جدل متجدد بشأن قدرة تطبيقات الأخبار على استعادة اهتمام الجمهور

جدل متجدد بشأن قدرة تطبيقات الأخبار على استعادة اهتمام الجمهور
TT

جدل متجدد بشأن قدرة تطبيقات الأخبار على استعادة اهتمام الجمهور

جدل متجدد بشأن قدرة تطبيقات الأخبار على استعادة اهتمام الجمهور

يتجدد الجدل بشأن قدرة التطبيقات التي تطلقها المواقع الإعلامية على استعادة اهتمام الجمهور بالأخبار، وزيادة العائدات، لا سيما مع كلام ناشرين أخيراً عن مساهمة تلك التطبيقات في زيادة عدد المتابعين والمتفاعلين مع التقارير الإعلامية. وفي حين أكد خبراء أهمية تلك التطبيقات في العصر الرقمي، فإنهم لفتوا إلى أنها لم تلقَ الرّواج الكافي في المنطقة العربية.

وبحسب تقرير نشره أخيراً موقع «ميديا فويسز» المتخصّص في شؤون الإعلام، فإن «تطبيقات الأخبار بالنسبة لبعض الناشرين، أصبحت من أكثر الأدوات فاعلية في تعزيز علاقاتهم مع قرائهم الأساسيين ومشتركيهم». وذكر التقرير: «سواءً عبر تحسين معدلات المتابعة، أو تقديم تجربة قراءة مميزة، فإن المؤسّسات الإعلامية تجني ثمار الاستثمار في التطبيقات».

ولفت التقرير إلى مساعي ناشرين حول العالم للاستفادة من تطبيقات الأخبار من خلال الإشعارات، التي عدّها ناشرون «وسيلة لزيادة عدد الزوار المتفاعلين مع الأخبار، أو من خلال التطبيقات الصوتية التي تسهم في تلبية احتياجات جانب من الجمهور».

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، صرّحت لـ«الشرق الأوسط»، بأن «أهمية هذه التطبيقات تكمن في تزويدها الفرد بالأخبار، لا سيما أنها تتمتع بدرجة عالية من الدقة، كونها منشورة على منصات رقمية ذات مصداقية وموثوقية». ولفتت إلى أنه «على الرغم من التحوّل في أنماط عادات القراءة الرقمية لدى الجمهور، لم تحقق تطبيقات الأخبار الانتشار المطلوب في المنطقة العربية بوصفها مصدراً للأخبار، مقارنة بمواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات التي لا تزال تحصد المراكز الأولى في هذا الصدد».

ورأت الدكتورة مي أن «تطبيقات الأخبار يمكن أن تعزز التفاعل مع المستخدم عبر الاستفادة من الإمكانات التي يمكن أن تقدمها، فتلك التطبيقات تمنح المتلقي انسيابية وخصوصية في تلقي المحتوى الإعلامي، إضافة إلى تقنيات التفاعل التي يمكن تضمينها في تجربة وواجهة المستخدم، ما يوفر الراحة والمتعة والفائدة في آن واحد». وتابعت: «يمكن أن تسهم تطبيقات الأخبار في استعادة اهتمام الجمهور، من خلال الاهتمام بتعزيز واجهة وتجربة المستخدم بتقنيات الواقع المعزز والافتراضي، التي تعطي المستخدم شعوراً بالمشاركة في الحدث، إضافة إلى الاهتمام بتحسين خصوصية المستخدم، وإضافة الواجهة الصوتية ومعايير الوصول الرقمية في تجربة المستخدم الخاصة بالتطبيقات الإخبارية».

من جهته، قال الصحافي المصري محمد الصاوي، المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، إنه «في عالم رقمي سريع، أصبح رصد وسائل الإعلام حجر الأساس في الصحافة الحديثة، حيث يؤثر بشكل كبير على كيفية تقديم الأخبار، واستهلاكها، وتحقيق الإيرادات منها».

وأردف: «بينما يسعى الناشرون إلى تعزيز تفاعل الجمهور وضمان استدامة النمو المالي، تُحدث تطبيقات الأخبار، المدعومة بتقنيات متطورة لرصد الإعلام، تحولاً جذرياً في الصناعة... ذلك أن غُرف الأخبار ما عادت تعتمد فقط على الصحافيين لرصد الأحداث، بل أصبحت أيضاً أدوات تسمح للناشرين بتتبع المحادثات العالمية في الوقت الفعلي، ما يضمن وصول الأخبار إلى الجماهير بسرعة غير مسبوقة... ومن ثم، تطبيقات الأخبار تستفيد من تقنيات رصد الإعلام لتقديم محتوى مخصص للمستخدمين».

أيضاً أفاد الصاوي بأنه «من خلال تتبع سلوك الجمهور واهتماماته بشكل تلقائي، يمكن لهذه التطبيقات تنسيق موجزات أخبار فردية، تضمن وصول القراء إلى القصص التي تتماشى مع اهتماماتهم، وتحافظ الميزات مثل الإشعارات الفورية والتوصيات المخصصة على تفاعل الجمهور، ما يحوّل تجربة استهلاك الأخبار من مجرد استقبال للمعلومات إلى حوار تفاعلي».


مقالات ذات صلة

«SRMG Labs» تحصد جائزتين في مهرجان «كان ليونز»

يوميات الشرق تكريم «SRMG Labs» بجائزتين ضمن فئة الصوت والراديو في مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع (SRMG)

«SRMG Labs» تحصد جائزتين في مهرجان «كان ليونز»

حصدت وكالة «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، جائزتين ذهبية وفضية ضمن فعاليات مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري فلسطينيون يحملون جثث أقارب قُتلوا في ضربة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)

تحليل إخباري إلى أين وصلت المفاوضات بين إسرائيل و«حماس»؟

يزداد الحديث الإعلامي الإسرائيلي عن «تقدم كبير» في المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة، لكن مصادر من «حماس» أشارت إلى عدم حدوث «انفراجة» بعد.

«الشرق الأوسط» (غزة)
إعلام اطفال على المنصة

«تيك توك» منصة للإعلام أم «التسّول الافتراضي»؟

في زمن تحولت المنصّات الإعلامية الرقمية إلى نوافذ يطلّ منها العالم على قصص البشر، لم تعد المعاناة تُروى في الخفاء، بل أصبحت «محتوى» يعرض على ذوي القلوب الرحيمة

أنيسة مخالدي (باريس)
إعلام روبوت يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

احتجاجات لوس أنجليس تُجدّد جدل «صدقية» الذكاء الاصطناعي

جدّدت الاحتجاجات الأخيرة في مدينة لوس أنجليس الأميركية الجدل حيال مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الترويج لـ«معلومات مضللة»،

فتحية الدخاخني (القاهرة)
إعلام شعار  غوغل (رويترز)

ميزة جديدة من «غوغل ديسكوفر» تخيف ناشرين

قدَّم تطبيق «غوغل ديسكوفر» ميزة جديدة للقارئ تعتمد على عرض نقاط موجزة تلخِّص المقالات من دون الحاجة للنقر على الرابط وقراءة تفاصيل،

إيمان مبروك (القاهرة)

«تيك توك» منصة للإعلام أم «التسّول الافتراضي»؟

اطفال على المنصة
اطفال على المنصة
TT

«تيك توك» منصة للإعلام أم «التسّول الافتراضي»؟

اطفال على المنصة
اطفال على المنصة

في زمن تحولت المنصّات الإعلامية الرقمية إلى نوافذ يطلّ منها العالم على قصص البشر، لم تعد المعاناة تُروى في الخفاء، بل أصبحت «محتوى» يعرض على ذوي القلوب الرحيمة لإثارة التعاطف وجني الأرباح.

هذه ما تُتهم بعرضه اليوم منصّة «تيك توك» من ممارسات تسول مقنّعة، يقوم بها أفراد، وأحياناً عائلات بكاملها، من أجل الحصول على مساعدات مادية.

انتشار هذه الظاهرة، التي تُعرف بـ«التسّول الافتراضي»، أصبح يثير تساؤلات أخلاقية بشأن الحدود الفاصلة بين التضامن والانتهازية واستغلال الفئات الضعيفة، وخاصة الأطفال.

«المعاناة» كمحتوى

الظاهرة تبدأ غالباً ببث مباشر، يظهر فيه أفراد، ومعظمهم من الأطفال والمسنين، وهم يدّعون الفقر أو المرض في هيئة مثيرة للشفقة، ويستنجدون بالمشاهدين، مطالبين بما يسمى بالهدايا الرقمية التي تتحوّل لاحقاً إلى أرباح مالية.

لكن رغم وجود قصص معاناة حقيقية، فإن هذه المحتويات باتت يصفها البعض بالمسرحيات «المُتقنة» التي تُوظف فيها كل عناصر الدراما المؤثرة، من مشاهد البكاء والموسيقى الحزينة إلى الصوت المتهدج لاستدرار العواطف.

قناة «بي بي سي» البريطانية كانت أول من كشف عن تفشّي ظاهرة التسول الرقمي، عبر تحقيق مطول في مخيمات اللاجئين السوريين، بعنوان «كيف يحصل (تيك توك) على الأموال باستغلال أطفال سوريين فقراء؟». لكن تبين فيه أن العائلات الفقيرة، وبالأخص الأطفال، يتعرضون لاستغلال «وسطاء» يديرون حسابات متخصصة في هذه النوعية من المحتوى... تصل فيها المداخيل إلى ألف دولار في الساعة. ومن هذه الحسابات يأخذون نسبة تتراوح ما بين 20 إلى 27 في المائة، والعائلات الفقيرة تحصل على نسبة ضئيلة، تتراوح ما بين 1 إلى 3 في المائة، أما نصيب الأسد فيعود إلى المنصّة الصينية التي تستحوذ على 70 في المائة من هذه المبالغ.

وفي تحقيق آخر، أشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى انتشار هذه الظاهرة في عدة دول أخرى، كأفغانستان وباكستان والهند وإندونيسيا وكينيا. وهذا بعد مراقبة عدة حسابات تحمل علامات تسول منظّم عبر الشبكة، واستشهدت الصحيفة بحساب في إندونيسيا يبّث مقاطع يومية لأطفال يتسولون هدايا افتراضية، وفي اليوم التالي يظهر أطفال مختلفون في الغرفة نفسها، مع الأشخاص البالغين أنفسهم، ولم يُحظر هذا الحساب إلا بعد نشر تقرير الصحيفة البريطانية.

المنظمات الإنسانية ندّدت بهذه الممارسات، واتهمت «تيك توك» باستغلال البؤس الإنساني لجني الأرباح. وفي حوار مع «الغارديان»، عدّ أوليفييه دي شوتير، المفوّض الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع، النسب الكبيرة التي تفرضها المنصة على هذه التبرعات الافتراضية «افتراساً رقمياً». أما منظمة «هيومان رايتس واتش» فاتهمت «تيك توك» بانتهاك حقوق الأطفال لتقصيرها في حظر الحسابات التي تستغل الأطفال لساعات طويلة من العمل في مشاهد للتسول الافتراضي.

شعار "تيك توك" (رويترز)

مباريات البثّ المباشر

مداخيل الهدايا الافتراضية، التي يمنحها تطبيق البثّ المباشر، استقطبت أيضاً فئة من المؤثرين لا تعاني الفقر المدقع، لكنها تتعرض منذ فترة لتراجع في مداخيلها بسبب القوانين الجديدة التي تنظم ممارسات المؤثرين التجارية.

في فرنسا مثلاً، تلجأ هذه الفئة من «التيك توكرز» إلى نظام «المباريات» كأحد أبرز مصادر للدخل. وهنا الفكرة بسيطة، حيث يتواجه شخصان في مبارزة كلامية على الهواء، ويقوم الجمهور بمنح تبرعات للمؤثر المفضّل لديهم.

التقارير التي نشرت تشير إلى مبالغ ضخمة تبرع بها مستخدمون عبر البثّ المباشر للمنصة الصينية، بلغت في فرنسا، حسب تقرير لمكتب الدراسات «داتا آي»، نحو 81 مليون يورو عام 2023، مقابل مليونين ونصف مليون عام 2020.

وهنا تشرح أودري شييو، الصحافية الفرنسية المتخصصة في منصات التواصل: «المشكلة هي أن هؤلاء المؤثرين، ومعظمهم نجوم سابقون من تلفزيون الواقع، لا يكتفون بتنظيم هذه المباريات، بل يطلبون من الجمهور تشجيعهم بإرسال هدايا افتراضية كالوردة أو الأسد، التي قد تصل قيمتها إلى 400 يورو».

أيضاً يلجأ بعضهم إلى التلاعب النفسي عبر إنشاء روابط شخصية مع المتابعين من المراهقين من خلال الرسائل الخاصّة، أو ذكرهم بالأسماء لضمان استمرار تدفق الهدايا الرقمية، وهو ما تعدّه الإعلامية الفرنسية نوعاً من أنواع الاستغلال والتسول الرقمي المُلبّس بقناع البثّ الترفيهي.

بيد أن المخاطر لا تقتصر على الناحية المالية فحسب، ففي شهادة مؤلمة، نقلتها إذاعة «فرانس إنتير»، تروي أمّ كيف أن ابنها المراهق، البالغ من العمر 14 سنة، أنفق قرابة 4 آلاف يورو من مدّخرات العائلة على الهدايا في «تيك توك» لأنه كان يعدّ نفسه «صديقاً» لبعض المؤثرين.

من جانبها، لا تبدو المنصة الصينية مستعدة لتقييد نشاطات تدرّ عليها أرباحاً طائلة، لكنها رغم ذلك مطالبة اليوم باتخاذ عدد من التدابير الصارمة للقضاء على ظاهرة التسول الرقمي. أهمها؛ وضع قوانين داخلية صارمة تمنع المحتوى الذي يتضمن استجداء صريح أو مبطن للهدايا الافتراضية، وتعزيز الرقابة على البثّ الحيّ لرصد المخالفات.

هذا، وفي تقرير، طالب نائب أوروبي أيضاً «تيك توك» بوضع سقف شهري للأرباح الفردية، ومنع القاصرين من استخدام خاصية الهدايا الافتراضية من أجل حمايتهم والحفاظ على أخلاقيات المنصة.