إيمان يوسف: أحلم بالغناء لأم كلثوم على مسرح كبير

الفنانة السودانية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن أعمالها تبث الأمل

ايمان يوسف في إحدى حفلاتها بالخرطوم قبل الحرب ({الشرق الأوسط})
ايمان يوسف في إحدى حفلاتها بالخرطوم قبل الحرب ({الشرق الأوسط})
TT

إيمان يوسف: أحلم بالغناء لأم كلثوم على مسرح كبير

ايمان يوسف في إحدى حفلاتها بالخرطوم قبل الحرب ({الشرق الأوسط})
ايمان يوسف في إحدى حفلاتها بالخرطوم قبل الحرب ({الشرق الأوسط})

بعد عام من النجاح الكبير الذي حققه الفيلم السوداني «وداعاً جوليا»، محطِّماً الأرقام القياسية في جوائزه الدولية، التي بلغت 50 جائزة، عادت بطلته المطربة إيمان يوسف لتمارس نشاطها الغنائي، وأصدرت أغنيتين طرحتهما عبر «يوتيوب»، و«فيسبوك» هما «وين الحلم»، و«أنت الطريق»، واستقبلت معهما ردود فعل واسعة من سودانيين ومصريين اكتشفوا موهبتها الغنائية مع الفيلم.

المفاجأة أن إيمان يوسف لم تكتفِ بغناء الأغنيتين، بل قامت بتأليفهما ووضعت لحنيهما. وتحدثت إيمان التي تقيم وأسرتها في مصر منذ اندلاع الحرب بالسودان عن خوضها تجربتَي التأليف والتلحين قائلة: «كتبت الأغنية الأولى (وين الحلم) بعد مشاهدتي أطفال السودان وغزة خلال الحرب، فشعرت بأن هناك تشابهاً في حرمانهم من الأمان والاستقرار، وتركت ما كتبته لفترة ثم عدت إلى الكلمات وعدَّلت فيها، واستعنت بصديقي الشاعر علي حسن لمراجعتها، ووجدتني أجلس على البيانو لألحنها».

تغني في أحد مشاهد فيلم {وداعاً جوليا} ({الشرق الأوسط})

وعن الأغنية الثانية التي طرحتها (أنت الطريق) تقول عنها: «نحن في السودان فقدنا أصدقاءنا وافتقدنا أشياء كثيرة، والأغنية تخاطب الصديق، وتقول (لو أنت مش موجود تاه الطريق)».

ودرست إيمان في «بيت العود» بالخرطوم قبل الحرب، كما تسمع موسيقى كثيراً وتميل للأغنيات القديمة. وتوضح قائلة «للتلحين قواعد في النهاية، لذا قمت بإنزال برامج على (اللابتوب) لـ(ميوزيك برودكشن) ساعدتني كي أفهم ما أقوم به، وليس اعتماداً فقط على إحساسي، وقد أسمعت اللحن للموسيقي السوداني مازن حامد وأعجبه وعمل له توزيعاً، وأُجهز لأغنية ثالثة».

وتلقت إيمان ردود فعل عدة على أعمالها بعد طرحها، فتقول: «رد الفعل أدهشني؛ فالذين سمعوا الأغنية الأولى شعروا بها، خصوصاً أن لحنها بسيط دون تعقيد، تعتمد على صوتي مع البيانو فقط، لكن الأغنية الثانية طويلة نسبياً بمشاركة المطرب السوداني نايل، الذي يؤدي بالإنجليزية».

وحول تأثرها بالحرب الذي ينعكس على أغنياتها الحزينة تقول إيمان: «أنا بطبيعتي متفائلة، ودائماً أغنياتي تبث الأمل، حتى ألبومي المقبل لا أنوي أن يكون حزيناً ولا بكائياً؛ لأن الحياة أصلاً غريبة ولا تسير كما نتمنى، لكننا لابد أن نواصل».

وتضيف: «الناس ملّت من الأغنيات الحزينة والمواقف المؤلمة»، لافتة إلى أن «لدي أغنية (نصيبك) كتبها الشاعر محمد حامد وقمت بتلحينها، وتقول في مطلعها (زي ما أحزانك بتصيبك، عندك في الفرحة نصيبك، تستاهل راحة بال وسعادة معاك ما بتسيبك)».

مقطع فيديو تغني فيه لأم كلثوم كان طريقها للبطولة السينمائية في فيلم «وداعاً جوليا»، حيث كان مخرج الفيلم محمد كردفاني يبحث عن ممثلة شابة تجيد الغناء، أو مطربة تجيد التمثيل، وبعد تجارب الأداء اختار إيمان يوسف، وغنت خلال الفيلم أغنية مشهد النهاية «قولي كيف».

كان «وداعاً جوليا» فرصة العمر بالنسبة لها مثلما تقول: «علاوة على التمثيل فقد قدمني أيضاً بصفتي مطربة، وكل مَن شاهدوا الفيلم من السودانيين فوجئوا بذلك، وقالوا أين كانت قبل الفيلم، وقد كنت موجودة لكنني أقدم أغنياتي في حفلات محدودة».

في الفيلم قدمت شخصية امرأة يمنعها زوجها من ممارسة الغناء رغم موهبتها، وتقول إيمان: «هذا يحدث في الواقع بالسودان، فلا توجد مطربات سودانيات؛ بسبب نظرة المجتمع لهن، وكنت أشعر بالقلق حين يبث البعض مقاطع من حفلاتي المحدودة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ بسبب ذلك، وقد اصطحبت أمي معي في بروفات (بيت العود) فقد كانت تشعرني بأنني أبذل مجهوداً دون فائدة، وحينما شاهدتني اقتنعت، وقالت أتمنى كل السودانيين يدركون ما تقومون به، لكن المشكلة أنه لا توجد مثلاً مسارح كبيرة يحضر فيها موسيقار مهم مثل عمر خيرت، ولا سينمات تعرض أفلاماً».

وتؤكد إيمان أن الثورة والحرب غيَّرتا ذلك نسبياً، كما أن فيلمَي «ستموت في العشرين»، و«وداعاً جوليا» جعلا الناس يصدقون في الفن والسينما، ويؤمنون بالمواهب السودانية.

وبحكم وجودها في مصر تتمنى الفنانة السودانية التعامل مع ملحنين مصريين: «أحاول حالياً التعرف على السوق المصرية؛ لأنها تضم كثيراً من المواهب، لكن ملحناً مصرياً سمع أغنيتي (أنت الطريق) وأعجبته كثيراً، وسوف يجمعنا تعاونٌ قريبٌ، كما أتمنى أن أغني بالأوبرا المصرية».

لكن إيمان تؤكد أن حلمها الأكبر هو الغناء لأم كلثوم في إحدى الحفلات الكبرى.

لا تحتاج أم كلثوم سبباً لتغني لها إيمان، فقد كان والدها يفتح الراديو منذ طفولتها على أغنياتها، وفي المدرسة والجامعة أدمنت على سماعها وغنّت لها، حسبما تؤكد: «حين سمعت أغنيتها (أنت عمري) انبهرت ليس فقط بالكلمات والألحان الخالدة، بل أيضاً بطريقة إحساسها التي تختلف في كل كلمة بالأغنية، وفي حفلاتي بالسودان كان الجمهور يحمّسني لأداء أغنياتها ويصفق سعيداً، وأنا أحب كل أعمالها لكن أغنية (ظلمنا الحب) قريبة إلى قلبي، كما أعشق (بعيد عنك) و(حب إيه) و(أمل حياتي)».


مقالات ذات صلة

الموسيقى قد تغير طريقة تذكرنا للماضي

يوميات الشرق الاستماع إلى الموسيقى يمكنه تغيير كيفية تذكر الناس للماضي (رويترز)

الموسيقى قد تغير طريقة تذكرنا للماضي

أكدت دراسة جديدة أن الاستماع إلى الموسيقى لا يمكن أن يحفز الذكريات فحسب، بل يمكنه أيضاً تغيير كيفية تذكُّر الناس لها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})

السوبرانو أميرة سليم لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لمنافسة أحد

كشفت مطربة الأوبرا المصرية (السوبرانو) أميرة سليم عن استعدادها لتقديم أغنيات باللهجة العامية المصرية بعدما قدمت أغنية «بنحب المصرية»

انتصار دردير (القاهرة)

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».