التغير المناخي يفاقم خطورة تسلق جبال الألب

سيدة تمشي في غابة بالقرب من شاتو دي أويكس في بريلبس غرب سويسرا
سيدة تمشي في غابة بالقرب من شاتو دي أويكس في بريلبس غرب سويسرا
TT

التغير المناخي يفاقم خطورة تسلق جبال الألب

سيدة تمشي في غابة بالقرب من شاتو دي أويكس في بريلبس غرب سويسرا
سيدة تمشي في غابة بالقرب من شاتو دي أويكس في بريلبس غرب سويسرا

يحذر العلماء من أن تسلق جبال الألب والتجول بينها أصبح أكثر خطورة بسبب التغير المناخي، حيث أن هيكل القمم تعرض للتغيير بسبب أنماط الطقس المتغيرة.

وقال رولف ساجسر، رئيس التدريب والسلامة خلال فصل الصيف في نادي الألب السويسري لوكالة الأنباء الألمانية: «الخطر في الجبال يتصاعد، ولا شك في ذلك».

ويشار إلى أن الأشخاص أصبحوا حريصين أكثر من ذي قبل على الاستمتاع بالأماكن المفتوحة منذ جائحة «كورونا»، ولكن الحذر مطلوب. ويقول ساجسر، الذي يقوم بإرشاد المتسلقين في الجبال منذ نحو 40 عاماً: «هناك أمر وحيد يمكن أن يساعد: وهو أن يعمل المرء على تكييف سلوكه»، مضيفاً أن «الجبال تقدم مساحة كبيرة، ويمكن للمرء أن يتجنب الأماكن الخطرة».

أشخاص يسيرون في «بحر الجليد» في شاموني مونت بلانك بجبال الألب الفرنسية (أ.ف.ب)

ويقول مرشدو متسلقي الجبال في النمسا، إنه في ظل الخطورة الأكبر، تتزايد الحاجة لتنظيم جولات تخضع لإرشاد متخصص.

وقال ولفجانغ روسيجير رئيس رابطة المرشدين في الجبال في مدينة سالزبورج إنه يمكن أن يكون من الصعب العثور على مرشد متخصص في ظل الموسم الحالي المزدحم. ويضيف: «بعض الأشخاص يريدون رؤية نهر جليدي قبل أن تختفي جميع الأنهار الجليدية».

ويوضح روسيغير أن الجولات لرؤية الأنهار الجليدية أصبحت أكثر صعوبة من ذي قبل لأن التغير المناخي أدى لحدوث مزيد من التصدعات، التي تعد شقوقاً عميقة للغاية في الثلج الكثيف.

صورة من طائرة جوية فوق جبال الألب (د.ب.أ)

كما تفاقمت أيضاً خطورة هبوط أمطار رعدية وهطول أمطار غزيرة.

وعلاوة على ذلك، لم يعد يتم استخدام بعض المسارات. ويقول روسيغير: «الكثير من الأشخاص ليس لديهم المعرفة أو الوقت للإعداد لجولات أطول مسافة والتعرف على المخاطر».

وأبرز مثال على هذه المخاطر الجديدة هو الانهيار الأرضي الذي وقع في جبل فلوشثورن في ولاية تيرول النمساوية في يونيو (حزيران) الماضي، عندما انهارت قمة بأكملها، وتحطمت كتل ضخمة من الصخور، نحو مليون متر مكعب، أي ما يعادل حمولة نحو 120 ألف شاحنة.

نهر سارين تحت السحب الكثيفة بالقرب من شاتو دوكس في جبال الألب غرب سويسرا (أ.ف.ب)

ويعتقد أن تدفق الصخور نجم عن ذوبان التربة الصقيعية - التي تمثل الثلج الموجود في الصخور. ويقول عالم الجيولوجيا توماس فيجل: «الثلج هو الغراء الذي يربط الجبال، هذا الغراء يتآكل ببطء الآن».

وأصابت الصور الكثيرين بالصدمة، مما دفع عدداً كبيراً من الأشخاص للسعي للحصول على خدمات 1400 مرشد لتسلق الجبال في النمسا، ابتداءً من الأسر الذين معهم أطفال إلى متسلقي الجبال الطموحين.

ويقوم الكثيرون بحجز جولات تمتد لعدة أيام، حيث يحصل المرشد في النمسا على نحو 540 يورو (592 دولاراً) في اليوم. ومن بين السائحين الذين يأتون لمنطقة الجبال الأشخاص الذين يسعون للفوز بالشهرة على تطبيق «إنستغرام».

ومن بين المناطق الأكثر شعبية التي يتدفق إليها السائحون لالتقاط صور السلم الطويل الذي يكاد يصل للسماء على جبل دونير كوجيل. ويقول روسيغير: «البعض يشعر بالمفاجأة لاضطرارهم لتسلق فيا فيراتا لعدة ساعات للوصول للجبل». ويعد «فيا فيراتا» طريق تسلق محمي في الجبال يضم كابلات صلب وسلالم مثبتة بالصخرة التي يثبت بها المتسلقون حزاماً لسلامتهم.

«كهف الجليد» في جبال الألب الفرنسية (أ.ف.ب)

ويشار إلى أن الطلب على الجولات بين الجبال يمكن أن يرتفع خلال الأعوام المقبلة، في حين أن عدد المرشدين يتناقص في ظل بلوغ الكثير من المرشدين من أصحاب الخبرة سن التقاعد. ويوضح روسيغير أن العثور على مرشدين جدد ليس بالأمر السهل.

وأضاف: «ما يلزم هو العثور على أشخاص يستطيعون بالفعل القيام بالتسلق والتزحلق في جبال الألب على نحو جيد تماماً، وذلك قبل أن يخضعوا لتدريب لمدة ثلاثة أعوام»، موضحاً: «ولكن الكثير من الرياضيين الشباب يمكنهم القيام بمهمة واحدة وليس كل المهام».

وتقدم عدد قليل للغاية من النساء لهذه الوظيفة، ولكن خفض العقبات ليس خياراً، حيث إن السائحين في حاجة للاعتماد على حقيقة أن مرشدهم شخص مدرب تدريباً فائقاً.

وترصد رابطة المرشدين السويسريين في الجبال مزيداً من التغيرات في هذا المجال. ويقول بيير ماثي، أحد المسؤولين بالرابطة لـوكالة الأنباء الألمانية: «لا يوجد في الحقيقة الكثير من الأشخاص الذين يلجأون للمرشدين في الجبال، ولكن الطلبات أصبحت أكثر تنوعاً».

ويحجز عدد أقل من الأشخاص مرشدين من أجل الصعود لقمم يبلغ ارتفاعها 3 آلاف أو 4 آلاف متر، ولكن الكثيرين يريدون مرشدين من أجل القمم الأكثر شهرة التي تتجاوز ارتفاعها 4 آلاف متر.

وإجمالاً، هناك عدد أقل من متسلقي الجبال وعدد أكبر ممن يقومون بالتجول بين الجبال. ويوضح ماثي أن هناك 1550 مرشداً يعملون في سويسرا، بينهم 43 سيدة.

ويقول ساغسر: «هناك جولات كنا نقوم بها في الماضي من دون أي مشاكل، ولكن الآن توجد منحدرات صخرية بها صخور يبلغ حجمها حجم المنازل». وأضاف: «كانت المنحدرات في السابق تكسوها الثلوج. كما أن هناك جولات لم يعد يمكن القيام بها حالياً. هذه سوف تكون بمثابة كمائن موت في ذروة فصل الصيف».

ولم يعد من الممكن القيام ببعض الجولات في القمم الأعلى ارتفاعاً في بعض جبال الألب في يوليو (تموز) أو أغسطس (آب)، ويمكن القيام بها فقط خلال شهري مايو (أيار) ويونيو، عندما يكون الطقس أكثر برودة.

ويشير ساجسر إلى أن حقول الثلج التي كانت موجودة في السابق اختفت تقريباً اليوم. وقال: «الآن يمكن أن تقوم عملياً بالجولة خلال شهور الشتاء وحتى الربيع فقط».


مقالات ذات صلة

انهيار جليدي يودي بحياة شخصين في جبال الألب الفرنسية

أوروبا رجال إنقاذ يشاركون في عملية بحث وإنقاذ لضحايا انهيار جليدي في منتجع "لي دو زالب" (Les Deux Alpes) للتزلج في جبال الألب، بجنوب شرق فرنسا (أ.ف.ب)

انهيار جليدي يودي بحياة شخصين في جبال الألب الفرنسية

لقي اثنان من المتزلجين حتفهما وأُصيب آخر ونجا 5 أشخاص عندما حوصروا في انهيار جليدي عند سفح جبل مون بلان في جبال الألب الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ذوبان الأنهار الجليدية في الألب يكشف عن كنوز مطمورة منذ آلاف السنوات

ذوبان الأنهار الجليدية في الألب يكشف عن كنوز مطمورة منذ آلاف السنوات

يتيح ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الألب لعلماء الآثار اكتشاف أدوات يدوية الصنع كان الجليد يغطّيها ويحفظ أسرارها منذ عشرة آلاف سنة تقريباً. ولا شكّ في أن الباحثين لا يستحسنون تداعيات الاحترار المناخي، غير أنه يوفّر «فرصة» لهم لسدّ ثغرات كبيرة في فهم نمط الحياة الريفية قبل آلاف السنوات، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. ويقول مارسيل كورنيليسن الذي قاد البعثة الموفدة إلى موقع يعود للعصر الحجري المتوسط بالقرب من نهر برونيفرم الجليدي في كانتون أوري في شرق سويسرا: «نتوصل إلى اكتشافات مذهلة تفتح لنا باباً على شقّ من علم الآثار ليس في وسعنا النفاذ إليه عادة». وحتّى التسعينات، كان يسود اعتقاد بأن

«الشرق الأوسط» (برن)

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)
حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)
TT

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)
حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)

قررت فنلندا البدء في طمر الوقود النووي المستنفد في أول مقبرة جيولوجية بالعالم، حيث سيتم تخزينه لمدة 100 ألف عام، بحسب شبكة «سي إن بي سي».

حاز المشروع الرائد الترحيب باعتباره لحظة فاصلة للاستدامة طويلة الأجل للطاقة النووية و«نموذجاً للعالم بأسره».

وفي مرحلة ما إما في العام المقبل أو في أوائل عام 2026، ستتم تعبئة الوقود النووي المستنفد عالي الإشعاع في عبوات محكمة الغلق وإيداعه في صخور تحت الأرض على عمق أكثر من 400 متر تحت غابات جنوب غرب فنلندا.

سيتم عزل العبوات النحاسية المتينة وفصلها عن البشر وإبقاؤها تحت الأرض لآلاف السنين.

«أونكالو»، وهو الاسم التجاري للمنشأة، هي الكلمة الفنلندية للكهف الصغير أو الحفرة. وهو اسم مناسب للمستودع الذي يقع فوق شبكة من الأنفاق بجوار ثلاثة مفاعلات نووية في جزيرة أولكيلوتو، على بعد نحو 240 كيلومتراً من العاصمة هلسنكي.

تأسست شركة «بوسيفا» في عام 1995، وهي مكلفة مسؤولية التعامل مع عملية التخلص النهائي من الوقود النووي المستهلك.

قال باسي توهيما، مسؤول التواصل في «بوسيفا»، لشبكة «سي إن بي سي»: «في الأساس، يتمثل مشروع (أونكالو) في بناء منشأة للتخلص من الوقود المستنفد. وهذا ليس حلاً مؤقتاً، بل هو للأبد».

وأوضح توهيما أن منشأة التخلص الجيولوجي الأولى من نوعها حظيت باهتمام كبير من جانب الجهات الفاعلة في الصناعة، مستشهداً بما وصفه بـ«النهضة» النووية في السنوات الأخيرة وأزمة الطاقة التي عصفت بأوروبا وأجزاء من آسيا من منتصف عام 2021 حتى أواخر عام 2022. وأضاف: «إن إيجاد حل للتخلص النهائي من الوقود المستهلك كان بمثابة الجزء المفقود من دورة الحياة المستدامة للطاقة النووية».

وقد أثار مشروع «أونكالو» جدلاً حول ما إذا كان بإمكان أي شخص ضمان السلامة طويلة الأجل للنفايات النووية المستهلكة، ومدى استخدام الطاقة النووية في مكافحة أزمة المناخ.

توفر الطاقة النووية حالياً نحو 9 في المائة من كهرباء العالم، وفقاً للجمعية النووية العالمية.

ونظراً لأنها منخفضة الكربون، يزعم المدافعون أن الطاقة النووية لديها القدرة على تأدية دور مهم في مساعدة البلدان على توليد الكهرباء، مع خفض الانبعاثات والحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري.

ومع ذلك، تقول بعض الجماعات البيئية إن الصناعة النووية تشكل خياراً مكلفاً وضاراً للبدائل الأرخص والأنظف.