ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار

ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار
TT

ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار

ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار

أثار إطلاق «غوغل» خدمة ملخصات الأخبار المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أو ما أطلقت عليه «Google AI Overviews»، قلق الناشرين، بسبب تأثير هذا الاتجاه على نتائج البحث، إذ تسبب ذلك في «دفن» المحتوى الأصلي المُعَد من قِبل ناشرين مُحنكين أسفل الملخصات والإعلانات المدفوعة، وفق مراقبين.

«غوغل» كانت قد أعلنت نهاية أغسطس (آب) الماضي عن إطلاق ملخصات مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي لبعض الأخبار، وتصدّرها نتائج البحث قبل الأخبار، في تجربة اقتصرت على الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويذكر أن «غوغل» أطلقت الخدمة عينها في 21 مايو (أيار) الماضي في الولايات المتحدة، لكنها أوقفت لاحقاً بعد الكشف عن «نتائج غير دقيقة أنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي». ومع أنه يندر لـ«غوغل» تقديم ملخصات لأحداث جارية، أبلغ خبراء «الشرق الأوسط» في لقاءات معهم عن قلقهم بشأن تأثير هذه الخطوة على «ظهور الصحف ومصادر الأخبار الرئيسية خلال عمليات البحث في مراتب متأخرة».

وفق نتائج نشرتها شركة «أوثوريتاس» للاستشارات البحثية على موقعها الرسمي، فإن 17 في المائة من نتائج البحث على «غوغل» في بريطانيا والولايات المتحدة تتصدرها ملخّصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، في حين يظهر مصدر الخبر في مراتب متأخرة. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، لورانس أوتول، لـ«بريس غازيت»، إنه يعتقد أن خدمة ملخصات «غوغل» ستصبح «الأولوية في نتائج البحث»، وأشار إلى أن «غوغل لم تكن واضحة بشأن معايير نتائج محركات البحث، ما قد يؤثر على زيارات المواقع الإخبارية».

محمد الكبيسي، الباحث والمدرب العراقي في الإعلام الرقمي بفنلندا، قال: «إن ملخصات الأخبار المدعومة بالذكاء الاصطناعي من (غوغل) ربما تكون مفيدة؛ لكن إذا خضعت لضوابط الشفافية». وأوضح أن «هذه الخدمة قد تفيد الذين يبحثون عن معلومات سريعة وشاملة حول موضوعات معينة... وإذا طبّقت هذه التقنية بدقة، فإنها قد توفر قيمة مضافة للمستخدمين».

وعن تأثير هذا الاتجاه على الأخبار، شرح الكبيسي أن «هذا الاتجاه لا يعني بالضرورة تقليص حجم الأخبار، بل يمكن أن يكون تكميلياً، فالملخصات توفر نظرة عامة سريعة، في حين تظل المقالات الإخبارية المفصلة متاحة لأولئك الذين يرغبون في قراءة معلومات أعمق... ذلك أن الأمر يتعلق بتلبية احتياجات مختلفة من الجمهور».

من جهة ثانية، يؤيد الباحث العراقي حقوق الناشرين، موضحاً: «يجب أن تحقق ملخصات (غوغل) هذه عنصر الشفافية، وهذا مرهون بالإشارة إلى المصادر الأصلية. المصادر الإخبارية الأصلية عنصر أساسي لاستمرارية هذه الخدمات، كما أن إظهار المصادر بوضوح يسهم في ضمان الاعتراف الدقيق بالمحتوى الأصلي»، مشدداً على حتمية تكامل الجهود بين «غوغل» والناشرين لضمان تحسين الخدمات.

أما بشأن معارضة البعض لخدمات «غوغل» المدعومة بالذكاء الاصطناعي خوفاً على مستقبل الناشرين، فيرى محمد الكبيسي أن ثمة جهوداً يجب أن تُبذل من قبل الطرفين، «ومن المهم أن تعمل الصحف على تطوير استراتيجيات رقمية فعالة تتناسب مع التطور السريع في العالم الرقمي وآلياته، والتأكد من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تبرز المصادر بوضوح، كما أن التعاون مع مقدمي الخدمات، رُبما يمكن أن يسهم في تحقيق توازن بين الابتكار والحفاظ على حقوق المحتوى».

هذا، وفي تجربة أجرتها صحيفة «بريس غازيت» لقياس مدى تأثير ملخصات «غوغل» المدعومة بالذكاء الاصطناعي على الأخبار، وجدت أنه لدى البحث عن إجابة لسؤال: «مَن هم رؤساء تحرير الصحف الوطنية في بريطانيا؟»، يقدم «غوغل» ملخصاً بواسطة الذكاء الاصطناعي بوصفه نتيجة أولى. وأشارت إلى أن المعلومات التي استند إليها الملخص مصدرها تقرير سابق نشرته «بريس غازيت»، لكن الملخص لم يُشر لها بصفته مالكاً أصلياً للمعلومات، في حين ظهر رابط التقرير الأصلي في نتائج متأخرة على محرك البحث.

وتعليقاً على خدمة الملخصات الإخبارية من «غوغل»، قالت الدكتورة رضوى عبد اللطيف، مدير العلاقات الأكاديمية بمؤسسة «صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف» في دبي، وخبيرة ومدربة الإعلام الرقمي وصحافة الذكاء الاصطناعي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن (غوغل) عازمة على مواصلة طريقها نحو مشاريع الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الإطار عقدت شراكات مع ناشرين بارزين بهدف مشاريع تغذية أدوات الذكاء الاصطناعي بالمعلومات... غير أن هذا لا يُشير إلى إمكانية الاستغناء عن المنصات الإخبارية، وإن شهدت تأثيراً يخص ظهورها على محرك البحث، ومن ثم تراجع الزيارات».

وتابعت رضوى عبد اللطيف: «في تجربة (غوغل) التي صدرت للمرة الأولى في مايو الماضي، أمكن رصد معلومات غير دقيقة، وهو أمر وارد ومقبول، لكن علينا أن نعي، سواء أكنا متخصصين أم حتى مستخدمين، أنه لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وحده للحصول على المعلومات، بينما هو أداة لها حدود». وأضافت: «لا يمكننا الثقة بعد في قواعد بيانات أدوات الذكاء الاصطناعي، لا سيما أنه جرى رصد محتوى متحيز وغير دقيق؛ لذلك لا غنى عن المراجعة البشرية».

رضوى عبد اللطيف عدّت، من ناحية ثانية، أنه بوسع الناشرين حماية دورهم ومحتواهم، من خلال إبرام صفقات مع شركات التكنولوجيا على شاكلة «غوغل». وشرحت: «على الناشرين التكيف والاستفادة، من خلال قواعد تحمي حقوق الملكية للأرشيف، كما يجب أن يعمل الناشرون مع أكثر من محرك بحث لمقاومة نموذج الاحتكار الممثل في (غوغل)، الذي أضر بالصحف الفترة الماضية».



اتجاه الناشرين لـ«ريديت»... بين الترويج ومواجهة تراجع الأخبار

شعار «ريديت» (رويترز)
شعار «ريديت» (رويترز)
TT

اتجاه الناشرين لـ«ريديت»... بين الترويج ومواجهة تراجع الأخبار

شعار «ريديت» (رويترز)
شعار «ريديت» (رويترز)

دفع نمو عدد مستخدمي منصة «ريديت» أخيراً، الناشرين لتعزيز حضورهم وزيادة حساباتهم على المنصة، ما أثار تساؤلات بشأن دور ذلك في الترويج للمحتوى الإعلامي، خصوصاً مع تراجع الاهتمام بالأخبار على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، مثل «فيسبوك»، و«إكس». هذا، وكان قد تضاعف عدد قراء منصة «ريديت» نحو 3 مرات، خلال الفترة ما بين أغسطس (آب) 2023 وأبريل (نيسان) 2024 ليصل إلى 346 مليون زائر شهرياً، وفق بيانات موقع «سيمرش» المتخصص في حسابات زيارات منصات التواصل.

أوين فينسر، مؤسس وكالة «ريدفيسبل» لحساب النمو الرقمي، أشار إلى أن «منصة ريديت نمت بشكل مطرد ومتزايد خلال الشهور التسعة الماضية، وهو ما دفع الناشرين إلى إعادة النظر في استراتيجيات تطوير وجذب الجمهور، ومحاولة الاستفادة من (ريديت) في جلب زيارات للمواقع الإخبارية»، وفق تقرير نشره موقع «أدويك» الأسبوع الماضي. وبالفعل، أنشأت صحيفة «النيويورك تايمز» حساباً لها على «ريديت» أخيراً، كما أعادت مجلة «نيوزويك» ووكالة «أسوشييتد برس» وصحيفة «الإندبندنت» وغيرها، تفعيل حساباتها على المنصة.

رامي الطراونة، مدير إدارة الإعلام الرقمي في مركز الاتحاد للأخبار، قال في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن «منصة ريديت باتت ذات تأثير واضح إخبارياً، خارج نطاق المنطقة العربية، لما تتميز به من بنية حاضنة لمساحات الحوار بشكل أكثر تركيزاً وتخصصية، مقارنة ببقية منصات التواصل الحالية». وأردف أن «شعبية (ريديت) ونموذجها النصي الحواري يعزّزان فكرة استخدامها لترويج الأخبار وتداولها. وهو ما أثبتته فعلياً المؤشرات التي توضح تزايد تدفق المستخدمين إلى المنصة عبر محرك البحث (غوغل)، الذي خصص تبويباً جديداً للمنتديات، ضمن مبادرات تعزيز انتشار المحتوى المفيد، الأمر الذي أنعش (ريديت) وعدداً من المواقع المشابهة في الفترة الأخيرة». بيد أن الطراونة يرى أن «انتشار الأخبار عبر (ريديت) لا يعني بالضرورة قدرتها على توجيه المستخدمين نحو المواقع الإخبارية الأخرى». وأوضح إلى أن «(ريديت) كانت من أوائل المنصات التي أبرمت شراكة مع (أوبن إيه آي)، ما يعد عنصر جذب إضافياً يشير إلى دخول المنصة أجواء المنافسة، وفقاً لأحدث الأدوات المتاحة». وللعلم، تصنّف «ريديت» التي أطلقت قبل نحو 20 سنة باعتبارها «شبكة اجتماعية تسمح لمستخدميها بمشاركة اهتماماتهم وهواياتهم وخبراتهم»، بحسب موقع المنصة، الذي يشير إلى «وجود نحو 91 مليون مستخدم نشط يومياً على المنصة».

أما محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، فأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «منصة ريديت أصبحت إحدى المنصات المهمة للنقاشات المفتوحة وتبادل المعلومات حول مواضيع متنوعة، حيث تعتمد على طريقة الانتخاب والتصفية للتعليقات والمنشورات، حسب صحة المعلومات وقوتها». وتابع أن «المنصة استطاعت جذب المستخدمين من جميع أنحاء العالم ليقترب حجم الزيارات الشهرية من نصف مليار زيارة، بحسب تقارير عديدة». وأرجع ذلك إلى «محتوى (ريديت) الغني والمتنوّع، وكبر حجم مساحات النقاش والرأي، مثل مجتمعات الأخبار التي كانت تعتمدها بعض المؤسسات الصحافية في البداية أو منتديات الإنترنت في التسعينات».

وأوضح فتحي أن «(ريديت) باتت منافساً قوياً لمنصات التواصل الاجتماعي، لأنها تعزّز حركة زيارات الناشرين، ما يجعلها مساعداً قوياً لجلب ملايين الزيارات الشهرية إلى الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية في ظل بعض القيود على المحتوى في المنصات الأخرى». لكن رغم ذلك يرى الصحافي المصري أن «(ريديت) لن تستطيع أن تضاهي أو تقترب من مكانة أي من شركات التكنولوجيا العملاقة... فهي وإن كانت تنمو بسرعة كبيرة جداً في كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، لكنها تجد صعوبة في النمو ببعض المناطق من العالم، مثل منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا وبعض مناطق أوروبا»، مشيراً إلى أنه «خلال الفترة الأخيرة تلقت المنصة استثمارات كبيرة من شركات التكنولوجيا».

ما يذكر أنه يأتي الاهتمام بمنصة «ريديت» في ظل تراجع اهتمام منصات التواصل الاجتماعي الكبرى بالأخبار، لصالح مقاطع الفيديو القصيرة. ولقد تراجع معدل زيارات المواقع الإخبارية من الروابط المنشورة على «فيسبوك» بنسبة 85 في المائة منذ عام 2018، وفقاً لبيانات موقع «تشارت بيت». وفي هذا السياق، أوضح رائف الغوري، المدرب والباحث المتخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «(ريديت) تؤثر بشكل كبير في انتشار الأخبار والمعلومات من خلال آليات عدة، ولا سيما أنها تعتمد على المحتوى الذي ينشئه المستخدم، وتتيح باباً متنوعاً للمناقشات والتعليقات، ونظاماً للتصويت يسمح في رفع الأخبار إلى قمة الصفحة الرئيسة حال زاد التفاعل عليها».