ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

تحول يمكن أن يؤثر في 5 مليارات شخص بحلول عام 2100

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».


مقالات ذات صلة

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

العالم آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
بيئة رئاسة المبادرة تعزز التزام السعودية بحماية البيئة البحرية والتنوع البيولوجي والأنظمة البيئية (الشرق الأوسط)

السعودية تقود حماية الشعب المرجانية عالمياً

تولّت السعودية رسمياً رئاسة المبادرة العالمية للشعب المرجانية (ICRI) في دورتها الرابعة عشرة، لتقود جهود حمايتها على الصعيد العالمي لفترة تمتد لثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الولايات المتحدة​ جهود لمكافحة الحرائق في هوليوود هيلز بلوس أنجليس (أ.ف.ب)

5 وفيات بسبب حرائق هائلة في لوس أنجليس أطلقت سحابة كثيفة من الدخان والرماد

ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن حرائق الغابات في مدينة لوس أنجليس الأميركية إلى 5 أشخاص، وفقاً لما أعلنته إدارة شرطة مقاطعة لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» ( لوس أنجليس)
يوميات الشرق الهيئة الملكية للعلا تلتزم بحماية النمر العربي المهدد بالانقراض وإكثاره (واس)

السعودية: مركز «إكثار النمر العربي» ينال اعتماداً دولياً

نال «مركز إكثار وصون النمر العربي» في السعودية اعتماد الجمعية الأوروبية لحدائق الحيوان والأحياء المائية.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق ثعبان «موراي هاديس» يتميز بلونه البني الداكن وقوامه النحيف (جامعة صن يات سين الوطنية)

اكتشاف نوع جديد من الثعابين يعيش في قيعان الأنهار

أعلن فريق دولي من العلماء عن اكتشاف نوع جديد من ثعابين «الموراي»، أُطلق عليه اسم «موراي هاديس» (Uropterygius hades)، نسبة إلى إله العالم السفلي في الأساطير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

صعوبة في تفسير الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)
TT

صعوبة في تفسير الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)
درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

يُعدّ الاحترار الذي يواجهه العالم منذ عقود بسبب غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية مسألة معروفة، لكنّ درجات الحرارة العالمية التي حطّمت الأرقام القياسية سنة 2023 ومرة جديدة عام 2024، تجعل العلماء يواجهون صعوبة في فهم ما يحدث.

وقد أثبتت الأوساط العلمية أنّ حرق الوقود الأحفوري وتدمير المساحات الطبيعية مسؤولان عن احترار المناخ على المدى البعيد، والذي يؤثر تباينه الطبيعي أيضا على درجات الحرارة من عام إلى آخر.

لكنّ أسباب الاحترار الكبير الذي شهدته سنة 2023 وكذلك 2024، تبقى موضع جدل كبير بين علماء المناخ، إذ يتحدث البعض عن احتمال أن يكون الاحترار حصل بشكل مختلف أو أسرع من المتوقع.

ثمة فرضيات عدة تغذي البحوث، منها ما يشير إلى عدد أقل من السحب وبالتالي انعكاس أقل للأشعة الشمسية، وأخرى تلفت إلى انخفاض تلوث الهواء وبالوعات الكربون الطبيعية والمحيطات والغابات التي باتت تمتص كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون.

التغير المناخي تفاقم بسبب ظاهرة النينيو (أ.ب)

تكثر الدراسات لكنّ تحديد التأثير الدقيق لكل عامل يحتاج إلى عام أو عامين.

وفي حديث يعود إلى نوفمبر (تشرين الثاني)، يقول مدير معهد غودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا غافين شميت: «أودّ أن أعرف السبب الكامن وراء» درجات الحرارة القياسية التي شهدها عاما 2023 و2024، مضيفا: «ما زلنا نقيّم ما إذا كنا نشهد تغييرا في كيفية عمل النظام المناخي».

ويؤكد عالم المناخ ريتشارد ألان من جامعة «ريدينغ» البريطانية، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «الحرارة العالمية القياسية خلال العامين الفائتين دفعت الكوكب إلى ساحة مجهولة».

تعتبر سونيا سينيفيراتني من المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ أنّ ما سُجّل «استثنائي، في حدود ما يمكن توقّعه استنادا إلى النماذج المناخية الحالية».

وتوضح عالمة المناخ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «مع ذلك، إن الاتجاه العام للاحترار على المدى البعيد متوقع، نظرا إلى كمية الوقود الأحفوري التي تُحرق». ولم تبدأ البشرية بعد في خفض الانبعاثات، رغم الاقتراب من مرحلة الذروة.

تفسّر التقلبات المناخية الطبيعية هذه الملاحظة جزئيا. في الواقع، سبق عام 2023 سلسلة نادرة من ثلاث سنوات متتالية شهدت ظاهرة «النينيا» الطبيعية، إذ حجبت جزءا من الاحترار من خلال تكثيف امتصاص المحيطات للحرارة الزائدة.

وعندما سيطرت «النينيو»، الظاهرة المعاكسة، بكثافة قوية جدا عام 2023، عادت هذه الطاقة، مما دفع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات غير مسبوقة منذ مائة ألف عام، بحسب علماء المناخ القديم.

ومع أنّ الذروة التي وصلت إليها ظاهرة «النينيو» في يناير (كانون الثاني) 2023 قد انتهت، فلا تزال موجات الحرّ مستمرة.

يقول عالم المناخ روبرت فوتار إنّ «التبريد بطيء جدا»، مضيفا: «لا نزال ضمن الهوامش المتوقعة نسبيا» للتنبؤات، لكن إذا «لم تنخفض درجات الحرارة بشكل أكبر سنة 2025، فسيتعين علينا أن نطرح بعض التساؤلات».

من بين التفسيرات المطروحة، الالتزام عام 2020 بالتحوّل إلى الوقود النظيف في النقل البحري. وقد أدى هذا الإجراء إلى خفض انبعاثات الكبريت، ما تسبب في زيادة انعكاس ضوء الشمس عن طريق البحر والسحب وساعد في تبريد المناخ.

في ديسمبر (كانون الأول)، أشارت دراسة إلى أن انحسار السحب على علوّ منخفض سمح بوصول مزيد من الحرارة إلى سطح الأرض.

وقد يكون النشاط البركاني أو الدورات الشمسية أديا دورا كذلك. كل هذه الفرضيات أثارت جدلا خلال مؤتمر نظمه غافين شميت في الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي في ديسمبر.

ويخشى البعض من عدم إيلاء العلماء اهتماما بالعوامل الأخرى.

وتقول سونيا سينيفيراتني: «لا يمكننا استبعاد عوامل أخرى ربما تكون قد تسببت بزيادة درجات الحرارة».

ارتفعت درجات الحرارة جراء التغير المناخي وظاهرة النينيو (أ.ف.ب)

في عام 2023، عانت مصافي الكربون من «ضعف غير مسبوق»، بحسب دراسة أولية كبيرة نشرت في الصيف. وأفادت الوكالة الوطنية الأميركية لمراقبة الغلاف الجوي والمحيطات (NOAA) في ديسمبر الفائت بأنّ منطقة التندرا في القطب الشمالي باتت تحدث انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تخزن.

أما المحيطات التي تشكل مصفاة الكربون الأساسية والمنظم الرئيسي للمناخ، فترتفع حرارتها بمعدل «لا يستطيع العلماء تفسيره بشكل كامل»، بحسب يوهان روكستروم من معهد بوتسدام للأبحاث المتعلقة بتأثير المناخ.

وقال الشهر الفائت: «هل احترار المحيطات مؤشر لخسارة القدرة على الصمود على هذا الكوكب؟ لا يمكننا استبعاد ذلك».