اتهامات لـ«إكس» بـ«نشر الكراهية» في حرب غزة

اتهامات لـ«إكس» بـ«نشر الكراهية» في حرب غزة
TT

اتهامات لـ«إكس» بـ«نشر الكراهية» في حرب غزة

اتهامات لـ«إكس» بـ«نشر الكراهية» في حرب غزة

مرة أخرى تتجدد الاتهامات الموجهة لمنصة «إكس» (تويتر سابقاً)، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بـ«نشر الخلل المعلوماتي»، و«التحريض على الكراهية» خلال الحرب الإسرائيلية على غزة. وبينما رأى بعض الخبراء أن هذه الاتهامات «طبيعية في ظل تخلي المنصة عن شروط توثيق الحسابات وتدقيق المعلومات»، شدد هؤلاء على أن «حرب غزة عززت الحاجة إلى تطوير تقنيات للتحقق من المعلومات».

الاتهامات الأخيرة، جاءت عبر دراسة نشرها مركز «مكافحة الكراهية الرقمية»، وهو منظمة بريطانية غير ربحية، ادعت أن «منصة إكس أحجمت عن حذف 98 في المائة من المنشورات التحريضية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة».

ووفقاً للدراسة، حددت المنظمة عينة من 200 منشور ادعت أنها تنتهك قواعد «إكس» بشأن الترويج لمعاداة السامية والكراهية، أو تلك التي تتضمن هجوماً على الفلسطينيين، نُشرت بعد بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وحسب الدراسة فإنه جرى إبلاغ «إكس» بهذه المنشورات في 31 أكتوبر الماضي، وبعد أسبوع لم تحذف «إكس» سوى 4 منشورات فقط منها، بينما عُلّق حساب واحد فقط من بين 101 حساب نشرت تلك المنشورات، وأُغلق حسابان آخران.

في المقابل، ذكرت «إكس» في بيان رداً على الاتهامات السابقة، أنها اتخذت إجراءات ضد أكثر من 320 ألف منشور؛ بسبب «خطاب الكراهية»، وأُزيل أكثر من 3 آلاف حساب، كما أنها تدخلت في أكثر من 25 ألف منشور بسبب محتوى رصد العبث به. وأفادت ليندا ياكارينو، الرئيس التنفيذي لشركة «إكس»، في منشور على «إكس»، بأن الشركة «لطالما كانت واضحة جداً في أن التمييز من قبل الجميع يجب أن يتوقف في المجالات جميعها».

إلا أن هذا الرد لم يمنع من تعرض مالك شركة «إكس»، إيلون ماسك، (الأربعاء) الماضي، لانتقادات من الجماعات المؤيدة لإسرائيل بعد تأييده منشوراً يتهم المجتمعات اليهودية بـ«تحفيز الكراهية ضد البيض». ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، جاء في المنشور الذي أيده ماسك، أن «المجتمعات اليهودية تدفع بهذا النوع من الكراهية الجدلية ضد البيض، التي يزعمون أنهم يريدون من الناس التوقف عن استخدامها ضدهم». ورداً على ذلك، قال ماسك: «لقد قلت الحقيقة الفعلية». وأضاف ماسك في منشورات لاحقة أنه «لا يعتقد بأن كراهية الأشخاص البيض تمتد إلى المجتمعات اليهودية جميعها».

الاتهامات الموجهة لـ«إكس» ولمالكه ماسك «ليست جديدة»، بحسب مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة. إذ قال كيالي لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الاتهامات ازدادت وتيرتها خلال الحرب على غزة... ومع الأسف كانت المعلومات الخاطئة متداولة بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي كلها، ما أدى إلى الزيادة في خطاب الكراهية».

كيالي يرجع زيادة الاتهامات الموجهة لـ«إكس»، مقارنة بباقي المنصات، إلى أن «منصة (إكس) هي صاحبة القيود الأقل على المحتوى، إضافة إلى أن ماسك عند استحواذه على (تويتر) سابقاً ألغى عديداً من الوظائف والأقسام في الشركة، وكان على رأس المتضرّرين القسم المختص بتقصي الحقائق وتدقيق المحتوى، ما زاد من المعلومات المضللة على المنصة».

ولاحظ كيالي أيضاً «انتشار العشرات والمئات من المنشورات غير الصحيحة، أو القديمة، خلال الحرب في غزة، حتى إنه أُعيد نشر محتوى من دول أخرى على أنه من غزة، ما عزز من خطاب الكراهية، لا سيما مع إعادة نشر المحتوى من دون تدقيق». ولفت إلى أن «هناك تقصيراً من جانب منصات التواصل في هذا الإطار، ما يضع عبئاً على المستخدمين في التقصي والتأكد، وتصفية الكم الكبير من المعلومات». ولكن وفق كيالي «هذا لا يرفع المسؤولية عن منصات التواصل الاجتماعي بأن تلعب دورها في ضبط المحتوى، والعمل على مراجعته بشكل أوسع وأسرع لكشف المعلومات الخاطئة».

يذكر أن ماسك أشار في منشوراته إلى أن «رابطة مكافحة التشهير» وهي «منظمة غير ربحية، مؤيدة بقوة لإسرائيل في الولايات المتحدة» «تهاجم بشكل مجحف غالبية الغرب، على الرغم من دعم الدول الغربية القوي للشعب اليهودي وإسرائيل، وذلك لأنهم لا يستطيعون بمبادئهم الخاصة انتقاد الأقليات التي تشكّل التهديد الرئيسي لهم». وهدد ماسك في سبتمبر (أيلول) الماضي بمقاضاة «رابطة مكافحة التشهير» لتوجيهها اتهامات «لا أساس لها، جعلت المعلنين ينفرون من شبكة التواصل الاجتماعي، ما حرمها من إيرادات كبيرة».

وحقاً، في سياق الاصطفاف ضد «إكس»، ودعماً لإسرائيل، علّقت شركة «آي بي إم» الأميركية للكومبيوتر، بنهاية الأسبوع الماضي، إعلاناتها على منصة «إكس» بحجة أنها «وُضعت بجوار محتوى معادٍ للسامية»، بحسب بيان للشركة، التي قالت إنها «لا تتسامح مطلقاً مع خطاب الكراهية والتمييز، وإنها علّقت على الفور جميع الإعلانات على (إكس)، بينما تحقق في هذا الوضع المرفوض تماماً».

قرار شركة «آي بي إم» هذا جاء بعد ادعاء «ميديا ماترز فور أميركا»، وهي مجموعة لمراقبة وسائل الإعلام، أنها «وجدت إعلانات لشركات (آي بي إم) و(أبل) و(برافو) و(أوراكل) إلى جانب منشورات تروّج لهتلر على منصة (إكس)».

من جهته، يرى أسامة المدني، أستاذ الإعلام البديل في جامعة أم القرى السعودية ومستشار الإعلام الرقمي وتطوير الأعمال، أن «غياب الضوابط التي تحكم المنصات الرقمية بشكل عام، جعل من الصعب على الجمهور المتلقي التفريق بين الأخبار الزائفة والمفبركة والمضللة، خصوصاً مع بزوغ تقنية التزييف العميق وقدرتها على إنشاء محتوى من العدم». وقال المدني لـ«الشرق الأوسط»، إن «منصة (إكس)، على وجه الخصوص، أتاحت أخيراً لمشتركيها إمكانية الوصول والاطلاع على الأخبار التي تحقّق انتشاراً واسعاً بغض النظر عن كونها صحيحة، أو موثوقة، وذلك بموجب التعديلات الأخيرة التي أجراها ماسك، والتي أعطت الحق لمشتركيها لمشاهدة مقاطع فيديو وصور بالغة العنف، وحتى دون التأكد من صحتها أو مصداقيتها».

ويعتقد المدني بأن «مثل تلك الأحداث جعلت منصة (إكس) محل اتهام بتعزيز خطاب الكراهية إبان الحرب في غزة، على عكس منصات أخرى تحارب للحد من الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية، وإن كان بشكل جزئي يخدم إسرائيل أو يصب في مصلحتها». وتابع أن «التقنيات الناشئة تسعى لمحاربة الخلل المعلوماتي. ولئن كان من الصعب جداً تحقيق نتائج مبهرة في الوقت الراهن، فإن حرب غزة أثبتت أن هذا التفاؤل الحذر لفاعلية أو جدوى هذه التقنيات يكاد يكون مفقوداً، خصوصاً أن شارة التوثيق على منصة (إكس) أكسبت بعض الحسابات مصداقية لدى عديد من المشتركين... رغم أن هذه الحسابات تنشر أخباراً مضللة تفتقر إلى المصداقية تماماً». واختتم بالتشديد على أنه «بات شبه مستحيل حالياً التحقق من مصادر الأخبار وصحتها».

أخيراً، كانت منصة «إكس» قد تلقت خلال الأسابيع الأخيرة طلباً رسمياً من المفوضية الأوروبية للامتثال لـ«قانون الخدمات الرقمية الأوروبي» الجديد، الذي يلزم منصات التواصل باتخاذ إجراءات صارمة «ضد المحتوى المضلل». وذكرت المفوضية أن التحقيق الذي أُطلق قبل فترة قريبة يستهدف في الأساس منصة «إكس» لاتهامها بـ«نشر معلومات مضللة منذ بدء الحرب على غزة».


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يريد خفض دور السلطات الفيدرالية الأميركية

قال إيلون ماسك إنه يهدف إلى توفير مئات مليارات الدولارات في النفقات الحكومية، فضلاً عن التخلص من البيروقراطية التي تشكل «تهديداً وجودياً» للديمقراطية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جوشوا أوفنهارتز المحامي الفائز بمبلغ مليون دولار الذي قدمته لجنة العمل السياسي الأميركية (إكس)

أميركا: الفائز بجائزة المليون دولار من ماسك سيتبرع بأموال لقضايا إسرائيلية

كشف جوشوا أوفنهارتز، الذي فاز بمبلغ مليون دولار قدمته لجنة العمل السياسي الأميركية التابعة للملياردير إيلون ماسك، عن أنه سيتبرع ببعض الأموال لقضايا إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ انطلاق "ستارشيب" العملاق من ولاية تكساس تحت أنظار رئيس الشركة إيلون ماسك والرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

بحضور ترمب... صاروخ «ستارشيب» يضل طريقه ويهبط في البحر (فيديو)

انطلق صاروخ "ستارشيب" العملاق التابع لشركة "سبايس إكس" الثلاثاء من ولاية تكساس تحت أنظار رئيس الشركة إيلون ماسك والرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
TT

الانتخابات الرئاسية الأميركية عزّزت وضع «بلوسكاي» منافساً لـ«إكس»

العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)
العلامة التجارية لتطبيق «بلوسكاي» (أ.ف.ب.)

يبدو أن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أُجريت يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عزّزت مكانة منصة «بلوسكاي» منافساً رئيساً لـ«إكس»، ما أثار تساؤلات بشأن مستقبل المنصتين، ولمَن ستكون الغلبة في سباق منصات التواصل الاجتماعي للتنافس على زيادة عدد المستخدمين. وفي حين عدّ خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» أن «بلوسكاي» قد تكون «بديلاً» لـ«إكس»، فإن هؤلاء توقّعوا أن هذا التغير قد يحتاج لسنوات.

من جهتها، أفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية بأن منصة «بلوسكاي» شهدت زيادة مليون مستخدم جديد خلال الأسبوع الذي أعقب الانتخابات الأميركية، وعلّقت قائلة «في الوقت الراهن يبحث بعض مستخدمي (إكس) عن منصة بديلة للتفاعل مع الآخرين ونشر أفكارهم». أما صحيفة «الغارديان» البريطانية، فأوردت في تقرير نشرته منتصف الشهر الحالي، أن كثيراً من المستخدمين «يسعون الآن للهروب من (إكس)، وسط تحذيرات من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضلّلة على المنصة». وحقاً، وفق «بلوسكاي» ارتفع عدد مشتركيها «من 10 ملايين في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 16 مليون مستخدم حالياً».

رائف الغوري، المدرّب والباحث المتخصّص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أرجع ازدياد الإقبال على منصة «بلوسكاي» إلى «فقدان منصة (إكس) مكانتها تدريجياً». وأردف أن جاك دورسي نقل الخبرات والتجارب الناضجة لـ«تويتر» سابقاً و«إكس» عند تأسيس «بلوسكاي»، ما منح المنصة «عناصر قوة تظهر في مزايا اللامركزية، والخوارزميات التي يستطيع المستخدم أن يعدلها وفق ما يناسبه». وتابع: «انتخابات الرئاسة الأميركية كانت من أهم التواريخ بالنسبة لبلوسكاي في ظل ازدياد الإقبال عليها».ولذا لا يستبعد الغوري أن تصبح «بلوسكاي» بديلاً لـ«إكس»، لكنه يرى أن «هذا الأمر سيحتاج إلى وقت ربما يصل إلى سنوات عدة، لا سيما أن بلوسكاي حديثة العهد مقارنة بـ(إكس) التي أُسِّست في مارس (آذار) 2006، ثم إن هناك بعض المزايا التي تتمتع بها (إكس)، على رأسها، تمتعها بوجود عدد كبير من صنّاع القرار الاقتصادي والسياسي والفنانين والمشاهير حول العالم الذين لديهم رصيد واسع من المتابعين، وهذا عامل يزيد من صعوبة التخلي عنها».

ويشار إلى أن «بلوسكاي» تتمتع بسمات «إكس» نفسها، ويعود تاريخها إلى عام 2019 عندما أعلن جاك دورسي - وكان حينئذٍ لا يزال يشغل منصب المدير التنفيذي لـ«تويتر» («إكس» حالياً) - عن تمويل الشركة تطوير منصة تواصل اجتماعي مفتوحة ولا مركزية تحمل اسم «بلوسكاي». وفي فبراير (شباط) 2022 تحوّلت إلى شركة مستقلة، لتطلق نسختها التجريبية مع نهاية العام.

من جانبه، قال محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «منصة (بلوسكاي) في طريقها بالفعل للاستفادة من التغيّرات الجذرية التي تشهدها منصات كبيرة مثل (إكس)». وأوضح أن «النموذج اللامركزي الذي تعتمده (بلوسكاي) يمنحها ميزةً تنافسيةً ملحوظةً، لا سيما مع ازدياد الوعي حول الخصوصية والتحكم في البيانات، أضف إلى ذلك أن المستخدمين اليوم يبحثون عن منصات توفر لهم الأمان، لا سيما بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدتها (إكس) تحت قيادة ماسك... ومن هذا المنطلق يبدو أن لدى (بلوسكاي) فرصة حقيقية للنمو، إذا استمرت في تعزيز مبادئها المتعلقة بالشفافية وحرية التعبير».

الصاوي أشار أيضاً إلى أن عمل ماسك مع ترمب قد يكون له تأثير مزدوج على منصة (إكس)، بشأن الرقابة على المحتوى، وقال: «إن العلاقة الحالية بينهما قد تدفع نحو تغييرات دراماتيكية في إدارة (إكس) وتوجهاتها المستقبلية، ما يزيد ويبرّر الحاجة إلى منصات بديلة أكثر استقلالية مثل (بلوسكاي)».