كيف يؤثر تأخير «إكس» الولوج للمحتوى الإخباري على الإعلام؟

كيف يؤثر تأخير «إكس» الولوج للمحتوى الإخباري على الإعلام؟
TT

كيف يؤثر تأخير «إكس» الولوج للمحتوى الإخباري على الإعلام؟

كيف يؤثر تأخير «إكس» الولوج للمحتوى الإخباري على الإعلام؟

أثارت أنباء بشأن تأخير تطبيق «إكس» (تويتر سابقاً) الولوج إلى روابط محتوى بعض المواقع الإخبارية والتطبيقات الأخرى المنافسة، تساؤلات بشأن دوافع هذه الإجراءات من جانب «إكس»، وتأثيرها على وسائل الإعلام التي تعتمد على التطبيق في نشر محتواها والترويج له.

وفي حين يرى بعض الخبراء أن تأثير ما حدث سيكون «هامشياً» على الإعلام لكونه «غير مقصود»، يشير آخرون إلى أن «على وسائل الإعلام البحث عن مصادر بديلة للمعلومات والترويج للمحتوى لضمان الاستمرار في عصر التحول الرقمي».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الأسبوع الماضي، فإن تطبيق «إكس» أخر الولوج إلى روابط محتوى موقعي «رويترز» و«نيويورك تايمز»، وأيضاً إلى تطبيقات «بلوسكاي» و«فيسبوك» و«إنستغرام». ورصدت الصحيفة، بناءً على اختبارات أجرتها على روابط منشورة على تطبيق «إكس»، وجود «تأخير زمني مدته نحو 5 ثوانٍ قبل تحميل وفتح تلك الروابط». كذلك، لاحظت وكالة «رويترز» تأخيراً مماثلاً خلال اختبارات أجرتها على روابط منشورة على تطبيق «إكس». ويُذكر أن إيلون ماسك، الذي استحوذ على تطبيق «إكس» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انتقد في وقت سابق مؤسسات إخبارية وصحافيين احتجاجاً على تقارير انتقدت شركتي «تسلا» و«سبيس إكس» اللتين يملكهما.

وخلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، رأى أسامة المدني، أستاذ الإعلام البديل في جامعة أم القرى السعودية ومستشار الإعلام الرقمي وتطوير الأعمال، أن ما نشرته «واشنطن بوست» بشأن تأخير الولوج إلى بعض الروابط على تطبيق «إكس» راجع «لأسباب تقنية». وأوضح أنه «كان هناك ضغط مزداد على أحد روابط المواقع المتأثرة نتج عنه تأخير زمني مُدته نحو 5 ثوانٍ تقريباً قبل تحميل صفحة الموقع». ثم دلّل المدني على ذلك بالاختبارات التي أجرتها وكالة «رويترز» فيما بعد، والتي أظهرت أن تطبيق «إكس» أوقف هذا التأخير. وحقاً، فإنه فور نشر التقارير السابقة، أكد تطبيق «إكس» أنه «تم إلغاء تأخير الولوج لتلك الروابط، من دون أن يوضح تفاصيل ما حدث»، بحسب وكالة «رويترز».

وتابع المدني كلامه، فقال إن ما حدث من تأخير في الولوج لبعض الروابط الإخبارية «سيكون ذا أثر هامشي ومحدود للغاية على الإعلام، وسينعكس فقط على سمعة تطبيق (إكس)، خصوصاً أن مثل هذا التأخير أصبح الآن تحت المجهر من قبل كبرى الصحف الأميركية ذات المصداقية العالية إضافة إلى وكالة بحجم (رويترز)». وأشار من ثم إلى أن «مثل هذه الخطوات ستنعكس على سمعة ومصداقية (إكس)، أولاً وأخيراً، ولصالح منافسيها الحاليين مثل شركة (بلوسكاي)، وإن كان تأثيرها هامشياً ومحدوداً على مستقبل الإعلام خاصة». وأضاف المدني أن «الثورة التكنولوجية في ظل الثورة الصناعية الرابعة، والحقبة الآتية من صحافة الذكاء الاصطناعي لا مجال فيها للتعتيم على الأحداث، حيث يعتمد الإعلام على أدوات أسرع عشرات المرات من وسائل التواصل الاجتماعي، وأكثر دقة وتفصيلاً في نقل الأحداث عن الإعلام».

وبينما لم تستطع وكالة «رويترز» تحديد الوقت الذي باشر فيه «إكس» تأخير الولوج إلى المواقع، فإن تقارير على منتدى «هاكر نيوز» التقني، تشير إلى أن «تأخير الولوج لروابط صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية بدأ في 4 أغسطس (آب) الحالي، وهو اليوم نفسه الذي شهد انتقادات من جانب ماسك لمقال نشرته الصحيفة عن جنوب أفريقيا، حيث اتهم ماسك الصحيفة بـ(دعم دعوات الإبادة الجماعية)».

وبينما ذكرت «رويترز» في تقريرها أنها «لا تملك دليلاً على ارتباط الواقعتين»، نقلت «واشنطن بوست» عن تشارلي ستادلاندر، الناطق باسم «نيويورك تايمز» قوله إن «الصحيفة لم تتلقَّ تفسيراً من تطبيق (إكس) بشأن الواقعة... لقد لاحظنا هذا التأخير الزمني، ولا نعرف السبب المنطقي وراءه، ونشعر بالقلق من الضغط الموجَّه نحو أي مؤسسة إخبارية لأسباب غير واضحة».

ومن جهته، قال كريس بيست، المؤسس المشارك لتطبيق «سبستاك»، في بيان نشرته «واشنطن بوست»، إنه «يتوجب على تطبيق (إكس) التراجع عن تأخير الولوج لروابط سبستاك... إذ أنشئ سبستاك أصلاً كاستجابة مباشرة لهذا النوع من السلوك من قبل شركات وسائل التواصل الاجتماعي». وتابع: «لا يمكن للكتّاب بناء أعمال مستدامة إذا كان اتصالهم بجمهورهم يعتمد على منصّات غير موثوقة أثبتت استعدادها لإجراء تغييرات معادية للأشخاص الذين يستخدمونها».

وبالفعل، فإن ليلى دومة، الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، عدّت في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد شيء يحدث اعتباطياً... ويبدو أن ما حدث من تأخير تطبيق (إكس) الولوج لبعض الروابط الإخبارية وروابط التطبيقات المنافسة، أمر مدروس ومخطّط له لأسباب سيدركها الإعلام بعد حين، وربما تستهدف تذكير الإعلام أنه لم يعد بمعزل عن تطبيقات التواصل الاجتماعي».

وأوضحت الباحثة الجزائرية أن «وسائل الإعلام ما عادت المصدر الأول للأخبار، وتطبيق (إكس) غدا مصدراً للمعلومة والخبر ما يؤثر على دور الإعلام». ثم أثارت ما وصفته بـ«استخفاف» إيلون ماسك بالصحافيين، فقالت إن «ما يحدث يستدعي أن يبحث الصحافيون ووسائل الإعلام عن مصادر بديلة للأخبار، وأدوات أخرى للترويج لما ينشرونه من محتوى إن كانوا يرغبون في الاستمرار مع عصر التحول الرقمي المتسارع، أم لا». وفي هذا السياق، بحسب دراسة أجرتها شركة «غوغل» عام 2016، فإن «53 في المائة من المستخدمين يتخلون عن الولوج إلى المواقع إذا تأخر تحميل روابطها لمدة تزيد على 3 ثوانٍ». أيضاً نقلت «واشنطن بوست» عن مصدر قالت إنه مطلع على عمليات صحيفة «نيويورك تايمز»، تأكيده أنه «حدث تراجع في عدد المستخدمين الذين ولجوا إلى موقع الصحيفة عن طريق روابط تطبيق (إكس) تأثراً بتأخير الولوج». وكتب يويل روث، الرئيس السابق للثقة والأمان في «تويتر» - الذي أصبح اسمه «إكس» - عبر حسابه على «بلوسكاي»، أن «هذه التأخيرات تبدو غير منضبطة لدرجة يصعب تصديقها»، غير أنه أكد صحتها بعد اختبارات أجراها بنفسه، وقال: «التأخير مزعج بما يكفي لإبعاد الناس عن الولوج للمواقع».

وحتى الآن، لم تصدر بيانات رسمية من التطبيقات المنافسة التي أخر «إكس» الولوج لروابطها مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكين لشركة «ميتا»، وتطبيق «بلوسكاي». وللعلم، فإن «بلوسكاي» تطبيق للتواصل الاجتماعي، يحمل إلى حد كبير سمات «إكس»، أطلقه المدير التنفيذي السابق لتطبيق «إكس» جاك دورسي على الهواتف العاملة بنظام «آي أو إس» في فبراير (شباط) الماضي، وبدأ العمل به على نظام «أندرويد» خلال أبريل (نيسان) الماضي.


مقالات ذات صلة

لبنان يقدم شكوى لمجلس الأمن بشأن اعتداءات إسرائيل على الصحافيين

المشرق العربي سيارة مدمرة في حاصبيا بجنوب لبنان تحمل شعار «صحافة» بعد قصف إسرائيلي طال مقر إقامة صحافيين (د.ب.أ)

لبنان يقدم شكوى لمجلس الأمن بشأن اعتداءات إسرائيل على الصحافيين

أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أنها قدمت شكوى إلى مجلس الأمن بشأن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت صحافيين ومنشآت إعلامية في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة بثها الإعلام الإسرائيلي تُظهر الضرر في نافذة منزل نتنياهو

«مندوب في كل صحيفة»... كيف تراقب إسرائيل الإعلام خلال الحرب؟

أثار قرار الرقابة الإسرائيلية بنشر صور تُظهِر أضراراً تعرض لها منزل لنتنياهو بعد 3 أيام على حدوثه ردوداً ساخرة لكنه سلَّط الضوء مجدداً على دور الرقابة العسكرية.

نظير مجلي (تل أبيب)
إعلام المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)

انطلاق المنتدى السعودي للإعلام 19 فبراير المقبل

تنطلق النسخة المقبلة من «المنتدى السعودي للإعلام» في الرياض بتاريخ 19 وتستمر حتى 21 فبراير 2025، حسبما أعلن رئيسه محمد الحارثي.

«الشرق الأوسط» (كان)
المشرق العربي صورة نشرتها منصة «صابرين نيوز» المقربة من طهران لمجموعات تحاصر مكتب «إم بي سي» في بغداد

مهاجمون يقتحمون مكتب «إم بي سي» في بغداد

اقتحم مئات المهاجمين مكتب قناة «إم بي سي» في بغداد و«عاثوا خراباً فيه»، حسبما وصف مصدر أمني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
رياضة سعودية سلمان الدوسري مع ابنه وابنته في مدرجات ملعب الملز (المركز الإعلامي لنادي القادسية)

وزير الإعلام السعودي في مدرجات «الملز»

أثارت النقلة التاريخية، التي يعيشها نادي القادسية، حنين وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، الذي عاد لمتابعة ناديه من المدرجات.

«الشرق الأوسط» (الرياض )

هل تعزز «الاشتراكات المدفوعة» العوائد المالية لوسائل الإعلام؟

رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)
رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)
TT

هل تعزز «الاشتراكات المدفوعة» العوائد المالية لوسائل الإعلام؟

رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)
رويترز أعلنت عام 2021 لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة (رويترز)

أثار إعلان شبكة «السي إن إن» ووكالة «رويترز» إطلاق نظام «الاشتراكات المدفوعة»، تساؤلات حول فاعلية النموذج الربحي هذا، لا سيما، أن ثمة تجارب سابقة في هذا الصدد لم تنجح، بل حتى «السي إن إن» و«رويترز» كانتا لهما تجارب لم تأتِ بثمار.

الشبكة والوكالة أعلنتا مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة على مواقعهما الإلكترونية، وفي حين حصرت «السي إن إن» الخدمة داخل الولايات المتحدة، اتجهت «رويترز» للكشف عن أن هذه الخدمة ستطلق في كندا بوصفها خطوة أولى، ثم إلى دول أوروبا والولايات المتحدة حتى تشمل جميع دول العالم خلال فترة لم تحدّدها.

وتتضمّن الخدمة المدفوعة قراءة عدد من المقالات بالمجّان لحين دفع اشتراك عدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» مناسباً (4 دولارات شهرياً لكل منهما)، وغازلت الشبكتان مستخدميهما بعروض مُسبقة شملت إمكانية متابعة محتوى حصري يضمّ خدمات وثائقية وتحليلات خاصة، كما ستوفر للمشتركين تنسيقاً يومياً للمحتوى، مع تقليل الإعلانات.

وفقاً لشبكة «السي إن إن» سيبقى بعض المحتوى متاحاً مجانياً، مثل الصفحة الرئيسية والأخبار العاجلة والقصص المباشرة وصفحات الفيديو المتداولة وبعض المقالات، في حين لم تحدّد «رويترز» ما إذا كانت الاشتراكات المدفوعة ستشمل جميع أنماط المحتوى أو لا.

الدكتور السرّ علي سعد، الأستاذ المشارك في تخصّص الإعلام الجديد بجامعة أم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة، عدّ «الاشتراكات المدفوعة» «اتجاهاً أكثر استقراراً يمكن للمؤسسات الإعلامية التحوط به من تقلبات سوق الإعلام الرقمي». وذكر أن «نموذج الاشتراكات المدفوعة مقابل المحتوى، هي فكرة طُرحت منذ أزمة جائحة كوفيد - 19 التي تسببت في تقليص حجم الإنفاق الإعلاني، غير أن الأوضاع السياسية الراهنة عزّزت لدى المستخدم قيمة الخبر والمعلومة الدقيقة، ومن ثم التوقيت ملائم لاجتذاب المستخدمين الذين يتوقون لمحتوى مميز».

جدير بالذكر أن تجارب «الاشتراكات المدفوعة» التي يترقب نتائجها صُناع الإعلام الآن لم تكن الأولى، بينما في محاولة سابقة اتجهت «السي إن إن» لهذه الخدمة عام 2022 غير أنها لم تكتمل.

«رويترز» أيضاً لها سابقة في هذا الاتجاه، ففي عام 2021 أعلنت لأول مرة إطلاق خدمة الاشتراكات المدفوعة مقابل محتوى خاص؛ لكن تنفيذ الفكرة توقف بسبب نزاع مع شركة بيانات وتحليل السوق العالمية «ريفينيتيف» Refinitiv التي عدّت اتجاه «رويترز» مخالفاً لاتفاقية توزيع الأخبار بينهما. ثم عادت «رويترز» لطرح نموذج الاشتراك في 2023 بعد تسوية النزاع على نحو يسمح بإطلاق منتجات مدفوعة يتشاركها كلا الطرفين («رويترز» و«ريفينيتيف»).

ثم إن الاتفاقية السابقة أتت بثمارها، ومهّدت لتوسيع خدمات الاشتراكات المدفوعة، إذ أعلنت «رويترز» في أغسطس (آب) الماضي، توقعها نمو الإيرادات بنحو 7 في المائة خلال عام 2024.

في هذا الشأن قالت الدكتورة سارة نصر، الأستاذ بقسم الإذاعة والتلفزيون في المعهد العالي للإعلام وفنون الاتصال بمصر، إن توقيت إطلاق الخدمات المدفوعة «يعكس أهمية الأخبار والتحليلات الإخبارية وسط وضع عالمي ساخن يشهد حروباً وتغييرات سياسية».

ولفتت نصر إلى أن «وسائل الإعلام العربية تواجه متغيرات حثيثة ومتسارعة سواءً على مستوى الأحداث السياسية التي تعزز قيمة الخبر والمعلومة الدقيقة وأهمية سرعة الوصول للمستخدم، وأيضاً التحديات الخاصة بتغيير قواعد الربح التي تغيرها منصات التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر، ما يضيق الخناق على المؤسسات».

وفيما يخص المحتوى، قالت الأكاديمية المصرية إن «أي وسيلة إعلام تخطط لإدراج نظام الاشتراكات المدفوعة، عليها أولاً أن تبرهن قدرتها على تلبية احتياجات الجمهور لتبرير ما ينفقه مقابل الخدمة. فالطريق الأسهل لإقناع الجمهور هو إرضاؤه، وهذا يتطلب عملاً مستمراً ومحتوى متنوعاً يشمل الأخبار، ومواد العرض الجذابة، والتفاعلية، مع اعتماد قوالب تقديم مبتكرة».