«ICANN» لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لأسماء نطاقات إنترنت عربية أكثر عالمية وقبولاً

محدودية قبول النطاقات العربية تُنتج فجوة رقمية

تقود «ICANN» حملة عالمية لـ«القبول العالمي» بهدف معالجة التحديات المرتبطة بأسماء النطاقات غير العربية (شاترستوك)
تقود «ICANN» حملة عالمية لـ«القبول العالمي» بهدف معالجة التحديات المرتبطة بأسماء النطاقات غير العربية (شاترستوك)
TT

«ICANN» لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لأسماء نطاقات إنترنت عربية أكثر عالمية وقبولاً

تقود «ICANN» حملة عالمية لـ«القبول العالمي» بهدف معالجة التحديات المرتبطة بأسماء النطاقات غير العربية (شاترستوك)
تقود «ICANN» حملة عالمية لـ«القبول العالمي» بهدف معالجة التحديات المرتبطة بأسماء النطاقات غير العربية (شاترستوك)

يشهد عديد من الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية طفرة في التحول الرقمي، حيث يعمد كثير من المواطنين إلى إجراء خدماتهم الحكومية أو الخاصة عبر الإنترنت من خلال تطبيقات على الهواتف المحمولة أو صفحات الويب. ويجد المستخدم العربي فعلاً أن واجهة تلك التطبيقات (User Interface) أو المواقع تتوفر باللغتين الإنجليزية والعربية في أغلب الأحيان. لكن المشكلة تكمن عندما يطلب من المستخدم تسجيل الدخول أو إنشاء حساب لدى أي موقع متوفر باللغة العربية عبر بريده الإلكتروني وباللغة الإنجليزية.

من المعروف أن عناوين «IP» وأسماء النطاقات تعد بمثابة شريان الحياة للإنترنت، حيث تعمل كالإحداثيات الرقمية التي تمكّننا من التنقل في المشهد الرقمي الواسع.

فماذا يفعل ذلك المستخدم عندما يجد أن الكثير من تلك المواقع والخدمات لا تخدم اللغة العربية؟

تقع مسؤولية إدارة العناوين وأسماء نطاقات الإنترنت على عاتق سلطة معترف بها عالمياً تسمى «شركة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة» التي تختصر بـ«ICANN». وقد تولت «ICANN» وهي مؤسسة غير ربحية تخدم أكثر من 5 مليارات مستخدم مهمة الإشراف وتطوير السياسات التي تنظم عمل هذه المكونات المهمة للإنترنت.

تخدم «ICANN» أكثر من 5 مليارات مستخدم للإنترنت عالمياً (شاترستوك)

حملة القبول العالمي

تقود «ICANN» حالياً حملة عالمية لـ«القبول العالمي» المعروف باسم «UA» بهدف معالجة التحديات المرتبطة بأسماء النطاقات التي لا تعمل بشكل موحد عبر جميع الأجهزة والتطبيقات التي تدعم الإنترنت بسبب قيود النص أو اللغة أو طول الأحرف. يقول باهر عصمت المدير الإداري لمكتب الشرق الأوسط وأفريقيا في «ICANN» في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» من مدينة إسطنبول التركية «إن حملة القبول العالمي مدفوعة بشكل أساسي بالسعي وراء إنترنت عالمي وشامل حقاً»، ويتابع بأن الهدف منها هو «التأكد من أن جميع أسماء النطاقات، بغض النظر عن نصوصها أو لغاتها أو طول أحرفها، تعمل بسلاسة عبر نظام الإنترنت بأكمله».

العوائق والتحديات

تواجه «ICANN» عوائق هائلة في سعيها للحصول على القبول العالمي، خاصة عند التعامل مع نصوص مثل اللغة العربية. كما أن التحدي المتمثل في عدم عمل أسماء النطاقات بشكل موحد عبر الأجهزة والتطبيقات المختلفة بسبب القيود المفروضة على النص أو اللغة أو طول الأحرف هو مصدر قلق ملح. تؤدي هذه المشكلة إلى فجوة رقمية تحد من التواجد عبر الإنترنت وإمكانية الوصول لبعض الأفراد والشركات والمجتمعات. وتسعى «UA» إلى سد هذه الفجوة من خلال جعل أسماء النطاقات معترفاً بها عالمياً وبشكل فعال، حيث تتطلب تعقيدات اللغة والكتابة والاختلافات الإقليمية حلولاً تقنية معقدة.

الشمولية والتنوع في المجال الرقمي

للقبول العالمي آثار عميقة على الشمولية والتنوع، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تهيمن النصوص غير اللاتينية. يقدم القبول الشامل فوائد كبيرة للشركات، خاصة تلك التي تعمل في المناطق التي تستخدم بشكل أساسي نصوصاً غير لاتينية. إنه يفتح الأبواب أمام أسواق جديدة، ويعزز الرؤية عبر الإنترنت، ويعزز بيئة رقمية أكثر شمولاً. وتعمل «UA» على تمكين الشركات من الوصول إلى جماهير متنوعة دون قيود.

التعاون للوصول إلى الخدمات

تتعاون «ICANN» بشكل وثيق مع مجموعة واسعة من الحكومات والشركات والمطورين، لتعزيز وتنفيذ القبول العالمي. ويضمن هذا النهج التعاوني أن يصبح تعميم الوصول إلى الخدمات مجهوداً جماعياً يتجاوز الحدود والمصالح. كما يتقاطع القبول العالمي مع مبادرات «ICANN» المختلفة، بما فيها المتعلقة بحوكمة الإنترنت والشمولية الرقمية. هذا وتتوافق «UA» مع مهمة «ICANN» الأوسع نطاقاً لتعزيز الوصول إلى الإنترنت بشكل أكثر إنصافاً وتعزيز التزامها تجاه مجتمع الإنترنت العالمي.

التحسينات التقنية لدعم «UA»

يتطلب تحقيق القبول العالمي إجراء تحسينات تقنية كبيرة على البنية التحتية للإنترنت. يتضمن ذلك تحديثات لبرامج نظام اسم النطاق وأنظمة البريد الإلكتروني ومتصفحات الويب والتطبيقات. وتشارك «ICANN» بنشاط مع المجتمعات التقنية لدفع هذه التغييرات الضرورية. ومع اعتماد تعميم الوصول إلى الخدمات على نطاق واسع، فمن المتوقع أن يكون له تأثير عميق على تجربة المستخدم الشاملة ونمو الإنترنت، لا سيما في المجتمعات متعددة اللغات. وسيستمتع المستخدمون بالوصول السلس إلى الموارد عبر الإنترنت، مما يعزز المزيد من الشمولية وتوسيع المشهد الرقمي.

يمثل التزام «ICANN» بالقبول العالمي خطوة حاسمة نحو إنترنت أكثر شمولاً وتنوعاً وسهولة الوصول إليه. ومن خلال التصدي للتحديات المرتبطة بأسماء النطاقات والنصوص البرمجية، يمهد تعميم الوصول إلى الإنترنت الطريق لعالم رقمي لا يتخلف فيه أحد عن الركب، مما يضمن أن الإنترنت يرقى حقاً إلى مستوى إمكاناته كمورد عالمي للجميع.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».