»، وأغنيات فيلم «آيس كريم في جليم»، وأضاف العدل في حوار لـ«الشرق الأوسط» أنه انتهى أخيراً من كتابة المسرحية الموسيقية الاستعراضية «أم كلثوم» التي تروي سيرة «كوكب الشرق».

وحدد د. مدحت العدل أول مايو (أيار) لبدء بروفات المسرحية بعدما انتهى أخيراً من كتابة النص، لافتاً إلى أنه «النص الأصعب في حياته»؛ لأنه يقدم 75 سنة من حياة أم كلثوم في عرض مسرحي يستغرق ساعتين، ويتطرق لعدد من أغنياتها وبعض الشخصيات التي عاشت وأثّرت في حياتها، مؤكداً أن «الأمر لم يكن سهلاً أبداً».

العدل يتعاون مجدداً مع عمرو دياب (حسابه على {فيسبوك})

وتحمس العدل لكتابة هذا النص لعدة أسباب من بينها «أنه مُتيم بأم كلثوم»، مؤكداً أن «أغنياتها حفزته لكتابة الشعر، بعدما تعلم منها أموراً عدة في هذا المجال بجانب صوتها الآسر، فقد عشت قصص الحب والتجارب الإنسانية والمواقف الوطنية في أغنياتها، وكان الشاعر أحمد رامي هو البطل الأكبر الذي أدخلني في دهاليز القصة؛ فهو صاحب بصمة مهمة في مشوارها، وصاحب تأثير كبير في تعلقي المبكر بالشعر».

وبعيداً عن مكانة فن أم كلثوم في حياة ومسيرة د. مدحت العدل، فإن ما دفعه لتقديم سيرتها في ذكرى مرور نصف قرن على وفاتها كونها «مطربة العرب الأولى» التي لا يوجد بلد عربي إلا وبه مقهى يحمل اسمها، مثلما يقول: «لم تكن أم كلثوم مطربة كبيرة أثرت في المجتمع العربي كله من المحيط إلى الخليج فقط، بل أيضاً سيدة تحدت زمنها الذكوري والعادات والتقاليد التي كبلت المرأة في عصرها، لتصبح هي الأولى بموهبة صوتية فريدة تشبه المعجزة وذكاء فطري لا يقل عن موهبتها، جعلها بعد نصف قرن من رحيلها لا تزال على القمة، ويكفي دورها الوطني وحفلات المجهود الحربي وحفل باريس، وقد بدت لي مثل (أسطورة إيزيس) التي جمعت (أشلاء أوزوريس)، إذ تظل حياتها درساً عملياً لمن يتطلعون لتحقيق نجاح خالد».

ولم يتحمس العدل لكتابة المسرحية فقط، بل قرر أيضاً إنتاجها عبر شركته الإنتاجية الجديدة «العدل غروب ستوديوز» ومشاركة «سي سينما للإنتاج»، لضمان تقديمها بالشكل اللائق على المسرح.

يعتمد العرض المسرحي على وجوه جديدة من المواهب الدارسة بالمعاهد التمثيلية والموسيقية ودار الأوبرا، الذين تم اختيارهم ليجمعوا بين التمثيل والغناء وتقديم الاستعراضات، ويحدد توجهه لذلك: «لم أرغب في الاستعانة بممثلين محترفين لأن صورتهم الذهنية معروفة للجمهور، كما أن من شروط العرض أن يتفرغ فريق العمل تماماً للمسرحية خلال عرضها الذي يبدأ في القاهرة وينطلق لمحافظات مصر، ثم خلال جولاتها المرتقبة في الدول العربية».

وتضم المسرحية شخصيات أثّرت في مسيرة أم كلثوم على غرار الملحنين والشعراء الذين ارتبطت بهم في أعمال عدة مثل رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، وعن مدى اهتمامه بتقديم ممثلين قريبي الشبه بهم، يقول: «الموهبة هي أساس الاختيار، لكن نحاول الجمع بين التقارب الشكلي والموهبة قدر الإمكان، لكن المهم أيضاً أن يقترب الفنان من روح الشخصية حتى لو لم يشبهها تماماً».

قال بأن الجمهور السعودي أول من منحنا {صك النجاح} لمسرحية {شارلي} التي نجحت أيضاً في مصر بشكل مذهل

وقد كان «نجاح» مسرحيتيه «كوكو شانيل» التي أعادت النجمة شيريهان للفن، والعرض المسرحي الموسيقي «شارلي» دافعاً له لكي يعيد المسرح الغنائي للواجهة مجدداً، ويقول عن ذلك: «نجاح هذين العرضين أكد لي أن الجمهور لديه رغبة في مشاهدة مثل هذه العروض، وقد كان الجمهور السعودي أول من منحنا (صك النجاح) لمسرحية (شارلي) التي نجحت أيضاً في مصر بشكل مذهل».

يستدرك قائلاً: «أجد سعادتي في تقديم المسرح الموسيقي مستغلاً موهبتي الأساسية شاعراً، وفي أفلامي ومسلسلاتي كنت أتحين الفرصة لتقديم أغنيات، وفي هذه المرحلة من حياتي لا أريد أن أقدم سوى ما أحبه، لذا أتعامل مع عرض أم كلثوم بحب وشغف كبيرين».

ورغم دراسته الطب فقد آثر التفرغ للفن منذ بدأ مسيرته بصفته شاعراً عبر أغنية «جت من الغريب» للمطرب محمد الحلو، وقد حققت نجاحاً لافتاً، ويرى أنها أعطته درساً بليغاً بأنه لكي تصل للجمهور لا بد أن تستخدم مفرداته، وكان حبه للشعر الغنائي دافعاً له لتقديم فن «الأوبريت» من خلال أكثر من عمل، من بينها أوبريت «الحلم العربي»، كما كتب «تترات» الكثير من المسلسلات التي يؤلفها، أحدثها مسلسل «لأعلى سعر». كما كتب لمحمد فؤاد فيلم «أميركا شيكا بيكا» وأغنيات الفيلم، ومن بين أغنياته الأخرى «حبيبي يا عاشق» لمدحت صالح، و«في حب مصر» لمحمد منير، و«اتكلم عربي» لكارول سماحة، و«أنا مش ضعيفة» لأنغام، و«تسلم إيدك» لهشام عباس، و«صورتك ذكرياتي» لميادة الحناوي.

لم يرغب العدل في الاستعانة بممثلين محترفين لأن صورتهم الذهنية معروفة للجمهور (حسابه على {فيسبوك})

وكان عمرو دياب من أكثر المطربين الذين كتب لهم العدل أغاني، وها هو يعود إليه مجدداً بأغنية يتحفظ في كشف تفاصيلها، لكنه يؤكد: «أسمعني عمرو دياب لحنها أخيراً».

وفي ظل رئاسته لجمعية المؤلفين والملحنين في مصر يستعد للانتقال لمقر جديد لها، ويواصل دوره للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لأعضاء الجمعية وورثتهم، والتصدي للاعتداءات المتكررة عليها، كما يستعد لإقامة حفلات تكريم لكبار الشعراء والموسيقيين الحاليين، مؤكداً أنه من المهم تكريمهم في حياتهم والتي سيبدأها بتكريم الفنان حميد الشاعري، الذي حقق نقلة في الموسيقى، وساهم في ظهور مواهب غنائية عديدة، ما جعله رمزاً لجيل الثمانينات، حسبما يؤكد.