«الأعاصير المتوسطية» ظاهرة نادرة... هل تتفاقم وتزداد تدميراً؟

TT

«الأعاصير المتوسطية» ظاهرة نادرة... هل تتفاقم وتزداد تدميراً؟

مدينة درنة الساحلية، شرق ليبيا، بعد الإعصار دانيال وانهيار سدين تسبّبا في فيضانات مدمرة جرفت أحياء بأكملها (إ.ب.أ)
مدينة درنة الساحلية، شرق ليبيا، بعد الإعصار دانيال وانهيار سدين تسبّبا في فيضانات مدمرة جرفت أحياء بأكملها (إ.ب.أ)

نجم الفيضان المفاجئ الذي أودى بالآلاف في ليبيا هذا الأسبوع عن إعصار متوسطي (مديكيْن). وهو ظاهرة مناخية نادرة، ولكنها مدمرة يعتقد العلماء أنها ستتفاقم في عالم يزداد حرارة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

هذا المصطلح غير المعروف بعد لدى الناس عموماً، لكن يستخدمه العلماء وعلماء الأرصاد الجوية باستمرار، صِيغ عبر الجمع بين كلمات «البحر الأبيض المتوسط» و«إعصار» باللغة الإنجليزية.

تشبه الأعاصير المتوسطية غيرها من الأعاصير والعواصف، لكن يمكن أن تتشكل فوق المياه الأقل سخونة. وفي صور الأقمار الاصطناعية، يمكن أن تبدو كأنها كتلة دوامة من السحب العاصفة تحيط بنقطة مركزية هي عين الإعصار.

لكن هذه العواصف المتوسطية هي بشكل عام أصغر وأضعف من نظيراتها الاستوائية ولديها مساحة أضيق لتنمو وتكبر.

وتعادل قوتها القصوى عموماً إعصاراً من الفئة الأولى على مقياس «سفير - سيمبسون»، وهذا يعني أن سرعتها تراوح من 119 إلى 153 كيلومتراً في الساعة.

وإضافة إلى رياحها العنيفة، تصاحب الأعاصير المتوسطية أمطار غزيرة. أسقطت العاصفة دانيال ما يصل إلى 170 مليمتراً من الأمطار في أقل من يومين على برقة، في شمال ليبيا، حيث يندر هطول الأمطار هذا الموسم.

مرة أو مرتين في السنة

تقول سوزان غراي، الأستاذة في قسم الأرصاد الجوية بجامعة ريدينغ، إن الأعاصير المتوسطية تتشكل عادة في الخريف عندما يكون البحر دافئاً، وعلى الأغلب في غرب البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الواقعة بين البحر الأيوني وساحل شمال أفريقيا.

تنشأ هذه الأعاصير عندما يتشكل حمل حراري أو تصاعد لدى التقاء طبقة من الهواء البارد قادمة من الارتفاعات الأعلى مع الهواء الدافئ الصاعد من البحر. ويحدث هذا اللقاء حول مركز للضغط المنخفض.

تتشكل الأعاصير المتوسطية مرة أو مرتين في السنة، وفقاً للإدارة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي.

وفيما تتحرك الأعاصير من الشرق إلى الغرب، تميل الأعاصير المتوسطية إلى الانتقال من الغرب إلى الشرق. من ثم فقد عبرت العاصفة «دانيال» بلغاريا واليونان وتركيا الأسبوع الماضي قبل أن تصل إلى ليبيا.

نشأت 3 أعاصير متوسطية قبالة سواحل اليونان بين عامي 2016 و2018، بينما رصدت خدمات الأرصاد الجوية الإسبانية في عام 2019 واحداً بين جزر البليار والساحل الجزائري.

في سبتمبر (أيلول) 2020، ضربت اليونان رياح تصل سرعتها إلى 120 كيلومتراً في الساعة، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص في بلدة كارديتسا وتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية وانقطاع التيار الكهربائي. وتعرضت صقلية لعاصفة مماثلة في عام 2021.

وتقول هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية إنه يصعب استخلاص عِبر مناخية من الأعاصير المتوسطية بسبب ندرتها.

لكن الخبراء يقولون إن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر الناجم عن تغير المناخ الذي يسببه النشاط البشري سيجعل الأحداث المتطرفة مثل الأعاصير أو الأعاصير المتوسطية أكثر شدة، على الرغم من أنها قد تصير أقل تواتراً.

وتقول ليز ستيفنز، الأستاذة في جامعة ريدينغ البريطانية: «يعتقد أن تغير المناخ يزيد من شدة أقوى الأعاصير المتوسطية... نحن على قناعة بأن تغير المناخ يزيد من هطول الأمطار المصاحبة لمثل هذه العواصف».

ويشير العلماء إلى أن المحيطات امتصت 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناتجة من النشاط البشري منذ بداية العصر الصناعي.

وسُجل في البحر الأبيض المتوسط أعلى درجة حرارة في يوليو (تموز)، عندما واجهت أوروبا سلسلة من موجات الحر الاستثنائية.

وصارت المياه السطحية في شرق البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي أكثر دفئاً بمقدار درجتين إلى 3 درجات مئوية عن المعتاد في بداية سبتمبر، وهو ما يُعتقد أنه جعل العاصفة دانيال أشد.

وتقول ليزي كيندون، أستاذة علوم المناخ في جامعة بريستول البريطانية، إن العاصفة «دانيال» «توضح حجم الأمطار المدمرة التي يمكن أن نتوقعها بشكل متزايد في المستقبل» مع ارتفاع درجة حرارة العالم.

ويقول عالم المناخ كارستن هاوستن من جامعة لايبزيغ الألمانية أن «نشوء العاصفة دانيال من إعصار متوسطي... ربما يكون نتيجة درجات حرارة سطح البحر الأكثر دفئاً، وبالتالي تغير المناخ الناجم عن الإنسان».


مقالات ذات صلة

فقدان أثر 23 جندياً هندياً على الأقل بعد اجتياح فيضان مفاجئ

آسيا صورة نشرتها وزارة الدفاع الهندية تظهر إجلاء السكان على لودر حفار في موغوثانغ بولاية سيكيم الهندية بعد فيضان مفاجئ ناجم عن هطول أمطار غزيرة (أ.ف.ب)

فقدان أثر 23 جندياً هندياً على الأقل بعد اجتياح فيضان مفاجئ

أعلن الجيش الهندي، الأربعاء، أنّ 23 جندياً فُقدوا، بعد أن اجتاح فيضان قوي ناجم عن هطول أمطار غزيرة وادياً في ولاية سيكيم في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (غواهاتي (الهند))
شمال افريقيا منظر عام يظهر المباني والمنازل المدمرة في أعقاب عاصفة وفيضانات مميتة، في درنة، ليبيا في 18 سبتمبر 2023 (رويترر)

تحذير من مخاطر حدوث سيول في جنوب ليبيا

أصدر وزير الداخلية بحكومة الوحدة الليبية عماد الطرابلسي توجيهات بإخلاء كافة المنازل التي تقع في مسار الأودية التي قد تتعرض لأمطار غزيرة في منطقة غات.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
يوميات الشرق لقطة من فيديو تُظهر أنثى أسد البحر هاربة من حوض السباحة الخاص بها في نيويورك (يوتيوب)

شاهد... هروب أنثى أسد بحر من حوض سباحة بحديقة حيوان وسط فيضانات نيويورك

قال مسؤولون إن أنثى أسد بحر هربت من حوض السباحة الخاص بها في حديقة حيوان «سنترال بارك» أمس (الجمعة)، وسط الفيضانات الشديدة التي تجتاح مدينة نيويورك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سيارات غمرتها مياه الفيضانات على طريق سريع في مانهاتن بنيويورك (ا.ف.ب)

أمطار غزيرة وفيضانات تشل مساحات شاسعة من مدينة نيويورك

هطلت كميات قياسة من الأمطار تجاوزت 15 سنتيمتراً وتسببت في شلل مناطق شاسعة من مدينة نيويورك، مما أعاق السفر البري والانتقال عبر مترو الأنفاق بالمدينة والمطارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ سيارة متروكة وسط مياه الفيضانات أثناء عاصفة ممطرة غزيرة في ضاحية مامارونيك بمدينة نيويورك (رويترز)

أمطار غزيرة في نيويورك تغمر طرقاً وتعطل حركة مترو الأنفاق

أدت أمطار شديدة الغزارة هطلت ليل الخميس - الجمعة في شمال شرقي الولايات المتحدة إلى غمر طرق في نيويورك وتعطيل جزئي لحركة مترو الأنفاق والمطارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

45 دولة تتعهد بـ12 مليار دولار لإنقاذ الشعاب المرجانية

تتعرض الشعاب المرجانية للتهديد في جميع أنحاء العالم بسبب الحرارة القياسية للبحار (أ.ف.ب)
تتعرض الشعاب المرجانية للتهديد في جميع أنحاء العالم بسبب الحرارة القياسية للبحار (أ.ف.ب)
TT

45 دولة تتعهد بـ12 مليار دولار لإنقاذ الشعاب المرجانية

تتعرض الشعاب المرجانية للتهديد في جميع أنحاء العالم بسبب الحرارة القياسية للبحار (أ.ف.ب)
تتعرض الشعاب المرجانية للتهديد في جميع أنحاء العالم بسبب الحرارة القياسية للبحار (أ.ف.ب)

تعهد تحالف يضم 45 دولة، اليوم الثلاثاء، بجمع 12 مليار دولار بحلول عام 2030 للحفاظ على الشعاب المرجانية المهددة في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ، وترميمها.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يجمع هذا المشروع الذي أعلنته المبادرة الدولية للشعاب المرجانية (ICRI) التي تم إنشاؤها في عام 1994، بلداناً تضم ثلاثة أرباع الشعاب المرجانية في العالم. وتعهدت البلدان بمضاعفة مساحات الشعاب المرجانية الموضوعة تحت الحماية بنحو 60 ألف كيلومتر مربع واستعادة ما يقرب من 10 آلاف كيلومتر مربع منها.

في المحصلة، ينص المشروع على الالتزام باستثمارات يبلغ مجموعها 12 مليار دولار من الأموال العامة والخاصة بحلول عام 2030. وأعلنت المجموعة أن «هذا الاستثمار سيسمح بإدارة الشعاب المرجانية بشكل أكثر فاعلية، بما يشمل جودة المياه والمناطق الساحلية واللوائح المحلية والإقليمية».

وفي عام 2020، قدّرت دراسة احتياجات التمويل لضمان حماية أشمل للمحيطات بمبلغ 174.5 مليار دولار سنويا. ويأتي هذا الالتزام الجديد فيما تتعرض الشعاب المرجانية للتهديد في جميع أنحاء العالم بسبب الحرارة القياسية للبحار هذا العام مع تواتر موجات الحر وشدتها.

وبهذا الشأن، قال أستاذ البيئة البحرية في جامعة التكنولوجيا في سيدني ديفيد بوث لوكالة الصحافة الفرنسية إن المبادرة مهمة وتأتي في الوقت المناسب، غير أن 12 مليار دولار مبلغ قليل للغاية لإحداث تأثير عالمي، ويجب استخدامه بحكمة.

وتمتص المحيطات 90 في المائة من حرارة نظام الأرض الزائدة الناجمة عن النشاط البشري خلال العصر الصناعي، ويستمر تراكم الطاقة هذا في الازدياد مع تراكم الغازات المسببة لمفعول الدفيئة في الغلاف الجوي. ويؤدي ارتفاع درجات حرارة البحر إلى ظاهرة الابيضاض التي قد تكون قاضية بالنسبة للشعاب المرجانية.

وقد لوحظ بالفعل حدوث ابيضاض هائل هذا العام في فلوريدا، مع مخاوف من أن الأسوأ لم يأت بعد مع ظاهرة النينيو المناخية.


حرائق كندا تسدد ضربة قاسية للحياة البرية

حريق غابات ماكدوغال كريك يشتعل في تلال غرب كيلونا في كولومبيا البريطانية بكندا في 17 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
حريق غابات ماكدوغال كريك يشتعل في تلال غرب كيلونا في كولومبيا البريطانية بكندا في 17 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
TT

حرائق كندا تسدد ضربة قاسية للحياة البرية

حريق غابات ماكدوغال كريك يشتعل في تلال غرب كيلونا في كولومبيا البريطانية بكندا في 17 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
حريق غابات ماكدوغال كريك يشتعل في تلال غرب كيلونا في كولومبيا البريطانية بكندا في 17 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

وجّهت الحرائق الضخمة التي شهدتها كندا هذا الصيف ضربة قاسية إلى الحياة البرية فاقمت تدهورها القائم أصلاً بفعل التغير المناخي والأنشطة البشرية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

في وسط الغابة، في غرب كيبيك، يبحث بول وابانونيك عن مؤشرات لوجود حديثي العهد لأيائل الموظ على أراضي أجداد شعبه، حيث بدأ منذ الصغر الصيد مع العائلة.

ويوضح هذا الصياد المنتمي إلى شعب أنيشينابي لوكالة الصحافة الفرنسية: «في العادة، في الطريق التي نسلكها، كنا نرى آثاراً (لهذه الحيوانات) في كل مكان»، لكن «ما نشهده هنا أشبه بالصحراء».

الآثار الوحيدة المرئية في هذه الغابة الواقعة على مسافة مئات الكيلومترات إلى الشمال من مونتريال هي آثار الحريق الذي اجتاحها في يونيو (حزيران). وبعدما كانت المنطقة تزخر بالمناظر الطبيعية الخلابة الملونة بظلال من الأحمر في الخريف، بات المشهد عبارة عن أشجار سوداء أو متفحمة وعدد قليل فقط من البراعم الخضراء الصغيرة.

ولم يعد هناك غطاء نباتي في الغابة، ولا شيء تقريباً يصلح للأكل، وثمّة فرصة ضئيلة لرؤية الحيوانات تعود في وقت قريب، وفق استنتاجات الرجل عريض البنية الذي اعتاد تدريب الأفراد الأصغر سناً في مجتمعه على الصيد التقليدي.

ولا يُعرف العدد الدقيق للحيوانات التي نفقت في هذه الحرائق، «لكن هناك مئات الآلاف» منها، وفق تقديرات عالمة الأحياء في الاتحاد الكندي للحياة البرية آني لانغلوا، التي تتحدث عن «مأساة».

من القنادس إلى القيوط مروراً بالظربان والذئاب والثعالب الحمراء والدببة... تُعدّ الغابة الشمالية الكندية موطناً لـ85 نوعاً من الثدييات، و130 نوعاً من الأسماك و300 نوع من الطيور، بينها الكثير من الطيور المهاجرة.

لكنها تضررت بشدة من موسم الحرائق التاريخي الذي شهدته كندا خلال الصيف الفائت، إذ التهمت النيران 18 مليون هكتار من الأراضي؛ أي ما يعادل ثلث مساحة البر الرئيسي لفرنسا.

سكان يشاهدون حرائق الغابات في ماكدوغال كريك بغرب كيلونا في كولومبيا البريطانية بكندا في 17 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

هروب إلى الشمال

تشير آني لانغلوا إلى أن بعض الأنواع يمكن أن تصبح محاصرة بسرعة؛ لأنها لا تملك القدرة على الطيران أو الجري بسرعة كافية وعلى مسافات طويلة في مواجهة حرائق «شديدة للغاية» وسريعة الانتشار.

وفي بعض المناطق، اندلعت حرائق في وقت مبكر جداً من الموسم، ما أتى على فرص البقاء لدى صغار الحيوانات.

كما أن العواقب خطرة للغاية على الحيوانات المائية، فبالإضافة إلى الرماد الذي يتساقط في البحيرات والأنهار، فإن تآكل التربة الناجم عن فقدان الغطاء النباتي يغير نوعية المياه.

إضافة إلى ذلك، تحتوي جزيئات دخان حرائق الغابات على نسبة أكبر من الملوثات الكربونية في أشكال كيميائية مختلفة، تترسب أحياناً على مسافة مئات الكيلومترات.

ويوضح ماثيو ميتشل من جامعة بريتش كولومبيا أن لهذه الحرائق «تأثيرات حادة أو مزمنة على صحة الحياة البرية».

ويضيف: «غالباً ما تكون الحيوانات الصغيرة أكثر عرضة لتأثيرات الدخان، تماماً مثل البشر، وحتى الحيوانات البحرية مثل الحيتان والدلافين تتأثر عندما تخرج للتنفس».

وتضمّ كندا ما يقرب من 700 نوع تُعد مهددة بالفعل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تدمير الموائل.

وعلى المدى الطويل، تشكل الحرائق ضغطاً إضافياً على هذه البيئات التي تضررت بالفعل بسبب قطع الأشجار. وهذه الحال تكون خاصة بالوعل، وهو نوع يمثّل رمزية كبيرة في كندا، ويعيش في الغابات القديمة.

ويقول غابرييل بيجون، أستاذ بيئة الحياة البرية في جامعة كيبيك في أبيتيبي - تيميسكامينغ: «إذا كان من المرجح أن تصمد حيوانات الموظ، فإن حالة الوعل ستكون أسوأ؛ نظراً لأنه في وضع محفوف بالمخاطر من الأصل».

ويمكن للحرائق أيضاً أن تفاقم ظاهرة بدأت بالفعل؛ فمع ارتفاع درجة الحرارة، تهرب بعض الأنواع إلى الشمال.

من هنا، فإن الوشق الذي يتتبعه غابرييل بيجون باستخدام أطواق الراديو قد ابتعد مسافة 300 كيلومتر عن أراضيه بسبب الحرائق، في حين أن «نطاق موطنه يبلغ عموماً 25 كيلومتراً مربعاً».

وإذا كانت عودة الحيوانات تختلف من نوع إلى آخر، فبالنسبة للبعض مثل الوعل، قد يستغرق الأمر سنوات عدة، أو ربما لا يحدث أبداً.


الجفاف والحرارة وراء نفوق عشرات الدلافين في الأمازون

TT

الجفاف والحرارة وراء نفوق عشرات الدلافين في الأمازون

باحثون من معهد ماميراوا للتنمية المستدامة يقومون بتحليل دولفين ميت في بحيرة تيفي في ولاية أمازوناس البرازيل (رويترز)
باحثون من معهد ماميراوا للتنمية المستدامة يقومون بتحليل دولفين ميت في بحيرة تيفي في ولاية أمازوناس البرازيل (رويترز)

عثر على 120 دولفينا نهريا نافقا في أحد روافد نهر الأمازون خلال الأسبوع المنصرم في ظروف يعتقد الخبراء أنها ناجمة عن الجفاف والحرارة الشديدين.

ويعتقد الباحثون أن انخفاض مناسيب مياه الأنهار خلال فترة جفاف شديد أدى إلى ارتفاع درجة حرارة المياه إلى مستويات لا تتحملها الدلافين، وفقا لما ذكرته وكالة «الصحافة الفرنسية».

باحثون من معهد ماميراوا للتنمية المستدامة يقومون بتحليل دولفين ميت في بحيرة تيفي في ولاية أمازوناس البرازيل (رويترز)

وتعد دلافين نهر الأمازون، التي يتميز الكثير منها بلون وردي مذهل، نوعا فريدا إذ توجد فقط في أنهار أمريكا الجنوبية وهي من بين الأنواع القليلة من دلافين المياه العذبة المتبقية في العالم. وبسبب دوراتها الإنجابية البطيئة فإنها معرضة للخطر بشكل خاص.

ووسط رائحة الدلافين المتحللة، واصل علماء الأحياء وخبراء آخرون يرتدون ملابس وأقنعة واقية أمس الاثنين انتشال الثدييات النافقة من بحيرة وقاموا بتشريحها لتحديد سبب نفوقها.

دولفين نافق في بحيرة تيفي في ولاية أمازوناس البرازيل (رويترز)

والعلماء غير متيقنين تماما من أن الجفاف والحرارة هما السبب في الارتفاع الكبير في معدل نفوق الدلافين. ويعملون على استبعاد الأسباب الأخرى، مثل الإصابة بعدوى بكتيرية.

وطفا ما لا يقل عن 70 دولفينا نافقا على سطح الماء يوم الخميس عندما وصلت درجة حرارة مياه بحيرة تيفي إلى 39 درجة مئوية، أي ما يزيد بأكثر من 10 درجات عن المتوسط ​​في مثل هذا الوقت من العام.

باحثون من معهد ماميراوا للتنمية المستدامة يقومون بانتشال دولفين ميت في بحيرة تيفي في ولاية أمازوناس البرازيل (رويترز)

وقال الخبراء القلقون إن درجة حرارة المياه انخفضت لبضعة أيام لكنها ارتفعت مجددا يوم الأحد إلى 37 درجة مئوية.

وألقى نشطاء البيئة باللوم في هذه الظروف غير العادية على تغير المناخ، الذي يجعل الجفاف وموجات الحر أكثر تكرارا وشدة. ولم يتضح بعد دور الاحتباس الحراري العالمي في الجفاف الذي تشهده منطقة الأمازون، مع وجود عوامل أخرى مؤثرة مثل ظاهرة النينيو.

وقالت ميريام مارمونتيل، الباحثة في معهد ماميراوا البيئي «وثقنا 120 جثة في الأسبوع الماضي».

صورة عامة لمياه بحيرة تيفي المتدفقة من نهر سوليمو التي تأثرت بدرجات الحرارة المرتفعة والجفاف في تيفي بولاية أمازوناس بالبرازيل (رويترز)

وأضافت أن نحو ثمان من كل 10 جثث هي لدلافين وردية، والتي تسمى (بوتو) في البرازيل، وهو ما قد يمثل 10 في المائة من أعدادها المقدرة في بحيرة تيفي.

ودولفين البوتو والدولفين النهري الرمادي المسمى (توكوكسي) مدرجان في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة التي تضم الأنواع المهددة بالانقراض.


العطش والجوع يطاردان سكان العالم

TT

العطش والجوع يطاردان سكان العالم

الجفاف يهدد غواتيمالا بأزمة غذائية غير مسبوقة (أ.ف.ب)
الجفاف يهدد غواتيمالا بأزمة غذائية غير مسبوقة (أ.ف.ب)

تتعرض دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط بشكل خاص لإجهاد مائي شديد، كما تعاني دول أوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا مخاطر مائية عالية. ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً بسبب عوامل العرض والطلب على المياه، مثل ازدياد عدد السكان والتنمية الاقتصادية الكثيفة الاستخدام للموارد، يفاقمها تغيُّر المناخ. ومن المتوقع أن يتأثّر ما يقرب من 6 مليارات شخص بندرة المياه النظيفة بحلول سنة 2050.

ويعكس تقرير عن تقييم مخاطر ندرة المياه، صدر أخيراً عن معهد الموارد العالمية، الأزمة المائية غير المسبوقة التي تُلقي بثقلها على بلدان كثيرة. وتُشير البيانات الجديدة إلى أن 25 دولة، تضم ربع سكان العالم، تتعرض حالياً لإجهاد مائي مرتفع للغاية سنوياً. وبينما يعاني نصف سكان العالم من الإجهاد المائي لمدة شهر واحد على الأقل في السنة، ستطول المعاناة نحو 60 في المائة من السكان سنة 2050.

ونظراً لمحدودية الموارد، من المتوقع أن يؤدي النمو السكاني والتنمية الاقتصادية المتسارعة إلى استهلاك المزيد من المياه، مع كثير من الهدر وقليل من الإدارة الرشيدة. ومع تغيُّر المناخ واتساع الجفاف، سيعاني مجمل البشر من أزمة مائية غير مسبوقة.

وتُعرَف ندرة المياه بأنها نقص كمّي أو نوعي في إمدادات المياه، مُعبّراً عنها بنسبة استهلاك الإنسان للمياه إلى الإمدادات المُتاحة. وخلال العقد الماضي، زاد استخدام المياه عالمياً بمعدل ضعف النمو السكاني. واليوم، يعاني نحو ثلثي سكان العالم من ندرة حادة في المياه مرة واحدة على الأقل سنوياً، ويعيش 2.3 مليار شخص في بلدان تعاني نقص المياه، ويفتقر مليارا شخص يمثّلون 26 في المائة من سكان العالم، إلى خدمات مياه الشرب المُدارة على نحو آمن.

أزمة عربية

تواجه البلدان العربية أزمة حادة في توفير متطلباتها من المياه العذبة. فخلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين تراجع معدل حصة المواطن العربي من المياه العذبة بنحو 50 في المائة، من 1000 متر مكعب سنوياً في مطلع القرن إلى أقل من 500 متر مكعب اليوم. وهذا يعني أن مجمل البلدان العربية انحدرت دون عتبة الفقر المائي لنصيب الفرد من الماء العذب، الذي حددته الأمم المتحدة بـ1000 متر مكعب سنوياً من المياه السطحية والجوفية المتجددة. وعلى خطورة المعدل العام، فالأرقام الفردية للدول العربية تكشف عن حقائق صادمة، إذ إن موارد المياه العذبة المتجددة في معظمها تقلّ عن هذا كثيراً.

نبتة تقاوم للبقاء في أرض ضربها الجفاف شمال برشلونة الإسبانية (أ.ب)

في تقريره الأخير الذي صدر هذه السنة، يُشير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) إلى أن المنطقة العربية من بين أكثر المناطق عُرضة للإجهاد المائي، نظراً لمحدودية مواردها المتجددة، والإفراط في استغلال المصادر المتاحة، مما يضع 18 دولة عربية في فئة ندرة المياه، بينما تقع 14 دولة عربية ضمن الأكثر ندرة بالمياه عالمياً. وفي حين سبق لـ«أفد» أن حذَّر من هذا الوضع في تقريره عن مستقبل البيئة العربية عام 2008 وتقرير «المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص» عام 2010، إلا أن الواقع ازداد سوءاً أكثر من المتوقع نتيجة تسارع آثار التغيُّر المناخي، الذي فاقم تحديات النمو السكاني المطرد، والاعتماد على الموارد المائية المشتركة أو العابرة للحدود، وضعف الحوكمة المائية وسوء الإدارة. وبين الأولويات العربية معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها، إذ لا تتعدى نسبة المعالجة اليوم 60 في المائة، تتم إعادة استخدام نصفها فقط ويذهب الباقي هدراً.

وإدراكاً منها لأزمة المياه العالمية التي تلوح في الأفق، عقدت الأمم المتحدة مؤتمراً للمياه في نيويورك في شهر مارس (آذار) الماضي، وهو المؤتمر الثاني فقط في تاريخها عن الموضوع. وكان المؤتمر الأول قد انعقد عام 1977، وفيه اتفقت 118 دولة على ضرورة توفير إمدادات شاملة من المياه وخدمات الصرف الصحي بحلول 1990، وهو هدف لا يزال بعيداً.

والأسوأ من ذلك أن المشكلة لم تعد تقتصر على افتقار ملياري شخص إلى القدرة الكافية للوصول إلى المياه النظيفة، بل في أن الدورة الهيدرولوجية العالمية بأكملها اختلّت بسبب تغيُّر المناخ وتدهور الأراضي. ففي منطقة الأمازون البرازيلية، على سبيل المثال، أدّى فقدان الأشجار إلى خفض كمية بخار الماء التي تدخل الغلاف الجوي بشكل كبير، مما قلل هطول الأمطار في جميع أنحاء المنطقة. وفي حوض نهر الكونغو، حَرمت إزالة الغابات نيجيريا ودولاً أخرى في غرب أفريقيا من مواسم الأمطار التي كانت موثوقة ذات يوم. وتحدُث أمور مماثلة في جميع أنحاء العالم، حيث تتم إزالة الغابات وتنهار النظم البيئية التي كانت سليمة سابقاً.

الحدّ من هدر المياه

من الواضح أن الزراعة هي القطاع الأكثر استهلاكاً للمياه والمساهم الأكبر في ندرة المياه العذبة، إذ تأخذ ما يقرب من 70 في المائة، في حين يستهلك القطاع الصناعي والاستخدامات المنزلية 22 و8 في المائة من السحب المائي على التوالي. ويشير تقرير صدر أخيراً عن اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه إلى أن أكثر من 700 مليار دولار من الإعانات الحكومية التي تذهب إلى الزراعة والمياه كل عام، تسهم غالباً في زيادة الاستهلاك المفرط للمياه، لأنها تتوجه في معظمها نحو زيادة الإنتاج بدلاً من إدارة الطلب وتعزيز الكفاءة.

وتساعد التجارة العالمية في زراعة المحاصيل المتعطشة في البلدان الرطبة، والمحاصيل التي تتحمل الجفاف في البلدان الأكثر جفافاً، ومن ثم تصديرها. ولكن هذه التجارة لا تمثّل معادلة رابحة لجميع الأطراف، إذ تخلص دراسة نشرتها مجلة «كلينر برودكشن» مطلع هذه السنة، إلى أن التجارة الدولية تخفف من ندرة المياه بالنسبة لـ2.2 مليار شخص في البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط، ولكنها تفاقم ندرة المياه بالنسبة لـ2.1 مليار شخص في البلدان ذات الدخل المنخفض.

الري الذكي

ويمكن تحقيق ذلك من خلال اختيار المزروعات الملائمة واعتماد ممارسات موجهة نحو الحفاظ على المياه، مثل أنظمة الري الذكية، إلى جانب معالجة مياه الصرف الصحي للحصول على مياه صالحة لأغراض الري. وفي هذا العصر، يمكن لاستخدام إنترنت الأشياء وحلول الزراعة الدقيقة أن يسهم في التخفيف من تغيُّر المناخ ويقلل البصمة المائية.

وأياً تكن الممارسات الزراعية الجديدة، يجب توخي الحذر في الحفاظ على جودة التربة، فضلاً عن جودة إنتاجية الأغذية الزراعية وسلامتها، مع ضمان حصول الأجيال القادمة على المياه اللازمة لإنتاج الأغذية والألياف والمواد المغذية وغيرها من المواد الحيوية، وتلبية احتياجاتها بطريقة مسؤولة وعادلة. وفي هذا السياق، يمكن للزراعة المتجددة التي تعمل على تحسين صحة التربة، والأنظمة الغذائية المستدامة وتقليل هدر الطعام، أن تساعد على تقليل مخاطر ندرة المياه.

برازيلي يُبحر بزورقه وسط أسماك نافقة بسبب انخفاض مستوى المياه في محمية لاغو دو بيرانها (أ.ف.ب)

ويحتاج قطاع الصناعة إلى مزيد من الابتكار في مجال تدوير المياه، بحيث يتم حفظ ومعالجة مياه التبريد وخطوط الإنتاج وإعادة استخدامها لتقليل استهلاك الموارد. وفي التجمعات الحضرية، لا بد من إنقاص هدر المياه، وتقليل استهلاك الموارد والطاقة لمعالجتها، عبر إنشاء بنية تحتية جديدة لجمع مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي بشكل منفصل، واستخدام «المياه الرمادية» المعالَجة في المصدر لغير أغراض الشرب.

سكان نيو مكسيكو وتكساس تراودهم مخاوف من حالات الجفاف التي تحدث في المنطقة الجنوبية الغربية من الولايات المتحدة (غيتي - أ.ف.ب)

وتبقى هذه المكاسب في الكفاءة جزءاً من حل لا يكتمل ما لم يتم ضمان توفُّر الموارد المائية من خلال إدارة المناخ وضمان سلامة البيئة. ومن الواضح أن تغيُّر المناخ هو أحد أكبر المخاوف العالمية اليوم، فهو يغيّر أنماط هطول الأمطار ويزيد تكرار الأحداث المناخية المتطرّفة وشدّتها، مما يسبب فترات شديدة من الجفاف والفيضانات. وهذه الظروف تؤثّر على توافر المياه ونوعيتها، وتقلل من قدرة النظم البيئية على توفير إمدادات كافية من المياه لتلبية احتياجات البشر.

مشكلات الجفاف

ربطت المجلات العلمية الصادرة في مطلع سبتمبر (أيلول) بين تغيُّر المناخ العالمي وأزمات المياه المتزايدة في كل مكان. فمع ارتفاع درجات الحرارة واستمرار الجفاف وندرة المياه، زادت مخاطر اندلاع اشتباكات على الحدود الأفغانية الإيرانية. وتسبب ارتفاع منسوب البحر نتيجة ذوبان الجليد العالمي في تسرُّب المياه المالحة إلى الأراضي الساحلية الرطبة في ولاية نورث كارولاينا الأميركية، مما ألحق ضرراً بالنظم الطبيعية لبيئة المياه العذبة. ونتيجة اختلال مناخي قبالة سواحل الإكوادور تعززت مخاطر الجفاف طويل الأمد في جنوب غربي الولايات المتحدة.

 

مصر

تواجِه مصر تحديات متعاظمة تهدد أمنها المائي والغذائي، تبدأ بندرة الموارد المتاحة، ولا تنتهي بالخطر الذي قد يشكله «سد النهضة» في إثيوبيا على إمدادات مياه نهر النيل.

لا يتجاوز نصيب الفرد المصري من المياه 500 متر مكعب في السنة (أ.ف.ب)

الدكتور إسماعيل عبد الجليل، الرئيس السابق لمركز بحوث الصحراء والمكتب الزراعي في سفارة مصر في واشنطن، يقول إن الندرة المائية تمثل أهم التحديات التي تواجه طموحات التنمية، حيث تقع مصر تحت خط الفقر المائي، إذ لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 500 متر مكعب في السنة، وهو سينخفض بحلول 2050 إلى أقل من 300 متر مكعب. ويستند هذا فقط إلى معدّل الزيادة السكانية الحالي، الذي يصل إلى نحو 2 في المائة سنوياً، من دون حساب آثار التغيُّرات المناخية، التي ستزيد الوضع سوءاً. يستهلك قطاع الزراعة نحو 73 في المائة من حصّة مصر المائية، بينما تستهلك قطاعات مياه الشرب والصناعة والملاحة وباقي الأنشطة نحو 27 في المائة، رغم تواضع القيمة المضافة لقطاع الزراعة في الناتج القومي، بنسبة لا تتجاوز 11.3 في المائة. وهو ما يستدعي تغيير السياسات الزراعية، خصوصاً لناحية الالتزام بالمساحات المتفق عليها بين وزارتي الزراعة والري، لتفادي تجاوز المقرر المائي المتاح. حالياً يفضّل مزارعو الأرز، مثلاً، دفع غرامة المخالفة على الالتزام بخطة وزارة الري تقييد المساحات وتشجيع الأصناف الأعلى جدوى اقتصادياً. ويُتوقع أن يتكرر الأمر مع القمح هذه السنة.

ويرى عبد الجليل أن الإصلاح يبدأ من تبنّي سياسات جديدة وفاعلة تستهدف الحدّ من الهدر وتعزيز الكفاءة وترشيد الاستخدامات وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية، إلى جانب البحث عن مصادر مائية جديدة، مثل التحلية والمياه الجوفية. ويجب أن تقتصر تحلية مياه البحر على خدمة المدن الساحلية، بينما تتم تحلية المياه الجوفية قليلة الملوحة واستخدامها بالقرب من مصادرها. ويُتوقع أن ترتفع مواردنا المائية من تحلية مياه البحر من 1.3 مليون متر مكعب يومياً عام 2020 إلى 20 مليون متر مكعب يومياً سنة 2050، بينما تقدّر المياه الجوفية العميقة بنحو 2.5 مليار متر مكعب والمياه الجوفية الضحلة بنحو 6.91 مليار متر مكعب. وقد تصل مياه الأمطار والسيول إلى 1.30 مليار متر مكعب في السنة. كما يمكن توفير الموارد المائية غير التقليدية من مياه الصرف الصحي الناتجة عن الاستخدامات المنزلية والصناعية. وبينما قُدّرت كمية مياه الصرف المتاحة عام 2020 بنحو 12 مليار متر مكعب، فهي ستصل إلى 16 مليار متر مكعب سنة 2050، وتُعد مياه الصرف الصحي مورداً متزايداً بازدياد عدد السكان، ويمكن استخدامها في ري الغابات الشجرية. وهذه كلها تضاف إلى حصّة مياه النيل البالغة 55.50 مليار متر مكعب. الحلول ليست مستعصية، لكنها تتطلّب مواجهة التحديات بقرارات مدروسة وتنفيذها سريعاً.

سد النهضة الإثيوبي الكبير في أثناء خضوعه لأعمال البناء على نهر النيل في جوباوريدا بمنطقة بني شنقول بإثيوبيا في 26 سبتمبر 2019 (رويترز)

 

حرب مياه على الحدود الأفغانية - الإيرانية

لفتت مجلة «ساينس Science» الأنظار إلى التوتُرات المتصاعدة حالياً على الحدود الإيرانية - الأفغانية بسبب المياه. وتتهم إيران قادة «طالبان» بانتهاك اتفاق لتقاسم مياه نهر هلمند الذي يتدفّق من أفغانستان إلى إيران. وكانت اشتباكات بالقرب من النهر قد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن اثنين من حرس الحدود الإيرانيين ومُقاتل من «طالبان» في أواخر مايو (أيار) الماضي.

ويتزامن النزاع بين البلدين، خلال أعوام 1872 و1898 و1902 و1935، مع فترات الجفاف القاسية. وقد فرض الاحترار، إلى جانب التغيُّرات في هطول الأمطار والنمو السكاني وتوسع الزراعة، ضغوطاً متزايدة على إمدادات المياه في ولاية هلمند. وتُظهر بيانات الأقمار الاصطناعية أن مستويات المياه الجوفية انخفضت بمعدل 2.6 متر خلال الفترة بين 2003 و2021 ضمن حوض نهر هلمند، الذي يغطي نحو 40 في المائة من مساحة أفغانستان.

كمية مياه نهر هلمند التي تصل إلى إيران انخفضت بأكثر من النصف خلال العقدين الماضيين (تويتر)

ويقدِّر باحثون أن كمية مياه نهر هلمند التي تصل إلى إيران انخفضت بأكثر من النصف خلال العقدين الماضيين، ويرجع ذلك جزئياً إلى بناء سدود جديدة وتوسيع نطاق الري في أفغانستان. كما تناقصت سماكة الثلوج في جبال أفغانستان بشكل ملحوظ، لا سيما في جبال «هندو كوش» الوسطى حيث تنبع جميع الأنهار الرئيسية في البلاد، بما فيها نهر هلمند. وتسببت هذه العوامل في تفاقم التوترات القائمة منذ فترة طويلة بشأن معاهدة 1974 التي تحدد حصص البلدين في مياه نهر هلمند. وادّعت إيران هذه السنة أنها تلقّت كمية لا تتجاوز 4 في المائة من حصتها الموعودة، فيما ألقت حركة «طالبان» باللوم على الجفاف في تناقص تدفُّق النهر. وقد ينعكس هذا النزاع المائي المحلي عالمياً، مع لجوء بعض المزارعين الأفغان إلى زراعة خشخاش الأفيون، الذي يُعد أكثر ربحية وتحملاً للجفاف، رغم الحظر المفروض على هذا المحصول.

تدمير النظم البيئية للأراضي الرطبة

ناقشت «ناشيونال جيوغرافيك National Geographic» مجموعة التهديدات التي تتعرض لها مستنقعات المياه العذبة في محمية النهر الأسود في ولاية نورث كارولاينا الأميركية. وتضم الأراضي الرطبة في هذه المنطقة أقدم الأشجار المعروفة شرق جبال روكي، لا سيما أشجار سرو المستنقعات التي يزيد عمر بعضها على ألفي سنة.

ورغم أن أشجار سرو المستنقعات هي من بين الأشجار الأكثر مرونة على وجه الأرض في تحمُّل أسوأ الظروف الطبيعية، فإن أعدادها تتناقص بشكل كبير على طول الساحل من ديلاوير إلى تكساس، تاركةً وراءها هياكل خشبية بيضاء. وكانت أشجار سرو المستنقعات قد تعرّضت خلال الثلث الأول من القرن العشرين لعمليات تحطيب واسعة قضت على نحو 90 في المائة من أعدادها. ولم يتبقَّ حالياً سوى واحد بالألف منها، بفعل الأنشطة البشرية وتغيُّر المناخ، خصوصاً الأعاصير وارتفاع مستوى سطح البحر الذي دفع المياه المالحة للاختلاط بمياه المستنقعات العذبة.

ويشير باحثون إلى أن ساحل خليج المكسيك والسهل الساحلي الأطلسي فقدا أكثر من 2000 كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية الحرجية بين 1996 و2016، وتحوّلت رقعة الغابات المفقودة إلى مستنقعات وبِرَك ملحية. وتُذكّر المجلة بأن مستنقعات نورث كارولاينا حملت لقب «أمازون أميركا الشمالية» قبل 120 عاماً، وذلك لاحتوائها على بِرَك ومستجمعات مياه عذبة ونظم طبيعية متنوّعة زادت مساحتها على 160 ألف كيلومتر مربع، أي ما يقارب كامل مساحة تونس.

الجفاف في الغرب الأميركي

قدّمت «نيو ساينتست New Scientist» عرضاً موجزاً لظاهرة «اللسان البارد»، التي لا تتوافق مع النماذج المناخية الحالية. واللسان البارد هو منطقة من المحيط الهادئ تمتد من ساحل الإكوادور باتجاه الغرب آلاف الكيلومترات، وتنخفض حرارتها منذ ثلاثين عاماً، على عكس مياه جميع المحيطات التي تحترّ نتيجة تغيُّر المناخ.

ويبقى اللسان البارد لغزاً مناخياً لا يعرف العلماء على نحو مؤكد اتجاهه المستقبلي. ويمكن لهذه الظاهرة أن تلعب دوراً مهماً في تعديل حساسية الغلاف الجوي تجاه ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة. وقد تحدد ما إذا كانت كاليفورنيا ستواجه جفافاً دائماً أو ستعاني أستراليا حرائق غابات أكثر فتكاً. وربما تؤثّر على شدة الرياح الموسمية في الهند واحتمالات المجاعة في القرن الأفريقي.

وعلى عكس تنبؤات النماذج المناخية، يعاني الغرب الأميركي منذ عقدين جفافاً شديداً تسبب في انحسار البحيرات وهدد إمدادات المياه. ويربط باحثون هذا الجفاف بظاهرة اللسان البارد، ويحذّرون من أن يصبح الجفاف هو القاعدة في جنوب غربي الولايات المتحدة، في حال استمرار هذه الظاهرة.


جفاف يُفاقِم النزاع المائي على دجلة والفرات

TT

جفاف يُفاقِم النزاع المائي على دجلة والفرات

صورة جوية تظهر التقاء نهرَي دجلة والفرات في البصرة (أ.ف.ب)
صورة جوية تظهر التقاء نهرَي دجلة والفرات في البصرة (أ.ف.ب)

تُهدد أسوأ موجة جفاف منذ عقود حياة وسبل عيش ملايين الأشخاص في العراق وسوريا. وفي صيف هذه السنة، تراجع منسوب المياه في نهرَي دجلة والفرات إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، وزيادة الأمراض المنقولة بالمياه، ونزوح السكان. ويرتبط هذا الجفاف بمجموعة من العوامل، من بينها تغيُّر المناخ، والنمو السكاني، وتحكُّم دول المنبع بكمية المياه المتدفقة.

ففي مطلع شهر أغسطس (آب)، أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية أن المياه في البلاد وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، وذلك في أعقاب جفاف طويل الأمد، وطقس تجاوزت فيه الحرارة 50 درجة مئوية. وفي منطقة اشتهرت على مر التاريخ بخصبها وثروتها الطبيعية، أصبح الجفاف الشديد قاعدةً فرضت نفسها خلال العقود الأربعة الماضية.

مشهد من مدينة العمارة يُظهر مدى انحسار مياه نهر الفرات... مارس الماضي (رويترز)

وكانت الوزارة أعلنت، في مارس (آذار) الماضي، إيقاف زراعة الأرز والذرة الصفراء؛ بسبب شح المياه. وتسبب الجفاف وتدهور الأراضي وارتفاع الملوحة في الأنهار والروافد في زيادة الضغوط على الزراعة وتربية الماشية وصيد الأسماك. ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، دفع الجفاف في منتصف هذه السنة نحو 14 ألف أسرة للنزوح عن منازلها في 10 محافظات عراقية، بينما أكّد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أن «7 ملايين عراقي تضرروا بسبب التغيُّرات المناخية».

وفي زيارته الأخيرة إلى شط العرب جنوب شرقي البصرة، شدد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، على خطورة الوضع، معلناً أن «هذه حالة طوارئ مناخية. وقد حان الوقت لأن يتم التعامل معها على هذا الأساس، ليس فقط بالنسبة للعراق، ولكن للعالم بأسره».

ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر. ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة. ويمثّل النهران، اللذان ينبعان من تركيا ويمران عبر سوريا، مصدراً لنحو 98 في المائة من إمدادات المياه السطحية في العراق.

أسماك نافقة عائمة في نهر الفرات بقضاء المسيب بالعراق في 2 نوفمبر 2018 (رويترز)

ومن ناحية أخرى، يستمر النزاع بين العراق وإيران على المياه، حيث تتمثّل سياسة إيران المائية في منع تدفق المياه عبرها إلى الدول المجاورة، وإعادة توجيه تلك المياه إلى أراضيها. وقد تم تطبيق هذه السياسة منذ سنوات عدة، لكنها أصبحت أكثر وضوحاً في الأعوام الأخيرة بسبب تزايد ندرة المياه في إيران.

وكان لانقطاع المياه الآتية من إيران تأثير مدمّر على العراق، مع انخفاض الإنتاج الزراعي في البلاد، وانتشار الأمراض المنقولة بالمياه، وحدوث اضطرابات اجتماعية واسعة. ويتبادل البلدان الاتهامات بشأن تدفق المياه، إذ تُلقي إيران باللوم على تغيُّر المناخ، وتطلب من العراق تفهم موقفها ومتابعة الأمر مع تركيا، في حين يهدد العراق باللجوء إلى محكمة العدل الدولية بشأن انخفاض تدفق المياه من إيران.

وأدى انخفاض تدفق المياه إلى العراق من تركيا وإيران، فضلاً عن تلوُّث المياه في المدن التي تمر عبرها، إلى تأجيج النزاعات الحدودية، وزيادة ملوحة المياه، وتدمير للأراضي الزراعية الخصبة. وتسبب تحويل أنهار كارون والكرخة والجراحي، عبر إنشاء سلسلة من السدود في غرب جبال زاغروس، بجفاف واسع في جنوب غربي إيران، ما أثر سلباً على حصة المياه التي تدخل إلى شط العرب.

أما سوريا، التي تعتمد بشكل أساسي على مياه نهر الفرات لتلبية احتياجاتها المائية والكهربائية، فتواجه أزمة مياه حادة. وقد انخفض تدفق المياه في نهر الفرات بنسبة تزيد على 50 في المائة في السنوات الأخيرة، بسبب السدود التي بنتها تركيا. وفي مناطق سيطرة الحكومة، تنقطع مياه الشبكة العامة عن السكان لأيام عدة، وفي أفضل الحالات تأتي بضع ساعات يومياً، وتتأثر بأزمة الطاقة الكهربائية المستمرة منذ سنوات.

وفي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، يعيش ملايين الأشخاص في ظروف معيشية قاسية، تتفاقم بسبب نقص المياه. وتؤكد منظمات تابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 5 ملايين شخص تضرروا من مشكلة نقص المياه في شمال سوريا، محذّرة من أن نقص المياه الصالحة للشرب يؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والتيفوئيد والإسهال.

والوضع في الشمال الشرقي مأساوي على نحو خاص، حيث تعرضت محافظة الحسكة، التي كانت توصف بأنها «سلّة غذاء سوريا»، لأزمة مياه قاسية. وتحوّلت مدينة الحسكة وقُراها ومخيمات النازحين فيها إلى منطقة منكوبة، بعد توقف الضخ من محطة مياه علوك لأكثر من 4 أشهر؛ بسبب النزاع المتعدد الأطراف في منطقة رأس العين. وتهدد أزمة المياه في سوريا الأمنَين الغذائي والصحي للبلاد، وقد ظهرت آثارها المدمّرة من خلال زيادة الأمراض المنقولة بالمياه وتدهور الإنتاج الزراعي.

أزمة مياه... وتاريخ من انعدام الثقة

يعود صراع تركيا وسوريا والعراق على مياه نهرَي دجلة والفرات إلى عقود خلت. فالبلدان الثلاثة لديها خطط مختلفة حول كيفية استخدام المياه. فبينما ترغب تركيا في بناء سدود على الأنهار لتوليد الطاقة الكهرمائية والسيطرة على الفيضانات، تريد سوريا استخدام المياه لأغراض الري، بينما يسعى العراق لضمان حصوله على ما يكفي من المياه لشعبه وزراعته.

عمال يسحبون الرمال من نهر دجلة بعدما انخفض منسوب المياه فيه (أ.ف.ب)

وفي أوائل السبعينات، بدأت تركيا في بناء سد «كيبان»، مما قلل من كمية المياه المتدفقة إلى سوريا والعراق. وأدى ذلك إلى توترات بين الدول الثلاث، التي لم تتمكّن من التوصل إلى اتفاق دائم حول كيفية تقاسم المياه. وفي عام 1987، وقّعت تركيا وسوريا على بروتوكول يضمن الحدّ الأدنى من تدفق المياه إلى سوريا، إلا أن تركيا تراجعت لاحقاً عن هذا الاتفاق. واستمرت الأزمة بعد بدء تركيا ملء سد «أتاتورك»، الذي أدى إلى انخفاض نسبة المياه المتدفقة إلى العراق وسوريا.

وتفاقمت أزمة المياه في سورية والعراق مع بدء تركيا تنفيذ مشروعها الضخم في جنوب شرقي الأناضول، الذي يهدف إلى تنمية المنطقة عبر بناء 22 سداً و19 محطة توليد طاقة مائية على نهرَي دجلة والفرات. وتسبب المشروع في إخراج 40 في المائة من أراضي حوض الفرات العراقية من الاستثمار الزراعي، وأثّر على ثلثي الأراضي الزراعية السورية المرويّة. ومن الواضح أن لهذا الصراع تأثيراً مدمّراً على شعوب المنطقة، ما لم تجد الدول الثلاث طريقة للتعاون وتقاسم المياه بطريقة عادلة ومنصفة. ومن التحديات التي تواجه حل هذا الصراع تبايُن احتياجات البلدان الثلاثة وأولوياتها المائية، وغياب الثقة، لا سيما تجاه تركيا صاحبة اليد العليا في السيطرة على منابع النهرين، وتصاعد الأزمة بسبب تغيُّر المناخ الذي يقلل التدفقات وينشر الجفاف.

صورة جوية تظهر التقاء نهرَي دجلة والفرات في البصرة (أ.ف.ب)

ورغم التحديات، فإن هناك بعض الحلول للوصول إلى تفاهمات حول مياه نهرَي دجلة والفرات، من بينها التوافق حول بناء مزيد من السدود والخزانات التي تحقق التنمية المستدامة في البلدان الثلاثة، والاستثمار في تدابير الحفاظ على المياه وكفاءتها، ووضع خطة إقليمية لإدارة المياه تعزز الثقة والتعاون. وقد تسهم الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي في الوصول إلى توافقات ترضي الجميع.


السلطات اليونانية تنشط لمواجهة الفيضانات بعد عاصفة جديدة

عمال يفتحون مجرى للصرف الصحي في شارع مركزي غمرته المياه في مدينة فولوس مع وصول العاصفة «إلياس» إلى المنطقة (رويترز)
عمال يفتحون مجرى للصرف الصحي في شارع مركزي غمرته المياه في مدينة فولوس مع وصول العاصفة «إلياس» إلى المنطقة (رويترز)
TT

السلطات اليونانية تنشط لمواجهة الفيضانات بعد عاصفة جديدة

عمال يفتحون مجرى للصرف الصحي في شارع مركزي غمرته المياه في مدينة فولوس مع وصول العاصفة «إلياس» إلى المنطقة (رويترز)
عمال يفتحون مجرى للصرف الصحي في شارع مركزي غمرته المياه في مدينة فولوس مع وصول العاصفة «إلياس» إلى المنطقة (رويترز)

ينشط كل من الجيش وعناصر الإطفاء وخدمات الحماية المدنية، الخميس؛ لمواجهة فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة اجتاحت وسط اليونان من جديد، بعد ثلاثة أسابيع على مرور العاصفة «دانيال» القاتلة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

منذ مساء الأربعاء، تضرب عاصفة جديدة سُميّت «إلياس» مدينة فولوس عاصمة مقاطعة مغنيسيا، وجزيرة يوبوا، وإقليم فثيوتيدا؛ ما أدى إلى فيضان أنهار، وانزلاقات تربة، وانهيار سدود، واجتياح المياه طرقاً ومنازل، وفقاً لعناصر الإطفاء.

وقالت أجهزة الإطفاء إنها ساعدت أكثر من 250 شخصاً في المنطقة المحيطة بمدينة فولوس في وسط البلاد بمعاونة الجيش واستخدم عناصرها قوارب مطاطية وسيارات خاصة للوصول إلى السكان المحاصرين.

جرّافة تزيل الطين من شارع غمرته المياه بعد أن ضربت العاصفة إلياس المنطقة في أغريا - وسط اليونان (أ.ف.ب)

وأفاد عناصر الإطفاء بسقوط مروحية خاصة صباح الخميس قبالة جزيرة يوبوا، بسبب سوء الأحوال الجوية، وما زالت عمليات البحث جارية للعثور على راكبَيها.

وانقطعت الكهرباء عن جزء كبير من مدينة فولوس وغمرت المياه أقساماً من المستشفى المحلي، على الرغم من استمرار تشغيله.

وقال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع مع كتلته البرلمانية اليمينية «تتجه أفكارنا اليوم إلى فولوس ويوبوا».

وتوقع المتحدث باسم عناصر الإطفاء، فاسيليوس فاثراكويانيس، عبر التلفزيون، أن تنحسر العاصفة مساء الخميس، مستنداً إلى الأرصاد الجوية، لكنه أكد أن «فرق الإنقاذ ستبقى في مواقعها».

وتتعافى فولوس التي تضم نحو 140 ألف نسمة بصعوبة بعد العاصفة «دانيال» التي ضربتها في بداية سبتمبر (أيلول) وتسببت بهطول أمطار غزيرة على ثيساليا، حيث يمتد سهل رئيسي في مجال الإنتاج الزراعي في اليونان، على مسافة نحو 400 كيلومتر شمال أثينا.

شخص يسير بجوار سيارة مدفونة جزئياً في الوحل بعد أن ضربت العاصفة «إلياس» المنطقة في أغريا (أ.ف.ب)

وحُرمت فولوس من المياه الصالحة للشرب لأكثر من أسبوعين في وقت سابق من هذا الشهر، ولم يتم إصلاح كل الأضرار التي لحقت بشبكة المرافق العامة فيها بعد.

وقالت إيليني كونستانتاتو التي تقطن في فولوس باستياء: «هذا الأسبوع أكملت السلطات تنظيف المناطق المتضررة (بسبب العاصفة «دانيال»)».

وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية: «بدأت الأمطار تهطل أمس (الأربعاء)، لكننا اعتقدنا أنها أمطار خفيفة، ولم نتوقع أن تغمر المياه المنطقة مرة أخرى... عدنا إلى المربع الأول».

وخلّفت العاصفة «دانيال» 17 قتيلاً في ثيساليا، ودمرت المحاصيل فيها، وقضت على عشرات آلاف الحيوانات في المزارع.

وبعد اليونان، ضربت «دانيال» ليبيا الأسبوع الماضي، وأسفرت عن مقتل 3875 شخصاً على الأقل.


هل يؤدي تحمّض المحيطات لاختفاء الطحالب ؟!

هل يؤدي تحمّض المحيطات لاختفاء الطحالب ؟!
TT

هل يؤدي تحمّض المحيطات لاختفاء الطحالب ؟!

هل يؤدي تحمّض المحيطات لاختفاء الطحالب ؟!

أوضحت مجموعة من الباحثين بشؤون البيئة بجامعة غوتنبرغ السويدية، أن تحمّض المحيطات يمكن أن يؤدي إلى اختفاء الطحالب. وأن اختفاءها قد يؤثر في المستقبل على حالة النظم البيئية الساحلية فيتغير محيط الكائنات البحرية، وذلك وفق ما أفادت مجلة «كارنت بايولوجي» العلمية.

فقد اكتشف العلماء أن الزيادة في حموضة المحيطات نتيجة لتغير المناخ ستؤدي إلى تسريع عملية إزالة الكالسيوم من سيقان الأعشاب البحرية المسماة «فوكس»، ما يجعلها أكثر هشاشة.

وأفاد الباحثون في دراستهم الجديدة «اكتشفنا أن عملية تحمض المحيط العالمي تؤثر على قوة وبنية سيقان الطحالب، ويمكن أن تؤثر بشكل جذري على حالة النظم البيئية الساحلية. إذ يمكن لهذه العمليات أن تقلل إلى حد بعيد من مساحة القعر المغطى بالنباتات، ما سيؤثر سلبا على الكائنات الحية الاخرى التي تستخدم الطحالب كمأوى ومصدر للغذاء».

وفي هذا الاطار، توقع فريق الدراسة الذي كان بقيادة البروفيسور هنريك بافيا الاستاذ بالجامعة، أثناء رصد كيفية استجابة الطحالب البنية من نوع Fucus vesiculosus لزيادة نسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الماء «أن تنشأ مثل هذه الظروف مع بداية القرن المقبل». ومن أجل ذلك قاموا بزراعة الطحالب في بيئة مماثلة، ثم قاموا بدراسة بنيتها.

وقد أظهرت الدراسة أن الزيادة الثلاثية بنسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الماء أدت إلى تغيرات كبيرة في حياة كائنات الفوكس، وكان بعضها ملحوظا بالعين المجردة. وعلى وجه الخصوص، وجد العلماء أن زيادة نسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون تزيد من كفاءة عملية التمثيل الضوئي وتسرّع نمو الكتلة الحيوية للفوكس، بالإضافة إلى زيادة مساحة سيقانها وتغيير بنيتها المجهرية بشكل خطير.

وقد أثرت هذه التغييرات المجهرية سلبا على بقاء النباتات، حيث أصبحت سيقان نبتات الفوكس أكثر هشاشة، ونتيجة لذلك بدأت تنخفض قدرتها على تحمل صدمات الموجات وغيرها من مظاهر الطبيعة. وكان ذلك ينطبق بشكل خاص على الطحالب التي تنمو في الأماكن المفتوحة، حيث انخفضت فرص بقائها على قيد الحياة إلى أكثر من النصف.

كما لاحظ العلماء أن مثل هذه التغييرات، مرتبطة بتحمض المحيط العالمي الذي يسرّع عملية إزالة الكالسيوم والمغنيسيوم من خلايا الفوكس.

جدير بالذكر، تلعب مركبات هذه العناصر الكيميائية دورا مهما في تكوين الألياف التي تشكل أساسا لسيقان الطحالب، لذا فإن نقصها يقلل من قوة سيقانها. وسيحدث شيء مماثل، حسب علماء البيئة، لطحالب أخرى، ما سيؤثر سلبا على بقائها في النظم البيئية الساحلية إذا لم يتم وقف تغير المناخ.


مساحة الجليد البحري القصوى في القطب الجنوبي في أدنى مستوياتها السنوية

كتل صغيرة من الجليد في مياه خليج فورنييه بالقطب الجنوبي (رويترز)
كتل صغيرة من الجليد في مياه خليج فورنييه بالقطب الجنوبي (رويترز)
TT

مساحة الجليد البحري القصوى في القطب الجنوبي في أدنى مستوياتها السنوية

كتل صغيرة من الجليد في مياه خليج فورنييه بالقطب الجنوبي (رويترز)
كتل صغيرة من الجليد في مياه خليج فورنييه بالقطب الجنوبي (رويترز)

يرجح أن يكون الجليد البحري المحيط بأنتاركتيكا سجل أدنى مساحة له في ذروة موسم الشتاء هذه السنة منذ بدء تدوين البيانات، كما أعلن المركز الأميركي لبيانات الثلج والجليد.

في العادة، يذوب الجليد البحري في القطب الجنوبي خلال الصيف، ليتجدد في فصل الشتاء الذي وصل إلى نهاياته في نصف الكرة الجنوبي.

وفي 10 سبتمبر (أيلول) «وصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى حد أقصى سنوي مقداره 16,96 مليون كيلومتر مربع»، وفق ما كتب المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد (NSIDC)، مشيراً إلى أن «هذا أدنى حد أقصى للجليد البحري في السجلات من عام 1979 إلى 2023، وبفارق شاسع».

والحد الأقصى الذي سُجل هذا العام هو 1,03 مليون كيلومتر مربع أقل من المستوى القياسي السابق، أي ما يقرب من ضعف مساحة فرنسا.

في فبراير (شباط)، في عزّ الصيف الجنوبي، وصل الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى مستوى منخفض، وبلغ حده الأدنى 1,79 مليون كيلومتر مربع، وهو مستوى قياسي في الذوبان، بحسب مركز NSIDC.

وفي وقت لاحق، عاد الجليد البحري ليتشكّل لكن بوتيرة بطيئة بصورة غير عادية، رغم حلول فصل الشتاء.

وفي القطب الشمالي، حيث ينتهي الصيف، وصل الجليد البحري أيضاً إلى أدنى مستوى له خلال العام، عند 4,23 مليون كيلومتر مربع، بحسب ما أعلن مركز NSIDC. وهذا سادس أدنى مستوى منذ بدء تسجيل البيانات قبل 45 عاماً.

لعقود عدة، ظل الجليد البحري في القطب الجنوبي مستقراً، أو حتى توسع قليلاً.

لكن «منذ أغسطس (آب) 2016، اتخذ الاتجاه المتعلق بمدى الجليد البحري في القطب الجنوبي منعطفاً حاداً نحو الانخفاض، خلال كل شهر تقريباً» من العام، وفق NSIDC.

كاسحتا جليد صينيتان في القطب الجنوبي (أ.ف.ب)

وقال والت ماير، المتخصص في الجليد البحري في NSIDC، «حُطم الرقم القياسي لتراجع الجليد البحري... يبدو أن نمو الجليد منخفض في جميع أنحاء القارة بأكملها تقريباً وليس في منطقة واحدة فقط».

وهذا التفسير موضوع نقاش بين العلماء، الذين يترددون في إقامة صلة رسمية مع الاحترار المناخي، بعدما تجنب واضعو النماذج المناخية في الماضي توقع التغيرات في الجليد البحري في القطب الجنوبي.

لكن الاتجاه المسجل منذ عام 2016 يبدو الآن «مرتبطا بارتفاع درجة حرارة الطبقة العليا من المحيط»، حسبما كتب المرصد الأميركي الذي تحدث عن «قلق من أن هذا الأمر قد يكون بداية لاتجاه طويل الأمد لتراجع الجليد البحري في القطب الجنوبي مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات على مستوى العالم».

وليس لذوبان الجليد البحري تأثير فوري على مستويات سطح البحر، لأنه يتشكل عن طريق تجميد المياه المالحة الموجودة أساساً في المحيط.

لكن الجليد الأبيض يعكس أشعة الشمس أكثر من المحيط الداكن، وبالتالي فإن فقدانه يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي.

كما أن فقدان الجليد البحري يعرّض سواحل القارة القطبية الجنوبية لمزيد من الأمواج، ما قد يزعزع استقرار الغطاء الجليدي الذي يتكون من المياه العذبة. وسيؤدي ذوبانه إلى ارتفاع كارثي في مستويات المحيطات.

ولذوبان الجليد البحري في القطب الجنوبي بالفعل تأثير كارثي على الحياة البرية، خصوصاً على طيور البطريق الإمبراطور، وفق دراسة نُشرت في أغسطس في المجلة العلمية «كومونيكيشنز: إيرث أند إنفايرومنت».

من بين خمس مناطق تعيش فيها هذه الطيور التي رُصدت في منطقة بحر بيلينغسهاوزن، عانت جميعها، باستثناء واحدة، من فقدان كارثي بنسبة 100% لصغارها، التي غرقت أو تجمدت حتى الموت عندما انهار الجليد تحت أقدامها الصغيرة بسبب الذوبان المبكر للطوف الجليدي في عز موسم التكاثر.

وقال المعد الرئيسي بيتر فريتويل، الباحث في هيئة المسح البريطانية للقارة القطبية الجنوبية، لوكالة الصحافة الفرنسية «كنا نتوقع ذلك منذ بعض الوقت، لكن رؤية ذلك على أرض الواقع أمر مأسوي».


«وكالة الطاقة»: حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية لا يزال ممكناً

أشجار محترقة بعد حريق الغابات في جبل ويسون في الجبال الزرقاء (أ.ف.ب)
أشجار محترقة بعد حريق الغابات في جبل ويسون في الجبال الزرقاء (أ.ف.ب)
TT

«وكالة الطاقة»: حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية لا يزال ممكناً

أشجار محترقة بعد حريق الغابات في جبل ويسون في الجبال الزرقاء (أ.ف.ب)
أشجار محترقة بعد حريق الغابات في جبل ويسون في الجبال الزرقاء (أ.ف.ب)

رأت «الوكالة الدولية للطاقة» في تقرير جديد اليوم (الثلاثاء)، أن الازدهار السريع للطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية في السنتين الأخيرتين يسمح بالمحافظة على أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ طموحا والمتمثل بحصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت الوكالة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إن «قطاع الطاقة يتطور أسرع مما يظن كثيرون لكن لا يزال أمامنا عمل كثير والوقت يداهم»، داعية الدول إلى تسريع جهودها وتعزيز سياساتها العامة لاحتواء الاحترار العالمي بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.

وفي هذا الصدد رأت «الوكالة الدولية للطاقة» أن على كل الدول تقريبا تسريع وتيرة تحقيق الحياد الكربوني داعية «الدول الغنية» إلى تقديم هذا الهدف إلى 2045 والصين إلى 2050.

ودعت الوكالة في تحديث لخريطة الطريق حول الحياد الكربوني إلى أن هذا التسريع يقوم على تقديم موعد تحقيق الحياد الكربوني في غالبية الدولة المتطورة، خمس سنوات إلى العام 2045 مشددة على أن ذلك ضروري لحصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية.

ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان.

في المقابل، رأت الوكالة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن على الصين أن تسرع تحقيق هذا الهدف بعشر سنوات ليصبح واقعا في 2050.

وأكدت الوكالة أن «العالم قد أخر لفترة طويلة اتخاذ القرار لتجنب الخيارات الصعبة».


التغير المناخي يساهم في الهجرة... لكن أهم تبعاته النزوح الداخلي

ناشطون بيئيون حلال تجمّع في سيول للتذكير بأخطار التغيّر المناخي (إ.ب.أ)
ناشطون بيئيون حلال تجمّع في سيول للتذكير بأخطار التغيّر المناخي (إ.ب.أ)
TT

التغير المناخي يساهم في الهجرة... لكن أهم تبعاته النزوح الداخلي

ناشطون بيئيون حلال تجمّع في سيول للتذكير بأخطار التغيّر المناخي (إ.ب.أ)
ناشطون بيئيون حلال تجمّع في سيول للتذكير بأخطار التغيّر المناخي (إ.ب.أ)

هل يصبح المناخ الدافع الرئيسي للهجرة في المستقبل؟

من المؤكّد أن التغير المناخي هو حاليا من العوامل التي تقف وراء النزوح السكاني في العالم، إلا أنه نادرا ما يبرر وحده حركات الهجرة، لا بل قد يساهم في وقفها، برأي خبراء.

هذا ما كان موضع إجماع بين عدد من الخبراء الفرنسيين والدوليين جمعهم «معهد تقارب الهجرات» Institut convergence migrations الجمعة في ضاحية باريس، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

واتفق الاختصاصيون خلال يوم علميّ نظّم حول هذه المسألة، على رفض التوقعات المقلقة الصادرة عن بعض المنظمات، مثل البنك الدولي الذي حذر من أن تبعات التغير المناخي ستدفع أكثر من 200 مليون شخص إلى الهجرة بحلول العام عام 2050.

وثمة اختلاف حول هذه المسألة وحول الأفق المحدد مستقبلا.

وقال فرنسوا جيمين اختصاصي الهجرة والعضو في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة، إن «الهجرة المناخية تقدّم بصورة منهجية على أنها ظاهرة مستقبلية. هذا يحجب واقع أن هناك منذ الآن ملايين النازحين نتيجة كوارث مناخية أو التبعات البطيئة الظهور للتغير المناخي».

ومعظم هؤلاء النازحين لا يغادرون دولا فقيرة للانتقال إلى دول غربية، بل هم في غالب الأحيان نازحون داخل بلدانهم.

ومن بين 60 مليون «نازح داخلي» أحصاهم في 31 ديسمير (كانون الأول) 2022 المركز الدولي لمراقبة النزوح الذي تعتبر أرقامه مرجعية، نزح 32,6 مليون شخص بسبب حوادث طبيعية، ربعهم بسبب الفيضانات في باكستان وأكثر من مليون منهم بسبب موجات الجفاف في الصومال.

وتظهر هذه الأرقام برأي أستاذ الجيوسياسة البيئية في معهد العلوم السياسية في باريس أن «عدد النازحين الداخليين بسبب الكوارث الطبيعية يفوق عدد النازحين الداخليين بسبب النزاعات أو أعمال العنف».

لكن فرنسوا جيمين رأى أن من الصعب عزل العامل المناخي في حركات الهجرة عبر العالم، موضحا أن «البيئة تؤثر على قرار الهجرة وتجتمع مع مختلف العوامل التي تدفع على الرحيل».

وقال «حين يتبين أن 70% من الأسر في دول الساحل وحدها تعتمد على زراعة الكفاف التي تبقى إلى حد بعيد رهن التغيرات في معدل هطول الأمطار أو في درجات الحرارة، فمن المؤكد عندها أن لتدهور البيئة وطأة مباشرة على موارد العائلات. وفي هذه الحالات، تكون العوامل الاقتصادية والمناخية للهجرة هي ذاتها إلى حد ما».

وأشار إلى أن «مهاجرين مناخيين كما يصنّفون» قد يكونون من بين الأشخاص الذين وصلوا مؤخرا إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.

سد تيركوس خارج إسطنبول وقد خلا من المياه بعد تراجع كمية المتساقطات (رويترز)

لاجئ مناخي؟

من جهته، اعتبر عالم الجغرافيا إتيان بيغيه من جامعة نوشاتيل السويسرية أنه «لن يحصل تدفق مهاجرين مناخيين» على أوروبا، متوقعا أن يكون القسم الأكبر من المهاجرين نازحين داخليين أو بين دول الجنوب.

وهذا ما يجعل هذه البلدان نفسها تنضم إلى موقف الغربيين في عدم تأييدها استحداث وضع «لاجئ مناخي»، وهو مفهوم طرح قبل بضع سنوات غير أنه استبعد على المستوى الدولي، ليبقى وضع اللجوء على ارتباط بالاضطهاد السياسي.

ورأى خبير الديموغرافيا فرنسوا إيران المشرف على دراسات الهجرة في معهد كوليج دو فرانس، أن الهجرة في الوقت الحاضر هي شكل من أشكال التكيّف مع التغير المناخي، يعطي نتائج متباينة.

وقال «إذا حل الجفاف ببلد، فهو يقلص موارد الأفراد، ما يحدّ من إمكان الهجرة».

وأكدت الخبيرة الاقتصادية كاتي ميلوك أن «ارتفاع درجات الحرارة في الدول الأكثر فقرا يميل إلى الحد من الهجرة الدولية» ويدفع الأشخاص المعنيين بظاهرة الهجرة إلى النزوح بالأحرى داخل بلادهم.

وأقرت الخبيرة بعدم وجود إجماع علمي في الوقت الحاضر حول العلاقة السببية بين الهجرة والتغير المناخي.

وهذا ما يجعل النقاش حول وضع اللاجئ المناخي مضللا برأي بيغيه الذي يوضح أنه في ضوء تعدد الأسباب خلف هذه الظاهرة إذ يتداخل المناخ تدريجيا مع النزاعات والفقر، فمن الأجدى طرح فكرة «لاجئ للنجاة».