ما تأثير خدمة «أبل» الجديدة لتسجيل المكالمات وكتابتها على الإعلام؟

ترند

شعار أبل (رويترز)
شعار أبل (رويترز)
TT

ما تأثير خدمة «أبل» الجديدة لتسجيل المكالمات وكتابتها على الإعلام؟

شعار أبل (رويترز)
شعار أبل (رويترز)

أثار إعلان شركة «أبل»، صانعة هواتف «آيفون» إتاحة خدمة تسجيل المكالمات الصوتية وكتابتها، تساؤلات بشأن تأثير الخدمة الجديدة على العمل الإعلامي، لا سيما أن الصحافيين يضطرون لاستخدام تطبيقات خارجية لتسجيل المكالمات الهاتفية المهنية. وفي حين احتفى صحافيون وخبراء بإعلان «أبل»، فإنهم شددوا في المقابل على أن جميع أدوات الذكاء الاصطناعي ليست إلا عوامل مساعدة للصحافي، وبالتالي لن تحل محله.

في مؤتمر المطوّرين العالمي الذي استضافته ولاية كاليفورنيا الأميركية، الأسبوع الماضي، أعلنت شركة «أبل» دمج أدوات تستند إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تحت اسم «أبل إنتليجنس» عبر مجموعة تطبيقاتها بما في ذلك المساعد الصوتي «سيري»، وذلك عبر شراكة مع شركة «أوبن إيه آي» المنتجة لتطبيق «تشات جي بي تي».

وأشارت «أبل» إلى ميزات عدة، ذكرت أنها ستكون متاحة من خلال «أبل إنتليجنس»، منها توفير خدمة تسجيل وكاتبة المكالمات التي تُجرى عبر هواتف «آيفون».

هذه الميزة «لفتت انتباه الصحافيين»، وفق جوشوا بينتون، المدير السابق لمعهد «نيمان لاب»، المتخصص في الدراسات الإعلامية، الذي قال في تقرير نشره المعهد الأسبوع الماضي، إن «عملية تسجيل وتفريغ المكالمات الهاتفية تستغرق نحو 172 في المائة من وقت الصحافي، وتتطلب بالنسبة لمستخدمي هواتف (آيفون) الاستعانة بتطبيقات خارجية معظمها باشتراكات مالية». ولفت بينتون «احتفاء الصحافيين» بما أعلنته «أبل»، مع أن «موعد إطلاق الخدمة لا يزال غامضاً، فهي مرتبطة بإصدار نظام (آي أو إس 18) في سبتمبر (أيلول) المقبل، وكذلك بتفعيل خدمة (أبل إنتليجنس) الذي لم يكشف عنه بعد». وأوضح أنه «مراعاةً للمطالب القانونية ستعلن (أبل) للطرفين أن المكالمات ستُسجّل».

وحسب موقع «أبل»، فإن خدمة كتابة المكالمات باللغة الإنجليزية، ستتوفر في كلٍّ من الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكندا والهند وآيرلندا ونيوزيلندا وسنغافورة، وباللغة الإسبانية في كل من الولايات المتحدة والمكسيك وإسبانيا، إضافةً إلى اللغة الفرنسية في فرنسا، والألمانية في ألمانيا، واليابانية في اليابان، في حين يعمل باللغة الصينية في الصين وتايوان، والكانتونية في الصين وهونغ كونغ، والبرتغالية في البرازيل. وستتيح الخدمة الجديدة تلخيص النصوص وإنشاء محتوى آخر، مثل الرسوم المتحركة المخصصة لأمور منها على سبيل المثال تمني عيد ميلاد سعيد لصديق.

من جانب آخر، كانت «أبل» قد أفادت بأن دمج «تشات جي بي تي» في أجهزتها سيكون متاحاً في وقت لاحق من هذا العام، وستتبعه ميزات الذكاء الاصطناعي الأخرى. ونقلت وكالة «رويترز» عن كريغ فيديريغي، المدير التنفيذي للشركة، في أثناء إعلانه الخدمات الجديدة: «إننا نسعى لأن يكون المُستخدم قادراً على استخدام هذه النماذج الخارجية من دون الحاجة إلى التنقل بين الأدوات المختلفة». أما سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، فأعرب على منصة «إكس» عن «تحمس» شركته الشديد «للتعاون مع (أبل) على إدراج (تشات جي بي تي) ضمن أجهزتها في وقت لاحق من هذه السنة». وللعلم، كانت «أبل» قد دشنت الشراكة مع «أوبن إيه آي» خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

حول الخدمة الجديدة

في لقاء مع «الشرق الأوسط»، قالت ليلى دومة، الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، إن خدمة «أبل» الجديدة كباقي مميّزات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي «تُسهم في تسهيل عمل الصحافي والإعلامي»، وإن «البعض قد يتخوّف من تداعيات الذكاء الاصطناعي على المهنة، لا سيما في ظل الحديث عن أن التكنولوجيا ستحل محل الصحافي، إلا أن جميع مُخرجات الذكاء الاصطناعي لا تستطيع إلغاء مهمة الصحافي، بل على العكس هي أدوات مساعدة للعمل، ويتوجب على الصحافي إكمال المهمة بالمراجعة والتدقيق وإعادة الصياغة».

أما الدكتور أشرف الراعي، الكاتب الصحافي الأردني والخبير القانوني المختص بالجرائم الإلكترونية وتشريعات الإعلام، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام الجديد سيشكل قيداً على عمل الصحافي، لا سيما، في ظل التحول نحو التكنولوجيا الحديثة والمنصات الرقمية، وهو ما يخالف ويتعارض مع المعاهدات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي تستهدف دوماً تعزيز حرية الوصول إلى المعلومات».

وأبدى الراعي تساؤلات بشأن تأثير الخدمة الجديدة على الخصوصية، «إذا ما سُمح بتسجيل المكالمات من دون إذن صاحب الشأن». وأردف: «يُعد الحق في الحياة الخاصة للإنسان من أقدس الحقوق التي نصَّت عليها النظم القانونية المُعاصرة من دساتير، وتشريعاتٍ داخلية، ومواثيق وعهود دولية. إن حرمة الحياة الخاصة وحمايتها مرآة لتطور المجتمع واستقراره، لا سيما في ظل التنافس المحموم بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، لاجتذاب أكبر عدد من المتابعين والمعجبين».


مقالات ذات صلة

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

العالم العربي ندوة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

حالة استنفار تشهدها مصر أخيراً لمواجهة انتشار «الشائعات»، تصاعدت مع إعلان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الثلاثاء، عزمه إطلاق موقع «امسك مزيف».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
إعلام إدمون ساسين (إنستغرام)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق وزير الإعلام سلمان الدوسري التقى رئيسة الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية كاو شومين (واس)

شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية مع القطاعين العام والخاص

اختتم وزير الإعلام السعودي، اليوم، أعمال برنامج الشراكة الإعلامية السعودية الصينية، وشهدت الزيارة إبرام اتفاقيات وبرامج تنفيذية وورش عمل بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين منصة سعوديبيديا وجامعة بكين للغات والثقافة (الخارجية السعودية)

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

التقى سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، في بكين، اليوم الخميس، مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية

إيلي يوسف (واشنطن)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».