كيف يؤثر تعزيز «لينكد إن» لخدمات الأخبار على الإعلام؟

شعار "لينكد إن" (رويترز)
شعار "لينكد إن" (رويترز)
TT

كيف يؤثر تعزيز «لينكد إن» لخدمات الأخبار على الإعلام؟

شعار "لينكد إن" (رويترز)
شعار "لينكد إن" (رويترز)

أثار إعلان منصة «لينكد إن» عزمها زيادة الاستثمار في الأخبار، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على وسائل الإعلام، لا سيما مع تراجع اهتمام عدد من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى بالأخبار. وأكّد خبراء تعليقاً على التطور أن «لينكد إن» يُمكن أن تسهم في جذب الجمهور للمواقع الإخبارية، لا سيما أنها «منصة نخبوية تدعم محتوى جاداً».

وفق دان روث، رئيس تحرير منصة «لينكد إن»، فإن «المنصة تعتزم الاستثمار في الصحافة والأخبار». وأضاف، في حوار مع موقع «أكسيوس» الإخباري، مطلع الشهر الجاري، أن «(لينكد إن) تعمل حالياً مع أكثر من 400 ناشر أخبار على مستوى العالم، بعد التوسع في 12 سوقاً جديدة في الأشهر الستة الماضية».

ويعمل هؤلاء الناشرون مع فريق التطوير والتحرير داخل منصة «لينكد إن»، من أجل تحسين المحتوى الخاص بهم على المنصة سواءً كان نصوصاً أو نشرات إخبارية أو فيديو أو بودكاست، وفقًا لموقع «أكسيوس».

روث أفاد أيضاً بأن «المحتوى الاحترافي الذي يقدمه الصحافيون والناشرون غالباً ما يُستخدم نقطة انطلاق لمستخدمي (لينكد إن) للتفاعل بشكل أكبر». ولكن، في الوقت نفسه ونظراً لطبيعة المنصة المهنية، قال روث إن «مستخدم (لينكد إن) يجب أن يحصل على رؤى وأفكار تساعده ليكون أفضل في وظيفته»، لذلك فإن المنصة «حذرة للغاية» بشأن نوع المحتوى الذي يمكن للمستخدمين رؤيته، على حد تعبيره. وأردف أن «(لينكد إن) بذلت جهوداً كبيرة لجذب جميع أنواع المواقع الإخبارية، مع التركيز بشكل خاص على تلك التي تهتم بمجال الأعمال أو المواضيع المهنية».

وبحسب موقع «أكسيوس»، تبرز أهمية هذه الخطوة من «لينكد إن» في أنها «تبحث عن طرق لزيادة الزيارات للمحتوى الإخباري، على عكس منافسيها من منصات التواصل الأخرى». وأشار الموقع، من جهة ثانية، إلى «وجود ما يزيد على 240 متابعاً لناشري الأخبار على (لينكد إن)، يتفاعل 44 مليوناً منهم أي ما نسبته 4.4 في المائة، مع المحتوى أسبوعياً».

أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، علّق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بقوله إنه «رغم كون منصة (لينكد إن) نخبوية بامتياز؛ يظل بإمكانها أن تكون مناسبة لناشري الأخبار... ولقد سبق أن تحدث تقرير سابق صادر عن معهد (رويترز) لدراسات الصحافة عن انتشار هذه المنصة في 200 دولة وبعدد مستخدمين يصل إلى 950 مليوناً، متوسط معدل دخلهم الشهري 75 ألف دولار، الأمر الذي يجعل منها مناسبة للمحتوى الإخباري الجاد». وبالفعل، أشار تقرير «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، صدر في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أن «41 في المائة من الناشرين يعتقدون بإمكانية استخدام (لينكد إن) لجلب الزيارات للمواقع الإخبارية».

بنضريف يعتقد أنه «يمكن لناشري الأخبار الاعتماد على (لينكد إن) بامتياز لكونها بعيدة عما يحدث في المنصات الأخرى». بيد أنه في الوقت عينه لفت إلى أنها «حتى الآن ليست بحجم وقوة منصات التواصل الأخرى». ومن ثم نبه إلى «ضرورة التفكير في كيفية التعامل مع (لينكد إن) بشأن العائدات المالية لنشر المحتوى الإخباري عليها».

أيضاً، قال الصحافي المغربي المتخصص إن الصحافيين والناشرين «هم الذين أقبلوا على الاهتمام بمنصة (لينكد إن) في ظل التضييق عليهم من منصات التواصل الأخرى». وأوضح أن «ثمة تراجعاً في اهتمام منصات مثل (فيسبوك) و(إكس) بالأخبار بشكل عام، لا سيما إثر دعاوى قضائية طالبت فيها مجموعة (ميتا) بدفع مقابل المحتوى الإخباري للناشرين في دول مثل كندا وأستراليا».

والعام الماضي، برزت «لينكد إن» على أنها منصة استخدمتها مؤسسات إعلامية في الترويج للنشرات الإخبارية «نيوزليتر»، عبر أكثر من 143 ألف نشرة إخبارية، يستفيد منها أكثر من 500 مليون مشترك.


مقالات ذات صلة

روبيو: متفائلون بشأن اتفاق غزة

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (رويترز)

روبيو: متفائلون بشأن اتفاق غزة

أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الخميس، عن أمله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
الولايات المتحدة​ مركبات إدارة الإطفاء في لوس أنجليس تظهر بموقع انهيار نفق (أ.ف.ب)

بعد انهيار جزء منه... خروج 31 عاملاً بسلام من نفق قيد الإنشاء في لوس أنجليس

تمكّن 31 عاملا من الخروج بسلام من نفق ضخم قيد الإنشاء في مدينة لوس أنجليس الأميركية، بعد انهيار جزء منه مساء أمس الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العلمان الكندي (يسار) والأميركي يرفرفان إلى جانب بعضهما (رويترز) play-circle

متفوقة على روسيا وإيران... أغلبية الكنديين يعتبرون أميركا «التهديد الأكبر» لبلدهم

كشف استطلاع رأي أن معظم الكنديين يعتبرون الولايات المتحدة «التهديد الأكبر» لبلادهم.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يظهر بعد محاولة اغتياله في بتلر (رويترز) play-circle

على خلفية محاولة اغتيال ترمب... «الخدمة السرية» يوقف 6 من عناصره عن العمل

أوقف جهاز الخدمة السرية 6 من عناصره عن العمل لإخفاقاتهم المتعلقة بمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي دونالد ترمب العام الماضي، خلال تجمع جماهيري ببتلر في بنسلفانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عامل يحمل البيض في مزرعة بكاليفورنيا (رويترز)

بسبب أسعار البيض... الحكومة الأميركية ترفع دعوى ضد كاليفورنيا

أقامت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، دعوى قضائية ضد ولاية كاليفورنيا بسبب لوائحها التنظيمية للبيض ومزارع الدواجن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل تخوض «تروث سوشيال» معركة بقاء؟

المنصة صوت ترمب المجلجل في الساحة الإعلامية (رويترز)
المنصة صوت ترمب المجلجل في الساحة الإعلامية (رويترز)
TT

هل تخوض «تروث سوشيال» معركة بقاء؟

المنصة صوت ترمب المجلجل في الساحة الإعلامية (رويترز)
المنصة صوت ترمب المجلجل في الساحة الإعلامية (رويترز)

شهدت الساحة الرقمية في عام 2021 ولادة منصّة أو شبكة اجتماعية جديدة، حملت اسم «تروث سوشيال»، أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر مجموعته الإعلامية والتكنولوجية «تي إم تي جي» (TMTG).

والحقيقة أن إطلاق هذه المنصّة لم يكن مجرد إضافة أخرى إلى الفضاء الافتراضي المزدحم، بل جاء ردّ فعلٍ مباشراً وصريحاً على قرار عمالقة التواصل والتكنولوجيا حظر حساباته عبر «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» إثر أحداث اقتحام الكابيتول في يناير (كانون الثاني) 2021. لكن بعد مرور 4 سنوات تقريباً على هذه المغامرة الرقمية الطموحة، تطرح الأرقام والوقائع تساؤلات جدية حول مدى نجاح هذا المشروع في تحقيق أهدافه المعلنة.

منبر اليمين (المحافظين)

تشير الدراسات إلى أن غالبية المستخدمين البارزين على منصة «تروث سوشيال» يميلون إلى اليمين واليمين المتطرف، ومعظمهم يعلنون صراحة دعمهم لترمب. ففي تحليل أجراه مركز «بيو ريسيرتش» الأميركي، تبين أن نحو 49 في المائة من أبرز الحسابات على المنصّة تُظهر في ملفاتها الشخصية توجّهات محافظة، وهي النسبة الأعلى بين جميع المنصّات البديلة التي شملتها الدراسة. كذلك، فإن 44 في المائة من هذه الحسابات تُبرز هوية دينية، و43 في المائة منها ترفع شعارات قومية قوية أو رسائل ملتزمة بأميركا قوية. أما لجهة الفئات العُمرية، فالغالبية تتراوح أعمارهم بين 45 و65 سنة، ما يعكس ميلاً واضحاً للمنصة نحو جمهور محافظ ومتقدّم نسبياً في السن، وما يُلاحظ أن نحو ثلثي مستخدميها يعتمدون عليها كمصدر للأخبار.

في مقال تحت عنوان «أمضيت 10 أيام في منصة تروث سوشيال»، كتب صحافي من الموقع الفرنسي «أوزبك أي أريكا» أن أول ما صدمه في هذه المنصّة كونها بيئة خصبة لنشر المعلومات المضلّلة ونظريات المؤامرة. إذ تنتشر - وفق كاتب المقال - روايات حول تزوير الانتخابات، ومزاعم عن «عصابات» تدير الدولة من خلف الستار، وأفكار مستمدة من حركة «كيو آنون» اليمينية المتطرفة. والواضح أن غياب الرقابة الصارمة، أو التحقق من الحقائق، جعل المنصّة مرتعاً لهذا النوع من الأخبار والدعاية السياسية.

شعار "تروث سوشيال" (تروث سوشيال)

نمو محدود

من جهة ثانية، تكشف الإحصائيات المتاحة حتى منتصف عام 2025 عن صورة متباينة لأداء «تروث سوشيال». إذ يتبين أن المنصّة تملك نحو 9 ملايين حساب مُسجل، مع قاعدة مستخدمين نشطين تُقدر بنحو 5 ملايين مستخدم، وفقاً لبيانات مارس (آذار) 2024. لكن هذه الأرقام، وإن كانت تشير إلى حضور لا يُستهان به، تبقي هذه المنصّة محدودة النطاق مقارنة بالمئات من ملايين المستخدمين الذين تحتضنهم المنصات المنافسة العملاقة.

أما الأمر الأكثر إثارة للانتباه، فيتمثل في الاتجاه التنازلي لهذه المؤشرات. ذلك أن البيانات التحليلية تشير إلى أن عدد الزوّار الشهريين تراجع إلى النصف خلال سنة واحدة، مستقراً عند حاجز 500 ألف زائر شهرياً. ولعل هذا التراجع يعكس تحدياً جوهرياً يواجه المنصّة في الحفاظ على مستوى التفاعل، ناهيك من توسيع قاعدة مستخدميها.

نقطتا القوة والضعف... الجمهور المستهدف

يضاف إلى ما سبق، أنه تكمن نقطتا قوة المنصة وضعفها، في آن معاً، في طبيعة الجمهور المستهدف. إذ بينما تحظى «تروث سوشيال» بولاء شديد من قبل مناصري ترمب والناشطين المحافظين، فإنها تجد صعوبة في تجاوز هذه «النواة الصلبة» والوصول إلى شرائح أوسع من المستخدمين. ولذا يضع هذا القيد السياسي / الديموغرافي سقفاً واقعياً لطموحات النمو، ويطرح تساؤلات حول الاستراتيجية الطويلة المدى للمنصة.

صعوبات مادية

من جانب آخر، إذا كانت أرقام المستخدمين الحالية تثير القلق، فإن الوضع المالي لـ«تروث سوشيال» يرسم صورة أكثر قتامة. ذلك أنها منذ انطلاقتها، فشلت في تحقيق أي مستوى من الربحية، بل تراكمت عليها خسائر تهدّد مستقبلها. وحقاً، ترسم الأرقام المالية للربع الثاني من عام 2024 صورة متشائمة. وفي تحقيق بعنوان «تروث سوشيال... المنصّة تدخل البورصة» تكشف الصحيفة الفرنسية أن إيرادات المنصّة بلغت 837 ألف دولار فقط، منخفضة بنسبة 30 في المائة عن العام السابق، مقابل خسائر وصلت إلى 16.4 مليون دولار.

وبالمناسبة، الصورة الأوسع لا تبدو أقل قتامة، ففي الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، حقّقت المنصة إيرادات إعلانية إجمالية قدرها 3.3 مليون دولار، وهو رقم ضئيل مقارنة بالخسارة الصافية البالغة 49 مليون دولار. ويكشف هذا الخلل الصارخ بين الإيرادات والمصروفات عن نموذج اقتصادي غير مستدام، يعتمد بشكل شبه كامل على الضخّ المالي المستمر من المساهمين.

عامل مهم آخر يقف وراء هذه الأزمة المالية، وهو يتمثل في عزوف المعلنين الكبار عن الاستثمار في المنصّة. وهذا الترّدد ليس مجرّد حذر تجاري، بل يعكس مخاوف حقيقية من الارتباط بمنصة تُعدّ ذات توجهات سياسية مثيرة للجدل، ما يحرم «تروث سوشيال» من مصدر الدخل الأساسي لأي شبكة اجتماعية ناجحة.

آفاق جديدة أم طريق مسدود؟

في مواجهة هذه التحديات الجسيمة، تحاول «تروث سوشيال» البحث عن مخارج جديدة لأزمتها بتنويع مصادر الدخل. وبالفعل، أطلقت المجموعة المالكة للمنصة خدمة البثّ الجديدة «تروث بلس» (Truth+) التي تهدف إلى تقديم محتوى مرئي ومسموع موجه للجمهور المحافظ، على غرار نموذج «فوكس نيوز»، مع التركيز على البرامج «الصديقة للأسرة» ذات الطابع المسيحي.

أيضاً تخطط المجموعة لإطلاق تطبيق بثٍّ مخصّص يغطي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والتلفزيونات المتصلة. بيد أن هذه المبادرات الجديدة تواجه تحديات جسيمة، منها المنافسة الشرسة مع عمالقة البثّ مثل «نتفليكس» و«ديزني+»، بالإضافة إلى المخاطر القانونية والسمعية المرتبطة بالمحتوى المثير للجدل. وبالتالي، يبقى نجاح المنصة مرهوناً بشكل كبير بشعبية مؤسسها، ما يبقيها عُرضة لتقلبات الأوضاع السياسية والقضائية المحيطة بترمب.

وهكذا، بعد 4 سنوات من التحدي، تقف «تروث سوشيال» عند مفترق طرق حاسم، بين الطموح في كسر احتكار عمالقة التكنولوجيا، والواقع الصعب للسوق الرقمي. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو؛ هل ستتمكن من إيجاد صيغة للنجاح المستدام، أم ستظل مجرد تجربة طموحة اصطدمت بقوانين السوق؟