سيّارتكم تتعقّبكم... والأزواج يلاحقون الزوجات على الطرقات

حصن إلكتروني يخترقه شركاء الحياة

سيّارتكم تتعقّبكم... والأزواج يلاحقون الزوجات على الطرقات
TT

سيّارتكم تتعقّبكم... والأزواج يلاحقون الزوجات على الطرقات

سيّارتكم تتعقّبكم... والأزواج يلاحقون الزوجات على الطرقات

يعكف شركاء الحياة السامّون اليوم على استخدام التطبيقات التي تتعقّب السيّارة وتتحكّم بها عن بُعد بوصفها أسلحةً ضدّ شريكاتهم من النساء. وكشف الخبراء والضحايا أنّ شركات صناعة السيارات تستجيب بشكلٍ بطيء لاستغاثاتهن.

معظم السائقين لا يدركون كمّ المعلومات الذي تجمعه سياراتهم

سيارات تتعقب الزوجات

بعد زواج دام 10 سنوات تقريباً، قرّرت سمسارة العقارات كريستين دودال أنّها تريد الانفصال. وفي سبتمبر (أيلول) 2022، هربت من منزلها وهي تقود سيارتها من نوع «مرسيدس بنز سي 300» إلى منزل ابنتها. ولم يكن زوجها، الموظف في إدارة مكافحة المخدّرات، راضياً عن مغادرتها.

لاحظت دودال (59 عاماً) أكثر من مرّة ظهور رسالة جديدة غريبة على الشاشة الداخلية في سيارتها، عن خدمة لتحديد الموقع اسمها «أمبرايس»، وفي إحدى المرّات، التقطت صورة للرسالة وبحثت عن اسم الخدمة عبر الإنترنت. وقالت السيّدة: «لقد أدركت أنّه يتعقّبني».

علمت دودال أنّ «أمبرايس» كانت جزءاً من «مرسيدس مي»، وهي مجموعة من الخدمات الإلكترونية الخاصّة بالسيارة والتي يستطيع الزبون الوصول إليها بواسطة تطبيق هاتفي. استخدمت الضحية تطبيق «مرسيدس مي» لتسديد دفعات قرض السيارة فقط، ولم تكن تعلم أنّ التطبيق يُستعمل أيضاً لتعقّب موقع السيارة. وفي إحدى الليالي، عندما كانت تزور صديقاً في منزله، أرسل زوجها رسالة للصديق تحتوي على إيموجي الإبهام المرفوع، ورصدت كاميرا مراقبة قريبة سيّارته وهي تسير في المنطقة، بحسب المحقّق الذي كان يعمل في القضية.

اتصلت دودال بخدمة زبائن شركة «مرسيدس» في محاولة منها لإلغاء وصول زوجها الرقمي إلى سيارتها، إلّا أنّ القرض والملكية كانا باسمه؛ وعلى الرغم من أنّها كانت هي مَن يسدّد دفعات القرض، وتحمل أمراً قضائياً بإبعاد زوجها عنها، وآخر يسمح لها وحدها باستخدام السيارة خلال دعوى الطلاق، أخبرها ممثلو الشركة بأنّ زوجها هو زبونهم وأنّه يستطيع الإبقاء على وصوله الرقمي إلى موقع السيارة. وطبعاً، لا يوجد زرّ يسمح لها بفصل اتصال التطبيق بالسيارة.

يؤكّد أحد ممثلي دودال القانونيين أنّ «هذه ليست المرّة الأولى التي يسمع فيها بشيء من هذا النوع». أمّا المتحدّثة باسم شركة «مرسيدس»، فقد أكّدت أنّ الشركة لا تعلّق على «مسائل الزبائن الشخصية».

حصن إلكتروني مخترق

تعدّ السيارة حصناً لسائقها، حيث يستطيع الغناء بحرية، والبكاء، والترفيه عن نفسه، والقيادة إلى مكان لا أحد يعرفه.

ولكنّ السيارات الحديثة اليوم توصف «بالهواتف الذكية المزوّدة بعجلات»؛ لأنّها متصلة بالإنترنت وتستخدم وسائل لا تُعدّ ولا تُحصى لجمع البيانات، من الكاميرات إلى أجهزة استشعار وزن المقعد، والتسجيلات التي تقيّم شدّة المكابح والاستدارة.

يلفت جين كالترايدر، باحث الخصوصية في «موزيلا» الذي راجع سياسات الخصوصية لدى أكثر من 25 شركة صناعة سيّارات، إلى أنّ «معظم السائقين لا يدركون كمّ المعلومات الذي تجمعه سياراتهم». ويشار إلى أنّ كالترايدر اصطدم باعترافات مفاجئة، منها إقرار شركة «نيسان» بأنّها قد تجمع معلومات عن «النشاط الجنسي».

وقال الباحث: «يعتقد الناس بأنّ سيارتهم خاصّة. في الكومبيوتر، يعرف المستخدم مكان الكاميرا ويمكنه أن يغطيها بشريط لاصق. ولكن عندما تبتاع سيّارة وتكتشف لاحقاً أنّها مضرّة بخصوصيتك، ماذا ستفعل؟».

يشعر المدافعون عن الخصوصية بالقلق من كيفية استخدام ومشاركة شركات السيارات لبيانات المستخدمين - مع شركات التأمين مثلاً - ومن عجز السائقين عن إيقاف جميع البيانات.

بالنسبة للمستخدمين، تأتي موجة الجنون البياني هذه على شكل تطبيق يتيح لهم التحقّق من موقع السيارة عندما ينسون أين ركنوها مثلاً؛ وأن يقفلوها ويفتحوا قفلها عن بعد؛ وأن يشغلّوها ويطفئوها؛ حتّى إنّ بعض التطبيقات تتيح تشغيل ضوابط الطقس في السيارة، أو إطلاق النفير، أو حتّى تشغيل الأضواء. وبعد إعداد التطبيق، يستطيع صاحب السيارة منح حق الوصول لعددٍ محدود من السائقين الآخرين.

شركاء مهووسون

في الماضي، كان الشركاء العاطفيون المهووسون بالسيطرة يتعقّبون شركاءهم باستخدام تقنية «GPS»، ومتتبّعات «إير تاغ» من «أبل».

في 2020، ورد في دعوى قضائية رفعتها امرأة في محكمة سان فرنسيسكو العليا، أنّ زوجها استخدم وصوله إلى سيارتهما المشتركة «تسلا موديل إكس» لمضايقتها بعد انفصالهما.

وفي شكوى تقدّمت بها ضدّ زوجها وشركة «تسلا»، كشفت السيّدة أنّ نفير السيارة وأضواءها شُغّلت عن بُعد في إحدى مساحات الركن. وفي الأيّام الحارّة، كانت عندما تركب في سيارتها تكتشف أنّ جهاز التدفئة يُشغّل عن بُعد لإزعاجها، والأمر نفسه كان يحصل مع جهاز التبريد في أيام الصقيع. وأقرّ زوجها أمام المحكمة بأنّه استخدم ميزة تحديد الموقع من «تسلا» لمعرفة عنوان سكنها الجديد، الذي كانت تأمل في أن يبقى سراً.

• خدمة «نيويورك تايمز».

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا توفر أفضل ممارسات وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) أساساً قوياً لحماية جهازك ومعلوماتك الشخصية (شاترستوك)

إيقاف وتشغيل هاتفك مرة أسبوعياً قد يعطل الهجمات الإلكترونية

ويجعل من الصعب على المتسللين الحفاظ على السيطرة على جهازك.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تتيح ميزة «التنظيف» الجديدة إزالة العناصر المشتتة من الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي «أبل»

تعرف على ميزة «التنظيف» الجديدة في الصور من «أبل»

قامت «أبل» بإصدار النسخة التجريبية الثالثة من نظام «آي أو إس» (iOS 18.1) للمطورين، مضيفة ميزة جديدة تدعى «التنظيف» (Clean Up) لتطبيق الصور (Photos) تعتمد على…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)

تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
TT

تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)

في خطوة تعد من أبرز التطورات في مجال التكنولوجيا العصبية، طور فريق من العلماء والباحثين في جامعة كاليفورنيا، ديفيس (UC Davis Health) واجهة دماغ - حاسوب (Brain - Computer Interface - BCI) جديدة تهدف إلى مساعدة المرضى الذين يعانون من الشلل أو الأمراض العصبية، مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS)، على استعادة قدرتهم على التواصل باستخدام أدمغتهم مباشرةً. تعتمد هذه التقنية على تحويل الإشارات العصبية في الدماغ إلى نصوص منطوقة، مما يمكّن المرضى من «التحدث» بأفكارهم بدقة تصل إلى 97.5 في المائة.

ما هو التصلب الجانبي الضموري (ALS)؟

التصلب الجانبي الضموري، المعروف أيضاً باسم مرض «لو جيريج»، هو مرض عصبي يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية التي تتحكم في الحركة في الجسم. هذا التدهور يؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على الحركة، بما في ذلك الوقوف، والمشي، واستخدام اليدين، وحتى فقدان القدرة على التحكم في العضلات المستخدمة في الكلام، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على النطق المفهوم.

التقنية الجديدة وكيفية عملها

التقنية الجديدة التي طورتها جامعة كاليفورنيا تعتمد على زرع مستشعرات في الدماغ، قادرة على تسجيل الإشارات العصبية عند محاولة المريض التحدث. ثم يتم تحويل هذه الإشارات إلى نص يظهر على شاشة الكومبيوتر، ويمكن قراءة النص بصوت عالٍ باستخدام صوت مصطنع يُشبه صوت المريض قبل فقدان قدرته على الكلام.

في إحدى الحالات التي تم توثيقها، تم زرع أربع مصفوفات من الأقطاب الدقيقة في منطقة من الدماغ، وهي مسؤولة عن تنسيق حركات الكلام. هذه الأقطاب سجلت نشاط الدماغ من 256 قطباً قشرياً، مما سمح للنظام بترجمة الإشارات العصبية إلى كلمات يمكن فهمها ونطقها بواسطة الكومبيوتر.

نتائج الدراسة والتجارب السريرية

أُجريت التجارب السريرية لهذه التقنية على مريض يدعى «كيسي هاريل»، رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من «ALS «. في غضون دقائق من تفعيل النظام، تمكّن كيسي من التواصل بأفكاره باستخدام الكلمات. أشارت النتائج إلى أن النظام حقق دقة تصل إلى 99.6 في المائة في الجلسة الأولى باستخدام مفردات تحتوي على 50 كلمة فقط. وعندما تم توسيع حجم المفردات إلى 125 ألف كلمة، استمرت الدقة عند 97.5 في المائة بعد ساعة إضافية من التدريب.

تأثير التكنولوجيا على جودة الحياة

أشارت التقارير إلى أن كيسي استخدم النظام لأكثر من 248 ساعة من المحادثات ذاتية الإيقاع، سواء كان ذلك شخصياً أو عبر دردشات الفيديو. تتيح هذه التكنولوجيا الجديدة للمرضى الذين فقدوا قدرتهم على الكلام بسبب الشلل أو الأمراض العصبية التواصل مرة أخرى مع أحبائهم وأصدقائهم ومقدمي الرعاية، مما يساهم في تحسين جودة حياتهم، وتقليل العزلة الاجتماعية التي قد يسببها فقدان القدرة على التواصل.

يعدّ تطوير واجهة الدماغ - الحاسوب لتحويل الأفكار إلى كلام خطوةً نوعية نحو تحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من أمراض عصبية معقدة مثل التصلب الجانبي الضموري. تقدم هذه التقنية أملاً جديداً في مجال الطب العصبي، وتعد بإحداث تغيير حقيقي في حياة المرضى وأسرهم. مع المزيد من البحث والتطوير، يمكن أن نشهد في المستقبل القريب تطبيقات أوسع لهذه التكنولوجيا المبتكرة في علاج حالات مرضية أخرى.