«مايكروسوفت»: السعودية الخامسة إقليمياً في حجم الاستهداف الأمني الرقمي

أكثر من 97 % من الهجمات لسرقة الهوية

تشير بيانات «مايكروسوفت» إلى أن أكثر من 52 % من الهجمات مدفوعة بدوافع مالية كالفدية والابتزاز (شاترستوك)
تشير بيانات «مايكروسوفت» إلى أن أكثر من 52 % من الهجمات مدفوعة بدوافع مالية كالفدية والابتزاز (شاترستوك)
TT

«مايكروسوفت»: السعودية الخامسة إقليمياً في حجم الاستهداف الأمني الرقمي

تشير بيانات «مايكروسوفت» إلى أن أكثر من 52 % من الهجمات مدفوعة بدوافع مالية كالفدية والابتزاز (شاترستوك)
تشير بيانات «مايكروسوفت» إلى أن أكثر من 52 % من الهجمات مدفوعة بدوافع مالية كالفدية والابتزاز (شاترستوك)

لم تعد قضية الأمن السيبراني تقنية فحسب، بل تحوّلت إلى خط الدفاع الأول عن الاقتصادات والمجتمعات في عصر التحوّل الرقمي. تقرير «الدفاع الرقمي لعام 2025» الصادر عن «مايكروسوفت» يوضح هذه الحقيقة بجلاء، إذ يكشف أن السعودية احتلّت المرتبة 23 عالمياً، والخامسة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، من حيث تكرار الأنشطة السيبرانية التي تؤثر على العملاء، بنسبة تقارب 5.6 في المائة من إجمالي العملاء المتأثرين في المنطقة.

ومع تسارع التحوّل الرقمي في السعودية ضمن «رؤية 2030»، من الخدمات الحكومية إلى المنصات المالية والقطاع الصحي والذكاء الاصطناعي، تتنامى في المقابل المخاطر السيبرانية بوتيرة غير مسبوقة، ما يجعل الأمن الرقمي عنصراً أساسياً في استدامة التنمية والابتكار.

تعالج «مايكروسوفت» يومياً أكثر من 100 تريليون إشارة أمنية وتمنع 4.5 مليون محاولة برمجيات خبيثة جديدة (شاترستوك)

اقتصاد جديد للجريمة السيبرانية

يوضح تقرير «مايكروسوفت» أن الدافع المالي هو المحرك الأكبر للهجمات السيبرانية. فأكثر من 52 في المائة من الهجمات ذات الدوافع المعروفة كانت مدفوعة بالابتزاز أو برمجيات الفدية (Ransomware)، في حين لم تتجاوز الهجمات المخصصة للتجسس 4 في المائة فقط. كما أن 80 في المائة من الحوادث التي حققت فيها فرق الأمن لدى «مايكروسوفت» العام الماضي استهدفت سرقة البيانات. ويشير ذلك بوضوح إلى أن الغالبية تسعى وراء الربح، وليس جمع المعلومات الاستخباراتية.

وقد أصبحت الجريمة السيبرانية أكثر تعقيداً بفضل سهولة الوصول إلى أدوات متقدمة عبر الإنترنت، إذ لم يعد المهاجم بحاجة إلى مهارات تقنية عالية لتوسيع عملياته.

وتشير أرقام «مايكروسوفت» إلى أن الشركة تعالج يومياً أكثر من 100 تريليون إشارة أمنية، وتحظر 4.5 مليون محاولة برمجيات خبيثة جديدة، وتحلل 38 مليون إنذار مرتبط بالهوية، وتفحص 5 مليارات رسالة بريد إلكتروني بحثاً عن محاولات تصيّد أو فيروسات.

في هذا السياق، أصبحت المؤسسات السعودية خصوصاً في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والتمويل والرعاية الصحية مطالَبة باعتبار الأمن السيبراني أولوية استراتيجية لا تقل عن إدارة العمليات أو حماية الإيرادات.

الهجمات تتحوّل إلى أزمات واقعية

تُظهر بيانات التقرير أن المجرمين الإلكترونيين باتوا يركّزون بشكل متزايد على الخدمات العامة والبنى التحتية الحيوية، إذ إن أي اختراق لها ينعكس مباشرة على حياة الناس اليومية. فقد استهدفت الهجمات مؤخراً المستشفيات، والحكومات المحلية، والقطاع التعليمي، نظراً لما تحتويه من بيانات حساسة ولأن كثيراً من أنظمتها تعتمد على برمجيات قديمة أو ميزانيات محدودة للأمن السيبراني.

النتائج كانت ملموسة عالمياً من حيث تأخير في الخدمات الطبية الطارئة، وتعطّل شبكات النقل، وإلغاء الحصص الدراسية، وهي أمثلة على آثار الهجمات خلال العام الماضي.

وتوضح «مايكروسوفت» أن «عصابات الفدية» تستغل ضعف هذه القطاعات لأنها لا تملك ترف الوقت، فالمستشفى لا يمكنه الانتظار لاستعادة أنظمته، ما يضطره أحياناً لدفع الفدية سريعاً. كما يجري بيع البيانات الطبية والحكومية المسروقة في الأسواق المظلمة، ما يغذي أنشطة إجرامية أخرى.

وفي الوقت الذي توسّع فيه المملكة بنيتها التحتية الرقمية في مجالات الصحة والنقل والخدمات الحكومية، يبرز هذا الاتجاه كتحذيرٍ بضرورة دمج الأمن السيبراني في تصميم المشاريع الوطنية منذ البداية، لضمان استمرار الخدمات العامة وحماية المجتمع.

الجهات الخبيثة باتت تستهدف المستشفيات والهيئات الحكومية والمؤسسات التعليمية (غيتي)

الذكاء الاصطناعي... سلاح مزدوج

شهد عام 2025 تصاعداً غير مسبوق في استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل المهاجمين والمدافعين على حد سواء. فالمهاجمون يستخدمونه لتوليد رسائل تصيّد أكثر واقعية، وإنتاج محتوى زائف مقنع، وتطوير برمجيات خبيثة قابلة للتكيّف. كما دمجت بعض الجهات الحكومية الذكاء الاصطناعي في عمليات التأثير السيبراني لجعلها أكثر دقة وانتشاراً.

في المقابل، أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة حيوية للدفاع أيضاً. فـ«مايكروسوفت» تستخدمها لاكتشاف التهديدات مبكراً، وسدّ فجوات المراقبة، وكشف محاولات الاحتيال الإلكتروني.

ويؤكد التقرير أن على المؤسسات والحكومات تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها وتدريب فرقها على الاستخدام الآمن، حتى لا يتحوّل الذكاء الاصطناعي من درع إلى سلاح ضدها.

بالنسبة للمملكة التي تستثمر بقوة في النماذج اللغوية العربية، والذكاء الاصطناعي السيادي، والبنية التحتية الذكية، فإن هذه المعادلة تمثل تحدياً استراتيجياً يتطلب بناء منظومات «ذكاء آمن» موازية للابتكار التقني.

الهوية الرقمية... الحلقة الأضعف

من أبرز الأرقام في التقرير أن أكثر من 97 في المائة من الهجمات على الهوية كانت عبر كلمات المرور، وأن الهجمات القائمة على الهوية ارتفعت بنسبة 32 في المائة في النصف الأول من 2025. بمعنى آخر، المهاجمون لا «يقتحمون» الأنظمة، بل «يسجلون الدخول» ببيانات مسروقة.

تأتي هذه البيانات من تسريبات ضخمة أو من برامج خبيثة تُعرف باسم «Infostealers» تقوم بسرقة كلمات المرور وملفات الجلسات، ثم تُباع على منتديات الجريمة الإلكترونية لتُستخدم لاحقاً في نشر برامج الفدية.

ويشير التقرير إلى أن الحل بسيط وفعّال، عبر استخدام المصادقة المتعددة العوامل المقاومة للتصيّد (MFA)، التي يمكنها منع أكثر من 99 في المائة من هذه الهجمات حتى لو كانت بيانات الدخول صحيحة.

وفي مايو (أيار) 2025، تمكنت وحدة الجرائم الرقمية في مايكروسوفت (DCU)، بالتعاون مع وزارة العدل الأميركية واليوروبول، من تفكيك شبكة «Lumma Stealer»، إحدى أكثر أدوات سرقة البيانات استخداماً عالمياً.

ارتفعت الهجمات القائمة على الهوية بنسبة 32 % في النصف الأول من 2025 و97 % منها اعتمد على كلمات المرور (شاترستوك)

الأمن السيبراني مسؤولية مشتركة

يخلص التقرير إلى أن الأمن السيبراني أصبح مسؤولية جماعية تتطلب تحديثاً مستمراً للأنظمة وتبادلاً للمعلومات بين القطاعين العام والخاص. وتلتزم «مايكروسوفت» بتعزيز هذا النهج عبر مبادرتها «Secure Future Initiative» التي تهدف إلى دمج الحماية في كل منتج وخدمة، وتطوير إطار شفاف للمساءلة.

كما يشدد التقرير على أهمية الدور الحكومي في ردع الهجمات السيبرانية عبر المساءلة والعقوبات، مشيراً إلى تزايد حالات نَسْب الهجمات إلى جهات أجنبية وفرض عقوبات وإجراءات قانونية ضدها، وهي خطوات ضرورية لبناء «ردع جماعي» عالمي.

وفي هذا السياق، تبرز المملكة من خلال الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (NCA) كأحد النماذج الإقليمية الرائدة في بناء بيئة رقمية آمنة ومتوافقة مع أفضل الممارسات الدولية.

نحو مستقبل رقمي أكثر صموداً

تكشف نتائج تقرير «مايكروسوفت» أن الحدود بين المخاطر الرقمية والواقعية تلاشت تقريباً، وأن الأمن السيبراني بات مؤشراً على قوة الدول واستقرارها.

ومع كون السعودية أحد أكبر الأسواق الرقمية في المنطقة وأحد أكثرها استهدافاً في الوقت نفسه، فإن مسارها نحو التحول الرقمي يرسّخ مكانتها كمركز متقدم في بناء منظومات الأمن السيبراني الإقليمي.

الرسالة الختامية في التقرير واضحة؛ لن تحمي التقنية المستقبل وحدها، بل الوعي والتعاون والجاهزية المشتركة هي الأساس في مواجهة تهديدات عالم بلا حدود.


مقالات ذات صلة

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

تكنولوجيا خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:29

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

يشهد «بلاك هات - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» تطوراً في كل نسخة، حيث استقطب عام 2025 أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم.

غازي الحارثي (الرياض)
تكنولوجيا جانب من حضور واسع لمعرض «بلاك هات 25» (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز) play-circle 01:32

كيف تكتشف الجهات الوطنية السعودية الهجمات السيبرانية بأساليب الذكاء الاصطناعي؟

تزايدت تحذيرات خبراء الأمن السيبراني من ارتفاع وتيرة استخدام البرمجيات الخبيثة التي تستهدف الهواتف الجوالة، ومن خطورة التقاء الذكاء الاصطناعي مع الجرائم…

غازي الحارثي (الرياض)
تكنولوجيا إحدى جلسات اليوم الثاني من «بلاك هات 25» (بلاك هات)

«بلاك هات» يتواصل بورش تقنية متخصصة ومنافسات سيبرانية

تواصلت أعمال النسخة الرابعة من فعالية «بلاك هات 2025» بنشاط متقدم في الجلسات وورش العمل التقنية التي شهدها اليوم الثاني وسط حضور دولي واسع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص المساهمة في الأمن الوطني السيبراني السعودي من أهداف «أرامكو» الاستراتيجية (الشرق الأوسط)) play-circle 01:12

خاص إطلاق منظومة سيبرانية متقدمة لحماية القطاعات الحيوية في السعودية

أطلقت «سيبراني»، التابعة لـ«أرامكو الرقمية»، منصتها الجديدة «سيبراني وان إنتل سيرفس»، خلال مشاركتها في معرض «بلاك هات 2025».

غازي الحارثي (الرياض)
شؤون إقليمية فاطمة صديقيان وشريكها محمد شيرينكار (صفحة البرنامج على «إكس»)

10 ملايين دولار مكافأة أميركية لمعلومات عن «ثنائي» قرصنة إيراني

عرض برنامج تابع للخارجية الأميركية مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن شخصين قال إنهما يعملان بالقرصنة الإلكترونية لصالح «الحرس الثوري».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.


شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

منصة «إكس»
منصة «إكس»
TT

شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

منصة «إكس»
منصة «إكس»

أعلنت شركة «نيورالينك»، التابعة لإيلون ماسك، أنّ شريحتها المزروعة في الدماغ باتت قادرة على مساعدة المرضى في تحريك أطراف روبوتية باستخدام الإشارات العصبية، في خطوة تُعد من أبرز التطورات في مجال الواجهات العصبية الحاسوبية، وفقاً لموقع «يورونيوز».

ويأتي هذا التقدّم في حين لا يزال الجهاز في مرحلة التجارب السريرية؛ إذ تتركّز الاختبارات على مستويات الأمان ووظائف الشريحة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض وإصابات تحدّ من قدرتهم على الحركة.

وفي مقطع فيديو نشرته الشركة على منصة «إكس»، ظهر المريض الأميركي روكي ستاوتنبرغ، المصاب بالشلل منذ عام 2006، وهو يحرك ذراعاً روبوتية مستخدماً أفكاره فقط، قبل أن يرفع الذراع إلى وجهه ويقبّلها في مشهد لافت.

وقالت «نيورالينك» في بيان عبر المنصة إن «المشاركين في تجاربنا السريرية تمكنوا من توسيع نطاق التحكم الرقمي ليشمل أجهزة فيزيائية مثل الأذرع الروبوتية المساعدة»، مشيرة إلى أن الشركة تخطط لـ«توسيع قائمة الأجهزة التي يمكن التحكم بها عبر الشريحة مستقبلاً».

وتهدف هذه التقنية إلى مساعدة المرضى المصابين بالشلل على استخدام أجهزتهم الشخصية واستعادة جزء من قدرتهم على الحركة، من خلال واجهة تُعرَف بـ«واجهة الدماغ والحاسوب» (BCI)، وهي تقنية قادرة على تفسير الإشارات الصادرة عن الدماغ وتحويلها إلى أوامر رقمية.

وبحسب الشركة، فقد جرى منذ يناير (كانون الثاني) الماضي زرع الشريحة في 12 مريضاً حتى سبتمبر (أيلول) 2024. وكان أول المشاركين يعاني من شلل ناتج عن إصابة في الحبل الشوكي، واستطاع بفضل الشريحة تشغيل ألعاب الفيديو ولعبة الشطرنج بواسطة التفكير.

ويعاني باقي المتطوعين إما من إصابات في الحبل الشوكي أو من التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وهو مرض يؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على التحكم في عضلات الجسم.

وكشف ماسك أن أكثر من 10 آلاف شخص سجّلوا أسماءهم في سجل المرضى لدى «نيورالينك» على أمل المشاركة في التجارب المستقبلية.

وتعد «نيورالينك» واحدة من عدة شركات تعمل في مضمار تطوير واجهات الدماغ الحاسوبي، في حين تشير بيانات التجارب السريرية الأميركية إلى أن تقنيات مماثلة يجري اختبارها لمساعدة المصابين بالشلل الدماغي، والخرف، والجلطات الدماغية، وغيرها من الحالات الصحية المعقدة.