طارق يعقوب لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة قد تُسهم في تسخيف صاحبها

قال إن الممثلين الكبار هم موسوعة بأحاسيسهم

حاز على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم {بروكن كيز} (صفحته على إنستغرام)
حاز على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم {بروكن كيز} (صفحته على إنستغرام)
TT

طارق يعقوب لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة قد تُسهم في تسخيف صاحبها

حاز على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم {بروكن كيز} (صفحته على إنستغرام)
حاز على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم {بروكن كيز} (صفحته على إنستغرام)

منذ سنته الثانية في دراسته الجامعية بدأ طارق يعقوب يمارس مهنة التمثيل، ولأنه السادس بين إخوته وجد بـ«السكريبت» الدرامي وجهة يفضفض فيها. «لم تكن لديَّ فرصة كبيرة كي أحكي وأعبر عن أفكاري في زحمة الإخوة. ومنذ أن دخلت هذا العالم أدركت أن عليّ العيش ممثلاً». ماذا يعني ذلك؟ يرد: «المطلوب منا أن نمشي عكس التيار، هكذا كان يقول لنا أستاذي الجامعي غابريال يمين. فعندما يحصل انفجار ما، ليس المطلوب منا أن ننظر أين موقعه، بل أن ننظر إلى ملامح الوجوه التي تتفرج على الانفجار؛ فعلى الممثل أن يسرق تعابيره من قلوب الناس ويعيش اللحظة».

لا يشبه طارق يعقوب أياً من زملائه؛ فعندما تتابعه في عمل درامي تلمس ذلك بوضوح. يملك أسلوباً تمثيلياً خاصاً به. هو تلقائي وطبيعي بحيث يحاكي المشاهد بنبرة صوته وملامح وجهه ولغة جسد حازمة. ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «كنتُ في المدرسة أقرأ بصوت جهوري. أعرف أنني أتمتع بطريقة إلقاء جيدة تخترق سمع الآخر. أساتذتي في الأدب الفرنسي والعربي والإنجليزي كانوا يثنون على أسلوبي هذا، فيصغون إلى قراءاتي باهتمام؛ فأنا لا أعرف التحدث إلا بهذه الطريقة ربما لأنني لا أتكلم كثيراً».

شارك طارق يعقوب منذ بداياته في أعمال عدة، وأهمها الفيلم السينمائي «فيلم كتير كبير». وفي عالم الدراما برز اسمه في المسلسل الرقمي «وعيت»، ومؤخراً حاز جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «بروكن كيز» (المفاتيح المكسورة) من إخراج جيمي كيروز.

في مشهد من فيلم {طنعش} وهو النسخة العربية من فيلم {12 ANGRY MEN} (طارق يعقوب)

ولطارق قصته مع القراءات الأدبية... «لقد تربيت في منزل متواضع، وأهلي ساعدوني كي أتمتع بتحصيل علمي على المستوى المطلوب. كنت قارئاً نهماً للموسوعات؛ فاثنان من إخوتي كانا يعملان في مجال بيعها في فترة ماضية، فأغتنم الفرص وأقرأ موضوعات وأشعاراً بلغات مختلفة، فولد عندي شغف القراءة. أجلس ساعات وساعات أختار الكتب أيضاً، من مكتبة كبيرة تتوسط منزلنا العائلي، ألاحق العلم والأدب أينما حضرا. كانت هوايتي المفضلة لا سيما أنه لا رقابة تُمارَس عليها من قبل الوالدين».

يحدثك طارق عن أساتذته الجامعيين، كغبريال يمين ومنير معاصري، وتستوقفه أسماء ممثلين كبار. «هؤلاء صنعوا الفن الدرامي الأصيل. وبرأيي صار عندهم موسوعة بأحاسيسهم من خلال تراكم تجارب وأدوار شكلت خبرة العمر». ويتابع: «أستاذي كميل سلامة مثلاً، المتخصص بالأدب العربي، كان يشجعني للفظ الكلمات بتأنٍ، فأعطيها حقها، ويطالبنا بإعطاء كل كلمة قيمتها المطلوبة. الأمر ليس سهلاً، لأن البيئة مرات تتحكم بأسلوبنا في الكلام».

يستعد للمشاركة في مسرحية {أوردالي} في باريس (طارق يعقوب)

في فيلم «بروكن كيز» يجسد طارق يعقوب دور كريم عازف البيانو، فيخاطر بحياته في سبيل تحقيق حلمه في منطقة تُحرَّم فيها الموسيقى. الفيلم ترشح لجوائز عديدة في مهرجانات كبرى كمهرجان «كان السينمائي».

فماذا تعني له هذه الجائزة؟ يرد: «لم أكن على علم بحصولي على الجائزة، وقد طُلِب مني تقديم جائزتين عن الموسيقى والصوت، فتفاجأت بإعلاني الفائز عن فئة أفضل ممثل. وسعدتُ بها، لأن هذا النوع من الجوائز يذكّر صاحبه بأنه يسير على الطريق الصحيحة. هذه اللفتة ردَّت لي الروح، والإنسان لا يصل إلى أي مكان بالصدفة، فعليه التمسك بالتطور في أي مهنة يمارسها».

يلفتك حياء طارق يعقوب رغم كل نجاحاته، ويقول إن التمثيل والمسرح ساعداه على تخطي حالته هذه، كما أنهما علَّماه فن الإلقاء فصار يعتني بكيفية لفظ كلماته. ويعقب: «مهنتنا تضعنا تحت الأضواء تلقائياً. ولكنني أخاف الشهرة لأنها يمكن أن تسهم في تسخيف صاحبها، فلا يعود يهتم بتطوير نفسه. لا أحبها كي لا أصاب بالغرور وأضيع البوصلة. وعندما فزت بجائزتي عن فيلم (بروكن كيز) أقفلت على نفسي في غرفتي لشدة خجلي. أعرف أنه من الخطأ القيام بأمر مماثل، ولكن أعتقد أنني لستُ الوحيد الذي يتفاعل هكذا مع نجاحاته؛ فكنت مندهشاً وأردت الاستمتاع بهذه اللحظات».

لم يرَ المشاهد طارق يعقوب كغيره من الممثلين يجتاح الشاشات بمسلسلات درامية. فلماذا هذا البعد؟ «أعتقد أنهم يخافون من مزاجيتي. هذا ما يقال لي. ولكنني لستُ مزاجياً أبداً، بل أعدّ نفسي حريصاً جداً على عملي؛ فآخذ وقتي في تحضير الدور وقراءته. وأفضّل أن أعرف من أين يبدأ وأين ينتهي منذ تسلمي (السكريبت). ولكن هذا الأسلوب بات غير متَّبَع في نصوص الدراما مؤخراً؛ فيبدأون التمثيل بقصة مسلسل لا يملكون منها سوى الحلقة الأولى، وهو أمر لا أحبذه. لقد حاولتُ مواكبة هذه الموجة وفشلت؛ فأنا من محبذي العمل الجماعي مع فريق. أطالب بلقاءات كثيفة مع المخرج. في مسلسل (باب الجحيم)، تعاونتُ مع الأستاذ منير معاصري؛ يومها قال لي: (الشيء الوحيد الذي لا نستطيع أن نتوقف ونمسك به هو الفن؛ فإنه يتطلب العمل والبحث المستمرين، وإلا فقد من وهجه)».

يقول إن تجاربه الناجحة، مثل «فيلم كتير كبير»، حوَّلته إلى ممثل ينتقي أدواره بدقة. «عندما يسير العمل منذ اللحظة الأولى على الخط الصحيح فإنه ينتهي أيضاً بالطريقة نفسها. أحب تحضير أدواري بروية، مما يستغرق مني 30 يوماً أقله».

يصف الساحة اليوم بأنها تبدلت إثر الجائحة وانتشار المنصات الإلكترونية. «منصة (شاهد) لعبت دورها في غزارة إنتاجات درامية وسريعة إلى حد ما. ولستُ من النوع الذي يستطيع القيام بعملين دراميين بالتوازي. لا أحب تداخل الشخصيات ببعضها، بل أفضّل الفصل بينها كي لا تنجح واحدة على حساب أخرى. لقد رفضت عروضاً درامية لأنني كنت مرتبطاً بأخرى. لا آسف على ذلك لأني ربما كنت خربتُ العمل الذي سأشارك فيه».

يحب طارق يعقوب الأعمال الأصيلة كما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجذبني كل ما هو مميز وأصلي، لأنه يبقى ويستمر. ومن الأعمال الراسخة بأذهاننا (عشرة عبيد زغار)؛ فهي (رغم أنها قديمة) احتضنت أسماء كبيرة في عالم التمثيل لا يمكن أن يمروا مرور الكرام، فهم محفورون في ذاكرتنا على المدى الطويل، بينما مسلسلات اليوم تعمل على الذاكرة القصيرة لوقت معين، رغم تطور هائل تشهده. قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت بذلك، ولكن علينا تدارك الأمر. فيا ليتهم يهتمون بهذا النوع من الدراما ويعطونه الوقت والتمويل اللازمين، فيتحول المنتج من دفة إلى أخرى، وبدل أن يفكر فقط في تحقيق الربح الوفير، يصبح متمسكاً بالأصيل والصح».

لستُ مزاجياً... وشغوف بالقراءة وألاحق العلم والأدب أينما حضرا

مؤخراً انتهى طارق يعقوب من تصوير فيلم «طنعش»، وهو النسخة العربية لـ«12 ANGRY MEN» لمخرجه الأميركي سيدني لوميت. وقد صُنِعت منه نسختان بالروسية والصينية أيضاً. أما اللبنانية منها فهي من إخراج وكتابة بودي صفير. استغرق العمل على النسخة العربية أكثر من شهرين متتاليين، وصُوِّر الفيلم على مدى أسبوع في موقع واحد بمنطقة المنصورية على أن يُعرض لاحقاً في مهرجانات سينمائية وعبر المنصات الرقمية. ويشارك فيه إلى جانب يعقوب باتريك شمالي ويارا زخور وطارق حاكمي ومحمد عساف وسارة عبدو وغيرهم.

«لقد صوَّرناه في ظرف 3 أيام متتالية، وكانت مغامرة استمتعنا بها كثيراً. وأتمنى أن ينال إعجاب المشاهدين».

ومن ناحية ثانية، يستعد للسفر إلى باريس لعرض مسرحية «Ordalie» ضمن مهرجان «Contre sens»، ومن ثم في مدينة مونبيلييه. «إنها تحكي قصة 4 شبان من جيل الثمانينات وما عاشوه في لبنان في تلك الفترة. وقد تدربنا عليها لمدة 9 أشهر، وهي من إخراج كريستال خضر، وهي سبق وقدمت (لعل وعسى) مع رندة خوري وحنان حاج علي».

وعندما يحين موعد نهاية حديثنا مع طارق نسأله ممن ورث موهبته في التمثيل برأيه؟ ويختم: «أعتقد أني ورثتها عن أمي (فينيزيا)؛ إذ كانت تمثل على مسرح القرية. عدة مخرجين تعاونت معهم ذكروا لي هذا الأمر، فوجدوا تشابهاً بيني وبينها من ناحية العفوية والصدق والطيبة».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
TT

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)

يرتبط اسم الشاعر طوني أبي كرم ارتباطاً وثيقاً بالأغنية الوطنية اللبنانية، وله تاريخٌ طويلٌ في هذا الشأن منذ بداياته. قدّم أعمالاً وطنية لمؤسسات رسمية عدة في لبنان. أخيراً وبصوت الفنان ملحم زين قدّم أغنية «مرفوعة الأرزة» من كلماته وألحانه، التي لاقت انتشاراً واسعاً، كون شركة «طيران الشرق الأوسط» اعتمدتها في رحلاتها خلال إقلاعها أو هبوطها.

الشاعر طوني أبي كرم ألّف ولحّن أكثر من أغنية وطنية

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعدّ طوني أبي كرم أن كتابة الأغنية الوطنية يجب أن تنبع من القلب. ويتابع: «الجميع يعلم أنني أنتمي فقط إلى لبنان بعيداً عن أي حزب أو جهة سياسية. وعندما أؤلّف أغنية وطنية تكون مولودة من أعماقي. فأنا جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن. وعندما ينساب قلمي على الورق ينطلق من هذا الأساس. ولذلك أعدّ الحسَّ الوطني حاجةً وضرورةً عند شاعر هذا النوع من الأغاني، فيترجمه بعفوية بعيداً عن أي حالة مركّبة أو مصطنعة».

أولى الأغاني الوطنية التي كتبها الشاعر طوني أبي كرم كانت في بداياته. حملت يومها عنوان «يا جنوب يا محتل» بصوت الفنان هشام الحاج، ومن ثم كرّت سبحة مؤلفاته لأغانٍ أخرى. حقق أبي كرم نجاحات واسعة في عالم الأغنية كلّه. وأسهم في انطلاقة عدد من النجوم؛ من بينهم مريام فارس وهيفاء وهبي، وتعاون مع إليسا، وراغب علامة، ورامي عيّاش، ونوال الزغبي وغيرهم.

في عام 2000 سجّل طوني أبي كرم الأوبريت الوطني «الصوت العالي» مع 18 فناناً لبنانياً. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأغنية شاركت فيها مجموعة من أشهَر الفنانين اللبنانيين. وقد استغرقت تحضيرات طويلة لإنجازها تطلّبت نحو 6 أشهر. ورغبتُ في تقديمها لمناسبة تحرير الجنوب. وأعدّها تجربةً مضنيةً، ولن أعيدها مرة ثانية».

عدم تكرار هذه التجربة يعود إلى الجهد الذي بذله أبي كرم لجمع الـ18 فناناً في أغنية واحدة. «هناك مَن تردَّد في المشاركة، وآخر طالب بأداء مقطع غير الذي اختير له. أسباب عدة نابعة من الفنانين المشاركين أخّرت في ولادتها. وما سهّل مهمتي يومها هو الفنان راغب علامة. طلبت منه أن يرافقني إلى استوديو التسجيل لبودي نعوم، فوضع صوته على مقطع من الأغنية من دون أن أشرح له حقيقة الوضع. وعندما سمع الفنانون الآخرون أن راغب شارك في الأغنية، تحمَّسوا واجتمعوا لتنفيذها وغنائها».

أكثر من مرة تمّ إنتاج أوبريت غنائي عربي. وشاهدنا مشارَكة أهم النجوم العرب فيها. فلماذا يتردَّد الفنان اللبناني في المقابل في المشارَكة بعمل وطني جامع؟ يوضح الشاعر: «هذا النوع من الأغاني ينجز بوصفه عملاً تطوعياً. ولا يندرج على لائحة تلك التجارية. فمن المعيب أن يتم أخذ أجر مالي، فلا المغني ولا الملحن ولا الكاتب ولا حتى مخرج الكليب يتقاضون أجراً عن عملهم. فهو كناية عن هدية تقدّم للأوطان. ولا يجوز أخذ أي بدل مادي بالمقابل. ولكن في بلدان عربية عدة يتم التكفّل بإقامة الفنان وتنقلاته. فربما ذلك يشكّل عنصر إغراء يحثّهم على المشارَكة، مع الامتنان».

ويذكر طوني أبي كرم أنه في إحدى المرات فكّر في إعادة الكرّة وتنفيذ أغنية وطنية جماعية، فيقول: «ولكني ما لبثت أن بدّلت رأيي، واكتفيت بالتعاون مع الفنان راغب علامة وحده بأغنية من ألحانه (بوس العلم وعلّي راسك)».

يشير الشاعر طوني أبي كرم إلى أن غالبية الأغاني الوطنية التي كتبها وُلدت على خلفية مناسبة ما، ويوضح: «في أغنية (ممنوع اللمس) مع عاصي الحلاني توجّهنا إلى مؤسسة الجيش في عيدها السنوي. وكذلك في أغنية (دايماً حاضر) مع الفنان شربل الصافي لفتح باب التطوع في الجيش».

وعمّا إذا كان يختار صوت الفنان الذي سيؤدي الأغنية قبل الكتابة يقول: «لا، العكس صحيح، فعندما تولد الفكرة وأنجز الكلام، أختار الصوت على أساسهما. قد أقوم ببعض التعديلات بعدها، ولكنها تكون تغييرات قليلة وليست جذرية».

يستغرق وقت كتابة كلام الأغنية، كما يذكر الشاعر أبي كرم، نحو 15 دقيقة. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لأنها تنبع من القلب أصبّ كلماتها بسرعة على الورق. فما أكتبه يصدر عن أحاسيسي الدفينة، وعن مشهد أو تجربة وفكرة عشتها أو سمعت بها. ولذلك تكون مدة تأليف الأغنية قليلة. فهي تخرج من أعماقي وأكتبها، وفي حال طُلب مني بعض التبديلات من قبل الفنان لا أمانع أبداً، شرط أن يبقى ثابتاً عنوانُها وخطُّها وفحواها».

وعمَّا يمكن أن يكتبه اليوم في المرحلة التي يعيشها لبنان، يقول: «أعدّ نفسي شخصاً إيجابياً جداً بحيث لا يفارقني الأمل مهما مررت بمصاعب. ولكن أكثر ما تؤذي الإنسان هي إصابته بخيبة أمل، وهي حالات تكررت في بلادنا وفي حياتنا نحن اللبنانيين. فكنا نتفاءل خيراً ليأتي ما يناقض ذلك بعد فترة قصيرة. وهو ما يولّد عندنا نوعاً من الإحباط. اليوم لا نفقد الرجاء ولكن لا يسعنا التوسّع بأفكار إيجابية. وعلى أمل عدم إصابتنا بخيبة أمل جديدة، سأتريث في الكتابة في هذه المرحلة».