في تطور رائد يعكس تكامل التكنولوجيا والتنمية الوطنية، كشفت «مايكروسوفت» مؤخراً النقاب عن شراكة مهمة مع وزارة الاستثمار السعودية ضمن مبادرة «التحالف من أجل الابتكار» التي تهدف إلى دفع المملكة إلى طليعة الساحة التكنولوجية العالمية، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي (AI)، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، وإنترنت الأشياء (IoT).
وأكد تركي باضريس رئيس «مايكروسوفت» العربية في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» على هامش معرض «ليب 24» الذي استضافته الرياض مطلع الشهر الحالي، أن هذه المبادرة لا تسعى فقط إلى تعريف أكثر من 70 من شركاء «مايكروسوفت» العالميين والإقليميين بالإمكانات الهائلة داخل السعودية فحسب، بل أيضاً إلى ترسيخ تطلعات المملكة لتصبح مركزاً عالمياً للابتكار، بما يتماشى مع «رؤية 2030».
وأوضح باضريس أن الغرض الرئيسي من المبادرة هو «إظهار الإمكانات التي تتمتع بها السعودية وتقديم الحوافز التي تجذب الشركات العالمية والمستثمرين إليها».
استراتيجية تتماشى مع «رؤية 2030»
ينعكس التزام «مايكروسوفت» الثابت بالظهور بوصفها شركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في مساعيها الاستراتيجية، ولا سيما «رؤية 2030» والاستراتيجية الشاملة للبيانات والذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن تكون منطقة مركز البيانات السحابية في المملكة حافزاً للنمو والتنويع الاقتصادي. ويَعد باضريس خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك «سيساهم أيضاً في نمو وتنويع الاقتصاد السعودي تماشياً مع رؤية (مايكروسوفت) التي تهدف إلى تمكين جميع المؤسسات من مختلف الأحجام في جميع القطاعات من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً». وتعمل الشركة العالمية من خلال استثماراتها على إنشاء منظومة تكنولوجية مزدهرة وحيوية تساعد في تعزيز مكانة المملكة لتصبح مركزاً عالمياً للابتكار والاستثمار.
وقد أعربت العديد من المؤسسات من جميع القطاعات عن اهتمامها بالاستفادة من مراكز بيانات «مايكروسوفت» السحابية لتسريع رحلات التحول الرقمي وتحفيز الابتكار. وبحسب باضريس، ستساهم منطقة مراكز البيانات السحابية بشكل إيجابي في التنمية الاقتصادية بالمملكة؛ حيث تتوقع التقارير أن تحقق الشركة وشركاؤها وعملاؤها الذين يستخدمون السحابة معاً نحو 24 مليار دولار من الإيرادات الجديدة فوق مستوى 2022 على مدار السنوات الأربع المقبلة.
تعزيز الكفاءات الوطنية
يؤكد التطور السريع للتقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي على الحاجة الملحة للموظفين في جميع الصناعات لتعزيز كفاءاتهم الرقمية لسد فجوة المهارات التكنولوجية الناشئة. ويَظهر التزام «مايكروسوفت» بتمكين القوى العاملة الوطنية لتكون في طليعة الابتكار والتكنولوجيا واضحاً في مبادراتها التي تهدف إلى تأهيل وإعداد المهنيين الحاليين والمستقبليين لمتطلبات العالم الرقمي. ويؤكد تركي باضريس رئيس «مايكروسوفت» عربية لـ«الشرق الأوسط» أنه هنا يأتي دور شركته لتمكين القوى العاملة الحالية والمستقبلية في المملكة للتأكد من استعدادهم للابتكار القادم، والاستفادة من التكنولوجيا الناشئة ومنها الذكاء الاصطناعي.
تعزيز روح الابتكار
شهد النظام البيئي المزدهر للشركات الناشئة في السعودية، الذي يُعرف بأنه الأكبر في المنطقة، ظهور نحو 1500 شركة ناشئة في العام الماضي وحده، بدعم من برامج حكومية مختلفة بحسب ما قاله باضريس لـ«الشرق الأوسط». ويعد رئيس «مايكروسوفت» العربية أن «تفاني الشركة في تعزيز روح الابتكار يتجلى في تعاوناتها الرامية إلى رعاية الشركات الناشئة ورجال الأعمال. وقد أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية ومايكروسوفت بداية شهر مارس (آذار) الحالي عن إنشاء مركز للتميّز ضمن مبادرة مهارات المستقبل. ويهدف المركز إلى تمكين المهنيين في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية من اكتساب المهارات المتقدمة اللازمة للازدهار في العصر الرقمي الجديد، وتعزيز قابلية توظيف القوى العاملة الحالية والمستقبلية».
وقد مكّن البرنامج العالمي للمهارات أكثر من 108 آلاف محترف في المملكة من اكتساب أحدث المهارات الرقمية للازدهار في عصر الذكاء الاصطناعي. كما قامت «مايكروسوفت» بالتعاون مع وزارة التعليم بتدريب أكثر من 250 ألف معلم خلال العامين الماضيين و5.6 مليون طالب من خلال برنامج مدرستي للترميز، كما استطاع أكثر من 70 ألف شخص الاستفادة من برنامج «مايكروسوفتLearn» وتم إكمال 18.000 مسار تعليمي.
سيقدم المركز العديد من البرامج التدريبية العالمية تتضمن شراكة استراتيجية مع واحة الملك سلمان لإطلاق أكاديمية «STEAM» التي تهدف إلى تحسين مهارات الطلاب الرقمية وتمكينهم من الوصول إلى أفضل الموارد التعليمية الترفيهية من «مايكروسوفت»، على سبيل المثال «ماينكرافت» والمشاركة بمسابقة «كأس التخيل» من «مايكروسوفت»، وهي مسابقة عالمية مخصصة لرواد الأعمال الطلاب. بالإضافة إلى ذلك، سيقوم مركز التميّز بالتعاون مع أكاديمية «نون» بوصفها شريكاً استراتيجياً معرفياً لتقديم برامج مهارات الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأفراد من جميع القطاعات في تحسين معرفتهم بهذه التقنيات الحديثة.
مع وجود الذكاء الاصطناعي في طليعة الثورة التكنولوجية، تستعد «مايكروسوفت» لدعم تحول السعودية إلى مركز عالمي رائد للابتكار والتقدم الرقمي. ويشدد تركي باضريس على أن التزام «مايكروسوفت» يتجاوز التكنولوجيا؛ فهو يتعلق بإطلاق العنان لإمكانات المملكة الكاملة من خلال الابتكار والاستدامة والتعليم، متصوراً مستقبلاً تكون فيه التكنولوجيا بمثابة حجر الزاوية للنمو والتنمية في السعودية.