زيارة خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى «وحدة الجرائم الرقمية» في «مايكروسوفت»

تحلل الوحدة 78 تريليون إشارة أمان يومياً بمساعدة الذكاء الاصطناعي

«مايكروسوفت»: نحن لا نتفاعل فقط مع التهديدات الإلكترونية بل نلاحق المجرمين ونفكك شبكاتهم ونجعل الإنترنت مكاناً أكثر أماناً للجميع (مايكروسوفت)
«مايكروسوفت»: نحن لا نتفاعل فقط مع التهديدات الإلكترونية بل نلاحق المجرمين ونفكك شبكاتهم ونجعل الإنترنت مكاناً أكثر أماناً للجميع (مايكروسوفت)
TT

زيارة خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى «وحدة الجرائم الرقمية» في «مايكروسوفت»

«مايكروسوفت»: نحن لا نتفاعل فقط مع التهديدات الإلكترونية بل نلاحق المجرمين ونفكك شبكاتهم ونجعل الإنترنت مكاناً أكثر أماناً للجميع (مايكروسوفت)
«مايكروسوفت»: نحن لا نتفاعل فقط مع التهديدات الإلكترونية بل نلاحق المجرمين ونفكك شبكاتهم ونجعل الإنترنت مكاناً أكثر أماناً للجميع (مايكروسوفت)

تُعتبر وحدة الجرائم الرقمية (DCU) التابعة لـ«مايكروسوفت» قوة حاسمة في المعركة العالمية الشرسة ضد الجرائم الإلكترونية. تقع هذه الوحدة في المقر الرئيسي للشركة في مدينة سياتل الأميركية، وتتبع نهجاً متعدد التخصصات يجمع بين الخبرة القانونية والتكنولوجيا المتطورة والشراكات العالمية لمكافحة بعض أكثر التهديدات الإلكترونية تطوراً في العالم. أتيحت لـ«الشرق الأوسط» زيارة حصرية لهذا المركز لرؤية كيفية عمل هذا الفريق المتخصص عن كثب، واستكشاف أحدث ابتكاراتهم، وفهم المشهد المتطور للأمن السيبراني.

ستيفن ماسادا المستشار العام المساعد لوحدة الجرائم الرقمية في «مايكروسوفت» (ستيفن ماسادا)

محاربة الجرائم الإلكترونية

يقود هذه العمليات ستيفن ماسادا، المستشار العام المساعد لوحدة الجرائم الرقمية في «مايكروسوفت»، الذي يتمتع بخبرة واسعة من عمله السابق في وزارة العدل الأميركية، حيث قضى أكثر من 12 عاماً في التعامل مع ملاحقات وتحقيقات الجرائم الإلكترونية.

ويوضح ماسادا أن «مهمة المركز بسيطة ولكنها طموحة، وهي تعطيل عمليات المجرمين الإلكترونيين، وجعل العالم الرقمي أكثر أماناً للجميع».

تعمل وحدة الجرائم الرقمية منذ عام 2008، وشهدت تطوراً لتصبح شبكة عالمية تضم محامين ومحققين ومحللي بيانات ومحترفين في مجال الأمن السيبراني. يستفيد الفريق من شبكة استخبارات التهديدات الواسعة لـ«مايكروسوفت»، حيث يحلل 78 تريليون إشارة أمان يومياً بمساعدة الذكاء الاصطناعي لتتبع وتحييد التهديدات الإلكترونية قبل أن تتصاعد.

يقول ماسادا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الجرائم الإلكترونية لم تعد مجرد أفراد يعملون بشكل منفرد بل أصبحت صناعة». ويضيف: «يعمل القراصنة مثل الشركات، حيث يقدمون الجرائم الإلكترونية بوصفها خدمة، مما يخلق سلسلة توريد من التهديدات الرقمية».

غرفة محاكاة الجرائم الإلكترونية

عندما دخلنا إلى مركز مكافحة الجرائم الإلكترونية في «مايكروسوفت» تعرفنا على مساحة تجمع بين التحليل الجنائي واستخبارات التهديدات في الوقت الفعلي وجهود إنفاذ القانون.

كانت إحدى التجارب الأكثر إثارة هي زيارة غرفة محاكاة الهجمات الإلكترونية، حيث تتم إعادة بناء سيناريوهات الجرائم الإلكترونية الواقعية. يشرح ماسادا أن هذه المساحة تسمح للشركات والمسؤولين الحكوميين والمحترفين في مجال الأمن السيبراني بتجربة كيفية حدوث هجوم الفدية في الوقت الفعلي. تقدم المحاكاة التي اختبرناها تجربة تفاعلية تهدف إلى مساعدة الزوار على فهم التأثير الفوري للاختراق الإلكتروني واستراتيجيات الاستجابة اللازمة.

خلال عام 2024 ساهمت وحدة الجرائم الرقمية في 85 عملية اعتقال على مستوى العالم (شاترستوك)

مختبر التهديدات والتحقيقات

في مختبر التحقيقات، يعمل المحللون الجنائيون وعلماء البيانات في «مايكروسوفت» على تتبع شبكات المجرمين الإلكترونيين. باستخدام التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يراقب الفريق أكثر من 3000 جهة تهديد إلكتروني معروفة عالمياً، بما في ذلك مجموعات تابعة لدول وشبكات الفدية وشبكات الاحتيال المالي. يسعون من ذلك إلى تحديد وتتبع وتعطيل عمليات المجرمين الإلكترونيين قبل أن تتسبب في ضرر.

يقول ماسادا إن العمل لا يقتصر على الاستجابة للتهديدات الإلكترونية، بل يتضمن أيضاً تفكيك البنية التحتية التي تمكنها بشكل استباقي.

وعلى طول الممرات، تعرض عدة أكشاك تفاعلية حالات رئيسية للجرائم الإلكترونية تمكنت وحدة الجرائم الرقمية (DCU) من تعطيلها بنجاح. تسلط هذه الحالات الضوء على جهود مايكروسوفت في إزالة أدوات التصيد الاحتيالي، وإيقاف عمليات الفدية، ومنع مخططات سرقة الهوية التي استهدفت ملايين المستخدمين حول العالم.

حقائق

13.82 تريليون دولار

هو حجم التكلفة العالمية للجرائم الإلكترونية بحلول عام 2028 بعد أن كانت 9.22 تريليون دولار في عام 2024

القانون لمكافحة الجرائم الإلكترونية

بينما تركز غالبية المنظمات فقط على الأمن السيبراني الدفاعي، تأخذ وحدة الجرائم الرقمية في «مايكروسوفت» نهجاً هجومياً باستخدام الاستراتيجيات القانونية لإيقاف شبكات المجرمين الإلكترونيين.
يوضح ماسادا أن «مايكروسوفت» تستخدم القانون أداة لتعطيل الجرائم الإلكترونية. من خلال الحصول على أوامر قضائية، يمكن مصادرة النطاقات وحظر الخوادم الخبيثة وتفكيك البنية التحتية الإجرامية.

وقد أثبت هذا النهج القانوني فاعليته الكبيرة في تعطيل الجرائم الإلكترونية ذات الدوافع المالية وحتى الجهات التابعة للدول. على مر السنين، قامت «مايكروسوفت» بمبادرات قانونية ضد بعض أخطر شبكات المجرمين الإلكترونيين في العالم، غالباً بالتعاون مع الحكومات ووكالات إنفاذ القانون وشركات الأمن السيبراني.

ومن أبرز الحالات تلك التي تتعلق بشبكة «ستورم - 1152» البارزة في عالم الجريمة الإلكترونية التي كانت تعمل على تطوير أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتجاوز إجراءات أمان «CAPTCHA» وإنشاء حسابات وهمية على نطاق واسع. تمكنت «مايكروسوفت» بالشراكة مع «أكروس لابس» من إيقاف هذه العملية، مما أدى إلى تقليل عدد الحسابات الوهمية بشكل كبير. ويعد ماسادا أن «المجرمين الإلكترونيين يتطورون باستمرار، ولكننا نتطور معهم».

يعمل في وحدة الجرائم الرقمية 34000 مهندس أمني متخصص بدوام كامل (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي ومستقبل الجرائم الإلكترونية

أحد التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجهها وحدة الجرائم الرقمية اليوم هو إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي من قبل المجرمين الإلكترونيين. مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة، يجد القراصنة طرقاً لاستغلالها في حملات التصيد الآلية، وكذا عمليات الاحتيال باستخدام «التزييف العميق» وسرقة الهوية.

خلال الجولة، تعرفت «الشرق الأوسط» على تحقيق حديث لـ«مايكروسوفت» كشف عن مجموعة إجرامية تستخدم محتوى تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي لنشر المعلومات المضللة وتنفيذ مخططات الاحتيال. ردت وحدة الجرائم الرقمية من خلال إيقاف البنية التحتية الرقمية للشبكة. أيضاً عبر تحليل التهديدات المولدة بالذكاء الاصطناعي لتحسين دفاعات مايكروسوفت الأمنية والتعاون مع وكالات إنفاذ القانون لتتبع ومقاضاة المتورطين.

يؤكد ماسادا أن «الذكاء الاصطناعي أداة قوية، ولكن في الأيدي الخطأ، ويمكن أن يتم تحويلها إلى سلاح». لهذا السبب تستخدم «مايكروسوفت» الذكاء الاصطناعي ليس فقط لمكافحة الجرائم الإلكترونية، بل أيضاً لتوقعها ومنعها. وقد قامت وحدة الجرائم الرقمية بدمج أنظمة استخبارات التهديدات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لفحص أنماط الأنشطة الإجرامية الإلكترونية، مما يساعد «مايكروسوفت» على توقع التهديدات الإلكترونية والتخفيف منها قبل حدوثها.

جبهة موحدة ضد الجرائم الإلكترونية

أحد الدروس الرئيسية من الزيارة كان كيفية تعاون «مايكروسوفت» مع الحكومات وشركات الأمن السيبراني الخاصة ووكالات إنفاذ القانون لتعزيز تأثيرها. تتعاون وحدة الجرائم الرقمية بنشاط مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) والإنتربول لتتبع المجرمين الإلكترونيين الدوليين. هناك أيضاً تنسيق مع شركات أخرى مثل «غوغل» و«أمازون» لاتخاذ إجراءات قانونية مشتركة ضد شبكات الاحتيال واسعة النطاق. إضافة إلى الحكومات المحلية.

كانت زيارة وحدة الجرائم الرقمية في «مايكروسوفت» تجربة مثيرة للتفكير سلطت الضوء على حجم وتعقيد الجرائم الإلكترونية الحديثة. كما يبدو أن ما يميز «مايكروسوفت» من خلال هذه الوحدة هو نهجها الاستباقي الذي يجمع بين استخبارات التهديدات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وإنفاذ القانون والشراكات العالمية لمكافحة الجرائم الإلكترونية من جذورها.

 

 

 


مقالات ذات صلة

في جزء من الثانية... «هارت» يولد صوراً عالية الجودة عبر الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا مزج الباحثون بين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لإنشاء أداة سريعة تنتج صوراً بدقة عالية (Christine Daniloff, MIT)

في جزء من الثانية... «هارت» يولد صوراً عالية الجودة عبر الذكاء الاصطناعي

«هارت» (HART) أداة جديدة لإنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي، تتفوق على التقنيات الحالية بجودة أعلى، وسرعة أكبر بتسع مرات من النماذج الحالية!

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سان ديسك إكستريم 1 تيرابايت إس إٍس دي

أفضل محركات أقراص الحالة الصلبة الخارجية المحمولة لعام 2025

لزيادة سعة التخزين وسرعة استرداد البيانات

تكنولوجيا خدمة أتمتة متقدمة تتيح إنشاء سير عمل مرن يدمج أكثر من 400 تطبيق مما يسهل تنفيذ المهام تلقائياً دون تدخل يدوي (n8n)

كيف تتيح منصة «n8n» ربط التطبيقات وأتمتة الأعمال دون تدخل يدوي متكرر؟

توفر المنصة بيئة منخفضة التعليمات البرمجية ومفتوحة المصدر، مما يسمح للمستخدمين بتشغيلها على خوادمهم الخاصة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص التقارب بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية يمكن أن يسرع الاكتشافات في مجالات مثل الأدوية والمناخ (أدوبي)

خاص كيف يغير تقارب الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وجه الاكتشافات العلمية؟

الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي يجتمعان لقيادة الابتكار العلمي، مع تقدم سريع في التطبيقات التجارية، من اكتشاف الأدوية إلى الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (سياتل)
علوم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد حققت قفزات متوالية في مجال جراحة العظام (جامعة برنو للتكنولوجيا)

ثورة في جراحة العظام: كيف تحسّن «الغرسات المطبوعة» زراعة المفاصل؟

مع التطور السريع في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، شهد قطاع الرعاية الصحية تحولاً جذرياً في تصنيع الغرسات الطبية، لا سيما في جراحة العظام واستبدال المفاصل.

محمد السيد علي (القاهرة)

في جزء من الثانية... «هارت» يولد صوراً عالية الجودة عبر الذكاء الاصطناعي

مزج الباحثون بين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لإنشاء أداة سريعة تنتج صوراً بدقة عالية (Christine Daniloff, MIT)
مزج الباحثون بين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لإنشاء أداة سريعة تنتج صوراً بدقة عالية (Christine Daniloff, MIT)
TT

في جزء من الثانية... «هارت» يولد صوراً عالية الجودة عبر الذكاء الاصطناعي

مزج الباحثون بين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لإنشاء أداة سريعة تنتج صوراً بدقة عالية (Christine Daniloff, MIT)
مزج الباحثون بين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية لإنشاء أداة سريعة تنتج صوراً بدقة عالية (Christine Daniloff, MIT)

يُعدُّ توليد صور عالية الجودة بكفاءة تحدياً بالغ الأهمية، خصوصاً للتطبيقات، مثل تدريب السيارات ذاتية القيادة، أو تصميم بيئات ألعاب الفيديو، أو محاكاة سيناريوهات العالم الحقيقي. وفي حين حققت نماذج الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في توليد الصور، لا تزال الطرق الحالية تواجه مفاضلة بين السرعة والجودة.

نماذج الانتشار (Diffusion Models)، مثل تلك المستخدمة في «DALL-E» و«Stable Diffusion»، تنتج صوراً واقعية مذهلة، لكنها تتطلب قوة حاسوبية كبيرة ووقتاً طويلاً. من ناحية أخرى، النماذج الانحدارية الذاتية (Autoregressive Models) المشابهة لتلك المستخدمة في نماذج اللغة الكبيرة مثل «تشات جي بي تي» (ChatGPT) تولد الصور بسرعة، لكنها غالباً ما تعاني مع التفاصيل الدقيقة، ما يؤدي إلى نتائج مشوهة أو ضبابية. الآن، طور فريق من الباحثين من معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) وشركة «إنفيديا» (NVIDIA) حلّاً مبتكراً يُدعى «هارت» (HART) وهو نموذج ذكاء اصطناعي جديد يجمع بين مزايا الطريقتين لتقديم صور عالية الجودة بسرعات غير مسبوقة.

أفضل ما في الطريقتين

يعمل «HART» على مبدأ بسيط لكنه قوي. أولاً، يقوم النموذج برسم الخطوط العريضة للصورة بسرعة، ثم يقوم نموذج انتشار صغير بتنقيح التفاصيل، فماذا يعني ذلك؟

يوضح هاوتيان تانغ، طالب الدكتوراه في «MIT»، والمؤلف الرئيسي المشارك للبحث، الأمر بهذه العبارة: «تخيَّل الأمر مثل الرسم». ويتابع: «إذا غطّيت اللوحة كلها دفعة واحدة، فقد تبدو النتيجة خاماً. لكن إذا بدأت برسم عام، ثم نقحته بضربات فرشاة أصغر وأدق، تصبح الصورة النهائية أكثر إتقاناً».

تعمل نماذج الانتشار التقليدية عن طريق إزالة الضوضاء من الصورة خطوة بخطوة حتى تظهر صورة واضحة. وهذه العملية تضمن دقة عالية لكنها بطيئة وتستهلك موارد كبيرة. في المقابل، تولد نماذج «هارت» (HART) الصور بشكل تسلسلي، متنبئة بأجزاء صغيرة في كل مرة. وفي حين تكون أسرع، فإنها غالباً ما تفقد تفاصيل مهمة بسبب الضغط.

يملأ «HART» هذه الفجوة باستخدام نموذج انحدار ذاتي للتعامل مع الجزء الأكبر من توليد الصورة، ثم تطبيق نموذج انتشار خفيف فقط لتحسين التفاصيل المتبقية، أي تلك العناصر الدقيقة التي تجعل الصورة حية مثل ملمس الشعر، وبريق العين، أو الحواف الدقيقة للأجسام.

يتميز نموذج «HART» الجديد بقدرته على إنتاج صور بجودة تعادل أو تفوق أحدث نماذج الانتشار لكن بسرعة أعلى بتسع مرات (MIT)

السرعة دون التضحية بالجودة

من أكثر إنجازات «HART» إثارة للإعجاب هي كفاءته. وفي حين تتطلب نماذج الانتشار الحديثة مليارات المعلمات وعشرات الخطوات للتنقيح، يُحقق «هارت» نتائج مماثلة أو حتى أفضل بجزء بسيط من التكلفة الحاسوبية.

في الاختبارات، أنتج «HART» صوراً أسرع بتسع مرات من نماذج الانتشار الرائدة، مع الحفاظ على مستوى التفاصيل نفسه. والأكثر إثارة، أنه يفعل ذلك باستخدام طاقة حاسوبية أقل بنسبة 31 في المائة، ما يجعله قابلاً للتشغيل على أجهزة المستهلك العادية، مثل أجهزة اللابتوب أو الهواتف الذكية.

يقول تانغ: «نموذج الانتشار في (HART) لديه مهمة أبسط بكثير... فهو يحتاج فقط لتصحيح التفاصيل الدقيقة، وليس الصورة بأكملها، ما يجعل العملية أكثر كفاءة».

فتح آفاق جديدة

تمتد آثار «HART» إلى ما هو أبعد من مجرد توليد صور أسرع. تصميمه الهجين يجعله شديد التكيف للدمج مع أنظمة الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط، مثل نماذج الرؤية واللغة التي يُمكنها تفسير وتوليد النصوص والصور معاً.

تخيَّل أن تطلب من مساعد ذكي أن يرشدك خلال تجميع قطعة أثاث، مع عرض مرئي لكل خطوة في الوقت الفعلي، أو فكِّر في سيارات ذاتية القيادة يتم تدريبها في بيئات افتراضية فائقة الواقعية، تتعلم تجنب المخاطر غير المتوقعة، قبل أن تصل حتى إلى الطريق. سرعة ودقة «HART» مكَّنَتا من جعل هذه التطبيقات ليست ممكنة فحسب، بل عملية أيضاً.

في المستقبل، يُخطط الباحثون لتوسيع قدرات «HART»، لتشمل توليد الفيديو وتركيب الصوت، مستفيدين من تصميمه القابل للتوسع لمهام أكثر تعقيداً.

خطوة نحو ذكاء اصطناعي أذكى

يُمثل «HART» قفزة كبيرة إلى الأمام في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، مبرهناً على أن السرعة والجودة يجب ألا يكونا متناقضين. من خلال الجمع الذكي بين نقاط قوة النماذج الانحدارية الذاتية ونماذج الانتشار، يفتح الباحثون أبواباً جديدة لتوليد الصور عالية الدقة في الوقت الفعلي، ما يقربنا من مستقبل يمكن فيه للذكاء الاصطناعي أن يدمج الإبداع والكفاءة بسلاسة.

هذا البحث، المدعوم من مختبر «MIT-IBM Watson» للذكاء الاصطناعي، ومركز «MIT» و«Amazon للعلوم»، ومؤسسة «العلوم الوطنية الأميركية»، سيُعرض في المؤتمر الدولي حول التمثيلات التعليمية. ومع مزيد من التطوير، قد يصبح «HART» قريباً حجر الزاوية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي من الجيل التالي، ما يُعيد تشكيل طريقة تفاعلنا مع الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه.