إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: أختار الراحلة صباح لأصنع لها فيلماً سينمائياً

قال إن العالم لديه حنين للعودة إلى الجذور

مع الفنانة بلقيس خلال تصويره كليب {ألف روح} (إيلي فهد)
مع الفنانة بلقيس خلال تصويره كليب {ألف روح} (إيلي فهد)
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: أختار الراحلة صباح لأصنع لها فيلماً سينمائياً

مع الفنانة بلقيس خلال تصويره كليب {ألف روح} (إيلي فهد)
مع الفنانة بلقيس خلال تصويره كليب {ألف روح} (إيلي فهد)

كلامه عن المرأة يشبه كثيراً كليباته المصوّرة، المفعمة بأفكار إيجابية، وبالألوان، وبهمسات الروح. هكذا هو المخرج إيلي فهد الذي عندما يحدثك عن أعماله لنجمات من لبنان وخارجه يأخذك إلى الصميم. الباحث الدائم عن الأصالة والحقيقة، لا يجذبه التعامل كثيراً مع النجوم الرجال. فأعداد النجمات النساء تفوق تلك التي تعاون معها من الفنانين. «المرأة تلهمني أكثر، وتأخذني إلى عالم الأحلام، وتذكرني بالأخت والأم والابنة. أنا الصبي الوحيد بين شقيقاتي الثلاث، ووالدتي بينيلوبي تعمل خياطة نسائية ولدي ابنة. كل هؤلاء النساء طبعن حياتي، ولذلك الرجال عامة لا يلفتونني. لقد عملت مع البعض وبينهم ناصيف زيتون في (كاراميلا). قلة الحماس هذه تجاههم ربما تعود لغياب العمق في موضوعات أغانيهم».

ولكن في المقابل يخبرنا إيلي فهد بأنه متحمس جداً لخروج كليب الفنان زيف إلى النور. «لا أعلم لماذا أنا متحمس لإطلاقه في الأسواق إلى هذا الحد. اسم الأغنية (أول كلمة)، ولكني حبكت الكليب كأنه فيلم قصير... زيف، فنان رائع يخرج عن المألوف في أعماله».

أخيراً، وقّع إيلي فهد كليبات بالجملة لفنانات عدة، بينهن بلقيس وهيفاء وهبي ونيكول سابا، وأحدثهن سيرين عبد النور في أغنية «هزهزة». وجاءت أفكاره غريبة تأخذ مشاهدها إلى فن كليبات من نوع آخر قلّما نصادفه على الساحة. «لكل واحدة من هؤلاء الفنانات أسلوبها وهويتها والأغاني التي تشبهها. فعندما قرأت أغنية بلقيس فكرت بسرعة بلحظة انفصال الفنان عن واقعه متجهاً نحو الأضواء والمسرح. فالفنان، وعكس ما يعتقده الناس، هو شخص عادي يعاني، ويتم استنزافه مرات من المقربين منه، فيصبح بالنسبة لهم مجرد رقم أو ماكينة تصنع المال ليس أكثر. كل ذلك خطر في بالي ونفذت أغنية (ألف روح) وفيها رسائل جمّة».

ومن بلقيس ينتقل إلى هيفاء، التي يصفها بـ«المرأة الرائعة الجمال حتى وهي على طبيعتها». «في كليب هيفاء وهبي ابتعدت عن كل ما سبق وكررته في أعمالها السابقة. فغاب عنه البهرجة والألوان والناس الكثيرون المحيطون بها. صورتها وحدها في (ما بضعفش) تقف على خلفية حيطان بيضاء، وهي ترتدي الأسود. فعملت على هذا التناقض بين اللونين». ويتابع: «جمالها مبهر، ويمكنني أن أحوله إلى جزئيات مفصلة. أنا من الأشخاص الذين يحبون أن يركضوا في ملعب يملك هذا القدر من الإلهام».

أما بلقيس، ولأنها سبق وصورت كليبات كثيرة، فبحث لها عن قصة ترويها في أغنيتها المصورة «ألف روح». بالنسبة لإيلي فهد، فهو يفضل استخدام المشهدية البصرية في سياق قصة معينة. «اخترعتها ولم أرغب في أن تتحدث عن الجمال فقط. فالجمال اليوم متداول بشكل كبير (وكلنا حلوين) على وسائل التواصل، لا سيما على (إنستغرام). ولكن قلة من الناس يخبروننا قصصهم. ولأني الباحث الدائم عن القصة وأنتمي إليها أحب أن أُدخلها في أعمالي».

يبحث في كليباته عن القصة والإحساس (إيلي فهد)

لا قاعدة يتبعها إيلي فهد في كيفية صنع كليباته المصورة، إذ أحياناً تتطلب منه أسبوعاً، ومرات أخرى مجرد يومين. «لا يمكننا أن نضع الأغاني جميعها في خانة الوقت نفسه الذي تستغرقه لتنفيذها. وعندما لا تلمسني كلمات أغنية عن قرب أتخلى عنها دون أسف. فأهم عنصر يدفعني إلى تصوير أغنية هو إحساسي نحوها».

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن كل شيء في الحياة يمكن أن يتغير إلا الإحساس الذي يعتريك. صلاحية انتهاء مدته غير موجودة. قد تلعب التكنولوجيا والتطور والحداثة دورها، ولكنها لا يمكن أن تحل مكان الإحساس».

إذاً، هذا اعتراف صريح بأن الذكاء الاصطناعي لن يدوم طويلاً؟ يرد: «قد يحاولون اختراعه، ولكنه من الصعب جداً إلغاء دور المشاعر في حياتنا، فهي تمثل الحقيقية. فالذكاء الاصطناعي وسيلة تطور ليس أكثر، وبالأحرى هو بمثابة أداة تم اختراعها مثل القلم والـ(آيباد) والحاسوب الآلي في أيادي البشر ليس أكثر».

يؤكد فهد أن مظاهر الحداثة البالغة هذه كلها لا تترك بأثرها عند الناس. «تخيلي تنشغل صالات السينما اليوم بفيلم (باربي) وبـ(أوبنهايمر). وهي تعيدنا إلى زمن مضى وإلى قصص كلاسيكية وتقليدية يحن العالم إليها. أنا مثلاً عندما أشاهد فيديو كليب تغزوه الألوان والأنوار والإضاءات وغيرها من عناصر البهرجة، فإنها لا تلفتني. فهي ليست حقيقية، إنها مجرد موضة تنتشر بسرعة وتنتهي. فعيني عندما تصور امرأة جميلة تبرز أنوثتها ومكامن جمالها، لا تكون مجرد مانيكان نتفرج عليها».

هيفاء وهبي كما بدت في كليب {ما بضعفش} (إنستغرام هيفا وهبي)

وبعيداً عن الكليبات، نسأل إيلي فهد عن موعده مع السينما، هل اقترب؟ يرد: «السينما حلم كل مخرج، وما أقوم به اليوم هو بمثابة أحجار صغيرة أعمّرها كي أصل إلى الحلم السينمائي. فهي تقربني من هدفي، ألا وهو لمس الحقيقة عن قرب لأن السينما تشبهها وتعكسها. أبحث دائماً عن موضوع يمكنني أن أحوله إلى فيلم، أو قصة يمكنها أن تعيش سنين طويلة. فلا يكون العمل السينمائي مجرد همروجة وتنتهي بعد ساعات. لكل منا أحلامه، وأبحث عن موضوع أفرّغ فيه حلمي».

وعن الاسم الذي يمكن أن يختاره بين أهل الفن ليخبرنا قصته في فيلم سينمائي يرد: «أعتقد بأني أختار الراحلة صباح، إذ أشعر بأنها لم تكرّم بعد كما يجب. فهي أيقونة من لبنان علينا تكريم ذكراها، خصوصاً أنها تركت بصمتها على الساحة وفي تاريخ الفن. فأنا حتى اليوم لم أشاهد عملاً سينمائياً أو درامياً أعطاها حقها على المستوى المطلوب. إنها أيقونة الفن والفرح، وامرأة حقيقية مفعمة بالصدق، تستأهل منا هذه اللفتة».


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})
تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})
TT

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})
تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})

تتمسك الفنانة تانيا قسيس بحمل لبنان الجمال والثقافة في حفلاتها الغنائية، وتصرّ على نشر رسالة فنية مفعمة بالسلام والوحدة. فهي دأبت منذ سنوات متتالية على تقديم حفل غنائي سنوي في بيروت بعنوان «لبنان واحد».

قائدة كورال للأطفال ومعلمة موسيقى، غنّت السوبرانو تانيا قسيس في حفلات تدعو إلى السلام في لبنان وخارجه. كانت أول فنانة لبنانية تغني لرئيس أميركي (دونالد ترمب) في السفارة الكويتية في أميركا. وأحيت يوم السلام العالمي لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان. كما افتتحت الألعاب الفرنكوفونية السادسة في بيروت.

تنوي قسيس إقامة حفل في لبنان عند انتهاء الحرب (حسابها على {إنستغرام})

اليوم تحمل تانيا كل حبّها للبنان لتترجمه في حفل يجمعها مع عدد من زملائها بعنوان «رسالة حب». ويجري الحفل في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري على مسرح «زعبيل» في دبي. وتعدّ قسيس هذا الحفل فرصة تتيح للبنانيين خارج وطنهم للالتقاء تحت سقف واحد. «لقد نفدت البطاقات منذ الأيام الأولى لإعلاننا عنه. وسعدت كون اللبنانيين متحمسين للاجتماع حول حبّ لبنان».

يشارك قسيس في هذا الحفل 5 نجوم موسيقى وفن وإعلام، وهم جوزيف عطية وأنطوني توما وميشال فاضل والـ«دي جي» رودج والإعلامي وسام بريدي. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى مساندة بعضنا كلبنانيين. من هنا ولدت فكرة الحفل، وغالبية الفنانين المشاركين فيه يقيمون في دبي».

أغنية {معك يا لبنان} تعاونت فيها قسيس مع الـ{دي جي} رودج (حسابها على {إنستغرام})

خيارات تانيا لنجوم الحفل تعود لعلاقة مهنية متينة تربطها بهم. «الموسيقي ميشال فاضل أتفاءل بحضوره في حفلاتي. وهو يرافقني دائماً، وقد تعاونت معه في أكثر من أغنية. وكذلك الأمر بالنسبة لجوزيف عطية الذي ينتظر اللبنانيون المغتربون أداءه أغنية (لبنان رح يرجع) بحماس كبير. أما أنطوني توما فهو خير من يمثل لبنان الثقافة بأغانيه الغربية».

تؤكد تانيا أن حفل «رسالة حب» هو وطني بامتياز، ولكن تتخلله أغانٍ كلاسيكية أخرى. وتضيف: «لن يحمل مزاج الرقص والهيصة، ولن يطبعه الحزن. فالجالية اللبنانية متعاطفة مع أهلها في لبنان، وترى في هذا الحفل محطة فنية يحتاجونها للتعبير عن دعمهم لوطنهم، فقلقهم على بلادهم يسكن قلوبهم ويفضلون هذا النوع من الترفيه على غيره». لا يشبه برنامج الحفل غيره من الحفلات الوطنية العادية. وتوضح قسيس لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تنسيق ومشاركة من قبل نجوم الحفل أجمعين. كما أن اللوحات الموسيقية يتشارك فيها الحضور مع الفنانين على المسرح. بين لوحة وأخرى يطل وسام بريدي في مداخلة تحفّز التفاعل مع الجمهور. وهناك خلطة فنية جديدة اعتدنا مشاهدتها مع الموسيقيين رودج وميشال فاضل. وسيستمتع الناس بسماع أغانٍ تربينا عليها، ومن بينها ما هو لزكي ناصيف ووديع الصافي وصباح وماجدة الرومي. وكذلك أخرى نحيي فيها مطربات اليوم مثل نانسي عجرم. فالبرنامج برمّته سيكون بمثابة علاج يشفي جروحنا وحالتنا النفسية المتعبة».

كتبت تانيا رسالة تعبّر فيها عن حبّها للبنان في فيديو مصور (حسابها على {إنستغرام})

تتشارك تانيا قسيس غناءً مع أنطوني توما، وكذلك مع جوزيف عطية والموسيقي رودج. «سأؤدي جملة أغانٍ معهما وبينها الأحدث (معك يا لبنان) التي تعاونت فيها بالصوت والصورة مع رودج. وهي من إنتاجه ومن تأليف الشاعر نبيل بو عبدو».

لماذا ترتبط مسيرة تانيا قسيس ارتباطاً وثيقاً بلبنان الوطن؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع الانفصال عنه بتاتاً، فهو يسكنني دائماً وينبض في قلبي. والموسيقى برأيي هي أفضل طريقة للتعبير عن حبي له. في الفترة السابقة مع بداية الحرب شعرت بشلل تام يصيبني. لم أستطع حتى التفكير بكيفية التعبير عن مشاعري الحزينة تجاهه. كتبت رسالة توجهت بها إلى لبنان واستندت فيها إلى أغنيتي (وطني)، دوّنتها كأني أحدّث نفسي وأكتبها على دفتر مذكراتي. كنت بحاجة في تلك اللحظات للتعبير عن حبي للبنان كلاماً وليس غناء».

في تلك الفترة التي انقطعت تانيا عن الغناء التحقت بمراكز إيواء النازحين. «شعرت بأني أرغب في مساعدة أولادهم والوقوف على كيفية الترفيه عنهم بالموسيقى. فجلت على المراكز أقدم لهم جلسات تعليم موسيقى وعزف.

وتتضمن حصص مغنى ووطنيات وبالوقت نفسه تمارين تستند إلى الإيقاع والتعبير. استعنت بألعاب موسيقية شاركتها معهم، فراحوا يتماهون مع تلك الحصص والألعاب بلغة أجسادهم وأصواتهم، فكانت بمثابة علاج نفسي لهم بصورة غير مباشرة».

لا تستبعد تانيا قسيس فكرة إقامة حفل غنائي جامع في لبنان عند انتهاء الحرب. وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «لن يكون الأمر سهلاً بل سيتطلّب التفكير والتنظيم بدقة. فما يحتاجه اللبنانيون بعد الحرب جرعات حب ودفء وبلسمة جراح. ومن هذه الأفكار سننطلق في مشوارنا، فيما لو تسنى لنا القيام بهذا الحفل لاحقاً».