مخاوف بشأن اتجاه «ميتا» لتقليل الوصول إلى المحتوى السياسي

ترند

شعار «ميتا» (أ.ب)
شعار «ميتا» (أ.ب)
TT

مخاوف بشأن اتجاه «ميتا» لتقليل الوصول إلى المحتوى السياسي

شعار «ميتا» (أ.ب)
شعار «ميتا» (أ.ب)

أثار إعلان مجموعة «ميتا» («فيسبوك» سابقاً) عزمها تقليل الوصول للمحتوى السياسي على المنصات التابعة لها مخاوف من تداعيات القرار على مؤسسات الإعلام، وما تنشره من أخبار وتقارير سياسية. وفي حين رجّح خبراء توجه كثيرين إلى منصات بديلة لمنصات المجموعة، من أجل ترويج المحتوى كحل للتغلب على إجراءات المجموعة الأميركية العملاقة، رأى آخرون أن إجراءات حظر المحتوى السياسي لن تكون فاعلة في ظل اتجاه المستخدمين للتحايل على الخوارزميات.

ما حصل أنه في إطار سعي «ميتا» إلى الابتعاد عن المحتوى السياسي، لصالح تفاعل أكثر ترفيهاً وأقل إثارة للخلاف في المنصات التابعة لها، أعلن آدم موصيري، رئيس منصة «إنستغرام»، خلال الأسبوع الماضي: «إن منصتي (إنستغرام) و(ثريدز) التابعتين لـ(ميتا) ستتجهان نحو نظام جديد بشأن نشر المحتوى السياسي، يفرض على المستخدم إقرار رغبته في رؤية هذا النوع من المنشورات السياسية، وإلا فإنها لن تظهر عنده». وأضاف أن «هذا النظام غير متاح الآن... وأن (فيسبوك) اتجهت منذ فترة لتقليل التعرض للمنشورات السياسية، و(ثريدز) سائرة نحو ذلك الآن».

موصيري تابع بأنه «على مدار الأسابيع القليلة المقبلة، ستعمل المجموعة على تحسين كيفية تجنب التوصية بمحتوى يتعلق بالسياسة عبر (إنستغرام) و(ثريدز)، وحال رغب المستخدم في ترشيحات محتوى سياسي، فعليه أن يختار ذلك في إعدادات الحساب الخاص به».

هذا، وكانت «ميتا» قد أعلنت أنها ستطالب المعلنين الذين ينشرون محتوى ترويجياً سياسياً منتجاً بمساعدة الذكاء الاصطناعي بالإعلان عن ذلك، وينطبق هذا على سبيل المثال على إنشاء محتوى يعطي انطباعاً خطأ بأن شخصاً ما قال أو فعل شيئاً من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن جهتها ذكرت شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية أن «ميتا» ألغت بالفعل إعطاء الأولوية للمحتوى السياسي عبر تطبيقاتها الاجتماعية، بما فيها «فيسبوك».

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، علَّقت على الأمر خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» قائلة إن هذا الاتجاه «ليس جديداً؛ إذ سبق لـ(ميتا) أن أعلنت خلال سبتمبر (أيلول) 2021 رغبتها في الحد من الوصول للمحتوى السياسي». وأردفت: «قرار (ميتا) مرتبط بسياسات الشركة المنحازة إلى أطراف وجهات معينة، وهذا أمر لم يعد خافياً على أحد، وأثبته كثير من الحروب والأزمات التي لا يزال العالم يمر بها».

وأضافت الدكتورة مي عبد الغني: «حتى الآن، هذا الاتجاه من جانب (ميتا) لم يحقق مراده لسبب بسيط، هو أن بإمكان كل مواطن أن يكون مصدراً للمحتوى السياسي؛ لا سيما في المنطقة العربية... ذلك أن مستخدم منصات التواصل يستطيع إيجاد طُرق للتحايل على خوارزميات (فيسبوك)، مثل اعتماد البعض على (الريلز) لإيصال المعلومات والأخبار المصورة، إضافة إلى آرائه السياسية». ثم أوضحت: «اتجاه (ميتا) لتقليل الوصول إلى المحتوى السياسي أدى إلى صعود نجم منصات أخرى، مثل (تيك توك) و(تلغرام)... لقد بدأت وسائل الإعلام تتحوّل إلى منصات بديلة، مثل (تيك توك) و(تلغرام) بالذات، للتغلب على إجراءات كإجراءات (ميتا). وتشير بعض الدراسات إلى أن (تيك توك) أصبحت مصدراً رئيسياً للأخبار لدى المراهقين في بريطانيا خلال عام 2023. وفي حرب غزة كان لمقاطع (تيك توك) دورها البارز في نشر سرديات سياسية مختلفة. والشيء نفسه يصدق اليوم على منصة (تلغرام) التي باتت منصة ومصدراً للأخبار ونشر مقاطع الفيديو، ولقد شهدت إقبالاً كثيفاً من قبل الصحافيين والمستخدمين، بسبب عدم وجود رقابة على محتوياتها».

وحقاً، خطوة «ميتا» لا تعد جديدة، ففي عام 2021، قال مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لـ«ميتا»، إن «التعليقات الأكثر شيوعاً التي تتلقاها الشركة هي أن الأشخاص يريدون عدداً أقل من المنشورات السياسية المثيرة للانقسام»، ونتيجة لذلك، تعمل المجموعة على تقليل وجود المحتوى الإخباري والسياسي، والميل أكثر إلى مقاطع الفيديو القصيرة المسلية.

من جانبه، يرى محمد الصاوي، الباحث الإعلامي المصري في شؤون الإعلام الرقمي، أن «الهدف الرئيسي من قرار (ميتا) تقليل الوصول للمحتوى السياسي يتمثل في زيادة السيطرة على المحتوى المشارك على منصاتها». وشرح لـ«الشرق الأوسط» بأن «القرار يسعى إلى تحسين سمعة المنصة، وتقديم تجربة إيجابية للمستخدمين، من خلال تقليل الانخراط في المحتوى الذي قد يكون محظوراً أو يسبب الجدل... إلا أن تأثير هذا القرار على الوصول للأخبار والمحتوى الإعلامي يعتمد على كيفية تنفيذه، وعلى مدى تأثيره على المحتوى السياسي بشكل عام، ذلك أن تقليل الوصول للمحتوى السياسي قد يؤدي إلى تقليل التنوع في التعبيرات، وتحديد وجهات نظر مختلفة».

للتعامل مع هذا القرار، يقترح الصاوي أن «تعمل وسائل الإعلام على تحسين استراتيجياتها، من خلال التركيز على المحتوى الذي يتفق مع سياسات المنصة... ويُفضل أن يكون المحتوى متوازناً وموثوقاً، ويتجنب الجدل الزائد الذي قد يؤدي إلى تصنيفه كمحتوى غير مرغوب. ثم إنه يمكن أيضاً لوسائل الإعلام استكشاف منصات أخرى، أو أن تعمل على تكامل استراتيجيات التواصل الاجتماعي للتواصل مع جمهورها بشكل فعّال».

في أي حال، يثير قرار «ميتا» تساؤلات بشأن كيفية تحديد المحتوى السياسي، وكيف يُمكن للمستخدمين والناشرين تجنب تقليل الوصول لمنشوراتهم؛ لا سيما أن المجموعة العملاقة لم توضح ماهية المحتوى الذي سيُصنَّف «سياسياً». وحسب «سي إن إن» فإن «(ميتا) تعرّف المحتوى السياسي بأنه ذلك المتعلق بالحكومة أو الانتخابات، مثل المنشورات المتعلقة بالقوانين، والقضايا الاجتماعية. وترى (ميتا) أن هذه القضايا العالمية معقّدة وديناميكية، ما يدفعها لتطوير التعريف، مع استمرار التعامل مع الأشخاص والمجتمعات الذين يستخدمون المنصات التابعة لها».

إلا أن هذا التعريف من جانب «ميتا» أثار انتقادات من جانب مراقبين عدّوه «تعريفاً عاماً». ووفق مراقبين: «إذا كان من المنطقي اعتبار الانتخابات محتوى سياسياً، فما هو المقصود بالمواضيع الاجتماعية؟».

وبالتالي، يترقب مستخدمو منصات التواصل ما ستسفر عنه هذه الإجراءات من جانب «ميتا»؛ لا سيما أن دراسة نشرها «سنابشات» عام 2022، أشارت إلى «تفضيل الجيل زد (الشبابي) المحتوى الذي يتناول قضايا اجتماعية، ويدفع نحو تغييرات اجتماعية». كذلك فإن دراسة أخرى نشرت عام 2018 لفتت إلى أن 66 في المائة من مستخدمي منصات التواصل يفضلون المنشورات التي تتخذ موقفاً بشأن قضايا اجتماعية وسياسية، مثل قضايا الهجرة وحقوق الإنسان، وغيرها.


مقالات ذات صلة

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تحظر «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» المنشورات التي تسعى إلى ترهيب الناخبين (رويترز)

كيف تعمل «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس» على إدارة التهديدات الانتخابية؟

أكثر شبكات التواصل الاجتماعي نفوذاً -بما في ذلك «ميتا» و«تيك توك» و«يوتيوب» و«إكس»- لديها سياسات وخطط جاهزة لإدارة التهديدات الانتخابية والمعلومات المضللة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار العلامة التجارية «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر محمول (رويترز)

كوريا الجنوبية تغرم «ميتا» 15 مليون دولار لانتهاك خصوصية المستخدمين

فرضت كوريا الجنوبية غرامة قدرها 21.62 مليار وون (ما يعادل 15.67 مليون دولار) على شركة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك»، بعدما تبين أنها جمعت بيانات حساسة للمستخدمين.

«الشرق الأوسط» (سيول )
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)

عبر «ميتا»... باحثون صينيون يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لأغراض عسكرية

كشف محللون و3 أوراق أكاديمية، أن مؤسسات بحثية مرتبطة بجيش التحرير الشعبي الصيني تستغل نموذج «لاما» في تطوير أداة ذكاء اصطناعي لاستخدامها في تطبيقات عسكرية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك يشارك في فعالية انتخابية لدعم المرشح الرئاسي دونالد ترمب خلال تجمع في بتلر (بنسلفانيا) يوم 5 أكتوبر (أ.ب)

الانتخابات الأميركية تُحيي جدل انتشار الأخبار المُضلّلة على منصات التواصل

مع دخول الانتخابات الأميركية شوطها الأخير، تزداد التساؤلات حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي المعززة بالذكاء الاصطناعي على رأي الناخب وتوجهاته.

رنا أبتر (واشنطن)

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)
وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)
TT

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)
وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)

التقى سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي. وجرى، خلال اللقاء الذي عُقد في العاصمة الصينية بكين، الخميس، بحث آفاق التعاون الإعلامي وسبل تطويره، وتبادل الخبرات بين الجانبين والاستفادة منها، إضافةً إلى تعزيز التعاون في مجال تكنولوجيا الإعلام وتفرعاتها المختلفة.

كما زار الوزير الدوسري إدارة جامعة بكين للغات والثقافة، والتقى رئيس مجلس إدارة الجامعة ني هايدونغ، وناقش، خلال الزيارة، أوجه تطوير العمل المشترك، وتبادل الخبرات بمجال الإعلام والنشر والترجمة واللغة، وذلك في بيان نشرته «الخارجية» السعودية على موقع سفارتها في بكين.


وزير الإعلام سلمان الدوسري يلتقي رئيس مجلس إدارة جامعة بكين للغات والثقافة ني هايدون (الخارجية السعودية)

والتقى الوزير الدوسري بالطلبة السعوديين في جامعة بكين، وتبادل معهم الحديث، كما جرى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين منصة سعوديبيديا وجامعة بكين للغات والثقافة، وذلك بحضور السفير السعودي لدى الصين عبد الرحمن الحربي.

وأشاد وزير الإعلام السعودي بالنمو المميز للعلاقات الثنائية بين البلدين، خلال لقائه رئيسة الهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية تساو شومين، وبحث معها سبل تعزيز التعاون المشترك بمجال الإذاعة والتلفزيون.


وزير الإعلام سلمان الدوسري يلتقي الطلبة السعوديين في جامعة بكين (الخارجية السعودية)