هل يتجه صنّاع الأخبار إلى «أمازون» و«مايكروسوفت» بدلاً من «غوغل»؟

ترند

هل يتجه صنّاع الأخبار إلى «أمازون» و«مايكروسوفت» بدلاً من «غوغل»؟
TT

هل يتجه صنّاع الأخبار إلى «أمازون» و«مايكروسوفت» بدلاً من «غوغل»؟

هل يتجه صنّاع الأخبار إلى «أمازون» و«مايكروسوفت» بدلاً من «غوغل»؟

أُثيرت تساؤلات أخيراً حول ما إذا كان صنّاع الأخبار سيعتمدون خدمتَي «أمازون» و«مايكروسوفت» بدلاً من «غوغل». ويأتي هذا مع اتجاه الأنظار إلى الصفقات المُبرمة مع «مايكروسوفت» لترخيص المحتوى المستخدم لتغذية منصات الذكاء الاصطناعي، لا سيما بعد اتجاه «غوغل» نحو مشروعها الإخباري القائم على الذكاء الاصطناعي على حساب منصات الأخبار.

ولقد طرح بعض الخبراء أيضاً «أمازون» بديلاً إعلانياً بعد تغيير «غوغل» سياسة الإعلانات من خلال التراجع نهائياً عن ملفات تعريف الارتباط لصالح مشروعها «ساند بوكس» الذي «يزعم مزيداً من حماية الخصوصية».

كانت شركة «غوغل» قد تسببت في خفض الزيارات على المواقع الإخبارية، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعدما أجرت تعديلات جذرية في الخوارزميات الخاصة بالوصول إلى الأخبار، وبالتبعية تراجعت مداخيل الإعلانات لعدد من المواقع الإخبارية العالمية مثل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)؛ ما أثار عاصفة من الانتقادات.

الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ومستشار الأعمال الرقمية، يرى أن «التغييرات الديناميكية السريعة في سوق التكنولوجيا، لا سيما مشروعات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لها تأثيرات واضحة في صناعة الأخبار، لا سيما فيما يخص سرعة ودقة صناعة النصوص». وأردف في حوار مع «الشرق الأوسط»، قائلاً: «كما تعاني غرف الأخبار، تواجه شركات التكنولوجيا أزمة دقة المعلومات لتغذية مشروعات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لذلك تتجه الشركات إلى الاستثمار لحل هذه الثغرة. وفي هذا الصدد تبحث شركات ضخمة مثل (مايكروسوفت)، التي تعد الأكثر استثماراً في (تشات جي بي تي)، عن مخارج قد تأتي في شكل شراكات مع صنّاع الأخبار للوصول إلى أعلى قدر من دقة المعلومات». وللعلم، تعد شركة «مايكروسوفت» أكبر مستثمر في «تشات جي بي تي» بقيمة سوقية تبلغ 3 تريليونات دولار، تليها مباشرةً شركة «أبل» التي تبلغ قيمتها أيضاً نحو 3 تريليونات دولار، ثم تأتي ثالثةً «أمازون» بقيمة 1.8 تريليون دولار، ثم «ألفابيت» بـ1.8 تريليون دولار، وأخيراً «ميتا» بـ1.2 تريليون دولار.

وعن مسارات التعاون بين منصات الأخبار وشركات التكنولوجيا التي تحظى بمزايا تنافسية على شاكلة «مايكروسوفت»، يرى النجداوي أنه «يُمكن للمنصات الإخبارية الاستفادة من انخراط (مايكروسوفت) في تغذية مشروعات الذكاء الاصطناعي التوليدي ببيانات ضخمة ودقيقة من شأن منصات الأخبار توفيرها بسهولة ومهنية». ولفت إلى أهمية نموذج الشراكة الواعد الذي تتطلع إليه منصات الأخبار مع «أمازون» كذلك، مذكراً بأن «أمازون» هي أضخم شركة تجارة إلكترونية في العالم، وتحقق أرباحاً ضخمة من خدمات الحوسبة السحابية وخدمات التسويق، وهذا يخلق فرصة لمنصات الأخبار لجذب الإعلانات خارج نطاق هيمنة «غوغل». وهنا نشير إلى أن بيانات «غوغل» تتكلم عن نمو أعمال الإعلانات على «أمازون» في السنة الماضية بنسبة 27 في المائة، وأنها تتجه بالفعل نحو تحقيق إيرادات بقيمة 100 مليار دولار هذا العام.

النجداوي عزا رغبة منصات الأخبار في البحث عن بدائل إلى ممارسات «غوغل»، حيث أوضح أن «(غوغل) تتعرض الآن إلى هجمات، أولاها من قبل المشرّعين الأميركيين عبر سَنّ قوانين ضد احتكار الشركة سوق الإنترنت، لا سيما في سوق الإعلانات والأخبار، ثم هناك الآن دخول شركات كبرى في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي وهو ما يضمن سوقاً قائمة على التنافسية لاحقاً، ويسحب البساط من شركة (غوغل)».

أما حول مشروع «غوغل» للخدمات الإخبارية القائم على الذكاء الاصطناعي، فإن النجداوي يتوقع أن يكون مدفوعاً، ويشرح: «هنا تأتي أهمية ظهور منافسين؛ لزعزعة جذور الهيمنة والاحتكار... إذ سيصبح العمل مع (غوغل) في المستقبل القريب اختيارياً وليس شرطاً، لكن في الوقت الراهن ستظل (غوغل) تتحكم بغالبية الحركة في الساحة، ومنها عدد الإعلانات، والبيانات، والوسطاء... إلخ».

من جهة ثانية، شهدت السوق أخيراً إطلاق شراكات بين منصات الأخبار وشركات التكنولوجيا، ففي فبراير (شباط) الحالي، أطلق موقع «سيمافور» الأميركي موجزاً للأخبار العاجلة أُنشئ بواسطة الذكاء الاصطناعي سمّي «سيغنالز» تحت رعاية شركة «مايكروسوفت»، كما وقّعت شركة «ريتش» البريطانية للوساطة الإعلانية صفقةً لبيع الإعلانات على مواقعها عبر «أمازون» من خلال مشاركة بيانات قارئ الطرف الأول مع عملاق التكنولوجيا.

وهنا أفاد محمود السيّد، الاختصاصي بوسائل التواصل الاجتماعي في قناة «العربية»، بأن الفرصة سانحة أمام منصات الأخبار للخروج من بوتقة «غوغل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «حان الوقت لاستكشاف البدائل... فعبر سنوات عزّزت (غوغل) نموذج الهيمنة على المحتوى الإخباري، ما أطلق مخاوف عدة بشأن حرية تدفق المعلومات». وأعطى مثالاً أن «خوارزميات (غوغل) أعطت الأولوية للإثارة على حساب الدقة، فضلاً عن محدودية تقاسم الإيرادات مع الناشرين».

وبالتالي، يرى السيّد أن عقد شراكات مع كيانات التكنولوجيا الأخرى من شأنه «تعزيز المنافسة العادلة على حساب الهيمنة... و(مايكروسوفت) تتمتع بخبرة واسعة في مجال الذكاء الاصطناعي، ويُظهر مشروع (بونساي) لتعليم أدوات الذكاء الاصطناعي والمبادرات الأخرى، التزام (مايكروسوفت) بتطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول، الذي قد يُمكّن غرف الأخبار من خلال أدوات التخصيص والتحقق من المعلومات وإنشاء المحتوى». وبالنسبة لـ«أمازون» ودور خدمتها بوصفها شريكاً إعلانياً لغرف الأخبار، يرى السيّد أنها أيضاً «مسار مطروح بقوة... ويمكن لقاعدة المستخدمين الواسعة التي تملكها وشبكتها الإعلانية أن توفرا شرائح جمهور جديدة وفرصاً لتحقيق الدخل لمنصات الأخبار».

السيّد عدّ أيضاً أن «مشروعات (مايكروسوفت) للذكاء الاصطناعي تحمل وعداً لصناعة الأخبار... يُمكن لأنظمة التوصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تخصيص موجزات الأخبار، واقتراح المقالات ذات الصلة المصمّمة خصيصاً لتلبية اهتمامات المستخدمين وتعزيز وجهات النظر المتنوعة، كما سيساعد الذكاء الاصطناعي على إنشاء الملخصات وترجمة اللغات وتسجيل المقابلات». وأضاف أن «مشروع (مايكروسوفت) يأخذ في اعتباره أهمية التحقق من المعلومات، وهو شأن شديد الأهمية، وراهناً تعكف (مايكروسوفت) على تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد المعلومات الخاطئة والتحيزات المحتملة، ما يدعم النزاهة والثقة الصحافية». وعن تقييم شراكة «أمازون»، قال: «حتى الآن لا يُمكن القول إن (أمازون) ذهبت إلى شراكات نشطة مع الناشرين، إلا في حالات محدودة، مثل شراكتها مع قناة (العربية) في دمج المحتوى الإخباري للقناة مع أجهزة أليكسا... ثم أن لدى (أمازون) مسارات واعدة في المستقبل... وهي تتمتع بنقاط قوة وإمكانات مثيرة للاهتمام، مثل حزم الاشتراك. وبمقدور دمج اشتراكات الأخبار ضمن عضويات برايم الحالية جذب جماهير جديدة وتحقيق إيرادات». وفي إشارة إلى آلية استهداف الجمهور بإعلانات محددة من خلال «أمازون»، ذكر أنه «سيمكن الاستفادة من منصة الإعلانات المتطورة لشركة (أمازون) في إطلاق شراكات إعلانية مربحة للغاية لمنتجي الأخبار».

أخيراً، تبنّت آراء بعض المهتمين الفكرة القائلة إن احتضان شراكات جديدة يخلق فرصاً واعدة لغرف الأخبار. ورأى آخرون أن خروج «غوغل» أو التحرّر منها كلياً طرحٌ غير واقعي. وهنا يقول الدكتور النجداوي: «نتطلع إلى المنافسة العادلة التي تضمن حقوق الشركاء جميعاً، وهذا لا يعني انتهاء عصر (غوغل) كما يتوقع البعض». ويرى محمود السيّد أن «التحرر التام من تأثير (غوغل) قد يكون غير عملي على المدى القصير، ومع ذلك فإن تنويع الشراكات يُمكن أن يقلل من الاعتماد على الآخرين ويخفف من المخاطر... وعلى منصات الأخبار أن تغذي فكرة تنويع الجمهور».


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».