كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في حل النزاعات خارج المحاكم؟

يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التحكيم بالمهام بما في ذلك البحث القانوني وصياغة المستندات والمراجعة الشاملة
يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التحكيم بالمهام بما في ذلك البحث القانوني وصياغة المستندات والمراجعة الشاملة
TT

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في حل النزاعات خارج المحاكم؟

يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التحكيم بالمهام بما في ذلك البحث القانوني وصياغة المستندات والمراجعة الشاملة
يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التحكيم بالمهام بما في ذلك البحث القانوني وصياغة المستندات والمراجعة الشاملة

يشهد التحكيم الذي يُعتبر وسيلة لحل النزاعات خارج المحاكم التقليدية تحولاً كبيراً، مدفوعاً بالتكامل السريع للذكاء الاصطناعي. ورغم أن هذا التحول يَعِد بإعادة تعريف كيفية حل النزاعات من خلال إدخال السرعة والكفاءة، فإنه يفرض أيضاً تحديات فريدة يمكن أن تؤثر على عدالة وشفافية الإجراءات.

الكفاءة والشفافية في التحكيم

وفقاً لآرون فيسويسواران الشريك في شركة المحاماة العالمية «Addleshaw Goddard»، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في الأبحاث القانونية وصياغة المستندات القانونية البسيطة وإجراء مراجعة المستندات. ويعُد فيسويسواران في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن التطبيقات الأكثر تقدماً تتضمن تلخيص المستندات الكبيرة وصياغة المستندات الإجرائية والمساعدة في صياغة رسائل البريد الإلكتروني. ويقول إنه يمكن لهذه التكنولوجيا أن تقلل بشكل كبير من الوقت والتكلفة التي ينطوي عليها التحكيم، مما يجعل العملية أكثر كفاءة.

آرون فيسويسواران الشريك في شركة المحاماة العالمية «Addleshaw Goddard» (الشرق الأوسط)

يعتبر فيسويسواران أن قدرة الذكاء الاصطناعي على تلخيص مجموعات كبيرة من المرافعات وتوليد نظريات القضية يمكن أن تساعد المحامين والمحكمين على حد سواء في إدارة القضايا المعقدة.

على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء استراتيجيات للاستجواب بناءً على إفادات الشهود أو تقارير الخبراء، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى استعدادات أكثر شمولاً واستراتيجية لجلسات التحكيم.

كما يؤكد فيسويسواران على أهمية الشفافية عند استخدام الذكاء الاصطناعي في التحكيم. ويرى أنه يجب على الأطراف والمحكمين التأكد من الكشف عن أي استخدام للذكاء الاصطناعي ومعالجة المخاوف المتعلقة بالسرية مقدماً. ويشدد على ضرورة إتمام المناقشات حول المبادئ المحيطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في بداية التحكيم لضمان تكافؤ الفرص وتأمين موافقة الأطراف.

ضمان الدقة والموثوقية

أحد الاهتمامات الأساسية بدمج الذكاء الاصطناعي في التحكيم ضمان دقة وموثوقية المخرجات التي يولدها، خاصة في الحالات المعقدة. تعتمد موثوقية أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية بشكل كبير على جودة البيانات المدخلة. ويشير فيسويسواران إلى ضرورة اختبار المدخلات بدقة للتأكد من صحتها وموثوقيتها قبل الاعتماد على المخرجات التي يولدها الذكاء الاصطناعي.

ويقول فيسويسواران إن نظام الذكاء الاصطناعي الآمن لدى شركة «Addleshaw Goddard» على سبيل المثال، يسمح بتحميل المستندات والاستعلام عنها بواسطة المحامين. ومع ذلك، يظل التحقق البشري ضرورياً لضمان دقة استجابات الذكاء الاصطناعي. تسلط هذه الممارسة الضوء على ضرورة الحفاظ على العنصر البشري في عملية التحكيم، حتى عندما تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر تطوراً وموثوقية.

الاعتبارات الأخلاقية وخصوصية البيانات

إن دمج الذكاء الاصطناعي في الممارسات القانونية يطرح العديد من الاعتبارات الأخلاقية. يجب على شركات المحاماة مناقشة استخدام الذكاء الاصطناعي مع العملاء لضمان الشفافية وإدارة التوقعات.

وينوه فيسويسواران في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأنه بالنسبة للمحكمين، يجب الكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار وتنفيذه فقط بموافقة الأطراف. كما يمثل ظهور قرارات التحكيم المزيفة تهديداً متزايداً، حيث يجب أن تكون هناك حاجة إلى مزيد من المبادئ التوجيهية أو اللوائح لضمان نزاهة عملية التحكيم.

تُعتبر خصوصية البيانات وسريتها أيضاً من الاهتمامات الحاسمة. ويضيف فيسويسواران أن العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي المتاحة للجمهور تعمل على خوادم في بلدان مختلفة، وغالباً ما لا تتحمل أي مسؤولية عن انتهاكات البيانات، مما يؤكد الحاجة إلى موافقة مستنيرة وتدابير صارمة لحماية البيانات.

نظراً لاعتماد الذكاء الاصطناعي على جودة بيانات المدخلات، يظل التحقق من قبل الخبراء البشر ضرورياً لضمان موثوقية المخرجات (شاترستوك)

التحديات والآفاق المستقبلية

في حين أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تُحدث ثورة في تحليل الأدلة وعرضها في التحكيم، إلا أنها تشكل تحديات أيضاً. تُعد قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء التزييف العميق وغيرها من الأدلة الملفقة مصدر قلق كبير. قد تتطلب معالجة هذه التحديات تكنولوجيا يمكنها اكتشاف مثل هذه التلاعبات، مما يضمن صحة الأدلة المقدمة في جلسات التحكيم.

ويشير فيسويسواران إلى الحاجة لتطوير مهارات جديدة للعمل بفعالية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويقول إن التدريب على أنظمة الذكاء الاصطناعي، على غرار التدريب على قواعد بيانات البحوث القانونية، سيصبح ضرورياً. كما سيكون فهم قدرات الذكاء الاصطناعي وقيوده أمراً بالغ الأهمية للمحامين للاستفادة من هذه الأدوات بشكل فعال دون المساس بعملية التحكيم.

وفي رد على سؤال حول تطور الإطار التنظيمي لاستيعاب استخدام الذكاء الاصطناعي في التحكيم دون خنق الابتكار، يصرح آرون فيسويسواران بأنه ينبغي أن تظل المرونة واستقلالية الأطراف من المبادئ الأساسية، مما يسمح للأطراف بتحديد أفضل السبل للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. ويتابع أنه يجب أن تكون هناك أيضاً تدابير مساءلة للمحكمين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، خاصة في صياغة قرارات التحكيم.

الفوارق الإقليمية والتنبؤات المستقبلية

وفي حين أن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي يمكن الوصول إليها على نطاق واسع، فإن الفوارق في اعتمادها قد تنشأ بناء على القدرة الشرائية للأطراف المعنية. وقد تتمكن الأطراف الأكثر ثراء من توفير أدوات ذكاء اصطناعي أكثر تقدماً، ولكن الدقة المتزايدة للأنظمة المتاحة مجاناً يمكن أن تؤدي إلى تكافؤ الفرص بمرور الوقت.

وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع فيسويسواران أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من جوانب معينة من عملية التحكيم، مثل مراجعة الأدلة الأولية وصياغة المستندات. ومع ذلك، يجب الحفاظ على دور المحكمين في إصدار قرارات مدروسة مبنية على تحليلاتهم وخبراتهم. سيكون ضمان الشفافية والمساءلة في استخدام الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على نزاهة التحكيم.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
تكنولوجيا غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

أكدت دراسة جديدة أن قصائد الشعر التي تكتب بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل من تلك التي يكتبها البشر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بالكشف الأولي على المريض يمكن أن يؤدي للكشف عن كسور بالعظام قد يغفل عنها الإنسان (أ.ف.ب)

4 طرق لتحسين الرعاية الصحية بواسطة الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة على تحقيق ثورة في الرعاية الصحية العالمية، خصوصاً مع وجود 4.5 مليار شخص لا يستطيعون الحصول على خدمات الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «الشورت» يحسّن كفاءة المشي في الهواء لدى كبار السنّ (نيتشر)

«شورت» ذكي لتحسين حركة المرضى وكبار السنّ

أعلن باحثون في «جامعة ميونيخ التقنية» عن تطوير «شورت» ذكي يساعد الأشخاص على المشي بسهولة مع تقليل ملحوظ في استهلاك الطاقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)
غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)
TT

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)
غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن غالبية القُرّاء يرون أن قصائد الشعر التي تكتب بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل من تلك التي يكتبها البشر.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أُجريت الدراسة بواسطة باحثين من جامعة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، وشملت عدداً من المشاركين الذين عُرضت عليهم قصائد كتبها 10 شعراء مشهورين باللغة الإنجليزية، إلى جانب قصائد تم إنشاؤها بواسطة برنامج «تشات جي بي تي 3.5» المدعوم بالذكاء الاصطناعي.

ومن بين الشعراء الذين عُرض شعرُهم على المشاركين جيفري تشوسر، وويليام شكسبير، وصامويل بتلر، واللورد بايرون، ووال ويتمان، وإميلي ديكنسون، وتي إس إليوت، وألين جينسبيرغ، وسيلفيا بلاث، ودوروثيا لاسكي.

ووجد الباحثون أن 75 في المائة من المشاركين كانوا أكثر ميلاً إلى الحكم على القصائد التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي على أنها من تأليف البشر مقارنة بالقصائد التي كتبها البشر بالفعل.

وعلى النقيض من الأبحاث السابقة، وجدت الدراسة أيضاً أن المشاركين صَنَّفوا القصائد التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي أعلى من حيث الجودة الإجمالية من القصائد التي كتبها البشر.

ويقترح المؤلفون أن القُرَّاء العاديين، غير الخبراء في مجال الشعر، يفضِّلون القصائد التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي؛ لأنهم يجدونها أكثر وضوحاً وسهولة.

وأضافوا أن «التعقيد والغموض» في الشعر المكتوب بواسطة البشر، «من الأسباب الرئيسية للتقليل من جاذبية القصائد بالنسبة للقارئ العادي».

وقالت الشاعرة جويل تايلور، الحائزة جائزة «تي إس إليوت» للشعر، رداً على نتائج الدراسة: «بينما ليس لدي أدنى شك في أن الذكاء الاصطناعي يمكنه توليد الشعر بواسطة خوارزمياته. فإن الإنسانية هي جوهر القصيدة».

وأضافت: «القصيدة أكثر من مجرد خوارزمية. إنها معنى وعاطفة وأفكار ومنطق».

وتأتي هذه الدراسة بالتزامن مع أخرى أكدت أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «تشات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض.

وبحسب الدراسة، حقَّق روبوت الدردشة، متوسط ​​درجات بلغ 90 في المائة عند تشخيص المشكلات الطبية، في حين حصل الأطباء الذين شخَّصوا الحالات بمفردهم على متوسط ​​درجات بلغ 74 في المائة.