نظارات «فيجن برو» من «آبل»... في أوّل اختبار

تقدم فيديوهات عالية الدقّة وتتميّز بضوابط تحكّم بديهية متفوقة

نظارات «فيجن برو» من «آبل»...  في أوّل اختبار
TT

نظارات «فيجن برو» من «آبل»... في أوّل اختبار

نظارات «فيجن برو» من «آبل»...  في أوّل اختبار

في نظرةٍ خاطفة على رؤية «آبل» لمستقبل الحوسبة، جرّبنا إكسسوار الرأس «فيجن برو» Vision Pro (3500 دولار)، أول نظارة عالية التقنية تطرحها الشركة وتعتزم إطلاقها رسمياً العام المقبل، لحوالي نصف ساعة.

انبهار وانزعاج

بعد الاختبار، خالجتني مشاعر متضاربة، وأحدها كان الشكّ المزعج. من جهة، انبهرتُ بنوعية النظارة التي تصفها «آبل» ببداية عصر «الحوسبة المكانية» حيث تندمج البيانات الرقمية مع العالم الحقيقي لإطلاق العنان لإمكانات جديدة. تخيّلوا ارتداء إكسسوار على الرأس للاستفادة في تجميع الأثاث وقراءة التعليمات مسلّطة رقمياً على الأجزاء مثلاً، أو أنّكم تطهون وجبة بينما تشاهدون الوصفة معروضة في زوايا عيونكم.

تعرض النظارة الجديدة من «آبل» فيديوهات عالية الدقّة، وتتميّز بضوابط تحكّم بديهية وتصميم مريح جعلها تتفوّق على الأجهزة المماثلة الأخرى التي أطلقتها «ميتا»، و«ماجيك ليب»، و«سوني»، وغيرها من الشركات، واختبرناها خلال العقد المنصرم.

ولكن بعد ارتداء الإكسسوار لمشاهدة الصور والتفاعل مع ديناصور افتراضي، شعرتُ أيضاً أنّه لا يوجد جديد يذكر، فضلاً عن أنّ التجربة ولّدت شعوراً مزعجاً لم يسبق أن ولّده منتجٌ آخر من آبل.

بعد إطلاق «آبل» لأداتها الجديدة، الذي عُد أوّل إطلاق بارز للشركة بعد الساعة الذكية في 2015، ولتجربة التصميم والتحكّم حصلتُ على إذن لتجربة نموذج ما قبل الإنتاج من «فيجن برو». رافقني موظفٌ إلى غرفة خاصّة في مقرّ الشركة في وادي سيليكون وجلستُ على أريكة لاستعراض المنتج.

تضمّ «فيجن برو»، التي تشبه نظّارات التزلّج، سلك USB أبيض يتّصل بحزمة بطارية فضية اللون وضعتُها في جيب سروالي. لوضعها على وجهي، أدرتُ مقبضاً في جانب النظارة لتعديل وضعيتها وأقفلتُ حزاماً فوق رأسي.

بعدها، ضغطتُ على زرّ في واجهة الجهاز لتشغيله، وبدأت عملية الإعداد التي تضمّنت النظر إلى نقطة متحرّكة تتيح لإكسسوار الرأس التركيز على حركات عيني. تضمّ «فيجن برو» مجموعة من أجهزة الاستشعار التي تتعقّب حركة العين، وإيماءات اليدين، والأوامر الصوتية، أي الوسائل الأساسية المستخدمة للتحكّم بها. في هذه الأداة، يشبه النظر إلى الرمز التلويح فوق سهم الفأرة على الكومبيوتر؛ للضغط على زرّ ما، تضرب إبهامك وسبابتك ببعضهما في نقرةٍ سريعة تعادل النقر على الفأرة.

هل هي ميزة تقنية؟ نعم، ولكن هل هي ميزة قد أرغب حقيقيةً في استخدامها مع الآخرين كلّ يوم؟ ليس في وقتٍ قريب على الأرجح.

استخدامات كثيرة

بعدها، حان وقت التطبيق لتوضيح كيف يمكن لهذه الأداة أن تغني حياتنا اليومية وتساعدنا في البقاء على اتصال مع بعضنا البعض.

صحبتني «آبل» أوّلاً في جولة على صورٍ ومقطع فيديو لحفلة عيد ميلاد بواسطة النظارة. خلال العرض، كان لدي خيار إدارة المفتاح الأمامي في «فيجن برو» بعكس اتجاه عقارب الساعة لتعزيز شفافية الخلفية ورؤية العالم الحقيقي وموظّفي «آبل» من حولي، أو إدارته باتجاه عقارب الساعة لتعزيز سماكة الصورة وغمر نفسي أكثر في التجربة.

أتاحت لي «آبل» أيضاً فتح تطبيق للتأمّل وعرض صور متحرّكة ثلاثية الأبعاد بالتزامن مع موسيقى مهدّئة يصاحبها صوتٌ يطلب منّي التنفّس. ولكنّ التأمّل لم يستطع تحضيري لما أتى لاحقاً: اتصال بتقنية الفيديو.

ظهرت أمامي فجأة نافذة صغيرة - إشعار من تطبيق «فيس تايم» يعلمني بوجود اتصال من موظّف آخر في «آبل» يرتدي النظّارة نفسها. حدّقتُ في زرّ الردّ ونقرتُ لتلقّي الاتصال.

خلال الاتصال، كانت موظّفة «آبل» تستخدم شخصية افتراضية ثلاثية الأبعاد لنفسها ابتكرتها «فيجن برو» باستخدام مسحٍ لوجهها. ترى «آبل» في اتصالات المؤتمرات بواسطة الشخصيات الافتراضية وسيلة أكثر حميمية يستخدمها الناس للتواصل وحتّى للتعاون في الفضاء الافتراضي.

بدت تعابير وجه موظّفة «آبل» حقيقية جداً وتزامنت حركات فمها مع كلامها، ولكنّ التركيبة الرقمية لشخصيتها الافتراضية، والنسيج المتماثل لوجهها، وقلّة الظلال، تكشف بوضوح أنّها مزيّفة. لقد بدا الأمر أقرب إلى فيديو مجسّم سبق ورأيناه في أفلام الخيال العلمي كـفيلم «مينوريتي ريبورت».

وفي جلسة «فيس تايم»، كان من المفترض أن نتعاون أنا وموظّفة «آبل» لصناعة نموذج ثلاثي الأبعاد في تطبيق اسمه «فري فورم»، ولكنّني جلستُ أحدّق في التطبيق وأفكّر فيما أراه. بعد ثلاث سنوات من العزل خلال الجائحة، أرادت «آبل» الانخراط في فيديو مزيّف لشخصٍ حقيقي. هنا، شعرتُ وكأنّ عقلي توقّف، ولعلّ الشعور المريب الذي انتابني كان القلق الذي يشعر به الإنسان عندما يرى اختراعاً آلياً يبدو بشرياً جداً.

هل هي ميزة تقنية؟ نعم، ولكن هل هي ميزة قد أرغب حقيقيةً في استخدامها مع الآخرين كلّ يوم؟ ليس في وقتٍ قريب على الأرجح.

عالم حقيقي

بعد العرض، عدتُ إلى المنزل في سيّارتي وراجعتُ التجربة وأنا أقود في الزحمة.

خلال العشاء، تحدثتُ مع زوجتي عن «فيجن برو»، وقلتُ لها إنّ نظّارات «آبل» بدت أفضل من إكسسوارات الرأس المنافسة ولكنّني لم أكن واثقاً أنّ هذا الأمر مهم أصلاً.

طرحت «ميتا» و«سوني بلاي ستيشن» إكسسوارات رأس بسعرٍ أقلّ وبقدرات متطوّرة ومسليّة لا سيّما في ألعاب الفيديو. ولكنّ في كلّ مرّة كان يزورنا ضيوف ويجرّبون هذه الإكسسوارات، كانوا يفقدون الاهتمام بها بعد أقلّ من نصف ساعة لأنّ التجربة كانت منهكة وشعروا أنّهم منفصلون عن محيطهم.

بالعودة إلى «فيجن برو»، هل كان ليختلف الوضع لو أنّني أدرت المفتاح الأمامي لرؤية العالم الحقيقي من حولي؟ أعتقد أنّني كنت سأستمرّ في الشعور بالعزلة لأنّني كنت الوحيد في الغرفة الذي يرتدي الأداة.

ولكنّ الأهمّ بالنسبة لي كان فكرة التواصل مع الآخرين كالعائلة والأصدقاء والزملاء بواسطة إكسسوار الرأس من «آبل». قلتُ لزوجتي: «والدتك تتقدّم في السنّ. عندما تستخدمين فيس تايم للاتصال بها، هل تفضلين رؤية شخصية افتراضية لها، أم وجهها الحقيقي ولو من زاوية غير مثالية؟»، أجابت ومن دون تردّد: «الخيار الثاني لأنّه حقيقي ولو أنّني أفضّل طبعاً أن ألتقيها وجهاً لوجه».

خدمة «نيويورك تايمز».



هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.