سماعات رأس مانعة للضوضاء تسمعك ما تريده بذكاء

توفر واحة من الصمت وسط الضجيج

عزز الباحثون سماعات إلغاء الضوضاء بشبكة عصبية تعتمد على الهاتف الذكي لتحديد الأصوات المحيطة والحفاظ عليها مع تصفية كل شيء آخر (شاترستوك)
عزز الباحثون سماعات إلغاء الضوضاء بشبكة عصبية تعتمد على الهاتف الذكي لتحديد الأصوات المحيطة والحفاظ عليها مع تصفية كل شيء آخر (شاترستوك)
TT

سماعات رأس مانعة للضوضاء تسمعك ما تريده بذكاء

عزز الباحثون سماعات إلغاء الضوضاء بشبكة عصبية تعتمد على الهاتف الذكي لتحديد الأصوات المحيطة والحفاظ عليها مع تصفية كل شيء آخر (شاترستوك)
عزز الباحثون سماعات إلغاء الضوضاء بشبكة عصبية تعتمد على الهاتف الذكي لتحديد الأصوات المحيطة والحفاظ عليها مع تصفية كل شيء آخر (شاترستوك)

توفر سماعات الرأس المانعة للضوضاء واحة من الصمت وسط ضجيج الحياة اليومية. تم تصميم هذه الأجهزة لحجب الضوضاء المحيطة ما يوفر للمستخدمين أجواء هادئة للعمل أو الاسترخاء. لكن تقنية إلغاء الضوضاء التقليدية لا تفرق في كثير من الأحيان بين الضوضاء الخلفية والأصوات المهمة، مما قد يؤدي إلى فصل المستخدمين عن بيئاتهم سمعياً.

يحاول شيام غولاكوتا، وهو باحث من جامعة واشنطن وأحد رواد دمج الذكاء الاصطناعي مع معالجة الصوت، إحداث تغيير في تجربتنا مع الصوت. طور فريق غولاكوتا نظاماً مبتكراً لا يقلل الضوضاء فحسب، بل يختار أيضاً بذكاء الأصوات التي يسمح بمرورها عبر السماعات.

ويوضح غولاكوتا التطبيق العملي لنظامه من خلال سيناريو بسيط. يقول إنه «يجب عليك تخيّل أنك في حديقة تستمتع بتغريد الطيور الهادئ، ولكنك منزعج بسبب محادثة عالية في مكان قريب. تسمح تقنيتنا لسماعات الرأس بعزل أصوات الطيور وتحسينها مع التقليل من الثرثرة المزعجة».

تولد سماعات الرأس موجات صوتية تكون سلبية (أو معكوسة) تماما للضوضاء الواردة وتسمى هذه العملية «التدخل المدمر» (شاترستوك)

طريقة التعرف على الصوت

يستخدم هذا النظام المتقدم شبكة عصبية تعتمد على الهاتف الذكي قادرة على التعرف على 20 صوتاً بيئياً مختلفاً، مثل المنبهات، وبكاء الأطفال، وأبواق السيارات، وصفارات الإنذار، وزقزقة العصافير. يمكن للمستخدمين تحديد الأصوات التي يرغبون في التركيز عليها، ويقوم النظام ديناميكياً بتصفية وتضخيم هذه الأصوات المحددة في الوقت الفعلي، مما يؤدي بشكل فعال إلى كتم جميع الضوضاء غير المرغوب فيها.

ويوضح غولاكوتا أن التحدي الذي واجه فريق العمل هو ابتكار طريقة للتعرف بدقة على الأصوات المختلفة في البيئة ثم عزل الأصوات المرغوبة عن الضوضاء. وذكر أنه كان من المهم أن يتم تسليم الأصوات المعالجة دون تأخير لضمان توافقها مع الإشارات البصرية في البيئة.

تعالج الخوارزميات المتقدمة الأصوات الخارجية في الوقت الفعلي وتنتج إشارات مضادة للضوضاء (شاترستوك)

خوارزمية لفهم الكلام

ركز فريق غولاكوتا بشكل خاص على تعزيز فهم الكلام في البيئات الصاخبة. يمكن للخوارزمية الخاصة بهم تحديد صوت متحدث معين وسط ضجيج الخلفية، مما يتيح إجراء محادثات أكثر وضوحاً وتركيزاً. تعتبر هذه الميزة مفيدة بشكل خاص في الأماكن المزدحمة حيث قد يكون التركيز على محادثة واحدة أمراً صعباً.

ومع تقدم المشروع، يتصور غولاكوتا فئة جديدة من أجهزة السمع الذكية تسمى بالأجهزة السمعية التي لا تحمي المستخدمين من الضوضاء فحسب، بل تعزز أيضاً تفاعلهم السمعي مع العالم. ويعد الباحث الأميركي أنه على وشك إنشاء أجهزة سمعية مستقبلية يمكنها زيادة قدرات السمع البشرية وتحسين نوعية الحياة بشكل كبير من خلال تكامل الذكاء الاصطناعي المتقدم.

حقائق

1920 العام الذي نشأت فيه

فكرة استخدام الموجات الصوتية لإلغاء الضوضاء إذ وضع عالم فيزياء بريطاني يُدعى هيو ألكسندر ماكدونالد نظرية حول إمكانية إلغاء الضوضاء النشطة. ويعود الفضل للدكتور لورانس جيروم فوغل الذي أنشأ، في الخمسينات من القرن الماضي، نظام إلغاء الضوضاء النشط المصمم لسماعات الطيران. ولم يصبح النموذج تجارياً إلا في الثمانيات.

لا تمثل مبادرة فريق البحث الأميركي هذه قفزة كبيرة في تكنولوجيا الصوت فحسب، بل تقدم أيضاً لمحة عن المستقبل حيث تتكامل التكنولوجيا بسلاسة مع الإدراك البشري لتعزيز حياتنا اليومية. ومع استمرار الفريق في تحسين التكنولوجيا وتوسيعها، فإن التطبيقات المحتملة في مختلف البيئات الصاخبة تجعل هذا الحل القائم على الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة في الأجهزة الصوتية الشخصية.


مقالات ذات صلة

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

تكنولوجيا تعكس هذه التحسينات التزام «يوتيوب» بالتطور مع مستخدميه وتقديم أدوات تلهم عملياتهم الإبداعية (أدوبي)

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

«يوتيوب» يوسّع نطاق «شورتس» بميزات جديدة مثيرة للمبدعين والمشاهدين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب» العالمي في نسخته الماضية (الشرق الأوسط)

الرياض تجمع المبتكرين لتوظيف الذكاء الاصطناعي في المشروعات العقارية

من المقرر أن يجمع معرض «سيتي سكيب» العالمي، الذي سيقام من 11 إلى 14 نوفمبر المقبل، في العاصمة السعودية الرياض، أبرز خبراء المستقبل والمبتكرين.

بندر مسلم (الرياض)
تكنولوجيا على غرار الميزات المتوفرة عبر منصات مثل «زووم» يقدم «واتساب» خياري «اللمسات الأخيرة» و«الإضاءة المنخفضة» (واتساب)

ميزات جديدة من «واتساب» لتحسين جودة الاتصال عبر الفيديو

يكثف «واتساب»، الذي يُعد أكبر تطبيق مراسلة في العالم، مع أكثر من ملياري مستخدم عبر 180 دولة، جهوده لإثراء تجربة المستخدم في مجال مؤتمرات الفيديو.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تقدم الميزة عشرة خيارات صوتية مختلفة حصرياً للمستخدمين الذين يدفعون اشتراكاً في الخدمة (شاترستوك)

​«جيمناي لايف» من «غوغل» متاح مجاناً لمستخدمي «آندرويد» بالإنجليزية

كانت الميزة حصرية لمشتركي «جيمناي أدفانسد» (Gemini Advanced) بتكلفة 20 دولاراً شهرياً

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي التوليدي... فقاعة أم ثورة؟

شعارا «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
شعارا «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي التوليدي... فقاعة أم ثورة؟

شعارا «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
شعارا «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

يستقطب الذكاء الاصطناعي التوليدي استثمارات مالية طائلة، إلى حد إثارة مخاوف من ظهور فقاعة جديدة... لكن معظم الخبراء يعتقدون أن هذه التكنولوجيا الجديدة ستؤتي ثمارها في نهاية المطاف، على الأقل بالنسبة إلى بعض الشركات.

باتت قيمة «أوبن إيه آي»، الشركة الناشئة في سان فرنسيسكو التي أطلقت طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي مع برنامجها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» في نهاية عام 2022، تبلغ 157 مليار دولار، بعد جمع 6.6 مليار دولار من التمويل.

وبعدما كانت غير معروفة لعامة الناس قبل عامين فقط، تعزز الشركة تالياً مكانتها لاعباً أساسياً في قطاع التكنولوجيا، رغم مغادرة عدد كبير من المديرين مناصبهم فيها أخيراً، وسلسلة فضائح هزتها، والمنافسة الشرسة مع شركات أخرى في القطاع، والأهم من ذلك كله، غياب أي احتمال فوري لتحقيق الربحية.

لكن ذلك كله لا يكفي لتثبيط حماسة المحللين الذين ينظرون إلى الذكاء الاصطناعي على أنه «ثورة» حقيقية.

يؤكد دان آيفز وزملاؤه في شركة «ويدبوش (Wedbush)» الاستشارية أن «الثورة الصناعية الرابعة ستصل إلى أشباه الموصلات والبرمجيات والبنية التحتية والإنترنت والهواتف الذكية خلال الأشهر الـ12 إلى 18 المقبلة».

ويضيف هؤلاء: «لقد كانت (تشات جي بي تي) بالنسبة للذكاء الاصطناعي التوليدي، كما كان آيفون بالنسبة للهواتف الذكية»، إذ «فتحت أوبن إيه آي المجال أمام نجاح الذكاء الاصطناعي واعتماده من جانب (نفيديا) و(مايكروسوفت) و(غوغل) وعالم التكنولوجيا بأكمله».

ويشير المحللون في تقديراتهم إلى أن جميع هذه الشركات ستنفق 1000 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ولا بد من الإشارة إلى أن هذه التكنولوجيا مكلفة للغاية، إذ إن إنتاج النصوص والصور والمحتويات الأخرى بناءً على استعلام بسيط باللغة اليومية يحتاج إلى نماذج للذكاء الاصطناعي مثل «جي بي تي 4 (GPT-4)» لـ«تغذيتها» بكميات هائلة من البيانات.

وبالتالي، تتطلب نماذج التدريب والتشغيل بنية تحتية جديدة لتكنولوجيا المعلومات، والكثير من الطاقة، ومهندسين مؤهلين تأهيلاً عالياً، وما إلى ذلك.

وقد ضخت «مايكروسوفت» 13 مليار دولار في «أوبن إيه آي»، وأعلنت أكثر من 15 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية في الذكاء الاصطناعي هذا العام، من ألمانيا إلى إندونيسيا.

وأفرجت «غوغل» عن أكثر من 13 مليار دولار على شكل «عقارات ومعدات» في الربع الثاني، أي ما يقرب من الضعف مقارنة بالمبالغ المرصودة قبل عام، وهي ميزانية تعكس احتياجاتها لمراكز البيانات الجديدة والرقائق المتطورة للغاية.

لكن هذا الإنفاق «بالكاد حقق نتائج حتى الآن، باستثناء المكاسب على صعيد الكفاءة للمطورين»، وفق ما أفاد مصرف «غولدمان ساكس» في يونيو (حزيران) الماضي في تقرير له.

يقول المحلل المستقل روب إنديرلي: «نشهد حالياً فقاعة ينادي فيها جميع الموردين بضرورة نشر (الذكاء الاصطناعي التوليدي) في جميع الاتجاهات»، في حين أن العملاء «ليسوا مستعدين بعد».

ووفق إنديرلي، فإن «أكثر من 80 في المائة من عمليات الطرح الأولى كانت فاشلة».

لكن كبار شركات التكنولوجيا لا تتطلع بعد إلى تحقيق الأرباح، كما توضح المحللة في «إي ماركتر» غريس هارمون.

وتشدد على أن هذه الشركات تخشى قبل كل شيء «التقصير في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والخسارة (...) حتى لو لم تكن عوائد الاستثمارات مضمونة».

سواء كنا نشهد فقاعة أم لا، يدرك معظم المراقبين حجم الإمكانات المرتبطة بهذه التكنولوجيا الجديدة على المديين المتوسط أو البعيد.

يقول مدير معهد «سبسكرايبد إنستيتيوت» البحثي مايكل مانسارد: «هل هناك تقييمات مرتفعة للغاية؟ نعم، ولكن هل هناك قيمة وراء ذلك؟ نعم».

ووفق هذا الخبير في القطاع، فإن التحدي الذي يواجه الشركات يكمن في إيجاد نموذج اقتصادي يضمن بقاءها بعد انفجار محتمل للفقاعة.

ويوضح مانسارد: «بالنسبة إلى شركة مصنِّعة للبرمجيات، فإن الحصول على 200 عميل بدلاً من 100 لا يكلف ضعف التكلفة المرتبطة بتشغيل البنية التحتية، ولكن بالنسبة لشركة مزودة للذكاء الاصطناعي التوليدي، هذا الأمر ممكن».

على الرغم من نجاحها العالمي والاشتراكات المدفوعة للأفراد والشركات، فإنه من المتوقع أن تتكبد «أوبن إيه آي» خسائر تبلغ 5 مليارات دولار هذا العام، مقابل 3.7 مليار دولار من الإيرادات، وفق صحيفة «نيويورك تايمز».

ليس لدى المحللة المستقلة كارولينا ميلانيسي أدنى شك في أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيصبح قريباً جزءاً من الحياة اليومية، ولكن للبقاء في السباق، وفرض أدوات المساعدة العاملة بالذكاء الاصطناعي وسائر الأدوات، تُضطر الشركات إلى الاستثمار.

وتشير ميلانيسي إلى أنه «من الصعب تحديد نموذج العمل؛ لأنه كلما استخدمت النموذج أكثر، أنفقت أكثر»، مضيفة: «إنه موقف دارويني إلى حد ما: أي أن البقاء سيكون للأقوى فقط».