فلنتخيل جهازاً قادراً على استخراج جزيئات الماء وتحويلها من الهواء إلى مياه صالحة للشرب عبر أشعة الشمس فقط كمصدر للطاقة.
هذا ما يهدف باحثون بجامعة كاليفورنيا في «بيركلي» بالولايات المتحدة إلى تحويله إلى حقيقة.
ووفقاً لدراسة نشرتها مجلة «Nature Water»، نجح هؤلاء الباحثون في تصميم جهاز يدوي يؤدي هذه المهمة مثبتاً كفاءته في الظروف المناخية القاسية.
ويستخدم الجهاز المائي مادة مسامية نانونية في الغلاف الجوي تُعرف باسم الإطار المعدني العضوي (MOF) لاستخراج جزيئات الماء من الهواء بشكل متكرر.
وقد تمت تجربة فاعلية الجهاز في منتزه وادي الموت الوطني، وهو أكثر الأماكن سخونة وجفافاً في أميركا الشمالية. كما أظهرت هذه الاختبارات أن الجهاز يمكنه توفير المياه النظيفة في أي مكان، ومعالجة تفاقم ظروف الجفاف التي تنتج عن التغيرات المناخية.
خطر الإجهاد المائي
وفقاً للأمم المتحدة، يعيش ثلث سكان العالم في مناطق تعاني من الإجهاد المائي، وبحلول عام 2050، سيعاني ما يقرب من 5 مليارات شخص نوعاً من الإجهاد المائي في وقت ما من العام.
الإجهاد المائي هو حالة يتجاوز فيها الطلب على المياه العرض المتاح. ويمكن أن يحدث هذا بسبب عدد من العوامل، منها النمو السكاني وتغير المناخ والتلوث. وتشمل المناطق الأكثر عرضة لخطر الإجهاد المائي كلاً من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء. وتعاني هذه المناطق بالفعل من ندرة المياه، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع فيها في السنوات المقبلة.
ابتكار جهاز للمساعدة في معالجة ندرة المياه
هذه الأزمة شكّلت دافعاً لعمر ياغي، أستاذ الكيمياء في جامعة بيركلي، الذي يقود هذه الدراسة، لاختراع الإطار المعدني العضوي (MOF)، وذلك «بهدف إيجاد مصدر جديد للمياه».
وتشير الدراسات إلى أن أنواعاً أخرى من المواد مثل الهلاميات المائية أو الزيوليت (نوع من أحجار سيليكات الألومنيوم) أو الأملاح لا يمكن أن تعمل في ظروف منخفضة الرطوبة وبطريقة موفرة للطاقة وبسعة عالية في آن واحد.
لكن هذه التقنية الجديدة تستطيع ذلك، ما يجعلها أداة استثنائية لمعالجة أزمة ندرة المياه، سواء أكانت للشرب أم الري. كما يمكن أيضاً استخدام هذه التقنية لتأمين المياه النقية في المناطق التي تكون فيها المياه وفيرة، لكنها غير نظيفة.
ويوفر الجهاز مياه الشرب بنسبة 85 في المائة إلى 90 في المائة من المياه التي يلتقطها كبخار في الغلاف الجوي. كما يلتقط ما يصل إلى 285 غراماً من الماء لكل كيلوغرام من الهيكل المعدني العضوي في اليوم، أي ما يعادل كوب ماء. ويمكن أن يستمر الإطار المعدني العضوي في العمل لعدة دورات على مدار سنوات كثيرة دون تجديده أو تعديله.
جهاز صديق للبيئة
تتمثل إحدى ميزات الجهاز مقارنة بتقنيات توليد المياه النظيفة الأخرى أنه يتم تشغيله بالكامل بواسطة أشعة الشمس التي تحيط به ولا يتطلب تشغيله مصادر طاقة إضافية. هذا يعني أن تشغيله لا تنتج عنه أي انبعاثات تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ويسعى الفريق الجامعي إلى تطوير الكفاءة والحجم والنطاق لهذا النموذج الأولي المبكر. ويتوقع عمر ياغي «أن يرى يوماً ما اعتماداً واسعاً على هذه الأجهزة على نطاق المجتمع، بمساعدة علم البيانات والتعلم الآلي». ويضيف أن استخدامه سيكون في المطابخ أو بجوار مكيفات الهواء لتزويد المنازل بالمياه النظيفة للطهي والتنظيف.