ما هو تأثير تهديد «غوغل» بوقف «مبادرة الأخبار» في أميركا على الناشرين؟

شعار غوغل (رويترز)
شعار غوغل (رويترز)
TT

ما هو تأثير تهديد «غوغل» بوقف «مبادرة الأخبار» في أميركا على الناشرين؟

شعار غوغل (رويترز)
شعار غوغل (رويترز)

دخلت الولايات المتحدة الأميركية على خط الصراع بين شركة «غوغل» والناشرين بشأن عوائد الأخبار، الأمر الذي عدّه خبراء خطوة قد تدفع دولاً أخرى إلى السعي لإجبار «غوغل» ومنصات التواصل على الدفع مقابل نشر المحتوى الإخباري. وحذّروا من «إمكانية أن يتضرر الجمهور» حال عدم الوصول إلى صيغة ملائمة لحلحلة الصراع.

«غوغل» كانت قد هددت أخيراً بوقف استثماراتها في مبادرة «غوغل للأخبار» داخل الولايات المتحدة، إذا مرّرت ولاية كاليفورنيا مشروع قانون جديداً من شأنه فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى مقابل الروابط إلى محتوى الأخبار، بحسب ما نشره موقع «أكسيوس» الأميركي الأسبوع الماضي. ولقد دفع تهديد «غوغل» بوقف «مبادرة الأخبار» إلى تساؤلات بشأن تأثير ذلك على الناشرين.

الواقع أن هذه هي المرة الثانية خلال العام الحالي التي تهدّد فيها الشركة بسحب الاستثمار في الأخبار، رداً على مساعي ولاية كاليفورنيا سن قوانين في هذا الصدد، لكن الجديد هذه المرة أن تأثير التهديد سيمتد إلى خارج الولاية وفق تقرير «أكسيوس». ذلك أنه سبق لـ«غوغل» أن أعلنت خلال الشهر الماضي عزمها وقف الاستثمارات في غرف الأخبار بولاية كاليفورنيا، بشكل مؤقت، «حتى تتضح صورة البيئة التنظيمية»، وبدأت بالفعل اختبار إزالة روابط الأخبار من نتائج البحث في الولاية.

من ناحية أخرى، كان الصراع قد بدأ في ظل محاولات كاليفورنيا إقرار قانون «هدفه الحفاظ على الصحافة في الولاية». ثم تفاقم عقب تقديم مشروع قانون جديد في الولاية أخيراً من شأنه فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى مقابل الإعلانات الرقمية. وحقاً، نقل «أكسيوس» عن مصادر مطلعة في «غوغل» قولها إن «الشركة قلقة من مشروع قانون ضريبة الإعلانات الجديد في كاليفورنيا الذي يمكن أن يشكل سابقة قد تمتد إلى ولايات أخرى». وكانت لجنة الضرائب بمجلس شيوخ كاليفورنيا قد وافقت على مشروع قانون «ضريبة الإعلانات» يوم 8 مايو (أيار) الحالي.

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، رأى أن «شركة (غوغل) تشعر بالقلق بشأن مشروع القانون الذي يهدف بحسب مؤيديه إلى تنشيط صناعة نشر الأخبار المحلية». وأوضح خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «الإشكالية الرئيسية في هذا الموضوع أن العائد من الإعلانات لا يغطي الكلفة التي تطالب الحكومات بتسديدها للناشرين مقابل محتواهم»، وتابع أن «هذا الخلاف بدأ منذ سنوات طويلة بين منصات التواصل الاجتماعي و(غوغل) من جهة والحكومات والمواقع الإخبارية من جهة أخرى، وحتى الآن لم يتسنَّ الوصول إلى صيغة ترضي جميع الأطراف، لدرجة أن منصات التواصل و(غوغل) بدأت بفرض قيود شديدة على المحتوى الإخباري، ولذا يكون الخاسر هو القارئ».

كيالي أشار إلى أن «تقييد نشر الأخبار على (غوغل) ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى سيكون له أثر كبير على الناشرين، لأن المواقع الإخبارية لم تجد حتى الآن وسائل بديلة، جادة ونافعة، لترويج ونشر محتواها». إلا أنه يلفت إلى «حجم الاستنزاف الذي يتعرّض له الناشرون بسبب حرمانهم من العوائد المادية للمحتوى الذي ينتجونه، لا سيما مع اعتماد القراء على تصفّح الأخبار عبر منصات التواصل، ومحرّك البحث (غوغل). وبالفعل، فإن هذا الصراع بين (غوغل) والناشرين قديم، وقد سبق بعض الدول ولاية كاليفورنيا في هذا المجال، منها أستراليا التي سنت عام 2021 قانوناً أجبر شركات التكنولوجيا على التفاوض مع الناشرين بشأن عائدات الأخبار، وتبعتها كندا بقانون مماثل».

وخلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أشار محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، إلى أن «الصراع بين (غوغل) والناشرين قديم جداً؛ سواء داخل الولايات المتحدة أو في دول أخرى حول العالم... وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة تظهر (غوغل)، التي تمتلك أكبر حصة إعلانية على الإنترنت، باعتبارها الفرس الرابح للناشرين». وأردف أن «الخلافات بين (غوغل) والناشرين تتمحور حول نسبة ما يحصل عليه الناشرون من عائدات الإعلانات، التي تعرض مع محتواهم على (غوغل)، في حين ترى (غوغل) أنها تدافع عن حصتها في السوق، وأنها تساعد الناشرين في الوصول إلى جمهور أكبر».

وبحسب فتحي، فإن «القانون المزمع تمريره في كاليفورنيا قد يجبر (غوغل) على إعادة التفاوض مع الناشرين بشأن شروط استخدام المحتوى، وهو ما يؤدي إلى زيادة إيرادات الناشرين، وفي الوقت نفسه يزيد من تكاليف (غوغل)».


مقالات ذات صلة

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

العالم العربي ندوة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

حالة استنفار تشهدها مصر أخيراً لمواجهة انتشار «الشائعات»، تصاعدت مع إعلان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الثلاثاء، عزمه إطلاق موقع «امسك مزيف».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
إعلام إدمون ساسين (إنستغرام)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق وزير الإعلام سلمان الدوسري التقى رئيسة الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية كاو شومين (واس)

شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية مع القطاعين العام والخاص

اختتم وزير الإعلام السعودي، اليوم، أعمال برنامج الشراكة الإعلامية السعودية الصينية، وشهدت الزيارة إبرام اتفاقيات وبرامج تنفيذية وورش عمل بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين منصة سعوديبيديا وجامعة بكين للغات والثقافة (الخارجية السعودية)

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

التقى سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، في بكين، اليوم الخميس، مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
إعلام ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية

إيلي يوسف (واشنطن)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».