ترند: ماذا يعني قرار «ميتا» حذف «فيسبوك نيوز»؟

ترند: ماذا يعني قرار «ميتا» حذف «فيسبوك نيوز»؟
TT

ترند: ماذا يعني قرار «ميتا» حذف «فيسبوك نيوز»؟

ترند: ماذا يعني قرار «ميتا» حذف «فيسبوك نيوز»؟

يبدو أن شركة «ميتا» بدأت تتجه خطوة بعد خطوة بعيداً عن الأخبار، لا سيما مع إعلانها أخيراً حذف تبويب الأخبار «فيسبوك نيوز» من منصة «فيسبوك» في كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، بدءاً من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

يرى خبراء أن هذا القرار يبدو «منطقياً» في ضوء اتجاه «ميتا» للابتعاد عن الأخبار، لكنهم توقعوا أن يؤثر «سلباً» على وسائل الإعلام التي تعتمد على «فيسبوك» في الترويج لما تنتجه من محتوى.

للعلم، يعود تاريخ إطلاق علامة تبويب الأخبار «فيسبوك نيوز» إلى عام 2019، وكان هدفها «توفير مصدر موثوق للأخبار على المنصة»، بحسب ما أعلنته شركة «ميتا» وقتها. ولقد تزامن إطلاق هذا التبويب مع إعلان «ميتا» عن شراكات مع عدد من وسائل الإعلام، في إطار محاولات «فيسبوك» الرد على اتهامات حمّلتها مسؤولية «ترويج الأخبار الزائفة»، مع السعي لأن تكون «المصدر الرئيسي للأخبار».

ولكن يبدو أن رغبة «ميتا» في أن تكون مصدراً رئيسياً للأخبار «تغيّرت مع تراجع التفاعل مع الأخبار، مقابل زيادة الاهتمام بالفيديوهات القصيرة». ووفق إعلان «ميتا» قرار حذف تبويب الأخبار، فإن «القرار يأتي في سياق جهودها المستمرة لمواءمة استثماراتها بشكل أفضل مع منتجاتها وخدماتها التي تحظى بأهمية أكبر لدى المستخدم». وأوضح الإعلان أن الشركة «تسعى لتركيز وقتها ومواردها على ما يرغب المستخدم في مشاهدته على المنصة، بما في ذلك مقاطع الفيديو القصيرة». وأضاف البيان أن «المستخدمين لا يأتون إلى (فيسبوك) من أجل الحصول على الأخبار والمحتوى السياسي، بل للتواصل مع الناس واكتشاف فرص جديدة»، وذكر أن «الأخبار تُشكل ما نسبته 3 في المائة من المحتوى الذي يتابعه المستخدمون على (فيسبوك)».

الدكتور أشرف الراعي، الكاتب الصحافي الأردني والاختصاصي في القانون الجزائي والتشريعات الإعلامية والإلكترونية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار «فيسبوك» حذف تبويب الأخبار «سيؤثر سلباً على التفاعل الإيجابي مع الأخبار، لا سيما أن الإعلام انتقل من شكله التقليدي إلى شكله الحديث المعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، وكيانات الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الحوسبة السحابية وغيرها». وأردف أن «علامة تبويب أخبار (فيسبوك) التي ظهرت في الأصل عام 2019، مصدر أكثر موثوقية لمحتوى الأخبار في التطبيق... وهذا بحد ذاته يكشف مدى اهتمام الناس بتناقل الأفكار، والآراء من خلال المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي».

وأشار الراعي إلى أن «شطب المحتوى الإخباري، سيكون له تأثيره السلبي على وسائل الإعلام المختلفة، التي أصبحت تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان والترويج». ومن ثم، أرجع قرار «ميتا» حذف تبويب الأخبار إلى «أمور مالية وسياسية»، قائلاً: «هناك اتجاه لدى (ميتا) بالابتعاد عن مصادر الأخبار التي قد تُسبب بعض التوتر للجمهور». وما يستحق الإشارة هنا، أنه خلال عام 2021، أفادت شركة «ميتا» بأن «كثيراً من مستخدمي (فيسبوك) أبدوا رغبتهم في تغييب المحتوى السياسي عن المنصة»، وتابعت أنها «عملت على تقليل هذا النوع من المحتوى بشكل مطّرد».

وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت «ميتا» عن اعتماد تحديثات جديدة تضمنت تغيير علامة التبويب «مشاهدة» إلى فيديو، إلى جانب توسيع نطاق الوصول إلى أدوات تحرير فيديوهات الـ«ريلز»، ما يسهل على المستخدم نشر الفيديو وتحريره. وهي تحديثات رأى مراقبون أنها تأتي في إطار «سعي (ميتا) للتركيز على المحتوى الترفيهي وتقليل المحتوى الإخباري».

من جهة أخرى، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي والمحاضر بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إن قرار حذف تبويب الأخبار من «فيسبوك» قرار «منطقي» يأتي في ضوء التطورات الأخيرة التي تمر بها شركة «ميتا». وأضاف أن «(ميتا) تعاني من عدة مشاكل مع (فيسبوك) في الفترة الأخيرة، إذ تتعرض المنصة لخسائر منذ بدء جائحة (كوفيد - 19)، وانتشار الأخبار الزائفة، بينما يعد تطبيق (إنستغرام) الحصان الرابح للشركة».

وبالفعل، أظهرت دراسات انتشار «المعلومات المضللة» على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الأزمات، أنه خلال سبتمبر (أيلول) 2020، «جرى تداول أكثر من مليون منشور على منصات التواصل تتضمن معلومات غير دقيقة ومضللة عن جائحة (كوفيد - 19)»، وفق تقرير منظمة «اليونيسكو» حول الإعلام الصادر في مارس (آذار) 2022. وهنا أشار رمزي إلى أن «شركة ميتا استثمرت كثيراً في الميتافيرس، لكن بعد ظهور تشات جي بي تي، وزيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تغيّرت الأمور». وأضاف أن «تقرير أداء منصة (فيسبوك) ربع السنوي أظهر خسارتها عدداً كبيراً من المستخدمين بالولايات المتحدة في بداية عام 2023». وأوضح أن «هذه الخسائر إضافة إلى المشاكل السابق ذكرها، دفعت (فيسبوك) إلى إعادة هيكلة فريقها التقني، والتركيز على اتجاهات تدرّ أرباحاً مقابل الاستغناء عن أخرى». وشرح أنه «في هذا الإطار ألغيت خدمة المقالات الفورية على (فيسبوك)... واليوم حذف تبويب الأخبار، مع التركيز بشكل أكبر على محتوى الفيديوهات القصيرة التي تزيد التواصل بين المستخدمين». وعلى هذا علّق بالقول إن «على (فيسبوك) البحث عن وسائل جذب جماهيري حتى تستطيع منافسة (تيك توك) و(يوتيوب)».

وفي سياق متصل، تفيد «ميتا» بأن المحتوى الإخباري لا يشكل سوى جزء صغير من التفاعل داخل التطبيق، في حين تعد الفيديوهات القصيرة (ريلز) المحرك الأساسي لتفاعلات الجمهور. ويرى مراقبون أنه مع تعرّض «ميتا» لانتقادات متعددة بشأن المحتوى السياسي وما يسببه من انقسام مجتمعي، فمن الطبيعي أن تعمل على التقليل من، أو ربما حذف، المحتوى الإخباري والسياسي بالكامل. وكان تقرير نشرته شركة الاستشارات الاقتصادية «نيرا» في أبريل (نيسان) الماضي، قد أظهر تراجعاً في القصص الإخبارية لتمثل أقل من 3 في المائة فقط من المحتوى المتداول على «فيسبوك». وفي حينه، قالت «ميتا» إن «الأخبار تلعب دوراً اقتصادياً محدوداً، ومن المتوقع أن يتراجع بمرور الوقت»، عادة نشر القصص الإخبارية «بلا جدوى». وفي إطار تقليص المحتوى الإخباري، أبلغت شركة «ميتا» العام الماضي، عدداً من ناشري الأخبار في الولايات المتحدة، بأنها لن تواصل دفع مقابل مالي لنشر الأخبار ضمن باب الأخبار على «فيسبوك». كذلك أوقفت «ميتا» دعم المقالات الفورية على «فيسبوك» في أبريل الماضي، وبررت القرار، بحسب ما نقله موقع «اندجيت» عن متحدث باسم الشركة، بأن الشركة ستعيد توجيه مواردها نحو منتجات أخرى، لا سيما مقاطع الفيديو القصيرة (ريلز).


مقالات ذات صلة

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

الولايات المتحدة​ ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب لتشكيل إدارته؛ حيث زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون سمحت بالاعتداء الجنسي على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».