زيادة التفاعل على الأخبار عبر «إنستغرام» تُجدد دعوات تطوير المحتوى

شعار "إنستغرام" (رويترز)
شعار "إنستغرام" (رويترز)
TT

زيادة التفاعل على الأخبار عبر «إنستغرام» تُجدد دعوات تطوير المحتوى

شعار "إنستغرام" (رويترز)
شعار "إنستغرام" (رويترز)

تجدد أخيراً الكلام عن مستقبل الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية تقرير أشار إلى نمو المحتوى الخبري على منصة تبادل الصور «إنستغرام»، التي تملكها شركة «ميتا» مالكة «فيسبوك» أيضاً. ورأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المرحلة المقبلة تمثل تحدياً لصُنّاع الأخبار، ما يوجب عليهم ابتكار قوالب عصرية، وقالوا إن «إنستغرام» منصة مثالية لتعريف الجمهور بناشري الأخبار.

ما يُذكر أن حسابات عدد من الصحف العالمية على «إنستغرام» شهدت زيادة لافتة، قاربت الضعف من حيث عدد المتابعين، وفقاً لتقرير صادر عن «كراود تانغل» (أداة قياس تابعة لشركة «ميتا»)، ونشرته «بريس غازيت» البريطانية. ولقد تضمن التقرير رصد حركات «الترافيك» والمتابعة لحسابات 50 ناشراً بين بريطانيا والولايات المتحدة خلال الفترة من يونيو (حزيران) 2021 حتى يونيو 2023.

ووفقاً للأرقام، فإن «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، هي الناشر الأكبر على «إنستغرام»، في حين شهدت صحيفة «الديلي واير» الأميركية ارتفاعاً في عدد متابعيها من 1.41 مليون إلى 2.4 مليون (بزيادة 59 في المائة)، وكانت صحيفة «النيويورك بوست» الثالثة من حيث معيار الأسرع نمواً.

هاني سيمو، خبير المشاريع الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن نمو الأخبار على «إنستغرام» عائد إلى عدة عوامل متداخلة، منها «ميل المستخدمين اليوم، لا سيما الشباب، إلى تفضيل الوسائط البصرية والفيديوهات القصيرة الترفيهية، ما جعل (إنستغرام) منصة جاذبة لهم». وأردف: «توفر (إنستغرام) ميزات تفاعلية مثل التعليقات والإعجابات التي تشجع المستخدمين على التفاعل مع المحتوى. ولأن الناشرين حريصون على اجتذاب المستخدمين؛ عزّزوا وجودهم على المنصة الترفيهية بمحتوى خبري مرئي، كنتيجة حتمية لمواكبة وجود الجمهور على هذه المنصة».

من ناحية ثانية، في حين رأى سيمو أن الناشرين «باتوا أكثر مهارة في تقديم الأخبار بشكل يناسب (إنستغرام)»، فإنه شدد على أهمية التطوير كشرط لاستمرار النمو، وقال إن «الناشرين الآن مضطرون لتطويع الأخبار حتى تصبح أكثر انسجاماً مع توقعات الجمهور، وثانياً لضمان احتمالية عالية لظهور موادهم وانتشارها بما يتسق مع خوارزميات وسياسات المنصات».

وأشار الخبير أيضاً إلى أنه رغم النمو ليست «إنستغرام» المنصة المناسبة للأخبار اللحظية، لكنها «منصة مثالية لنشر العلامة التجارية، وتعريف الجمهور بناشري الأخبار، وتقديم المحتوى ما بعد الخبري بشكل عصري وقصير وجذاب ومختصر، بما يتوافق مع توقعات الجمهور عند استخدامهم لـ(إنستغرام)».

وتالياً، نصح سيمو الناشرين بالتكيف مع التحديثات، ومواكبة الميزات الجديدة التي تطلقها المنصة، وأوضح: «تعزيز وجود الأخبار على (إنستغرام) مرهون، كذلك، بالتعاون مع المؤثرين لتوسيع نطاق الوصول والتفاعل مع محتوى الأخبار، وأيضاً التحليل المستمر لأداء المحتوى بانتظام، وتعديل الاستراتيجيات بناءً على البيانات المستخلصة». وهو يرى أن الحضور على «تطبيقات شركة (ميتا) ومنصاتها مهم؛ لأن هذه التطبيقات تسيطر على غالبية الجمهور... والناشرون مُجبَرون على تعظيم استفاداتهم من جميع المنصات لنشر وتقوية علاماتهم التجارية، مع استمرار الناشرين في بذل الجهد لتعظيم قاعدة جمهورهم، في ظل مراعاة طبيعة وخصوصية كل منصة».

هذا، ولدى العودة إلى البيانات السابقة، حصد الناشرون الخمسون الأعلى حضوراً على «إنستغرام» نحو 196.7 مليون متابع غير مكرّر، مقارنة بـ52.2 مليون على «تيك توك» في وقت سابق من هذا العام. كذلك أشارت البيانات إلى أنها نجحت في اجتذاب الجمهور الأصغر سناً، وأن ما يقرب من 70 في المائة من قاعدة مستخدمي «إنستغرام» تقل أعمارهم عن 34 سنة.

خالد فودة، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بمصر، قال من جهته لـ«الشرق الأوسط» إن النمو الحالي لا يمكن استمراره إلا بجهود الناشرين، مضيفاً أن «المرحلة المقبلة تمثل تحدياً لصناع الأخبار، الذين عليهم ابتكار قوالب عصرية لتقديم الخبر، منها (صناعة المؤثر)». وتابع أنه «عند الكلام عن تقديم الأخبار، ليس بالضرورة الذهاب إلى شراكات مع مؤثرين لديهم شعبية بالفعل، في حين أن صناعة المؤثر هي المسار الأفضل للناشرين». ولفت إلى أن «الأخبار لها طبيعة تختلف عن المنشورات الترفيهية، ومن ثم على الناشرين اختيار من يوصل الأخبار إلى المستخدمين مع توفير ضمانات المهنية والصدقية وعنصر الجذب كذلك».

وحسب فودة، فإن «التفاعل البصري» مرتكز القوة في نموذج تقديم الأخبار على «إنستغرام»، وإن «الجمهور بحاجة إلى أن يشاهد الخبر في قالب سلس ورشيق. قد يتضارب هذا الاتجاه مع بعض الصحف المخضرمة، غير أن التوازن بين المهنية والجذب هو معادلة النجاح».



اعتماد «ميتا» على منشورات المُستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي... يجدد مخاوف «الخصوصية»

اعتماد «ميتا» على منشورات المُستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي... يجدد مخاوف «الخصوصية»
TT

اعتماد «ميتا» على منشورات المُستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي... يجدد مخاوف «الخصوصية»

اعتماد «ميتا» على منشورات المُستخدمين لتدريب الذكاء الاصطناعي... يجدد مخاوف «الخصوصية»

أعلنت شركة «ميتا» عزمها البدء في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، معتمدة على بيانات مصدرها المنشورات العامة للمستخدمين على «فيسبوك» و«إنستغرام»، الأمر الذي عدّه بعض الخبراء يجدد المخاوف بشأن «الخصوصية»، ولا سيما أن الشركة كانت قد واجهت اعتراضات سابقة في ما يخص مشروعها لتغذية نماذج الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى توقفه في يونيو (حزيران) الماضي.

«ميتا» كانت قد أصدرت إفادة في سبتمبر (أيلول) الحالي، لتوضيح آلية استخدام المنشورات العامة للمستخدمين على «فيسبوك» و«إنستغرام» اللتين تملكهما. وقالت إنها «تشمل الصور والمنشورات والتعليقات فقط، بهدف تغذية نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي». وشددت الشركة على أن المحتوى المستخدم لن يشمل الرسائل الخاصة أو أي بيانات صنّفها المستخدم تحت عبارة خاص أو محمي، كما لن تشارك أي معلومات من حسابات المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة.

حاتم الشولي، المشرف على تحرير الإعلام الرقمي في قناة «الشرق للأخبار» قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يرى أن الخطوة تأتي في إطار سعي «ميتا» لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. وأوضح أنها «خطوة في الاتجاه الصحيح؛ لكنها تصب في مصلحة (ميتا)، التي تسعى للبقاء منافساً قوياً في سوق التكنولوجيا المتقدمة». وأضاف: «(ميتا) هي الشركة الأضخم من حيث الاستحواذ على بيانات المستخدمين، وكانت منذ نشأتها الأكثر مرونة في التعاطي مع المتغيرات». وعدّ الشولي أن دخول الشركة في سوق الذكاء الاصطناعي أمر حتمي، موضحاً أن «(ميتا) تحمي نفسها من الشيخوخة، ولا سيما أن منصاتها التقليدية مثل (فيسبوك) بدأت تشهد تراجعاً في شعبيتها».

وعن تهديد مشروع «ميتا» لمبدأ الخصوصية، علّق الشولي بالقول إن «مسألة حماية البيانات قضية جدلية منذ ظهور منصات التواصل الاجتماعي، ولتحليل ما إذا كان مشروع (ميتا) يهدد الخصوصية أم لا، علينا أولاً التفريق بين نوعين من البيانات: الأول هي البيانات المحمية من قبل المستخدم، والثاني يخص البيانات المسموح بمشاركتها وفقاً لرغبة المستخدم أيضاً... وفي مشروع (ميتا) الذي نحن بصدده، أقرّت الشركة بأنها تعتمد على البيانات المعلنة فقط التي يوافق المستخدمون على مشاركتها، مثل العمر، النوع، الموقع الجغرافي، الاهتمامات».

مع هذا، أثار الشولي الحديث عن «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي»، أو النماذج التي تعتمد عليها شركات التكنولوجيا المهيمنة على السوق لتدريب الذكاء الاصطناعي، وقال: «تنظيم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بات أكثر إلحاحاً من أكثر وقت مضى، وبالفعل اتجهت بعض الدول مثل الصين والولايات المتحدة ودول أوروبا في تشريع قوانين لحماية خصوصية المستخدمين». وشدّد «على أهمية وضع معايير واضحة ومهنية تنظم آلية استخدام البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ووجوب الإشارة إلى أن المحتويات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي اعتمدت على مصادر معينة، وذلك من شأنه تحقيق الشفافية، ما يُجنب وقوع أي عمليات تضليل».

للعلم، يأتي مشروع «ميتا» الجديد بعدما كانت قد أعلنت تأجيل إطلاق نماذج الذكاء الاصطناعي في أوروبا، منتصف يونيو (حزيران) الماضي، على خلفية بعض العقبات، من بينها طلب هيئة حماية الخصوصية الآيرلندية تأجيل خطة «ميتا» لاستخدام البيانات من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. ويومذاك أعلنت الشركة أن التوقف أيضاً سيسمح لها بتلبية طلبات «مكتب مفوضية المعلومات البريطاني» (ICO) في ما يخصّ التعليمات التنظيمية لاستخدام البيانات.

ثم إن «ميتا» واجهت في يونيو الماضي انتقادات عدة من قبل «المركز الأوروبي للحقوق الرقمية» (NOYB)، وهي منظمة غير ربحية، مقرّها في فيينا، دعت الهيئات الوطنية لحماية الخصوصية في جميع أنحاء أوروبا، وإلى وقف استخدام محتوى وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض. وبرّرت موقفها بالقول إن «الإشعارات التي تقدمها (ميتا) غير كافية لتلبية قواعد الاتحاد الأوروبي الصارمة المتعلقة بالخصوصية والشفافية»، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء «رويترز».

من جهة ثانية، قال فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن تاريخ شركة «ميتا» المالكة لمنصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» مليء بالثغرات في ما يخص حماية البيانات. وأضاف: «من قبل نماذج الذكاء الاصطناعي، وشركة ميتا تتعامل مع أي محتوى ينشره المستخدمون بشكل علني، باعتباره متاحاً للاستخدام بدليل البيانات التي تُوفَّر للمعلنين»، وتابع: «(ميتا) تقاعست عن تعزيز الشفافية على مدار السنوات الماضية، ما يعقد الوثوق فيها الآن... لقد واجهت (ميتا) مشاكل متكررة في التعامل مع بيانات المستخدمين، وسبق أن واجهت فضائح متعلقة بتسريب البيانات، مثل قضية كمبريدج أناليتيكا». وتعود قضية «كمبريدج أناليتيكا»، ومقرها لندن، إلى عام 2018 حين كُشف عن أن الشركة جمعت البيانات الشخصية لملايين الأشخاص مستخدمة حساباتهم على «فيسبوك»، وجرى استخدام هذه البيانات لأغراض الدعاية السياسية، ما اضطر «فيسبوك» لاحقاً لدفع 725 مليون دولار في إطار تسوية لدعوى قضائية جماعية تخص تلك القضية.

ووفق رمزي، فإن «حماية الخصوصية معضلة لن تحلها شركات التكنولوجيا، لا (ميتا) ولا غيرها... فحماية الخصوصية ميزة تتنافى مع مصالح شركات التكنولوجيا، ولا سيما ونحن أمام نماذج تتنافس في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي». وفي ما يخص مشروع «ميتا» الجديد، قال رمزي إن «النموذج الذي قدّمته الشركة لا يشير إلى أي إلزام بإبلاغ المستخدمين حول استخدام بياناتهم، وهو أمر يعود إلى غياب التشريعات في هذا الصدد». ورهن التزام الشركة بالمصداقية والأخلاقيات المهنية فيما يخص بيانات المستخدمين أو حقوق الناشرين، كذلك بالتشريعات الملزمة.