تفعيل «ميتا» خدمة الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف الناشرين

شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)
شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)
TT

تفعيل «ميتا» خدمة الذكاء الاصطناعي يثير مخاوف الناشرين

شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)
شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

أثار إعلان شركة «ميتا» الأميركية العملاقة الإطلاق الفعلي لأداة الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها عبر جميع تطبيقاتها؛ أي «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» و«واتساب»، مخاوف الناشرين بشأن تقليل وصول المستخدمين للأخبار، لا سيما مع توفير خدمة اختصار الخبر من دون الحاجة للضغط على الرابط. وفي حين اعتبر بعض الخبراء أن «ميتا» عازمة في مسار التراجع عن دعم الأخبار، عدّ آخرون الأداة الجديدة «فرصة إيجابية لصناع الإعلام والصحافة إذا تم تطويعها في خدمة تطوير وتحسين المحتوى».

«ميتا» كانت قد أعلنت يوم 18 أبريل (نيسان) الحالي عن إطلاق أحد «مساعدي الذكاء الاصطناعي التوليدي» من خلال تزويد «زر» على جميع تطبيقاتها يسمح للمستخدمين بالتواصل مع روبوت للدردشة، وطرح الأسئلة والاستفسارات وكذلك توجيه الأوامر. ومن بين هذه الخدمات «تلخيص الأخبار من دون الحاجة للضغط على رابط الناشر الأصيل»، كما بإمكان مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«ميتا» توليد صورة من العدم. وكل هذه خدمات أثارت مخاوف ليس فيما يخص حاجة المستخدمين إلى منتجات إعلامية وصحافية فحسب، بل أيضاً فيما يتعلق بـ«ضوابط الاستخدام والحد من التضليل ونشر المعلومات غير الموثوقة».أداة «ميتا» الجديدة جاءت وسط منافسة محتدمة بين كبريات شركات التكنولوجيا؛ إذ سبقها «تشات جي بي تي» الذي طرق سوق التكنولوجيا منذ 2022 ثم «جيميني» ذراع «غوغل» للذكاء الاصطناعي التوليدي، وكذلك «بينغ» مساعد «مايكروسوفت»، وهي جميعاً تتنافس بهدف جذب المستخدم والاستحواذ على أكبر قدر من البيانات.

من جهة ثانية، على مدار العامين الماضيين توالت سقطات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن يبدو أن عمالقة التكنولوجيا ماضون قدماً في إطلاق مزيد من الأدوات الجديدة وتوفيرها للمستخدمين مع تخفيف القيود أو إزاحتها تماماً كما فعلت «ميتا»، التي طرحت مساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي مجاناً ومن دون ضوابط... وهذا بعكس منافسيها الذين طرحوا جزءاً من أدوات الذكاء الاصطناعي بمقابل مدفوع وفي دول بعينها. ويرى مراقبون، اليوم، أن عنصري المجانية والإتاحة فاقما من المخاوف بشأن معايير الاستخدام الآمن، لا سيما أنه لا توجد حالياً طريقة لإيقاف تشغيل مساعد «ميتا» للذكاء الاصطناعي داخل التطبيقات.

الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، مارك زوكربيرغ، كتب أخيراً عبر «إنستغرام» شارحاً: «نعتقد أن مساعد ميتا للذكاء الاصطناعي، هو الأداة الأكثر ذكاءً التي يمكنك استخدامها بحرية»، وذلك في إشارة إلى مجانية الخدمة وإتاحتها لجميع المستخدمين. غير أن زوكربيرغ وجه تحذيرات بشأن دقة الأداة، قائلاً: «بعد اختباره لمدة ستة أيام، نصيحتي هي التعامل معه بحذر، لأنه يرتكب الكثير من الأخطاء عند التعامل معه بوصفه محرك بحث». ومن ثم، وجّه المستخدمين إلى الاعتماد على مساعد «ميتا» بغرض الترفيه والمرح لا جمع البيانات أو البحث عن معلومات دقيقة. وهذا ما أكدته ناطقة باسم «ميتا» بالقول لـ«نيويورك تايمز»، إن «التكنولوجيا الجديدة لا تقدم دائماً استجابات دقيقة على غرار تقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى».

خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال أمير جمعة، منتج وسائل التواصل الاجتماعي في «اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، إن مساعد «ميتا» للذكاء الاصطناعي التوليدي بمثابة «تسريع لوتيرة تضمين هذه التكنولوجيا ضمن سلوك المُستخدم». وأردف: «تعود خطورة وأهمية أداة (ميتا)، تحديداً، إلى حجم مستخدمي تطبيقات الشركة... الذين بات بإمكانهم تفعيل الذكاء الاصطناعي من دون محاذير أو قيود». وتابع: «ما قدمته (ميتا) هو تجربة شاملة تضم جميع مزايا أدوات الذكاء الاصطناعي تقريباً، مثل توليد صورة أو نص من العدم، والبحث، واختصار نص وغيرها من الخدمات، وجميع هذه الخدمات تتوفر لمليارات المستخدمين».

كذلك لفت جمعة إلى أن «ميتا» هي الشركة الأضخم في سوق تطبيقات التواصل الاجتماعي من حيث عدد المستخدمين النشطين، وتطبيق «فيسبوك» وحده لديه أكثر من 3 مليارات مُستخدم نشط على مستوى العالم، ما يعادل نحو 55 في المائة من مستخدمي الإنترنت، وتعد الإعلانات المصدر المالي الرئيسي للشركة، و«هنا تكمن أهمية بيانات المستخدمين للشركة».

في سياق موازٍ، أشار جمعة إلى أحدث بيان مالي صادر عن شركة «ميتا»، في 24 أبريل (نيسان) الحالي، فقال: «تُقدر إيرادات (ميتا) في الربع الأول من العام الحالي بنحو 36.46 مليار دولار، وتمثل الإعلانات وحدها نحو 98 في المائة من إجمالي الإيرادات، بزيادة قدرها 27 في المائة مقارنة بالعام الماضي... وبناءً عليه، لضمان جذب المعلنين كان على الشركة أولاً تقديم ضمانات تقضي باستمرارية بقاء المستخدمين ومواجهة عزوفهم إلى تطبيقات أخرى منافسة على شاكلة (تيك توك). وقد توفّر أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة جميع الأغراض هذه، وفي الوقت عينه تجعل مزيداً من بيانات المستخدمين متاحة لدى الشركة من دون ميثاق واضح حول طريقة استخدامها أو مشاركتها».

ما يُذكر، أنه وفقاً للبيان المالي الصادر عن «ميتا»، فإن «الذين ينشطون يومياً عبر منصات (ميتا) بلغ عددهم 3.24 مليار في المتوسط خلال مارس (آذار) الماضي، بزيادة قدرها 7 في المائة على أساس سنوي». كذلك ازدادت مرات ظهور الإعلانات المقدمة عبر مجموعة تطبيقات «ميتا» بنسبة 20 في المائة مقارنة بالعام الماضي. وارتفع أيضاً متوسط سعر الإعلان بنسبة 6 في المائة على أساس سنوي. وتوقّع البيان المالي للشركة «ارتفاع الإيرادات بعد إطلاق أداة الذكاء الاصطناعي»، وذكر أنه «يتوقع أن يتراوح إجمالي إيرادات الربع الثاني من عام 2024 بين 36.5 و39 مليار دولار».

في هذا الشأن، قال جمعة إنه «لا يمكن اختصار دور الصحافة في تلخيص المعلومات كونها المصدر الأصيل والموثوق لدى المُستخدم، بينما تقتصر أداة الذكاء الاصطناعي على نقل المعلومة ربما على نحو مُكثف كطريقة للتسهيل على القارئ»، ولفت إلى أن «المُستخدم المعني بتفاصيل الأخبار لن يكتفي بهذه الخدمة بل سيذهب إلى المصدر وينقر على الرابط». لكنه، في المقابل، لم ينفِ تضرر الإعلام من إطلاق أدوات الذكاء الاصطناعي في العموم، موضحاً أن «الذكاء الاصطناعي التوليدي سيرمي بظلاله على مجال الإعلام بلا شك... وأن الناشرين بحاجة إلى تطويع أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة لتمكين الصحافيين من تحسين جودة الأخبار وليس العكس».

ثم قال: «يمكن لأداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بـ(ميتا) أو بأي شركة أخرى أن تسهل مهمة الصحافي من خلال جمع المعلومات في وقت أقل، بينما المعالجة هي الرهان، كما أن صناعة المحتوى التفاعلي الجذاب لا يمكن اقتصارها على الآلة، فالإبداع وتحقيق معايير المهنية مُرتكزان لا يمكن غض الطرف عن أهميتهما».

من ناحية أخرى، تراجعت أسهم شركة «ميتا» بشكل حاد - أكثر من 15 في المائة – بعدما أعلنت عن إنفاق أعلى من المتوقع على مشروع الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفق بيانات نُشرت في 25 أبريل الحالي، على الرغم من كشف عملاق التكنولوجيا عن «أرقام أرباح قوية». وأعاد الخبراء الخسارة إلى تصريح أدلى به زوكربيرغ أكد فيه أن «الأمر سيستغرق بعض الوقت ليحقق الاستثمار في الذكاء الاصطناعي زيادة في الإيرادات».

في هذا السياق، اعتبر الخبير التقني السعودي خالد أبو إبراهيم، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «التدريب والتوعية للصحافيين أمران شديدا الأهمية للحد من التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي على العمل الصحافي... ويجب أن يكون لدى الصحافيين فهم عميق بالتقنية هذه، للتعاطي معها وتطويعها لخدمة المهنة». ثم شدد على أهمية التشريع كذلك، قائلاً: «يجب وضع تشريعات ولوائح تنظيمية تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بحذر... كما يُفترض أن تتضمن هذه التشريعات ضوابط من شأنها حماية خصوصية المُستخدمين من ناحية، وحقوق الملكية ومكافحة التحيز من ناحية أخرى».

أبو إبراهيم أوضح، من جانب آخر، أنه «توجد تحديات وتوقعات متعددة حول تسريع وتيرة استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام، لذلك يمكن للمؤسسات الإعلامية والشركات التكنولوجية والمنظمات الدولية والحكومات عقد شراكات تشمل تبادل المعرفة والخبرات وتطوير أدوات وتقنيات تعزز الشفافية والمساءلة». ومن ثم، عدّ الخبير التقني السعودي مسألة التعاون الدولي في هذا الصدد «مرتكزاً شديد الأهمية»، فقال إن «ثمة حاجة مُلحة لموقف جماعي أو ميثاق دولي لحماية صناعة الإعلام وضمان الالتزام بمبادئ وقواعد الأخلاق والمسؤولية في استخدام الذكاء الاصطناعي».



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.