أنجو ريحان لـ «الشرق الأوسط» : لم أصل بالدراما إلى الرضا الذي يمنحني إياه المسرح

تحضّر لمسرحية جديدة «أنجو من الغرق»

في مسرحية {مجدرة حمرا} تتقمص شخصيات ثلاث نساء (خاص ريحان)
في مسرحية {مجدرة حمرا} تتقمص شخصيات ثلاث نساء (خاص ريحان)
TT

أنجو ريحان لـ «الشرق الأوسط» : لم أصل بالدراما إلى الرضا الذي يمنحني إياه المسرح

في مسرحية {مجدرة حمرا} تتقمص شخصيات ثلاث نساء (خاص ريحان)
في مسرحية {مجدرة حمرا} تتقمص شخصيات ثلاث نساء (خاص ريحان)

تحلق أنجو ريحان في فضاء المسرح كطائر ينتظر لحظة الانطلاق ليرفرف بجناحيه بعيداً عن قفص الشاشة الصغيرة؛ فعلى الخشبة وحدها تشعر بأنها تعجن الواقع بأداء حر يشفي موهبتها التمثيلية. في مسرحية «مجدرة حمرا» التي لا تزال تُعرَض على مسارح لبنان منذ 4 سنوات، يلاحظ مشاهدها هذا الفرق؛ فهي تتقمص أكثر من 6 شخصيات مختلفة متقنة لهجات بيروتية وجنوبية، فتقدم مشاهد من حياة يومية تخوضها بطلات ثلاث رئيسيات، هن: فطم وسعاد ومريم. وتبرع أنجو في أخذ الحضور من مشاهد محزنة ورومانسية إلى أخرى كوميدية وحتى إيمائية.

ويدرك المشاهد الذي عرف أنجو في مسلسلات عدة، كان أحدثها «صالون زهرة» و«وأخيراً» أن الدراما لم تنصفها بعد؛ فلم يستطع أي مخرج أو منتج حتى الآن الاستفادة من طاقتها التمثيلية وحرفيتها في المكان المناسب.

أخيراً، أطلَّت أنجو في المسلسل الرمضاني «وأخيراً» من إنتاج «الصباح إخوان»، وإخراج أسامة عبد الناصر، حيث تجسد دور المرأة «أميرة» التي تتعرض لمحنة صعبة، أسوة بباقي النساء اللاتي تم خطفهن من قبل عصابة. وتصف أنجو هذه التجربة بالرائعة وبأن بطلة العمل نادين نسيب نجيم ممثلة موهوبة جداً استمتعت بمشاركتها العمل. وبرأيها أن حلقات المسلسل الـ15 كانت تكفي لعرض مجريات القصة، فانتهت في وقتها من دون مماطلة يمل منها المشاهد.

وتعلق: «ربما أنه لاقى انتقاداً معيناً لسبب أو لآخر، لأن الدنيا أذواق، ولكنه نجح بامتياز، وشكل حديث الناس بموسم رمضان. وبالتالي أحببت كثيراً الدور الذي لعبته فيه».

غلب على دراما رمضان العنف وكان لـ«وأخيراً» حصة منها؛ فما رأيها بهذه الظاهرة الرائجة؟ ترد: «أعتقد، ورغم وجود شركات إنتاج ممتازة وممثلين قديرين، أن الأمر الشائك يتعلق بالنصوص المكتوبة. لم نستطع بعد كتابة القصة التي تشبهنا في يومياتنا من خلال شخصيات حقيقية. لدى الطبقة الوسطى التي تنتمي إليها شريحة لا يُستهان بها من اللبنانيين مشكلات كثيرة، لم نستطع حتى اليوم ولوجها بالشكل المطلوب، حتى إن المشاهد يرسم النهاية للعمل تماماً كما توقعها، فيغيب عنصر المفاجأة عنها، كما أن القصة لا تعلق في ذهنه».

كلام ريحان يشير إلى أن النصوص لا تزال تطفو على السطح من دون تعمق بالمشكلات. ولكن ماذا عن الكوميديا، لماذا تضمحل يوماً عن يوم، وتبرز القصص المليئة بالعنف مكانها؟ «الكوميديا ليست بالأمر السهل، يهربون منها لأنها تتطلب الجرأة على إضحاك الناس، وهو أمر صعب. يلزمها نص محبوك بشكل متقن يمكن للدراما التشويقية أن تفلت منه، لأن عناصرها تبنى على ركيزة مغايرة».

والمعروف أن أنجو تملك موهبة كوميدية كبيرة ترجمتها على المسرح مرات، وأمام الشاشة الصغيرة مرات أخرى؛ فهي تلقائية في هذا المجال بحيث تجر المشاهد إلى الضحك بصورة عفوية ومن دون مبالغة.

تعطي ريحان أمثلة عن موضوعات تناولتها بعض أعمال رمضان قاربت الواقع كـ«النار بالنار». وكذلك تذكر مسرحيتها «مجدرة حمرا» التي تحكي أيضاً عن نماذج لنساء لبنانيات وأسلوب حياتهن. «هذه الأعمال لمستني عن قرب؛ ففي الأول. وللمرة الأولى، تناولت الدراما العنصرية بشفافية. كفانا الاختباء وراء أصبعنا، ومع هذا العمل ندخل دراما الواقع التي تشبهنا بلهجتنا وبحياتنا ومشكلاتها. أما في (مجدرة حمرا)، فالنص محبوك بحرفية من قبل كاتبها ومخرجها يحيى جابر. ويترجم واقعاً تعيشه 3 نساء نابع من حقيقة وتجارب حياة تشبهنا».

أن يتابع المشاهد أي عمل فقط من أجل أن يعرف نهايته هو الأمر الذي لا تتقبله أنجو ريحان. «مرات تأتي النهاية من دون طرح حلول، ومرات أخرى تُترك مفتوحة لعلها تشهد جزءاً ثانياً في المستقبل». وهل الدراما أعطتك حقك؟ ترد أنجو: «لا ألهث وراء الشهرة، لأنها موجودة، ولكن الدراما سبيل من سبل العيش المتاحة لنا كممثلين. وكي يأتي المردود المادي أكبر يجب أن تحصلي على مساحة أوسع. أنا شخصياً أبحث عن الدور بشكل أساسي حتى لو لم يكن بطولة؛ كلما كان الدور أكبر سنح لصاحبه التوسع بشخصيته. ويمكنني القول إنني لم أصل بعد في الدراما إلى حالة الرضا التي ألاقيها على المسرح؛ فهو يعطيني حقي أضعافاً، وأتمنى أن أستطيع العيش من المسرح، عندها فليأتِ الدور الذي أطمح إليه على مهله، فلستُ مستعجلة».

قريباً ستطل أنجو في عمل مسرحي جديد عنوانه حتى اللحظة «أنجو من الغرق».

وتؤدي فيه أيضاً عدة شخصيات، وتعلق: «لقد كنا نستعد لتقديمها من قبل سنوات ولكنها تأخرت بسبب الجائحة أولاً، واندلاع الثورة وانشغالي في ارتباطات أخرى، فأعدنا توليفها من جديد كي تواكب ما نعيشه اليوم، ومن المتوقع أن تشهد النور على مدى 100 يوم من الآن».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
TT

طوني أبي كرم لـ «الشرق الأوسط»: أخاف من خيبات الأمل المتكررة في بلادي

{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)
{مرفوعة الأرزة} أحدث أعمال أبي كرم مع الفنان ملحم زين (طوني أبي كرم)

يرتبط اسم الشاعر طوني أبي كرم ارتباطاً وثيقاً بالأغنية الوطنية اللبنانية، وله تاريخٌ طويلٌ في هذا الشأن منذ بداياته. قدّم أعمالاً وطنية لمؤسسات رسمية عدة في لبنان. أخيراً وبصوت الفنان ملحم زين قدّم أغنية «مرفوعة الأرزة» من كلماته وألحانه، التي لاقت انتشاراً واسعاً، كون شركة «طيران الشرق الأوسط» اعتمدتها في رحلاتها خلال إقلاعها أو هبوطها.

الشاعر طوني أبي كرم ألّف ولحّن أكثر من أغنية وطنية

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يعدّ طوني أبي كرم أن كتابة الأغنية الوطنية يجب أن تنبع من القلب. ويتابع: «الجميع يعلم أنني أنتمي فقط إلى لبنان بعيداً عن أي حزب أو جهة سياسية. وعندما أؤلّف أغنية وطنية تكون مولودة من أعماقي. فأنا جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن. وعندما ينساب قلمي على الورق ينطلق من هذا الأساس. ولذلك أعدّ الحسَّ الوطني حاجةً وضرورةً عند شاعر هذا النوع من الأغاني، فيترجمه بعفوية بعيداً عن أي حالة مركّبة أو مصطنعة».

أولى الأغاني الوطنية التي كتبها الشاعر طوني أبي كرم كانت في بداياته. حملت يومها عنوان «يا جنوب يا محتل» بصوت الفنان هشام الحاج، ومن ثم كرّت سبحة مؤلفاته لأغانٍ أخرى. حقق أبي كرم نجاحات واسعة في عالم الأغنية كلّه. وأسهم في انطلاقة عدد من النجوم؛ من بينهم مريام فارس وهيفاء وهبي، وتعاون مع إليسا، وراغب علامة، ورامي عيّاش، ونوال الزغبي وغيرهم.

في عام 2000 سجّل طوني أبي كرم الأوبريت الوطني «الصوت العالي» مع 18 فناناً لبنانياً. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأغنية شاركت فيها مجموعة من أشهَر الفنانين اللبنانيين. وقد استغرقت تحضيرات طويلة لإنجازها تطلّبت نحو 6 أشهر. ورغبتُ في تقديمها لمناسبة تحرير الجنوب. وأعدّها تجربةً مضنيةً، ولن أعيدها مرة ثانية».

عدم تكرار هذه التجربة يعود إلى الجهد الذي بذله أبي كرم لجمع الـ18 فناناً في أغنية واحدة. «هناك مَن تردَّد في المشاركة، وآخر طالب بأداء مقطع غير الذي اختير له. أسباب عدة نابعة من الفنانين المشاركين أخّرت في ولادتها. وما سهّل مهمتي يومها هو الفنان راغب علامة. طلبت منه أن يرافقني إلى استوديو التسجيل لبودي نعوم، فوضع صوته على مقطع من الأغنية من دون أن أشرح له حقيقة الوضع. وعندما سمع الفنانون الآخرون أن راغب شارك في الأغنية، تحمَّسوا واجتمعوا لتنفيذها وغنائها».

أكثر من مرة تمّ إنتاج أوبريت غنائي عربي. وشاهدنا مشارَكة أهم النجوم العرب فيها. فلماذا يتردَّد الفنان اللبناني في المقابل في المشارَكة بعمل وطني جامع؟ يوضح الشاعر: «هذا النوع من الأغاني ينجز بوصفه عملاً تطوعياً. ولا يندرج على لائحة تلك التجارية. فمن المعيب أن يتم أخذ أجر مالي، فلا المغني ولا الملحن ولا الكاتب ولا حتى مخرج الكليب يتقاضون أجراً عن عملهم. فهو كناية عن هدية تقدّم للأوطان. ولا يجوز أخذ أي بدل مادي بالمقابل. ولكن في بلدان عربية عدة يتم التكفّل بإقامة الفنان وتنقلاته. فربما ذلك يشكّل عنصر إغراء يحثّهم على المشارَكة، مع الامتنان».

ويذكر طوني أبي كرم أنه في إحدى المرات فكّر في إعادة الكرّة وتنفيذ أغنية وطنية جماعية، فيقول: «ولكني ما لبثت أن بدّلت رأيي، واكتفيت بالتعاون مع الفنان راغب علامة وحده بأغنية من ألحانه (بوس العلم وعلّي راسك)».

يشير الشاعر طوني أبي كرم إلى أن غالبية الأغاني الوطنية التي كتبها وُلدت على خلفية مناسبة ما، ويوضح: «في أغنية (ممنوع اللمس) مع عاصي الحلاني توجّهنا إلى مؤسسة الجيش في عيدها السنوي. وكذلك في أغنية (دايماً حاضر) مع الفنان شربل الصافي لفتح باب التطوع في الجيش».

وعمّا إذا كان يختار صوت الفنان الذي سيؤدي الأغنية قبل الكتابة يقول: «لا، العكس صحيح، فعندما تولد الفكرة وأنجز الكلام، أختار الصوت على أساسهما. قد أقوم ببعض التعديلات بعدها، ولكنها تكون تغييرات قليلة وليست جذرية».

يستغرق وقت كتابة كلام الأغنية، كما يذكر الشاعر أبي كرم، نحو 15 دقيقة. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «لأنها تنبع من القلب أصبّ كلماتها بسرعة على الورق. فما أكتبه يصدر عن أحاسيسي الدفينة، وعن مشهد أو تجربة وفكرة عشتها أو سمعت بها. ولذلك تكون مدة تأليف الأغنية قليلة. فهي تخرج من أعماقي وأكتبها، وفي حال طُلب مني بعض التبديلات من قبل الفنان لا أمانع أبداً، شرط أن يبقى ثابتاً عنوانُها وخطُّها وفحواها».

وعمَّا يمكن أن يكتبه اليوم في المرحلة التي يعيشها لبنان، يقول: «أعدّ نفسي شخصاً إيجابياً جداً بحيث لا يفارقني الأمل مهما مررت بمصاعب. ولكن أكثر ما تؤذي الإنسان هي إصابته بخيبة أمل، وهي حالات تكررت في بلادنا وفي حياتنا نحن اللبنانيين. فكنا نتفاءل خيراً ليأتي ما يناقض ذلك بعد فترة قصيرة. وهو ما يولّد عندنا نوعاً من الإحباط. اليوم لا نفقد الرجاء ولكن لا يسعنا التوسّع بأفكار إيجابية. وعلى أمل عدم إصابتنا بخيبة أمل جديدة، سأتريث في الكتابة في هذه المرحلة».