تقنية «ذكية» لمراقبة جودة مياه الشرب

يعاني أكثر من ربع سكان العالم نقصاً في الوصول لمياه الشرب الآمنة (رويترز)
يعاني أكثر من ربع سكان العالم نقصاً في الوصول لمياه الشرب الآمنة (رويترز)
TT

تقنية «ذكية» لمراقبة جودة مياه الشرب

يعاني أكثر من ربع سكان العالم نقصاً في الوصول لمياه الشرب الآمنة (رويترز)
يعاني أكثر من ربع سكان العالم نقصاً في الوصول لمياه الشرب الآمنة (رويترز)

طوّر فريق بحثي من معهد كوريا للعلوم والتكنولوجيا، تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة مياه الشرب.

وأوضح الباحثون أن هذه التكنولوجيا تأتي مساهمة في تحسين جودة المياه من خلال تطبيقها في شبكات قياس جودة المياه الوطنية الآلية، وفق النتائج التي نُشرت، الاثنين، في دورية (Water Research).

ويعاني نحو 2.2 مليار شخص، أي أكثر من ربع سكان العالم، من نقص في الوصول إلى مياه الشرب الآمنة. كما يعاني نحو نصف سكان العالم من ندرة حادة في المياه خلال جزء من السنة.

وللتغلب على نقص المياه، تُنفق تكاليف ضخمة على مشاريع مثل الري عبر أنظمة الصّرف الصّحي واستخدام مصادر مياه بديلة، مثل إعادة استخدام مياه الأمطار وتحلية مياه البحر، مع زيادة الحاجة إلى تكنولوجيا إنتاج المياه اللامركزية.

وتشمل هذه التكنولوجيا، وفق الدراسة، تقنيات المعالجة الكهروكيميائية، التي تستخدم الكهرباء لإزالة الملوثات وتحسين جودة المياه. وتعتمد هذه الأساليب على الأقطاب الكهربائية لتحفيز تفاعلات أكسدة واختزال، ما يساعد على تحييد الملوثات أو فصلها عن الماء. وتُستخدم هذه الطرق بشكل متزايد في الأنظمة اللامركزية لإزالة أيونات العناصر الثقيلة الضارة في المياه مثل الصوديوم والبوتاسيوم وتحسين نقاء المياه.

وتعتمد فاعلية المعالجة على نوع الأيونات وكميتها، التي قد تؤثر على التوصيل الكهربائي للماء وتفاعلات الأقطاب؛ مما يجعل مراقبة تركيزها أمراً ضرورياً لتحقيق نتائج معالجة فعالة.

ومع ذلك، فإن المستشعرات المستخدمة في هذه العمليات لا تستطيع قياس وتتبع الأيونات الفردية في المياه بدقّة، مما يجعل من الصعب الحصول على تقديرات دقيقة لجودة المياه.

لذا، استخدم الباحثون نموذجاً يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتحديداً التعلم الآلي، للتنبؤ بتركيزات أيونات العناصر الثقيلة في المياه مثل الصوديوم والبوتاسيوم، بهدف تقييم معدل التلوث في محطات تنقية المياه.

وتمكّن النموذج من التنبؤ بدقّة عالية بتركيزات كلّ من أيونات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والكلوريد أثناء عمليات المعالجة الكهروكيميائية.

ومن خلال استخدام هذا النموذج، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات واستنتاج تركيزات الأيونات المختلفة، مما يعزّز القدرة على مراقبة جودة المياه بدقة أكبر، ويُسهم في تحسين كفاءة المعالجة ويُتيح استجابة أسرع لتغيّرات نوعية المياه، وفقاً للباحثين.

وأظهرت النتائج أنه يجب تحديث التنبؤات كلّ 20 إلى 80 ثانية لتحسين الدّقة، مما يعني أن شبكات جودة المياه الوطنية يجب أن تقيس جودة المياه بشكل مستمر، على الأقل مرّة واحدة في الدقيقة، لتدريب النموذج بشكل صحيح.

وأشار الباحثون إلى أن هذه التكنولوجيا تمثّل خطوة مهمة نحو تعزيز نُظم إدارة المياه وتحقيق توزيع أكثر عدلاً وأماناً للمياه على الصّعيدين المحلي والعالمي.


مقالات ذات صلة

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

يوميات الشرق ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يخفض وفيات سرطان عنق الرحم (جامعة ساوث كارولاينا)

لقاح يخفض وفيات سرطان عنق الرحم

أفادت دراسة أميركية بأن وفيات سرطان عنق الرحم بين الشابات تحت سن 25 في الولايات المتحدة شهدت انخفاضاً ملحوظاً بعد تلقيهن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق طائر آكيكي يستوطن جزيرة كاواي في هاواي (جامعة يوتا)

لهذه الأسباب اختفى 216 نوعاً من الطيور

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة يوتا الأميركية عن السّمات البيئية والجغرافية التي جعلت بعض الطيور أكثر عرضة للانقراض منذ عام 1500.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الربو مرضٌ مزمنٌ يُصيب الجهاز التنفسي (جمعية القلب الأميركية)

أول علاج للربو يثبت فعاليته منذ نصف قرن

أفادت دراسة بريطانية بأن حقنة من دواء «بينراليزوماب» يمكن أن تُحدث تحولاً في علاج النوبات الحادة من الربو، خصوصاً الناتجة عن مرض الانسداد الرئوي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ابتكار سعودي لتحسين محطات معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام النانو تكنولوجي

غدير البلوي أثناء تسلمها جائزة «الإبداع والابتكار في استدامة المياه» (الشرق الأوسط)
غدير البلوي أثناء تسلمها جائزة «الإبداع والابتكار في استدامة المياه» (الشرق الأوسط)
TT

ابتكار سعودي لتحسين محطات معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام النانو تكنولوجي

غدير البلوي أثناء تسلمها جائزة «الإبداع والابتكار في استدامة المياه» (الشرق الأوسط)
غدير البلوي أثناء تسلمها جائزة «الإبداع والابتكار في استدامة المياه» (الشرق الأوسط)

في خطوة علمية مبتكرة، قدمت غدير البلوي، أستاذة مساعدة في جامعة تبوك بقسم الكيمياء، بحثاً رائداً في معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام تقنيات النانو تكنولوجي، وهو البحث الذي فازت من خلاله بجائزة «الإبداع والابتكار في استدامة المياه»، في نسخته الثالثة.

وتعتمد التقنية التي اقترحتها الباحثة على استخدام تقنيات النانو تكنولوجي بديلاً عن الطرق التقليدية المستخدمة في محطات التحلية، التي ترتكز عادة على استخدام طاقة عالية وضغط مرتفع. وما يميز هذا الابتكار أنه لا يتطلب ضغطاً مرتفعاً أو درجات حرارة عالية، مما يقلل من تكلفة عملية التحلية بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، يتم تقليل وقت المعالجة إلى 4 ساعات فقط، مما يزيد من كفاءة العملية. كما يمكن أيضاً استخدام المياه المحلاة لري الأراضي أو في تطبيقات أخرى، ما يعزز من الاستدامة البيئية.

وإحدى أبرز مزايا هذه التقنية أنها صديقة للبيئة. إذ تستخدم البلوي مواد أكسدة صديقة للبيئة، مثل الهيدروجين بيروكسيد الذي عند تحليله ينتج أكسجين وكربون دايكسايد وماء، دون إنتاج مواد ضارة أو مسببة للأمراض مثل الكلور. وهذا يمثل إضافة كبيرة في معالجة مياه الصرف بشكل آمن وصحي.

وفيما يخص الجانب الاقتصادي، قالت غدير إن مشروعها يتمتع بمزايا اقتصادية كبيرة، حيث يتم خفض التكاليف بفضل استخدام الطاقة المنخفضة والوقت القصير. بالإضافة إلى ذلك، يعد هذا الابتكار خطوة نحو الاستفادة من الموارد المحلية في معالجة المياه، وهو ما يتماشى مع «رؤية 2023» في تعزيز الاستدامة البيئية وتطوير الحلول التقنية محلياً.

وتأمل البلوي في أن يتم تحويل هذا الابتكار إلى منتج صناعي يُستخدم بمحطات التحلية في المملكة، إذ يتم العمل حالياً على «تشجير الفكرة إلى منتج» بالتعاون مع الخبراء والشركات المتخصصة في هذا المجال.

وتتميز تقنية (WHPCO) بمزايا كثيرة، أبرزها قدرتها على إزالة الملوثات العضوية المقاومة، مثل المركبات العطرية، وإنتاج منتجات ثانوية غير ضارة مثل الماء وثاني أكسيد الكربون. كما أن هذه التقنية تسهم في تقليل أوقات المعالجة وتخفيف كمية الحمأة الناتجة، مما يحسن كفاءة الطاقة، ويخفض من التكاليف التشغيلية لمحطات المعالجة.

ومن خلال تنفيذ هذه التقنية، يمكن للمملكة العربية السعودية تحسين جودة مياه الصرف الصحي وجعلها أكثر ملائمة لإعادة الاستخدام في مختلف القطاعات مثل الزراعة والصناعة، وحتى في مياه الشرب. كما أن هذه التقنية تسهم في تحقيق أهداف الاستدامة التي تتبناها المملكة ضمن «رؤية 2030»، خصوصاً في مجالات إدارة المياه والحد من تأثيرات التغير المناخي.