الذكاء الاصطناعي يغير المشهد أيضاً في قطاع الزراعة

من معرض باريس الزراعي (رويترز)
من معرض باريس الزراعي (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يغير المشهد أيضاً في قطاع الزراعة

من معرض باريس الزراعي (رويترز)
من معرض باريس الزراعي (رويترز)

سبق للذكاء الاصطناعي أن دخل إلى عالم المزارع لتحليل صور الأعشاب الضارة مثلاً، أو سلوك الأبقار في الحظيرة، لكنّ الجديد في معرض باريس الزراعي هو بروز أشكال «توليدية» من هذا الذكاء تتيح المعالجة السريعة لبعض المشاكل.

في تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية»، يتساءل سيدريك، وهو مزارع بجنوب غربي فرنسا: «هل يمكن للذكاء الاصطناعي (...) أن يخبرنا متى يمكن نشر السماد؟»، مع «احترام القواعد المتعلقة بالمناطق المعرضة للخطر».

أما لورانس، وهي مربية مواشٍ في منطقة مايين، فتسأل: «هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدد بصورة كمية حجم غزو القراد؟»، بينما يرغب برونو في معرفة ما إذا كان بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يبلغه بنوع المساعدة التي يمكنه المطالبة بها بالنظر إلى إنتاجه ووضعه الاقتصادي.

هذه عينة من الأسئلة التي طُرحت على فرق التطوير، في الموقع وعن بُعد، في بداية حدث استمر يومين تم في إطار معرض باريس الزراعي خلال الأيام الماضية.

وقد تُرك لعلماء المعلوماتية هؤلاء، وهم طلاب آتون من شركات ناشئة أو مجموعات كبيرة في القطاع الزراعي مثل شركة التأمين «غروباما» (Groupama)، مهمة تقديم إجابات باستخدام قواعد البيانات وأداة مصنعة من شركة «ميسترال» الفرنسية حديثة النشأة. وتسعى هذه الأخيرة إلى تحقيق مكانة لها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما تأخر بفعل ظهور «تشات جي بي تي» في نهاية عام 2022، مع ما تملك هذه البرمجية من قدرة على تقديم إجابات مفصلة في بضع ثوانٍ.

يقول دافيد جولان، القائم على العملية: «كانت المشروعات ناجحة إلى حد ما، لكنهم تمكنوا جميعاً من إنشاء واجهات أذهلتنا».

ويوضح أن فرقاً عدة اقترحت حلولاً تهدف إلى تحسين دوران المحاصيل أو أتمتة المهام التنظيمية.

وثمة برمجيات موجودة بالفعل في هذه المجالات، يستخدم كثير منها الذكاء الاصطناعي، ولكن «استغرق تطويرها أشهراً عدة، بل سنوات. أما مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد أصبح الأمر يحصل بصورة مباشرة»، بحسب دافيد جولان.

وتُعدّ هذه التكنولوجيا، وفق جولان، واعدة في كل ما يتعلق بالجزء التنظيمي أو في تقديم المشورة للمزارعين. ويؤكد أن الأمر لا يتعلق باتخاذ القرارات بالنيابة عنهم، بل «بتخفيف العبء الإداري والذهني» عليهم.

وفي الوقت نفسه، تعمل طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على تسريع التقدم التقني في قوة بطاقات الرسومات، ما يفيد جميع الحلول الرقمية، بحسب دافيد جولان.

يد عاملة

بين الطقس، وصور النباتات، والمعلومات عن التربة، وعلم الوراثة، ومراقبة الأمراض، كانت الزراعة دائماً مصدراً وفيراً للبيانات، وغالباً ما تكون حية وبالتالي متقلبة، على ما تقول سليمة الطيبي، إحدى مديرات الماجستير في إدارة البيانات الزراعية والغذائية بمعهد «أونيلاسال» (UniLaSalle) للفنون التطبيقية.

وقد ازدادت هذه الوفرة بفعل تكاثر أجهزة الاستشعار أو المجسات أو المسيّرات أو صور الأقمار الاصطناعية أو الكاميرات في المزارع.

وتقول الطيبي إن كل هذه البيانات «تحتاج إلى معالجة»، عادّة أن الزراعة كانت «القوة الدافعة للذكاء الاصطناعي» في هذا الصدد، وتمكنت من تطوير كثير من أدوات المساعدة في صنع القرارات.

من هنا، ينبغي تقدير المياه المتوافرة في الأرض خلال الأيام السبعة المقبلة من خلال الجمع بين المعلومات التاريخية والفورية الخاصة بأجهزتها مع توقعات الطقس المحلية.

ويوضح مدير المبيعات ماتيو غودار لمزارع فضولي: «هذا ليس سحراً، لكنه يجلب كثيراً من الراحة بمجرد النظر إلى الهاتف الذكي».

فإذا كان من المتوقع هطول أمطار بمعدل 40 ملليمتراً خلال يومين على سبيل المثال، فلن تكون هناك حاجة للري. يتم توفير الماء والطاقة اللازمة لتشغيل المضخات، وإذا كانت قطعة الأرض تبعد 10 كيلومترات، فيمكن للمزارعين توفير الوقت أيضاً.

من معرض باريس الزراعي (رويترز)

توجد أيضاً حلول في مجال تربية المواشي مثل برنامج «إيه آي هيرد» (AI Herd) الذي، من خلال كاميرات مثبتة في السقف، يحلل سلوك الأبقار ويمكنه اكتشاف أي مشكلات.

وفي الحقول، يمكن لمجرفة «ستاوت» (Stout) الذكية أن تميز نبات الخس عن الأعشاب الضارة وتستهدف الأخيرة فقط، كما يقول تييري لو بريكييه، المسؤول عن قسم زراعة الفاكهة والخضراوات في شركة تصنيع الآلات الزراعية «سي إن إتش إنداستريال» (CNH Industrial)، وهي من المساهمين في «ستاوت».

ويقول: «نحن بحاجة إلى تغيير ممارساتنا الزراعية، من حيث استخدام المياه والمدخلات وإمكانية التتبع التي يطلبها الزبائن»، وهو ما يسهّله هذا النوع من الأدوات الموجهة بالذكاء الاصطناعي.

وهناك ميزة أخرى، بحسب قوله، لهذه الآلات التي تقوم تلقائياً بمهام صعبة، إذ «يمكننا أيضاً الاستجابة لصعوبات التوظيف».


مقالات ذات صلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا 7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

تمنحنا «غوغل» إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأدوات التجريبية التي لم تصبح منتجات كاملة بعد.

دوغ آموث (واشنطن)
علوم ​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

يحدد الآفات والخراجات حولها

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)
ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)
TT

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)
ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات ينبعث منها كميات من غاز الميثان أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يُثير القلق من أن أهداف المناخ العالمية أصبحت بعيدة المنال، وفق «رويترز».

وتحتوي الأراضي الرطبة على كميات هائلة من الكربون في صورة مواد نباتية ميتة، تتحلل ببطء من خلال الميكروبات الموجودة في التربة.

ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تسريع هذه العملية، ما يزيد من التفاعلات الحيوية التي ينتج عنها غاز الميثان. كما تؤدي الأمطار الغزيرة إلى حدوث فيضانات، ما يتسبب في زيادة رقعة الأراضي الرطبة.

وكان العلماء يتوقعون منذ فترة طويلة زيادة انبعاثات غاز الميثان من الأراضي الرطبة، مع ارتفاع درجات الحرارة، ولكن من عام 2020 إلى 2022 أظهرت عينات مأخوذة من الهواء وجود تركيزات أعلى من غاز الميثان في الغلاف الجوي.

وتشير 4 دراسات نُشرت في الأشهر القليلة الماضية إلى أن الأراضي الرطبة الاستوائية هي السبب الأكثر ترجيحاً في ارتفاع مستويات الميثان، إذ أسهمت المناطق الاستوائية في ارتفاع مستويات ذلك الغاز بأكثر من 7 ملايين طن خلال السنوات القليلة الماضية.

وقال روب جاكسون، أستاذ البيئة بجامعة ستانفورد، الذي يرأس المجموعة التي تنشر الميزانية العالمية للميثان: «تركيزات الميثان لا ترتفع فحسب، بل ارتفعت في السنوات الخمس الماضية أسرع من أي وقت مضى».

وأعلنت بعض الدول عن خطط طموح لخفض غاز الميثان. وقالت الصين العام الماضي إنها ستسعى جاهدة للحد من حرق الانبعاثات من آبار النفط والغاز.

ووضعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اللمسات الأخيرة على لائحة جديدة الأسبوع الماضي، سيلتزم بموجبها منتجو النفط والغاز في الولايات المتحدة بدفع رسوم على بعض انبعاثات الميثان، لكن من المرجح إلغاء هذه اللائحة في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وقالت وزيرة البيئة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إيف بازيبا لـ«رويترز»، على هامش قمة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ (كوب 29)، إن بلادها تعمل على تقييم انبعاثات غاز الميثان من غابات المستنقعات والأراضي الرطبة في حوض الكونغو.

وجاء في تقرير ميزانية الميثان لعام 2024 أن الكونغو هي أكبر مصدر لانبعاثات الميثان في المناطق الاستوائية.