هافال حمدي لـ«الشرق الأوسط»: رسالة العمل تختصر بـ«نحصد ما نزرعه»

لفت متابع مسلسل «ولاد بديعة» في شخصية «نظمي»

يقول أن شخصية نظمي ألقت بظلالها عليه فكان يعود الى بيته محبطاً ومتعباً (هافال حمدي)
يقول أن شخصية نظمي ألقت بظلالها عليه فكان يعود الى بيته محبطاً ومتعباً (هافال حمدي)
TT

هافال حمدي لـ«الشرق الأوسط»: رسالة العمل تختصر بـ«نحصد ما نزرعه»

يقول أن شخصية نظمي ألقت بظلالها عليه فكان يعود الى بيته محبطاً ومتعباً (هافال حمدي)
يقول أن شخصية نظمي ألقت بظلالها عليه فكان يعود الى بيته محبطاً ومتعباً (هافال حمدي)

يلامس الممثل هافال حمدي مشاعر مشاهده في مسلسل «ولاد بديعة». فيبكي ويضحك معه ويتألم لوجعه النابع من إعاقة يعاني منها. فهو يجسد فيه دور «نظمي» الشاب صاحب اليد المبتورة. ويتلقف معه خليط الأحاسيس المكبوتة التي يحاول تجاوزها كي يحظى بحياة إنسان طبيعي. ولكن نظرة الاختلاف التي يبادله بها الناس رغم تمتعه بصفات حميدة كثيرة، تقف حاجزاً بينه وبين أحلامه.

ويعد «ولاد بديعة» من الأعمال الدرامية السورية التي تلاقي نجاحاً ملحوظاً في موسم الدراما الرمضاني. فيسلط الأضواء على مشكلات اجتماعية عدة، كما يتناول مهنة صعبة ألا وهي الدباغة. وقلة من الناس تملك فكرة واضحة عنها. أبطاله محمود نصر وسامر إسماعيل وسلافة معمار ويامن الحجلي يؤلفون معاً زبدة الأداء المحترف. ويشاركهم هذا الإبداع نخبة من الممثلين السوريين وبينهم هافال حمدي.

يرى للدراما السورية مستقبلاً منيراً (هافال حمدي)

دور صعب يتطلب الكثير من الجهد وإحضار مشاعر متناقضة في آن، أنهك هافال حمدي كما يسر لـ«الشرق الأوسط». في الماضي القريب كان يعتقد أن ما يردده بعض الممثلين عن هذا الموضوع هو مجرد تباهٍ لتثبيت تفوقهم على غيرهم. ولكنه وبعد دوره في «ولاد بديعة» أدرك أن الأمر ليس مجرد كلام. ويوضح: «بعضهم كان يردد بأن الدور أتعبهم ويستغرقون وقتاً للتخلص من صبغته عليهم بعد التصوير. ولكني اكتشفت من خلال دوري في (ولاد بديعة) أن هذا الأمر صحيح. فتركيبة دوري ترتكز على خربطة مشاعر وألم وانكسار. وفي الوقت نفسه تراود الشخصية أحلام تمنحه مساحة من الأمل. كل ذلك ترك بأثره علي، فكنت أعود إلى بيتي محبطاً ومتعباً».

سبق لهافال واسمه يعني «الصديق» بالكردية، أن شارك في أعمال درامية كثيرة لعب فيها أدوار البطولة. ومن بينها «الكندوش» و«على قيد الحب» و«شاري الهم» و«لا مزيد من الدموع». كما كانت له تجارب في أعمال مختلطة وبينها «ترانزيت». وهو عمل لم يأخذ حقه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط». ولكن تجربته في «ولاد بديعة» يصفها بالمختلفة وبأنها علامة فارقة في مشواره الفني. فهو دخل عالم التمثيل إثر تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا في عام 2019.

برأيه أن مسلسل {ولاد بديعة} يعتبر علامة فارقة في مشواره الفني (هافال حمدي)

وكونه ابن الممثلين الراحلين طلحت حمدي وسلوى سعيد عرف كيف يغرف من حرفيتهما. وهو ما انعكس إيجاباً على مشواره وساهم في تألقه. وفي تجربته في «ولاد بديعة» حاول قبل موعد التصوير تقمص حالة نظمي الجسدية في حياته الطبيعية. فاستعار إعاقته ليوم واحد واكتشف مدى صعوبة حياته بتفاصيلها الصغيرة. ويعلق: «هؤلاء الأشخاص مثل نظمي يملكون نسبة ذكاء عالية تتجلى أحياناً في الفنون أو في أي مهنة يمارسونها».

ويرفض هافال اعتبار فقط الأشخاص المختلفين مثل نظمي يعانون من تشوهات نفسية تنعكس سلباً على من يحتكون بهم. «هناك أشخاص أصحاء يعانون من تشوهات نفسية أكبر من تلك التي قد تصيب الشخص المعاق. وبالنسبة لشخصية نظمي التي أجسدها فهي مسالمة ومتفوقة في عملها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عمل الدباغين ليس بالأمر السهل أبداً. إنها مهنة قاسية ومتعبة وتتطلب من صاحبها العيش في أجواء ذات رائحة كريهة. وأرفع القبعة لكل شخص يعاني من إعاقة ويقوم بعمله على أكمل وجه فهو يستحق ذلك».

لوّن هافال شخصية نظمي من واقع راقبه، وحاول خلاله التعرف عن قرب إلى حياة أشخاص مثله. ويعلق: «كان من الطبيعي الاطلاع على وتيرة حياة من يشبهونه. ولكني زودته بواقعية نابعة من داخلي، فلا أحد يمكنه أن يعرف نظمي أكثر مني».

يتابع المسلسل حالياً ويصف نفسه بالناقد القاسي وبأنه يجلدها مرات لأنه يبحث عن الأفضل في أدائه دائماً (هافال حمدي)

ويشير حمدي إلى أنه تعلم من والده الراحل طلحت حمدي الطبيعية في الأداء بصورة تلقائية. «كان يحضر لأدواره بصمت وبجدية كبيرة. ومرات يفاجئنا بأفعال تنتمي إلى الشخصية التي يجسدها في عمل درامي من حيث لا ندري. ولأنه باعتقادنا كأفراد عائلته بأنه يمازحنا، كانت تأتي ردود أفعالنا تلقائية عليها. وأدركنا بعدها أنه يتبع هذا الأسلوب كي يستشف مدى نجاحه في تقمص دوره».

يقول إن دور نظمي أغراه منذ قراءته له، لأن حكايته تحمل التفرد بعيداً عن العادية. «كنت متحمساً لاختبار دور من هذا النوع في مشواري. وأعَدّ (ولاد بديعة) علامة فارقة في مشواري لاسيما وأني تعاونت فيه لأول مرة مع المخرجة رشا شربتجي. فهي توجه الممثل بإتقان لافت، وتدله على الطريق الصحيحة بأدق تفاصيلها».

وعن وقوفه إلى جانب ممثلين من الطراز الرفيع يقول: «إنهم بالفعل أساتذة كبار نغب منهم المعرفة لاشعورياً. وكون غالبية مشاهدي تدور بيني وبين (شاهين) (سامر إسماعيل)، فحمل لي هذا التعاون ذكريات كثيرة. فأخذ بيدي منذ اللحظة الأولى ومدّني بخبراته، ولم يبخل علي من باب التفوق والمفاخرة. فكانت شراكة رائعة أتمنى أن أكررها يوماً ما».

أرفع القبعة لكل شخص يعاني من إعاقة ويقوم بعمله على أكمل وجه فهو يستحق ذلك

انتقد «ولاد بديعة» بموضوعه الذي يسيء إلى فكرة الرفق بالحيوان. ولاقى أحد مشاهده وتبدو فيه الهررة مشنوقة استنكاراً كبيراً. ويدافع هافال: «وصلتنا هذه الانتقادات، ولكن هذا الأمر موجود في حياتنا الطبيعية. ومهمة الفن تسليط الضوء على حياتنا القاسية، وما يعانيه الإنسان والحيوان معاً. والعمل يحمل تصريحاً مكتوباً على الشاشة يستهل به العرض. ويؤكد عدم تعرضه لأي حيوان بالتعاون مع أطباء مختصين. فالأمر برمته مجرد مشاهد تمثيلية ولكن الانتقادات طالته. وبرأيي كان من الأجدى بهؤلاء النقاد أن يطالبوا بحلول تصب في خدمة الرفق بالحيوان. فهناك أشخاص على الأرض يدسون السم في طعام الكلاب والهررة كي يتخلصوا منها. فبذلك نكون نمارس فعل الرحمة بحيث لا نلتهي بجانب مفبرك يخدم المشهد».

حالياً يتابع هافال مسلسل «تاج» للمخرج سامر البرقاوي ومن بطولة تيم حسن. ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «يمكننا وصفه بالعمل الدرامي من النوع (الثقيل) كما نقول بالعامية. فهو محبوك بإتقان وتفان وينقل قصة ممتعة تؤرشف حقبة من تاريخ سوريا. وعناصر العمل متكاملة إخراجاً وتمثيلاً وإنتاجاً. كما أتابع (مال القبان) ولفتني بموضوعه الذي يدور في بيئة شعبية مختلفة».

في دور نظمي الذي أجاد تقمصه (هافال حمدي)

 

تعلمت من والدي الطبيعية في الأداء والتحضير للدور بصمت وبجدية كبيرة

يستحق كل شخص أن يحلم، كما يقول هافال لـ«الشرق الأوسط»، وأن يبذل الجهد لتحقيق ما يتمناه. «أنطلق من نقطة ولو يعَدّها البعض سوداوية وترتكز على ضرورة ترك بصمة لي في عالم الدراما. فبذلك يمكن للساحة أن تتذكرني بعدها فلا أمر عليها مرور الكرام».

يتابع هافال حمدي مسلسل «ولاد بديعة» ويصف نفسه بالناقد القاسي وأنه يجلدها مرات لأنه يبحث عن الأفضل في أدائه دائماً. «وأنا أتابع مشاهدي أعيد تمثيلها لاشعورياً ويحدث عندي تضارب مشاعر. فأتعلم من تجاربي بعد أن أشاهدها وأدقق فيها كي أطور نفسي بشكل مستمر».

من يشاهد هافال حمدي في دور نظمي يعيش مشاعره عن غير قصد. فيشاركه الابتسامة في مشهد تنفرج فيه أساريره. وأحياناً يذرف دمعة لتأثره بموقف مثّله بأسلوب متقن يتفوق فيه على نفسه. وهنا يعترف: «كل الدموع التي شاهدتموها في مشاهدي كانت حقيقية، فالدور ورّطني بمشاعره بشكل مباشر. ولذلك في بداية حديثي قلت إن الدور أتعبني. فسرق طاقة كبيرة مني وضعتها بتصرف شخصية نظمي».

استعرت إعاقته ليوم واحد واكتشفت مدى صعوبة حياته بتفاصيلها الصغيرة

أما العنوان العريض الذي يضعه لمسلسل «ولاد بديعة» فيختصره بعبارة أن «الإنسان يحصد ما يزرعه». وعندما نستوضحه عن النهاية التي يحملها العمل يرد متهرباً: «لا أستطيع الكشف عنها، ولكنها نابعة من هذا القول المأثور».

ويختم حديثه متحدثاً عن نهضة تشهدها الدراما السورية أخيراً، وترجمتها أعمال رمضانية نالت إعجاب المشاهد العربي. «أتمنى أن تعود إلى حقبتها الذهبية كما في الماضي القريب قبل نشوب الحرب في سوريا. وأراها تسير على هذه الطريق لا سيما أن الأمر يعطي شركات الإنتاج السورية زخماً للإقدام عليها».


مقالات ذات صلة

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هند وإياد في مشهد يؤكد تباعدهما (شاهد)

نهاية مفتوحة لـ«مفترق طرق» تُمهد لموسم ثانٍ

أثارت نهاية حلقات مسلسل «مفترق طرق» ردود أفعال متباينة من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، حيث وصفها البعض بأنها «صادمة».

انتصار دردير (القاهرة )

إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)
المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)
TT

إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)
المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)

قد يكون المايسترو إيلي العليا من الموسيقيين القلائل الذين لا يزالون يمارسون مهنتهم بنجاح منذ نحو 40 سنة حتى اليوم. عاصر حقبات فنية عدة فشهد زمن الفن الجميل كما الحديث. يطلبه الفنانون بالاسم كي يرافقهم في حفلاتهم على المسرح.

وقف إلى جانب نجوم عرب ولبنانيين حتى صار حضوره تكملة للمشهد الفني في المنطقة. ومن النجوم الذين تعاون معهم واعتبر جزءاً لا يتجزأ من إطلالاتهم، الراحل ملحم بركات، وكذلك الفنان جورج وسوف. كما واكب محمد عبده وعبد الله الرويشد ونبيل شعيل، وصولاً إلى هاني شاكر وأحمد عدوية. وهو ما جعل اسمه يلمع في عالم الأغنية العربية لنحو نصف قرن.

يقول إيلي: مع جورج وسوف تلقّنت دروساً في فن الغناء (إيلي العليا)

ويقول إنه كان لا يزال تلميذاً على مقاعد الدراسة عندما بدأ مشواره. بعدها تحول إلى دراسة الحقوق. ولكنه عاد واتخذ قراره بدراسة الموسيقى. وهو اليوم يعتب على موسيقيين كثر لا يعطون الدراسة الموسيقية حيزاً من اهتماماتهم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «معظمهم لا وقت لديهم للدرس، ويفضلون ممارسة العمل وتأمين رزقهم». ويعتب على الجيل الجديد: «هذا الجيل ليس لديه أي استعداد ليسمع النصيحة. وبدل أن ينتظرها بحماس من والديه يفضّل عليها تلك التي يزوده بها موقع (غوغل)». ويتابع العليا في سياق حديثه: «إنهم يصفوننا بـ(المعزوفة القديمة)، وبأننا ما عدنا نستوفي شروط هذا العصر. ولكنني أقول لهم (من الجميل أن نتطور). ولكن لا يجب أن نفقد الإحساس البشري ونتحوّل إلى (روبوتات)».

في حفل الفنانة نجوى كرم في سوريا (ايلي العليا)

مشواره الطويل في الفن وفّر له تعلّم دروس جمّة لا يستطيع إيجازها بكلمتين: «الفنانون هم أيضاً بشر ولديهم ميزاتهم وعيوبهم. عشت تجارب كثيرة مع الجميع. وقطفت من كل منها ما يضيف إليّ وإلى مهنتي. ومهما بلغت إيجابياتهم أو سلبياتهم خزّنت منها الدروس كي أستفيد».

يقول إن كل حقبة فنية عاشها تعلّم منها الدروس فزادته تقدماً ونضجاً. «لقد لاحظت بعد مرور الوقت أني صرت أفكر بنضج وبأسلوب آخر. واتجهت نحو موضوع الحفاظ على الأغنية اللبنانية. فقد لمست فوضى على الساحة بما يخص ثقافتنا الفنية. فرحت أركز على هذا الموضوع. وصرت داعماً قوياً لكل مطرب يتمسك بها. واكبت أحد أعمدة هذا الفن، وهو الراحل الموسيقار ملحم بركات. واليوم أطبّقه مع الفنانة نجوى كرم. (تمسكها بالأغنية اللبنانية لفتني، ولطالما بحثت بالتالي عن دور للحفاظ على مستوى الأغنية بشكل عام). ففي مهنتنا كلما ارتفع مستوى الموسيقى والغناء شعرنا بأننا بخير».

برأيه معظم الجيل الجديد من الموسيقيين لا يثقلون مهنتهم بالعلم (ايلي العليا)

مع الفنان جورج وسوف تلقّن دروساً في فن الغناء. ويقول: «إنه قمة في الأداء وسلطان بالطرب، مما يجعله مدرسة بحد ذاته. وعلينا الاجتهاد للحفاظ على هؤلاء الفنانين، وعلى التراث الفني الذي يمثّلونه».

في الماضي أيضاً كان يحضر الفن الهابط كما يذكر لـ«الشرق الأوسط». «ولكن كان هناك من يفلتر ويفصل بينه وبين الفن الحقيقي. هذا الدور كان يلعبه الإعلام من صحافيين كبار تركوا بصمتهم في هذا الموضوع. وكانوا يضيئون على الفن الأصيل ويعتّمون على عكسه. اليوم بات الفلتان هو السائد على الساحة. وأسهمت بتفشّيه وسائل التواصل الاجتماعي. فليس صحيحاً أن كل من خطر على باله أن يغني يمكنه القيام بهذه المهمة. هنا يجب أن تلعب الدولة اللبنانية دورها. فالدول التي تتمتع بقانون مهني ونقابي لا تزال تحافظ على مستواها الفني ككل، وأكبر مثال على ذلك مصر. الإذاعة المصرية لا تزال حتى اليوم تجري امتحانات لهواة الفن والغناء».

ردة فعلي في حادثة حفل نجوى كرم بسوريا طبيعية

بحماس كبير يتحدث إيلي العليا عن هذا الموضوع ويعرّج خلاله على «تريندات» خاطئة. ويوضح: «الفولكلور الساحلي مثلاً يشكل (تريند) بين المغنين وبينهم اللبنانيون. هذا الفن يعود إلى الساحل السوري ولا علاقة له بالفن اللبناني. نحن لدينا أيضاً الفولكلور الخاص بنا، ويتمثّل بالدبكة اللبنانية. فلماذا نستعير فنوناً من هنا وهناك بدل الحفاظ على هويتنا؟ الراحل زكي ناصيف أمضى عمره يعلّمنا تراثنا الفني اللبناني. وكذلك الرحابنة وروميو لحود وغيرهم. حملوا هذه الراية وساروا بها حتى النهاية. فهل يصح أن نهمل تعبهم وركائز الأغنية اللبنانية الأصيلة؟».

وتابع: «فظاهرة (ما حدا الو معي) ليست مسموحة. والأسوأ أنه عندما نكرر ذلك ينعتونا بمحاربة الحريات. وعلينا أن نقاتل ونحارب من أجل هدفنا هذا».

فكرة فنية جديدة أتعاون فيها مع الشاعر نزار فرنسيس

في حفل نجوى كرم الأخير في سوريا قفز أحد المعجبين على المسرح ليغمرها. فما كان من المايسترو إيلي العليا إلا أن ظهر فجأة أمامه ليحميها منه. «إنها ردة فعل طبيعية؛ لأني أعتبر نجوى كرم مثل أختي تماماً. ثم هناك علاقة وطيدة نشأت بيني وبينها بفضل عِشرة طويلة. وهي خارج الفن صديقة عزيزة، والأمر نفسه يطبق على جورج وسوف. ولذلك أبقى دائماً قريباً منهما من باب خوفي عليهما من الأذية».

قريباً في 28 سبتمبر (أيلول) المقبل، يحيي إيلي العليا حفلاً بعنوان «الجمهور يغني إيلي العليا» في كازينو لبنان. سبق وقدّم ما يشبهه في مايو (أيار) الفائت. ويختم: «إنه نوع من العلاج الذي يحب الناس تلقيه في حفل ما. فهم يشاركون فعلياً بالحفل غناء وطلبات وإصغاء. وهو أمر يحرّك غرور الموسيقي مكرّماً الفنانين بعزف أغانيهم. كما لدي حفلات أشارك في إحيائها في أميركا وكنكون وأخرى مع نجوى كرم. ولدي فكرة فنية جديدة أتعاون فيها مع الشاعر نزار فرنسيس وابنتي فانيسا».