كيف يُسهم الإعلام في تسوية النزاعات؟

بعضه قد يتسبب في تأجيج الصراعات بإغفاله مراعاة معايير المهنة والعمل على تغطية أحادية الجانب

 فانيسا باسيل (الشرق الأوسط)
فانيسا باسيل (الشرق الأوسط)
TT

كيف يُسهم الإعلام في تسوية النزاعات؟

 فانيسا باسيل (الشرق الأوسط)
فانيسا باسيل (الشرق الأوسط)

في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط والعالم من صراعات ونزاعات وحروب، برز مفهوم «صحافة السلام» على السطح، محملاً الإعلام مسؤولية في إدارة الأزمات الدولية والمساهمة في حلها، أو حتى الحيلولة دون وقوعها. واتفق خبراء ومسؤولون رسميون على «الدور الحيوي» الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام، بمختلف أشكالها، في «تسوية النزاعات»، بالتزامن مع خطورة التغطية الصحافية، التي قد تتسبب أحياناً في تأجيج الصراعات، إذا غفلت عن مراعاة معايير المهنة ومبادئ «صحافة السلام».

العالمان جيك لينش وآنابيل ماكغولدريك يعرّفان «صحافة السلام»، بأنها «تلك حيث وعندما ينتقي المحررون والمراسلون ما تجب الكتابة عنه، وكيفية ذلك، ما يخلق فرصاً للمجتمع ككل للنظر في الأمور وتقييمها، وتجنب اتخاذ ردود فعل عنيفة تجاه الصراعات، وذلك اعتماداً على تحليل النزاعات لتحديث مفاهيم التوازن والعدالة والدقة في إعداد التقارير».

تعريف «لينش - ماكغولدريك»

إلا أن مركز «صحافة السلام العالمي» في جامعة بارك بولاية ميزوري الأميركية عمل على توسيع تعريف «لينش - ماكغولدريك»، لـ«صحافة السلام»، فجعله «ممارسة يتخذ فيها المحررون والمراسلون خيارات تعمل على تحسين احتمالات السلام». وهذه الاختيارات، بما في ذلك كيفية صياغة القصص واختيار الكلمات المستخدمة بعناية، «تخلق جواً يفضي إلى السلام ويدعم مبادرات السلام وصانعيها، من دون المساس بالمبادئ الأساسية للصحافة الجيدة، حيث تمنح صحافة السلام صانعي السلام صوتاً، وتجعل مبادرات السلام وحلول اللاعنف أكثر وضوحاً وقابلية للتطبيق».

ستيفن يونغبلود (الشرق الأوسط)

بدوره، قال ستيفن يونغبلود، مدير ومؤسس «مركز صحافة السلام العالمي» وأستاذ الإعلام ودراسات السلام في جامعة بارك، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وسائل الإعلام تلعب دوراً حيوياً في تسوية النزاعات، لكنها ليست الوحيدة المنوط بها هذا الدور... تسوية النزاعات وخلق سلام إيجابي يتطلبان تكاتف أطراف عدة، من حكومات وسياسيين وقادة أعمال ومنظمات غير حكومية ومواطنين عاديين ومجموعات الأقليات، وذلك كي يصبح السلام ممكناً ومستداماً». وأضاف أن «بعض وسائل الإعلام عمل تقليدياً على إثارة النزاعات من خلال تغطية أحادية الجانب للصراعات... في حين تقدّم صحافة السلام طريقاً أكثر مسؤولية للإعلام الذي يوازن التغطية، ويمنح دعاة وبناة السلام صوتاً، ويرفض اللغة المثيرة للعداء والضغائن».

في الواقع، تعتمد «صحافة السلام» - كما شرح يونغبلود - على الأفكار التي وضعها الأكاديمي النرويجي يوهان غالتونغ، حيث «يسعى صحافيو السلام إلى تسليط الضوء على الأفراد والمبادرات التي تسعى إلى خلق هذه الظروف المتناغمة، وقيادة حوارات عامة بناءة حول القضايا المتعلقة بالعدالة والإنصاف». ومن ثم أوضح: «هناك عدة تعريفات لصحافة السلام، ثم إن نهج صحافة السلام يمكن استخدامه لتوجيه التقارير حول أي نوع من النزاع، سواءً كان دينياً أو عرقياً أو على الموارد، وهو لا يهتم فقط بالحروب والعنف». واستطرد ليقول: «تقليدياً تم تعريف السلام باعتباره غياب الصراع أو العنف». لكن غالتونغ- الذي يعد «الأب المؤسس لدراسات السلام» - يفرّق بين نوعين منه؛ الأول إيجابي والثاني سلبي، حيث «يعني السلام السلبي غياب الصراع، في حين أن الإيجابي يتكون من الظروف التي يمكن أن تزدهر فيها العدالة والإنصاف والانسجام».

صحافة السلام تغطي كل الأخبار

من جانبها، قالت فانيسا باسيل، الخبيرة الدولية اللبنانية في صحافة السلام ومؤسسة ورئيسة «منظمة إعلام للسلام» (MAP)، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن «صحافة السلام لا تُعنى بالأخبار الإيجابية فقط، بل تغطي كل الأخبار، فهي عبارة عن نموذج لتحسين تغطية النزاعات من خلال مفهوم إصلاحي للعمل الصحافي يردّه إلى طريقه الحقيقي الذي يركز على الأخلاقيات والمبادئ».

وتُعدِّد باسيل 4 مبادئ لصحافة السلام:

«المبدأ الأول أنها حساسة للنزاع وقادرة على فهمه والتعريف بخطورته، والتنبؤ بإمكانية حدوثه. والثاني أنها موجّهة إلى الناس وتعبر عن هواجسهم ومشاكلهم والفئات المهمشة، فهي صوت من لا صوت له. أما المبدأ الثالث فهو أنها صحافة تعنى بالحقائق وتبتعد عن الأخبار الزائفة والأجندات السياسية والدعاية الحربية. ثم المبدأ الرابع الأخير الذي يتمثل باعتماد صحافة السلام مفهوم الحلول، وهي هنا لا تقدم حلولاً للنزاعات، بل تعرض آراء خبراء لديهم حلول حقيقية للصراعات».

وتشير فانيسا باسيل من ثم إلى أن مقابل صحافة السلام يبرز مفهوم صحافة الحرب، التي هي على النقيض من المبادئ الأربعة السابق ذكرها... فهي ليست حساسة للنزاع، وتخدم أجندات النخبة لا الناس العاديين، وتنقل دعاية حربية، موجهة نحو الانتصار وتتعامل مع النزاعات، كأنها مباراة كرة قدم بها خاسر وفائز.

وتتابع باسيل شرحها قائلةً إن «الصحافي مرآة للمجتمع، وعليه أن يخدم السلام ويغطي النزاع بطريقة بناءة». وتضرب مثلاً بالحرب في غزة، وكيف يمكن أن يكون للصحافة دور في نشر السلام «عبر تحاشي المساواة بين الظالم والمظلوم، وإظهار انتهاكات حقوق الإنسان، لأن السلام لا ينفصل عن حقوق الإنسان، إضافة إلى استعراض جذور الصراع ومسبباته». وتضيف أن «الإعلام يستطيع أن يؤجج النزاع أو يخفف من حدته، حسب الطريقة التي يتبعها في التغطية، والكلمات والصور المستخدمة، التي لا تحرض على العنف... واجب التغطية الصحافية أن تكون معمقة تحلل وتستعرض أسباب النزاع... لا أن تتابعه بسطحية».

نهج صحافة السلام يمكن استخدامه لتوجيه التقارير حول أي نوع من النزاع سواءً كان دينياً أو عرقياً أو على الموارد

القراءات الحكومية

والواقع أنه لا يقتصر إدراك أهمية «صحافة السلام» على العاملين في المجال الإعلامي، بل يمتد إلى السياسيين والمسؤولين الإعلاميين الرسميين. وفي هذا السياق، قال أحمد أبو زيد، الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية، إن «منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تشهد انتشاراً غير مسبوق للنزاعات المسلحة، التي باتت تمس مصالح واهتمامات الشعوب، ما فرض مسؤولية إضافية على العاملين في مجال الإعلام، لا سيما في أسلوب تغطية النزاعات، ومدى استيعاب طبيعتها وأبعادها التاريخية والجيوسياسية والاجتماعية وتعقيداتها المتشابكة»، لافتاً إلى «حجم المخاطر التي تحيط بالصحافيين في مناطق النزاع».

أحمد أبو زيد (الشرق الاوسط)

وأضاف أبو زيد، خلال حلقة نقاشية نظمها «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام» أخيراً في القاهرة، أن «حجم النزاعات المحيطة بمصر جعل من كل صحافي مراسل حرب»، وأن «الإعلام الرسمي في مأزق بالنظر إلى كم المعلومات المتداولة من مصادر معلومة أو مجهولة، ما يضيف عبئاً على المتحدثين الرسميين في تحديد متى وكيف يعلق ومن سيتلقى رسالته». وأوضح الناطق باسم «الخارجية» المصرية، أنه «ينبغي على المسؤول الإعلامي الرسمي في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي أن يصيغ كلماته بميزان من ذهب»، مشيراً إلى أن «السعي لصياغة رسالة إعلامية رسمية لا تؤثر على إدارة الأزمة، قد يجعل ردود الفعل الرسمية تبدو متأخرة، أو تتسم بالبطء في ظل سيولة معلوماتية على جميع الوسائط».

أيضاً شدد الناطق باسم «الخارجية» المصرية على «أهمية الإعلام في تسوية وحسم النزاعات والحيلولة دون وقوعها من الأساس». فقال إن «الإعلام قد يدفع إلى تسوية النزاع أو تعقيده وتأخير حله، ما يلقي مسؤولية كبيرة على العاملين في الإعلام في توضيح جذور الصراع وفهم تحولاته، وعدم ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة، ودعم وجهة نظر، وإغفال أخرى».

من جانبه، أكد أحمد عبد اللطيف، مدير «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، أن «التحديات المُتشابكة التي تشهدها المنطقة والعالم تلقي بظلالها على جهود بناء السلام، وكذلك على طبيعة العمل الإعلامي، ما يتطلب توفير أعلى درجات التأهيل والتدريب، من خلال تسليط الضوء على طبيعة النزاع وأسبابه ومراحله وأطرافه، بالإضافة إلى سُبل توظيف الأدوات المُتاحة لتسويته». وتطرق في كلمة له خلال دورة تدريبية نظمها المركز حول «دور الإعلام في تغطية وتسوية النزاعات»، بالقاهرة، أخيراً، إلى «المخاطر التي يتعرض لها العاملون في المجال الإعلامي أثناء تغطية النزاعات»، مدللاً على ذلك «بضحايا الحرب في غزة من صحافيين وإعلاميين». وقال إن «تغطية النزاعات بدقة يواجه تحديات ومخاطر عدة».

وبالفعل، وثقت لجنة «حماية الصحافيين» ومقرها نيويورك، مقتل 94 صحافياً وإعلامياً على الأقل، بينهم 89 فلسطينياً، وإسرائيليان، و3 لبنانيين، وورد أن 16 صحافياً أصيبوا خلال حرب غزة، كما أبلغ عن اختفاء 4 صحافيين واعتقال 25 صحافياً، بحسب إحصائية نشرتها اللجنة مطلع مارس (آذار) الحالي.


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

انحسار الصحف المحلية والإقليمية يؤدي إلى «صحارٍ إخبارية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ندوة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر

«امسك مزيّف»... استنفار مصري لمواجهة «الشائعات»

حالة استنفار تشهدها مصر أخيراً لمواجهة انتشار «الشائعات»، تصاعدت مع إعلان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، الثلاثاء، عزمه إطلاق موقع «امسك مزيف».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
إعلام إدمون ساسين (إنستغرام)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق وزير الإعلام سلمان الدوسري التقى رئيسة الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية كاو شومين (واس)

شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية مع القطاعين العام والخاص

اختتم وزير الإعلام السعودي، اليوم، أعمال برنامج الشراكة الإعلامية السعودية الصينية، وشهدت الزيارة إبرام اتفاقيات وبرامج تنفيذية وورش عمل بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».