صبا عودة لـ «الشرق الأوسط» : الإعلام عند مفترق طرق

مذيعة «الشرق بلومبرغ» تهمّ باستكشاف قصص الفاعلين وتجاربهم في مختلف أنحاء العالم

جانب من برنامج حديث مع صبا (الشرق الأوسط)
جانب من برنامج حديث مع صبا (الشرق الأوسط)
TT

صبا عودة لـ «الشرق الأوسط» : الإعلام عند مفترق طرق

جانب من برنامج حديث مع صبا (الشرق الأوسط)
جانب من برنامج حديث مع صبا (الشرق الأوسط)

تأمل الإعلامية المخضرمة صبا عودة، مذيعة قناة «الشرق بلومبرغ»، لاستكشاف ورواية قصص لأشخاص فاعلين حول العالم، تكون تجاربهم زاخرة بالخبرات والمهارات التي تهم شريحة كبيرة من الناس، وذلك من خلال برنامجها الجديد «حديث مع صبا» الذي أطلقته أخيراً عبر قناة «الشرق بلومبرغ». ويتضمن البرنامج، وفق عودة، مشاركة «تجارب أولئك الفاعلين الحيويين عبر تسليط الضوء على قصصهم وخبراتهم بشكل مباشر»، وأشارت، في الوقت نفسه، إلى أنه على الرغم من «ازدحام الفضاء الإعلامي بالبرامج الحوارية... فإنه لا توجد محادثتان متماثلتان».

صبا عودة ("الشرق الأوسط")

ترك الإرث

رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن الهدف من إطلاق برنامج «حديث مع صبا»، قالت صبا عودة: «لدينا جميعاً وقت محدود في هذه الدنيا، وهذا الوقت مقسّم بين العمل والراحة والترفيه. والدنيا مليئة بالعلوم والفنون والخبرات والمهارات التي نودّ أن نتعلمها، إلا أننا قد نحتاج إلى حيوات عدة لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا، والقيام بدورنا نحو مجتمعاتنا، وترك الإرث المرجو وراءنا». ثم أردفت مضيفة: «لكننا نستطيع تعويض جزء من ذلك عبر التعلّم من تجارب الآخرين. وفي برنامج (حديث مع صبا) نشارك متابعينا تجارب الفاعلين الحيويين في عالمنا».

وحول اختلاف البرنامج الجديد عن برامج الحوار التقليدية، قالت عودة: «يُعدّ فن الحوار أساس برنامج (حديث مع صبا)... فالبرنامج عبارة عن رحلة بين الحديث المتدفق مع الضيوف، نغوص خلاله من دون قيد أو شرط بين أفكار الضيوف وتجاربهم. وبعد أن نذوب ونضيع داخل عقولهم، نجد طريق العودة بعد اكتساب كثير من الأفكار والرؤى والانطباعات». وتابعت: «أنا أؤمن بأن الأشخاص المملّين فقط هم الذين يُجرون حوارات تتكوّن من أسئلة وأجوبة محدّدة؛ فالمتعة والاستفادة الكبريان تكمنان في فن المُحادثة الحقيقية ولعبة العقول المقترنة بها».

أبرز القضايا

عودة لفتت أيضاً إلى أن برنامج «حديث مع صبا» يذهب حيث تكون القصة، ويمكن العثور على الإلهام، وأوضحت: «إننا نتحدث إلى رواد الأعمال وكبار رجال الأعمال ومديري الاستثمارات وصانعي السياسات، وكذلك إلى الفنانين والرياضيين والناشطين والممثلين والحالمين وأصحاب الإنجازات وصانعي التغيير»، ثم شرحت: «لا توجد محادثتان متماثلتان، وذلك في ضوء الفضاء الرقمي، حيث أصبحت الساحة مزدحمة بالبرامج الحوارية».

وأضافت «... وأيضاً لا يوجد برنامجٌ واحدٌ يجذب جميع الشرائح، ويلبي اهتمامات جميع المشاهدين؛ لذا، إذا كان موضوع البرنامج جذاباً للقطاع الأكبر من الناس، فليس مؤكداً أن يكون لأسلوب المحاور والنقاش نفسه الجاذبية نفسها. صحيح أنه في ظاهر الأمر، تبدو البرامج الحوارية جميعاً متشابهة... لكن الحقيقة أنها مختلفة مثل أصابع اليد الواحدة».

ومن ثم، قالت صبا عودة: «... حسب وجهة نظري، ما يُميّز البرنامج الحواري عن الآخر شيئان: الضيف والمُحاوِر. الضيف هو عنصر جذب المشاهد، والمُحاوِر الجيد هو من يدير عملية الجذب عبر حواره مع الضيف. ولكي يكون البرنامج الحواري ناجحاً لا بد أن يكون الاثنان جيدين. إن الأمر أشبه بلعبة كرة القدم... حيث يُمرِّر المحاور الكرة للضيف ليسجل أهدافاً».

ثم شددت عودة خلال الحديث على «أن المشاهدين يمنحوننا وقتهم الثمين مقابل ما ينتظرونه من معلومات أو تسلية، وهم يثقون بنا لنكون ممثليهم أمام الضيوف، ويتوقعون أننا سنطرح الأسئلة التي تتبادر إلى أذهانهم، ونُتبِعها بالأسئلة والتعليقات التي يريدون أن يردّوا بها على إجابات الضيف. ولدى العودة إلى سؤالك، مع قائمة ضيوفنا المميزة، أعتقد أن فرص نجاحنا - مثلما يردد دونالد ترمب - «ضخمة».

ضيوف البرنامج

وعن الضيوف الذين انطلق البرنامج بهم قالت عودة: «في الحلقة الأولى كان ضيفنا محمد بن محفوظ العارضي، رئيس مجلس إدارة شركة (إنفستكورب)، والقائد السابق للقوات الجوية العمانية، وهو يتمتع بعقل لامع، ولديه رحلة حياة غنية وملهمة للغاية... ثم في الحلقة الثانية، استضفنا صادق أنور صبّاح، رئيس مجلس إدارة شركة (صبّاح إخوان) للإنتاج الفني، وأحد أبرز منتجي المحتوى التلفزيوني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي أنتجت شركته عشرات المسلسلات الرمضانية الناجحة. وهذان الاسمان أعطيا انطباعاً عن نوعية الضيوف الذين نحاورهم في (حديث مع صبا). وبالفعل، لدينا مجموعة كبيرة من الأسماء التي نخطط لاستضافتها في البرنامج بمعدل اسم واحد شهرياً». وعن ردود الأفعال بعد عرض أولى الحلقات من البرنامج، قالت عودة: «أسعدني الاستقبال الإيجابي للبرنامج، وأسعدني أنه وصلت إلى ضيوفنا أيضاً الانطباعات الإيجابية نفسها حول الحلقات».

صناعة الأثر

بعدها انتقلت «الشرق الأوسط» لتسأل عودة عن وجهة نظرها فيما يتعلق بـ«صناعة الأثر في الإعلام» خلال هذه الفترة، وإذا ما كانت تفضل «الكمّ» - بمعنى عدد المشاهدات - أم «الكيف» - بمعنى المحتوى القوي الموجّه إلى شريحة محددة كأصحاب القرار-. وهنا كان رد عودة صريحاً؛ إذ قالت: «أعتقد أن إجاباتي السابقة تجعل من السهل التكهّن بأنني أنتمي إلى المعسكر الثاني، أي معسكر (الكيف)؛ فأنا أؤمن بأن الأثر المطلوب يتحقق عبر المحتوى المتخصّص الذي يلبي احتياجات الجمهور المتخصص».

بعدها، صرّحت بأن الإعلام والصحافة «يمرّان الآن بمفترق طرق» وفقاً لاعتقادها، وتابعت شارحةً: «لدى النظر إلى كل ما يحدث في العالم، من الحروب وحركات التمرد إلى التوترات الجيوسياسية، والحروب التجارية، وتزييف الحقائق، فإن مسؤولية وسائل الإعلام الآن أكبر وأهم من أي وقت مضى». وهي ترى أن وقوف الصحافيين والإعلامين مع «الجانب الصحيح» أو «الحق» «أكثر من مجرد موقف مهني»؛ واصفة ذلك بأنه «موقف أخلاقي قبل أي شيء».

وتابعت: «أنا من المؤمنين بأننا، نحن المجتمع الإعلامي، ما لم نراجع أنفسنا باستمرار، وما لم نحاسب أنفسنا مثل القضاة، وما لم ندع بوصلتنا الأخلاقية ترشدنا، أي بكلام آخر... إذا تخلينا عن مسؤوليتنا تجاه الجمهور، فسوف يتفكّك المجتمع ونخسر كل التقدم الذي حققته البشرية».

وكان الختام، السؤال عن رأي صبا عودة في تهديد الذكاء الاصطناعي للإعلام، فأجابت: «الذكاء الاصطناعي هو وسيلة تستوجب إدارته والتحكم فيه لخدمتنا، وتسهيل كثير من أعمالنا، وفي رأيي هو يستوجب تشريعات مثله مثل أي أداة تخدم البشرية».


مقالات ذات صلة

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

آسيا صحافيون أفغان في لقاء بمكتب أخبار «تولو» في العاصمة كابل (إعلام أفغاني)

«طالبان» تحظر البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية

فرضت حكومة «طالبان» في كابل، حظراً على البث المباشر للبرامج الحوارية السياسية بالقنوات الإخبارية الأفغانية، ما أثار موجة إدانات دولية من مختلف أنحاء العالم.

عمر فاروق (إسلام آباد)
المشرق العربي عربة عسكرية إسرائيلية خارج المبنى الذي يستضيف مكتب قناة الجزيرة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

«الجزيرة» تعدّ اقتحام القوات الإسرائيلية لمكتبها في رام الله «عملاً إجرامياً»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه أغلق مكتب قناة «الجزيرة» في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، لأنه «يحرض على الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
يوميات الشرق تقرير «ليونز العالمي» يُعدّ معياراً عالمياً موثوقاً في مجالات الإبداع والتسويق لدى الوكالات والعلامات التجارية (الشرق الأوسط)

«SRMG Labs» تحصد لقب أفضل شركة سعودية للخدمات الإبداعية والإعلانية

حلّت «SRMG Labs» شركة الخدمات الإبداعية والإعلانية في المراتب الأفضل بين الشركات المدرجة هذا العام في تقرير «ليونز العالمي للإبداع».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق صدر كتاب السيرة الذاتية للإعلامي اللبناني كميل منسّى بعد أشهر على وفاته (الشرق الأوسط)

كميل منسّى يختم نشرته الأخيرة ويمضي

رحل كميل منسى، أحد مؤسسي الإعلام التلفزيوني اللبناني قبل أشهر، فلم يسعفه الوقت ليحقق أمنية توقيع سيرته الذاتية. تسلّم ابنه الأمانة وأشرف على إصدار الكتاب.

كريستين حبيب (بيروت)
العالم شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تحظر وسائل الإعلام الحكومية الروسية على منصاتها

أعلنت مجموعة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، فرض حظر على استخدام وسائل الإعلام الحكومية الروسية لمنصاتها، وذلك تجنّبا لأي «نشاط تدخلي أجنبي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مجلة تثير جدلاً حول الحريات في ألمانيا

يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)
يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)
TT

مجلة تثير جدلاً حول الحريات في ألمانيا

يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)
يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)

قمع حرية التعبير أم حماية الديمقراطية؟ من الأسئلة التي باتت تواجه المشرّعين والسياسيين الألمان بشكل مزداد. وفي حين كانت الانتقادات خلال الأشهر الماضية تصبّ على تعامل السلطات الألمانية القاسي مع المدافعين عن الفلسطينيين، فتحت وزارة الداخلية الألمانية جبهة جديدة في «الصراع حول الحريات».

بدأت الانتقادات لوزيرة الداخلية نانسي فيزر بعدما قرّرت حظر مجلة «كومباكت» اليمينية المتطرفة وإغلاقها بحجة «حماية الديمقراطية والدستور». ولكن بعد أيام قليلة عادت محكمة لتقلب قرار الداخلية وتسمح للمجلة بالعودة إلى النشر. ومع أن قرار المحكمة كان «مؤقتاً» يسري مفعوله لغاية درس ملف المجلّة بشكل معمّق والتوصّل إلى قرار نهائي حول قانونية الحظر، جاءت الانتقادات لوزيرة الداخلية لاذعة.

غلاف أحد أعداد مجلة "كومباكت" اليمينية المتطرفة (IPON-MAGO)

انتقادات... بالجملة

بل إن فيزر، التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الحاكم، تتعرض فقط لانتقادات اليمين المتطرف واليمين التقليدي، بل كذلك من شركائها في الحكومة الذين حتى دعوها للاستقالة. ذلك أن نائب رئيس «البوندستاغ» (مجلس النواب)، فولفغانغ كوبيكي، المنتمي للحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي الوسطي)، الشريك في الائتلاف الحاكم، قال إن على فيزر «أن تفكّر بالاستقالة... وأن تنظر إلى نفسها وتسأل ما إذا كانت تريد أن تستمر بالقيام بحملات لصالح حزب البديل لألمانيا»، أم لا.

تصريحات مشابهة جاءت من حزب المعارضة الرئيسي، الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين تقليدي)، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، ومن «شقيقه» الاتحاد المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا. وجاء على لسان النائب ألكسندر هوفمان، من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قوله إن «الانتصار المرحلي لمجلة يمينية متطرّفة يظهر أن فيزر تصرّفت عبر قرارها المتسرّع بصورة معاكسة لحماية الديمقراطية».

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (رويترز)

المتطرفون يهزأون

أما حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف فقد هزأ من قرار الحظر، ودعت زعيمته أليس فايدل إلى إقالة فيزر على الفور. وللعلم، «البديل لألمانيا» حزب مصنّف يمينياً متطرفاً، ويتقدم باستطلاعات الرأي في الانتخابات المحلية المقرر تنظيمها بولايات ألمانية شرقية خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

مجلة «كومباكت» تؤيد بقوة الحزب المتطرف وتروّج لأفكاره، وغالباً ما تستضيف قادته وسياسييه. وفي هذه الأثناء، يثير تقدّم هذا الحزب في ولايات شرق البلاد الشرقية قلق الأحزاب الألمانية التي تعهدت كلها برفض التحالف معه حتى على الصعيد المحلي. وجاء كثير من انتقادات السياسيين لقرار فيزر، بسبب المخاوف من أن يترك حظر المجلة تأثيراً عكسياً على الناخبين، ويتسبّب بدفعة تعاطف إضافية للحزب المتطرف.

مع هذا، ظلت الوزيرة فيزر مصرّة على أنها اتخذت القرار الصائب، ووصفت قرار المحكمة التي تلقت طعناً قانونياً من المجلة، بأنه «ضروري في الديمقراطيات»، لكنها أكدت أن الداخلية «ستثبت للمحكمة بأن قرارها صائب».

ما يُذكر أن فيزر استندت في قرار الحظر إلى القوانين التي تُجيز منع الجمعيات ويمكن تطبيقه على شركات «في ظروف خاصة». وهي في قرار الحظر، لم تستهدف فقط المجلة، بل أيضاً الشركة التي تملك المجلة. ويسمح القانون بحظر الشركات التي «تعمل بصورة مخالفة للدستور».

ووصفت الوزيرة المجلة بأنها «قومية وتعتمد على مبدأ إثني اجتماعي، وتسعى لإبعاد الإثنيين الأجانب عن الدولة، الأمر الذي يتجاهل كرامة الناس الذين لا تنطبق عليهم أوصاف هذا المبدأ الإثني». أكثر من هذا، أورد قرار الحظر كذلك أن المجلة تستخدم بشكل متكرّر «خطاب المقاومة والثورة، وتروّج بشكل عدواني للانقلاب على النظام السياسي»، وهو ما يمكن «أن يشجع القراء على التصرف ضد الدستور».

يقدّر عدد قراء المجلة بنحو 40 ألفاً وهي تنشر على الإنترنت وتطبع بشكل شهري ولديها قناة على «يوتيوب» تبث عليها برامج أسبوعية

خلفيات عن «كومباكت»

جدير بالذكر، أنه سبق للاستخبارات الألمانية أن مجلة «كومباكت» من قبل بأنها «يمينية متطرفة» عام 2021، وهي تخضع للمراقبة منذ ذلك الحين. وراهناً، يقدّر عدد قراء المجلة بنحو 40 ألفاً، وهي تنشر على الإنترنت وتطبع أيضاً بشكل شهري، ولديها كذلك قناة على «يوتيوب» تبث عليها برامج أسبوعية. ومن «ضيوفها» وكتّابها الدائمين مارتن سيلنر، النمساوي اليميني المتطرف الذي كان شارك في اجتماع سرّي كشفه الإعلام الألماني نهاية العام الماضي بألمانيا، وناقش ترحيل ملايين المهاجرين من حملة الجنسية الألمانية. ولقد شارك سيلنر في ذلك الاجتماع، الذي ذكّر باجتماع النازيين لبحث «الحل النهائي» الذي سبق محرقة «الهولوكوست»، سياسيون من حزب «البديل لألمانيا».

أسّس «كومباكت» يورغن إيلاسر عام 2010 في برلين، وهو رئيس تحريرها منذ ذلك الحين، ولقد داهمت الشرطة منزله يوم إعلام حظر المجلة. وإبّان أزمة اللاجئين عام 2015، نشرت المجلة على غلافها صورة لأنجيلا ميركل وهي ترتدي الحجاب. ونشرت مقالاً تتهم فيه حكومة ميركل «بإغراق ألمانيا بشكل منهجي وخلط جيناتها بثقافات أجنبية بهدف تقليص الذكاء العام للشعب».

من جهة ثانية، منذ الحرب في أوكرانيا، اعتمدت المجلة خطاباً شبيهاً بخطاب اليمين المتطرف معادياً لأوكرانيا ومؤيداً لروسيا. وقبل فترة قصيرة، نشرت موضوعاً تحت عنوان «مجرمو حرب: كيف يخطّط جنرالات ألمان لاعتداء على روسيا». وبالتوازي، تصف المجلة سياسيين من حزب «البديل لألمانيا» مقرّبين من روسيا والصين، مثل ماكسيمليان كراه - الذي اعتقل مساعده بتهمة التجسس للصين - بأنهم «وطنيون تشوه سمعتهم بتهم التخوين». وقبل سنة تقريباً كتب إيلاسر نفسه مقالة قال فيها: «إننا، ببساطة، نريد الانقلاب على النظام». وهذه كلها مقاطع ستعتمدها وزارة الداخلية لتبرير قرار الحظر أمام المحكمة، وتأمل في أن تقبل بها وتعدّها كافية لتأكيد قرارها.

ولكن، في حال خسارة الوزارة القضية، ستكون وزيرة الداخلية أمام أزمة حقيقية قد تدفعها فعلاً إلى الاستقالة. وبالتالي، سيستخدم اليمين المتطرف، حتماً، قرار الحظر ثم سيلغيه لتحقيق مكاسب إضافية بعدما أصبح الحزب ثاني أقوى أحزاب البلاد بنسبة تأييد تتراوح بين 17 في المائة و19 في المائة، بعد الاتحاد الديمقراطي المسيحي، مع أنه قبل بضع سنوات لم تكن نسبة تأييده على الصعيد الوطني تتجاوز 11 في المائة.