عسكرة وادي السيليكون... شركات التكنولوجيا الكبرى تتخلى عن خدمة الإنسان وتتسربل بلباس الجنرالات

تنبذ مبدأ الامتناع عن توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير الأسلحة

عسكرة وادي السيليكون... شركات التكنولوجيا الكبرى تتخلى عن خدمة الإنسان وتتسربل بلباس الجنرالات
TT

عسكرة وادي السيليكون... شركات التكنولوجيا الكبرى تتخلى عن خدمة الإنسان وتتسربل بلباس الجنرالات

عسكرة وادي السيليكون... شركات التكنولوجيا الكبرى تتخلى عن خدمة الإنسان وتتسربل بلباس الجنرالات

في تحول كبير، تبنّت «غوغل»، و«أوبن إيه آي» و«ميتا»، إضافة إلى أصحاب رؤوس الأموال المغامرة - الذين نبذ الكثير منهم سابقاً المشاركة في الحروب - المجمع الصناعي العسكري.

أندريوبوسورث رئيس التكنولوجيا في «ميتا» وبوب ماكغرو المستشار في «مختبر ثنكنغ ماشينس» والرئيس الأسبق للباحثين في «أوبن أيه آي» وشيام سنكير رئيس التكنولوجيا في «بالانتير» وكيفن ويل مدير المنتجات في «أوبن إيه آي» في حفل منحهم الألقاب العسكرية

قادة التكنولوجيا يرتدون البزة العسكرية

في حفل أقيم في يونيو (حزيران) في قاعدة ماير - هندرسون هول المشتركة في أرلينغتون، فرجينيا، اصطف أربعة مسؤولين تنفيذيين حاليين وسابقين من «ميتا» و«أوبن إيه آي» و«بالانتير» (Palantir) على خشبة المسرح لأداء القسم الخاص بدعم الولايات المتحدة والدفاع عنها.

كان الجيش الأميركي قد أنشأ للتو وحدة ابتكار تقني مخصصة للمسؤولين التنفيذيين، الذين كانوا يرتدون معدات وأحذية قتالية. وفي هذا الحدث، أُعلن عن رتبة مقدم لكل منهم في الوحدة الجديدة، المفرزة 201، التي ستقدم المشورة للجيش بشأن التقنيات الجديدة للقتال المحتمل.

وقال وزير الجيش، دانيال دريسكول، عن المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، الذين خضعوا منذ ذلك الحين لتدريب أساسي: «نحن في حاجة ماسة إلى ما يجيدونه. إنه لأمرٌ لا يُوصف مدى امتناننا لمخاطرتهم بالقدوم ومحاولة بناء هذا التعاون معنا».

وعلى مدار العامين الماضيين، انغمس قادة ومستثمرو وادي السيليكون - الذين نبذ الكثير منهم سابقاً المشاركة في الأسلحة والحرب - في المجمع الصناعي العسكري.

من حظر الذكاء الاصطناعي في تطوير السلاح... إلى توظيفه

قامت شركات «ميتا» و«غوغل» و«أوبن إيه آي»، التي كانت تتضمن في سياساتها المؤسسية في السابق بنوداً تحظر استخدام الذكاء الاصطناعي في ميدان تطوير الأسلحة، بإزالة هذه الصياغة.

وتُطور «أوبن إيه آي» تقنية مضادة للطائرات من دون طيار، بينما تُصنع «ميتا» نظارات الواقع الافتراضي لتدريب الجنود على القتال. في الوقت نفسه، تشهد شركات الأسلحة والدفاع الناشئة ازدهاراً ملحوظاً.

من «عدم ارتكاب أعمال الشرّ»... إلى الادعاء بـ«الوطنية»

ويُعدّ هذا التغيير جزءاً من تحول ثقافي كبير في وادي السيليكون. فقبل عقد من الزمان، رفعت شركات التكنولوجيا شعارات مثل «ربط العالم» (connecting the world) و«عدم ارتكاب أعمال الشر» (do no evil)، وتعهدت بعدم استخدام تقنياتها لأغراض عسكرية. كان العمل مع الحكومة الأميركية غير مرغوب فيه لدرجة أن عقود البرمجيات والحوسبة السحابية مع وزارة الدفاع أثارت احتجاجات موظفي التكنولوجيا.

الآن، «انقلبت الأمور»، هذا ما قاله أندرو بوسورث، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة «ميتا» وأحد العسكريين الجدد في المفرزة 201، في مؤتمر تقني عُقد في سان فرانسيسكو في يونيو. وأضاف: «هناك أساس وطني أقوى بكثير مما أعتقد أن الناس ينسبونه إلى وادي السيليكون». ومن المقرر أن يخدم بوسورث بعض أيام الخدمة الاحتياطية في الجيش كل عام.

نموذج أولي لنظارات الواقع المعزز لجنود الجيش الأميركي

وقد دُفعت عسكرة عاصمة التكنولوجيا في البلاد بفعل المناخ السياسي المتغير، والمنافسة مع الصين على قيادة التكنولوجيا، والحروب في أوكرانيا وغزة، حيث أصبحت الطائرات من دون طيار وأنظمة الأسلحة المدعومة بالذكاء الاصطناعي حاسمة في المعارك. دفعت هذه الحروب البنتاغون إلى البدء في تحديث ترسانة الأسلحة الأميركية، وهي خطوة أيدها الرئيس ترمب.

تحذيرات من فقدان السيطرة على الابتكارات التكنولوجية

لكن بعض المسؤولين التنفيذيين والمهندسين في مجال التكنولوجيا يواجهون صعوبات في التعامل مع الأضرار المحتملة لهذا التحول. فبمجرد أن يبن المصممون طائرات مسيَّرة ذاتية القيادة وأسلحة ذكاء اصطناعي للجيش، لن يكون لديهم سيطرة تُذكر على كيفية نشر هذه التكنولوجيا. وقد أدى ذلك إلى نقاشات حول ما إذا كانت هذه الأسلحة المتطورة ستقتل عدداً أكبر من الناس مقارنةً بالأسلحة التقليدية، وفقاً لثلاثة مهندسين في «غوغل» و«ميتا».

وقالت مارغريت أومارا، مؤرخة التكنولوجيا في جامعة واشنطن: «تتميز شركات وادي السيليكون هذه بتنافسية شديدة، وفي سعيها لدخول قطاعات الدفاع هذه، فلا يوجد لديها داعٍ للتوقف كثيراً للتفكير»، بالمور.

البنتاغون موَّل وادي السيليكون في نشأته

تُعدّ عسكرة وادي السيليكون، من نواحٍ عدة، عودةً إلى جذور المنطقة.

فقبل أن تُصبح تلك المنطقة مركزاً للتكنولوجيا، كانت أرضاً ريفية زاخرة ببساتين الفاكهة. ففي خمسينات القرن الماضي، بدأت وزارة الدفاع الأميركية في الاستثمار في شركات التكنولوجيا في المنطقة؛ بهدف منافسة المزايا التكنولوجية الروسية خلال الحرب الباردة. وهذا ما جعل الحكومة الفيدرالية أول داعم رئيسي لوادي السيليكون.

احتضنت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة، وهي قسم تابع لوزارة الدفاع الأميركية، لاحقاً تقنيات - مثل الإنترنت - أصبحت أساساً لأكبر شركات وادي السيليكون. في عام 1998، حصل طالبا الدراسات العليا في جامعة ستانفورد، سيرغي برين ولاري بيج، على تمويل من وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (داربا) ووكالات حكومية أخرى لإنشاء «غوغل».

ولكن في أواخر التسعينات وبداية الألفية الثانية، اتجهت شركات التكنولوجيا نحو تقنيات الاستهلاك مثل التجارة الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي. وقدمت أنفسها بأنها ترسخ ديمقراطية التكنولوجيا للجماهير، جاذبة بذلك قوة عاملة ليبرالية إلى حد كبير عارضت العمل مع المؤسسة الدفاعية.

أعلنت «غوغل» في مؤتمر لها عام 2018 عن مبادئها لمنع توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير الأسلحة وإيذاء البشر

احتجاجات ضد العسكرة

في عام 2018، احتجّ أكثر من 4000 موظف في «غوغل» على عقد مع البنتاغون يُسمى «مشروع مافن»، الذي كان سيستخدم الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة لتحليل لقطات مراقبة الطائرات من دون طيار. وفي رسالة إلى المديرين التنفيذيين، قال الموظفون إن «غوغل» «لا ينبغي أن تنخرط في مجال الحرب».

وسرعان ما أعلنت «غوغل» أنها لن تُجدّد عقد البنتاغون، وانسحبت من سباق الحصول على عقد حوسبة سحابية بقيمة 10 مليارات دولار يُسمى «جيدي» لوزارة الدفاع.

في ذلك العام، نشرت «غوغل» مبادئ توجيهية لمشاريع الذكاء الاصطناعي المستقبلية، تحظر استخدام الذكاء الاصطناعي في «الأسلحة أو غيرها من التقنيات التي يكون الغرض الرئيسي منها أو تطبيقها هو التسبب في إصابة الناس أو تسهيل إصابتهم بشكل مباشر». وحذت شركات أخرى حذوها بتعهدات مماثلة.

توجهات للمشاركة الفعالة في تكنولوجيا الدفاع

وعلى عكس ذلك كانت هناك استثناءات. فقد كان أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة «بالانتير»، وهي شركة تحليل بيانات تقنية تأسست عام 2003، متحمساً للغاية لدور وادي السيليكون في تطوير تقنيات الدفاع لدرجة أنه رفع دعوى قضائية ضد الجيش عام 2016 لإجباره على النظر في شراء برنامج «بالانتير». وفازت «بالانتير» بالدعوى. كما زودت شركات تقنية أخرى وزارة الدفاع بالبرمجيات والحوسبة السحابية، من بين خدمات أخرى.

كما تغير المناخ السياسي، حيث دعم بعض المديرين التنفيذيين وأصحاب رؤوس الأموال المغامرة علناً آراء ومرشحين يمينيين. دفعت المنافسة مع الصين على التفوق التكنولوجي الكثير من شركات التكنولوجيا إلى التوجه أكثر نحو الحكومة الأميركية بصفتها حليفاً.

أصبحت «بالانتير» نموذجاً لشركات التكنولوجيا الأخرى. ومع عقود مع الحكومة والجيش الأميركي لبرامج تنظم البيانات وتحللها، تضخمت القيمة السوقية للشركة إلى أكثر من 375 مليار دولار هذا الشهر، أي أكثر من القيمة السوقية المجمعة لشركات الدفاع التقليدية مثل «لوكهيد مارتن» و«نورثروب غرومان» و«جنرال ديناميكس».

كما اتجهت شركات أخرى في وادي السيليكون نحو الدفاع.

«أوبن إيه آي» تحذف سياساتها السابقة

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، حذفت شركة «أوبن إيه آي»، الشركة المصنعة لبرنامج الدردشة الآلي «تشات جي بي تي» ChatGPT، نصاً من صفحة سياساتها يحظر استخدام تقنيتها في «تطوير الأسلحة» و«الأغراض العسكرية والحربية». وفي ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام، أعلنت الشركة عن صفقة مع شركة «أندوريل» (Anduril)، وهي شركة ناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع، لبناء أنظمة ذكاء اصطناعي مضادة للطائرات المسيَّرة.

وعندما طُلب منها التعليق، أشارت متحدثة باسم «أوبن إيه آي»، إلى محادثة جرت في أبريل (نيسان) بين سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، والجنرال بول إم. ناكاسوني، عضو مجلس إدارة «أوبن إيه آي»، والرئيس السابق لوكالة الأمن القومي. إذ قال السيد ألتمان: «يتعين علينا، ونفخر بذلك، ونرغب حقاً في المشاركة في مجالات الأمن القومي»، مضيفاً أن «أوبن إيه آي»، ستساعد في تطوير الذكاء الاصطناعي عندما «تدعم الولايات المتحدة وحلفاءنا في الحفاظ على القيم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم والحفاظ على سلامتنا».

«ميتا» تلتحق بالركب العسكري

في العام الماضي، غيّرت شركة «ميتا» سياساتها للسماح باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لأغراض عسكرية. وفي مايو (أيار) الماضي، أعلنت الشركة عن شراكة مع شركة «أندوريل» لتطوير أجهزة واقع افتراضي لتدريب الجنود. وفي ذلك الوقت، صرّح السيد بوسورث بأن «الأمن القومي الأميركي يستفيد بشكل كبير من إحياء الصناعة الأميركية لهذه التقنيات».

... و«غوغل» تتخلى عن تعهداتها

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلنت «غوغل» أيضاً أنها ستتخلى عن حظرها الذاتي على استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسلحة. وفي منشور على مدوّنتها، قالت الشركة إن هناك «منافسة عالمية على قيادة الذكاء الاصطناعي في ظل مشهد جيوسياسي متزايد التعقيد. نعتقد أن الديمقراطيات يجب أن تقود تطوير الذكاء الاصطناعي».

ورفضت «غوغل» و«ميتا» التعليق.

وتخلل هذا التوجّه نحو الدفاع انضمام أربعة مسؤولين تنفيذيين تقنيين إلى وحدة الجيش الجديدة في يونيو الماضي، وهم السيد بوسورث من ميتا، وشيام سانكار، كبير مسؤولي التكنولوجيا في بالانتير، وكيفن ويل، كبير مسؤولي المنتجات في «أوبن إيه آي»، وبوب ماكجرو، المستشار في «مختبر ثينكينج ماشينز» والرئيس السابق لقسم الأبحاث في «أوبن إيه آي».

* باختصار، خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».