خبير تقني عالمي: الذكاء الاصطناعي ليس «مقاساً واحداً يناسب الجميع»

«ديل»: التنفيذ الناجح للذكاء الاصطناعي يتطلب حوكمة وتدريباً قويين (شاترستوك)
«ديل»: التنفيذ الناجح للذكاء الاصطناعي يتطلب حوكمة وتدريباً قويين (شاترستوك)
TT

خبير تقني عالمي: الذكاء الاصطناعي ليس «مقاساً واحداً يناسب الجميع»

«ديل»: التنفيذ الناجح للذكاء الاصطناعي يتطلب حوكمة وتدريباً قويين (شاترستوك)
«ديل»: التنفيذ الناجح للذكاء الاصطناعي يتطلب حوكمة وتدريباً قويين (شاترستوك)

يقود التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والابتكار التحول في المشهد الرقمي اليوم. ويعمل الذكاء الاصطناعي بفضل قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات وأتمتة العمليات وتوليد الأفكار كمحفز قوي للابتكار. وعلى عكس ذلك، يعمل الابتكار على تعزيز تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحسينها، ما يدفع حدود ما هو ممكن. يولد هذا التقاطع بيئة ديناميكية، حيث يمكن للشركات تسخير الذكاء الاصطناعي لحل المشكلات المعقدة وتحسين العمليات وفتح فرص جديدة. ومع ذلك، يطرح هذا التقارب أيضاً تحديات منها الحاجة إلى حوكمة قوية، والاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وضرورة الموازنة بين التكلفة والاستدامة.

جون روس الرئيس التنفيذي العالمي للتكنولوجيا في شركة «ديل» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (ديل)

في مؤتمر «Dell Technologies World 2024» الذي تختتم فعالياته، الخميس، في مدينة لاس فيغاس، كان الابتكار موضوعاً رئيسياً. «الشرق الأوسط» التي حضرت المؤتمر، حاورت جون روس الرئيس التنفيذي العالمي للتكنولوجيا في شركة «ديل» حول أهمية الابتكار ودور الذكاء الاصطناعي في تحويل العمليات التجارية.

ميّز روس بين الابتكار المؤسسي، الذي يستهدف تحديات الأعمال العملية، والابتكار الأكاديمي، الذي يسعى في كثير من الأحيان إلى المعرفة النظرية. وقال إنه بالنسبة لشركة «ديل» لا يقتصر الابتكار على التحسينات الإضافية فحسب، بل يتعلق أيضاً بمعالجة المشكلات الأساسية التي يمكن أن تؤدي إلى نجاح الشركة.

الابتكار... من البحث إلى التطوير

شرح جون روس بالتفصيل النهج الذي تتبعه شركة «ديل» في مجال الابتكار، الذي يبدأ بتحديد المشكلات الحرجة ثم تطبيق تقنيات جديدة لحلها. وشدد على أهمية فهم الفرق بين التطوير والبحث. وأشار إلى أن التطوير يتضمن تنفيذ حلول معروفة بجودة عالية، بينما يركز البحث على اكتشاف طرق جديدة لمعالجة المشكلات. ويضمن هذا النهج المزدوج قدرة «ديل» على الابتكار بفاعلية عبر مختلف المجالات، بدءاً من الخدمات اللوجستية وصولاً إلى تجربة العملاء.

«ديل»: التنفيذ الناجح للذكاء الاصطناعي يتطلب حوكمة وتدريباً قويين (شاترستوك)

بناء «عضلة الابتكار»

قدم روس مفهوم «عضلة الابتكار» الذي يشير إلى قدرة المنظمة على الابتكار المستمر. ونوه بأنه يتم بناء هذه القوة من خلال مزيج من القيادة الاستراتيجية والمشاركة واسعة النطاق عبر الشركة. وقد شارك روس رحلة الذكاء الاصطناعي في شركته منذ 8 سنوات مع فريق صغير، ما أدى إلى توسيع نطاق المشاركة تدريجياً عبر جميع وحدات الأعمال. وقد أدى هذا النهج الشامل إلى إنشاء الآلاف من مشاريع الذكاء الاصطناعي داخل الشركة، مما يدل على قوة الابتكار الجماعي.

مصنع الذكاء الاصطناعي... نموذج جديد للمؤسسات

يمثل مفهوم «مصنع الذكاء الاصطناعي» من «ديل» بنية شاملة لدمج الذكاء الاصطناعي في عمليات المؤسسة. يشتمل المصنع على الشبكات والتخزين والخوادم والبرامج الوسيطة وحماية البيانات، وكلها مُحسّنة لأحمال عمل الذكاء الاصطناعي. وأوضح روس لـ«الشرق الأوسط» أن مصنع الذكاء الاصطناعي ليس منتجاً واحداً ولكنه بنية تحتية مُعاد تصورها مصممة لدعم طموحات الذكاء الاصطناعي للمؤسسة. ومن خلال دمج خبرات الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء الشركة، تضمن «ديل» قدرتها على بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة وتوسيع نطاقها بفاعلية.

تشدد «ديل» على المسؤولية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي عبر تقليل التأثير البيئي واستخدام نماذج موفرة للطاقة (شاترستوك)

دور الحوكمة والتدريب

ولتنفيذ الذكاء الاصطناعي بنجاح، أكد الرئيس التنفيذي العالمي للتكنولوجيا في شركة «ديل» على الحاجة إلى حوكمة وتدريب قويين. وذكر أن «ديل» اتخذت قراراً واعياً بتوزيع مسؤولية الذكاء الاصطناعي عبر المؤسسة بدلاً من تركيزها في وحدة واحدة. وقد مكّن هذا النهج الشركة من تنمية خبرات الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء الشركة، مما يضمن أن جميع الموظفين، بدءاً من الشؤون المالية وحتى التسويق، يمكنهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في أدوارهم. وكان هذا الاعتماد على نطاق واسع للذكاء الاصطناعي حاسماً في بناء قوة الابتكار اللازمة للتعامل مع المشاريع واسعة النطاق مثل مصنع الذكاء الاصطناعي.

موازنة التكلفة والاستدامة

تناول روس، في حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط» من لاس فيغاس، القلق المشترك بشأن التكاليف المرتبطة باعتماد الذكاء الاصطناعي. وقال إن استثمارات الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون استراتيجية ومتوافقة مع نقاط القوة الأساسية للشركة. وأوضح أنه بالنسبة لشركة «ديل» يعني هذا التركيز على مجالات مثل المبيعات، وتطوير المنتجات، وإدارة سلسلة التوريد؛ حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى تحسينات كبيرة. وقدم مثالاً على أن تحسين إنتاجية تطوير البرمجيات بنسبة 30 في المائة يمكن أن يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف ومزايا تنافسية.

وعلى صعيد الاستدامة، سلّط روس الضوء على المسؤولية الأخلاقية لشركات التكنولوجيا لتقليل تأثيرها البيئي. وناقش أهمية اختيار النماذج والبنيات الموفرة للطاقة، مثل تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الأصغر والأكثر تحسيناً التي تستهلك طاقة أقل. وصرح بأن التزام شركته بالاستدامة يتجلى في جهودها لتقديم خيارات صديقة للبيئة، بدءاً من مراكز بيانات الطاقة المتجددة وحتى حلول الذكاء الاصطناعي منخفضة الطاقة.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في المؤسسات

شدد جون روس على أن الذكاء الاصطناعي ليس «مقاساً واحداً يناسب الجميع». يجب على كل مؤسسة تصميم استراتيجية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بما يتناسب مع احتياجاتها وقدراتها الفريدة. وأشار إلى أنه بينما توفر «ديل» بنيات وحلولاً موحدة لتبسيط اعتماد الذكاء الاصطناعي، يجب على الشركات أيضاً تطوير خبراتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي للاستفادة الكاملة من هذه التقنيات، موضحاً أن الجمع بين الحلول الموحدة والخبرة المخصصة يمكّن المؤسسات من نشر الذكاء الاصطناعي بشكل فعال ومستدام.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى
TT

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى

احتضن الفائزون بعضهم، وهز الخاسرون رؤوسهم، وانفجر المشجعون في الهتافات.

معارك رياضية إلكترونية

احتدمت المشاعر في معرض «كال أكسبو» Cal Expo هذا الأسبوع، حيث اشتبك الطلاب من جميع أنحاء البلاد في معارك رياضية إلكترونية متوترة وعالية المخاطر، كما كتب ماثيو ميراندا (*).

في المسابقات التي تضم لوحات المفاتيح ونقرات الماوس المحمومة، تنافس لاعبو ألعاب الفيديو في ألعاب مثل Super Smash Bros Ultimate and Street Fighter 6.

وقالت أنجيلا برنهارد توماس، كبيرة مسؤولي الرياضات الإلكترونية في بطولة Collegiate Esports Commissioners Cup West الإقليمية: «إنها مثل بطولة (مارتش مادنيس) March Madness، لكنها ألعاب فيديو».

لاعبو مدرسة سنتر الثانوية أثناء المنافسة في أول بطولة ألعاب إلكترونية كبرى في ساكرامنتو

فرق مدرسية إلكترونية تنافسية

استضافت ساكرامنتو البطولة في وقت تنمو فيه شعبية الرياضات الإلكترونية، مع تشكيل المزيد من المدارس لفرق تنافسية، واستقطب الحدث الذي استمر ثلاثة أيام، 22 فريقاً جامعياً من 18 ولاية وأكثر، من 150 طالباً في المدرسة الثانوية المحلية.

وقالت أنجيلا برنهارد توماس: «معظم لاعبي الكلية الذين يلعبون هنا هذا الأسبوع مواظبون على الدراسة، ويحصلون على منح دراسية للعب ألعاب الفيديو»، وأضافت: «هذا شيء لم نفكر أبداً أنه سيحدث حقاً».

على المسرح الرئيسي، واجهت ولاية سان خوسيه فريق «يو سي ريفرسايد» في نهائي مكثف من Super Smash Bros. Ultimate - لعبة قتال ومنصة تضم شخصيات العديد من إبداعات نينتندو.

بطولة الرياضات الإلكترونية الوطنية

خرج فريق «يو سي ريفرسايد» المكون من أربعة أفراد منتصراً للعام الثاني على التوالي، وسيتقدم الفريق، جنباً إلى جنب مع أبطال عطلة نهاية الأسبوع الآخرين، إلى بطولة الرياضات الإلكترونية الوطنية في تكساس، في مايو (أيار) المقبل.

وقال كين هوانغ، طالب يدرس الرياضيات التطبيقية في «يو سي ريفرسايد»، إنه يأمل في أن يعزز الفوز الاعتراف بالرياضات الإلكترونية داخل الجامعة.

في السنوات الأخيرة، صنفت بعض الكليات في جميع أنحاء الولايات المتحدة فرق الرياضات الإلكترونية الخاصة بها على أنها رياضات مدرسية رسمية.

وأضاف هوانغ الذي مارس اللعبة لمدة 8 سنوات: «هذه الحالات توفر المزيد من الفرص للتمويل والسفر. ويعد فريق Super Smash Bros التابع لجامعة كاليفورنيا ريفرسايد نادياً ترفيهياً».

وتابع: «نأمل في أن يدفعنا أداؤنا الجيد والحصول على نتائج إلى القول إننا لسنا مجرد نادي ترفيهي».

رياضة للصغار والكبار

في مكان قريب، هتفت إيلينا فيريل، البالغة من العمر 15 عاماً، بينما كانت صديقتها تتنافس في لعبة Valorant، وهي لعبة إطلاق نار شهيرة من منظور الشخص الأول. وصاح الجميع معاً بحماس، ورفعوا أيديهم أحياناً احتفالاً.

حافظت فيريل، قائدة فريق اللعب المكون من 12 لاعباً في مدرسة «سنتر» الثانوية في أنتيلوب، على نشاط زملائها في الفريق من خلال إطعامهم وتقديم المشروبات لهم.

وبالقرب منها جلس والدا فيريل على بُعد أقدام قليلة، يراقبان ابنتهما الصغرى بابتسامات فخورة. وحضر آباء ثلاثة لاعبين آخرين، اعتادوا على شغف أطفالهم بالمنافسة عبر الإنترنت. وقالت والدتها لأنيل فيريل باربي: «أستمتع بمشاهدتهم وهم منخرطون في شيء ما. نريد أن نراهم يفعلون شيئاً إيجابياً، حتى لو كان ذلك ألعاباً». وتابعت: «أشعر بالضياع لأن لديهم لغتهم الخاصة... نطرح الكثير من الأسئلة، وأحياناً يجيبون عنها. لكننا ما زلنا ضائعين».

* «ذا ساكرمنتو بي»، خدمات «تريبيون ميديا».