المبعوث الأميركي للمناخ: الأرض لا يمكنها تحمل عشرة مليارات من البشر

المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي في 3 مارس 2023 (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي في 3 مارس 2023 (أ.ف.ب)
TT

المبعوث الأميركي للمناخ: الأرض لا يمكنها تحمل عشرة مليارات من البشر

المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي في 3 مارس 2023 (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي في 3 مارس 2023 (أ.ف.ب)

اعتبر مبعوث الولايات المتحدة الخاص للمناخ جون كيري أن النمو السكاني العالمي ليس مستداماً مع توقع بلوغ عدد البشر عشرة مليارات عام 2050.

منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، تجاوز عدد سكان الأرض رسميا 8 مليارات، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عدده في عام 1950. وفيما تهدد احتياجات الغذاء والطاقة موارد الكوكب ومناخه، ينتظر أن يقترب العدد من عشرة مليارات نسمة (9,7 مليار) في منتصف القرن، وفق توقعات الأمم المتحدة.

وقال جون كيري في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء في أوسلو: «أنا شخصيا لا أعتقد أن ذلك مستدام... علينا معرفة كيفية التعامل مع قضية الاستدامة وعدد الأشخاص الذين يتعين علينا الاعتناء بهم على الكوكب».

ارتفعت درجة حرارة الأرض بنحو 1,2 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الصناعة، ما يترك مجالاً ضئيلاً للغاية لتحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من الاحترار إلى 1,5 درجة مئوية.

ومجرد إطعام 8 مليارات شخص حاليا يولد أكثر من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسؤولة عن تغير المناخ: حوالي 40 في المائة بسبب تربية الماشية ونفايات الطعام، والباقي مرتبط بإنتاج الأرز واستخدام الأسمدة وتحويل الأراضي وإزالة الغابات.

ويعقّد تغير المناخ بدوره إنتاج الغذاء من خلال الجفاف والفيضانات وغير ذلك من الظواهر المناخية المتطرفة.

وقال جون كيري: «لقد زرت عددا من البلدان الأفريقية، حيث يفخرون جدا بارتفاع معدلات المواليد لديهم، لكن الحقيقة هي أن هذا ليس مستداما اليوم، ناهيك عنه في المستقبل».

وأضاف كيري البالغ 79 عاما «لا أدعو إلى تقليل عدد السكان. أعتقد أن علينا احترام الحياة لكن يمكننا القيام بذلك بشكل أفضل من نواح كثيرة».

لا إملاءات

جزء من جهود المناخ ينطوي على تغيير العادات مثل تجنّب السفر الجوي، واستهلاك كميات أقل من اللحوم، وتحسين عزل المنازل.

وفق تقرير نشرته وكالة البيئة النرويجية الجمعة، يمكن خفض انبعاثات هذا البلد بمقدار 4,5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون خلال الفترة بين 2024 - 2030 إذا احترم السكان البالغ عددهم 5,5 مليون نسمة التوصيات الغذائية. ومن العوامل الرئيسية الالتزام بتناول أقل من 500 غرام من اللحوم الحمراء أسبوعيا.

رغم تحذير الباحثين من الاستنزاف الحاد للموارد جراء النموذج الغذائي السائد في دول مثل البرازيل والولايات المتحدة، يرفض كيري دعوة مواطنيه للتخفيف من تناول شرائح الهامبرغر.

وقال المسؤول الأميركي في هذا الصدد: «أعتقد أن الأمر متروك للناس ليختاروا بأنفسهم... لكن ما أوصي به هو تغيير ممارساتنا في كيفية إطعام الماشية».

وأضاف «هناك العديد من التقنيات الجديدة وممارسات الزراعة المتجددة اليوم: يمكن إنتاج جميع أنواع المواد الزراعية بأقل قدر من الأضرار للأرض واستهلاك أقل للموارد».

ويرفض وزير الخارجية الأسبق إبان رئاسة باراك أوباما، والمرشح المهزوم في انتخابات 2004 الرئاسية ضد جورج بوش الابن، التغييرات اليومية التي يتم إملاؤها من السلطات.

وقال: «لا أعتقد أنه يتعين طلب تضحيات في أسلوب الحياة من أجل تحقيق ما يجب تحقيقه».

وتابع «يمكننا اتباع أسلوب حياة أفضل، وتناول طعام أفضل، وإطعام مزيد من الناس إذا توقفنا عن إهدار كثير من الطعام. هناك كثير من الخيارات المتاحة دون الحاجة إلى القول: سنجبركم على فعل شيء ما».


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
بيئة من أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل (رويترز)

منظمتان غير حكوميتين تقاضيان الاتحاد الأوروبي بسبب أهدافه البيئية

قررت منظمتان بيئيتان رفع دعوى قضائية ضد المفوضية الأوروبية لأنها حددت أهدافاً مناخية «غير كافية» للدول الأعضاء في انتهاك لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس المناخي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
يوميات الشرق الجزيئات النانوية الذكية تتمتع بخصائص فريدة لامتصاص الغازات الدفيئة وتخزينها (بي بي سي)

تقنية واعدة للحد من الاحتباس الحراري

طوّرت شركة لتكنولوجيا المناخ بالمملكة المتحدة جزيئات نانوية ذكية يمكن «برمجتها» لامتصاص الغازات الدفيئة وتخزينها، بهدف الحد من تأثيرات تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الثلج متنفَّس أيضاً (أ.ف.ب)

مدريد تتيح التزلُّج على وَقْع الصيف الحارق

فيما تتجاوز الحرارة في مدريد 30 درجة، يرتدي عدد من رواد منتجع التزلّج الداخلي «سنوزون» بزات التزلّج وينتعلون الأحذية الخاصة ويضعون القفازات، متجاهلين قيظ الصيف.

«الشرق الأوسط» (أرويومولينوس إسبانيا)
يوميات الشرق يتميّز الجل الجديد بأنه آمن وغير سام (جامعة ستانفورد)

جِل يحمي المباني من حرائق الغابات المتاخمة

طوّر باحثون في جامعة «ستانفورد» الأميركية جلاً مائياً جديداً يمكنه أن يُحدث ثورة في مجال حماية المباني خلال حرائق الغابات المتاخمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
TT

اليونان تختبر زراعة الفواكه الاستوائية المقاوِمة للتغير المناخي

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)
المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز تجربة تتمثل في زرع أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان، تنبت في آسيا أو سواها عادةً، وهي أكثر مقاومة للتغير المناخي الذي يؤثر بشدة على اليونان ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.

ومن هذه الفاكهة المانجو والأفوكادو والليتشي والشيريمويا والمكاديميا.

بدا المُزارع بانوس أداموبولوس سعيداً وهو يتفحص ثمار المانجو التي دنا وقت قطافها في مزرعته في جنوب غرب اليونان، مع أنها من الفواكه التي لا تُزرع في اليونان الشهيرة بكروم الزيتون.

لكنّ هذه الفواكه الآسيوية المنشأ هي ثمرة تجربة علمية تُجرى في شبه جزيرة البيلوبونيز، التي تضم مساحات قاحلة.

وتتمثل هذه التجربة في زراعة أنواع من الفواكه لا تنبت عادةً في هذه المنطقة حيث تشتد درجات الحرارة في الصيف وتكون أقرب إلى الاعتدال في بقية أيام السنة.

ولاحظ بانوس أداموبولوس (38 عاماً)، المقيم في كيباريسيا، أن «الشتاء لم يعد موجوداً»، فالأمطار لم تهطل منذ مارس (آذار) الفائت على أرضه، و«لا نبات من دون ماء». علماً بأن معظم دخله يتأتى من خسّ الآيسبرغ الذي يحتاج إلى الكثير من مياه الري.

المزارع اليوناني ثيودوروس ديميتراكاكيس يتفقد محصوله من فاكهة ليتشي في اليونان (أ.ف.ب)

وتوقّع المزارع أن يضطر قريباً إلى التخلي عن بعض المزروعات، مثل البطيخ.

وأكّد أداموبولوس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه مهتم بزراعة الفواكه الغريبة المنشأ «الأكثر مقاومة» للظروف الجوية المستجدة.

وقد نبتت في حقله بالفعل بضعة أشجار مانجو وأفوكادو لا تزال قليلة جداً نسبياً في أرضه الممتدة مساحتها على 80 هكتاراً. ويعتزم بانوس أداموبولوس زرعَ 300 شجرة أخرى، ويفتخر بأنه تلقى بالفعل طلبيات لشراء محاصيل حصاده الأول المتوقع خلال هذا الشهر.

«إنقاذ» الزراعة

وأوضحت الباحثة في منظمة «ديميتر» الزراعية اليونانية التي تُجري الدراسة، تيريزا تزاتزاني، أن الهدف منها «إيجاد طرق للتعامل مع التغير المناخي واستخدامه» لصالح الزراعة.

وشرحت الخبيرة أن «العام بأكمله أصبح أشد سخونة، وهو ما يناسب هذه النباتات». وتحتاج أشجار المانجو خصوصاً إلى كمية قليلة من الأمطار. وكان فصلا الشتاء الأخيران شديدَي الجفاف بالفعل، وفقاً لتيريزا تزاتزاني.

لقطة عامة لحقل يجري فيه تجربة زراعة أنواع من الفواكه غير مألوفة في اليونان (أ.ف.ب)

ومع أن أشجار الأفوكادو كانت أصلاً تنمو في كريت، وهي جزيرة كبيرة تقع إلى الجنوب، إلا أن العلماء لم يكونوا واثقين من قدرتها على التكيف مع ظروف البر الرئيسي لليونان.

وتمكّن بعض المنتجين من زراعتها بكميات صغيرة في البيلوبونيز، لكنّ البرنامج يهدف إلى معرفة ما إذا كانت هذه المزروعات قابلة للحياة وزراعتها مجدية على نطاق واسع، على ما أوضح مدير الاقتصاد الزراعي في منطقة تريفيليا أنتونيس، باراسكيفوبولوس.

ويعرب باراسكيفوبولوس عن خشيته من أن يكون هذا النوع من الابتكار ضرورياً «لإنقاذ» القطاع من «الكوارث المناخية» المستقبلية، داعياً إلى استثمارات أوروبية.

«مكمّل»

ومع ذلك، لا يستطيع الحلّ المتمثل في زرع الفواكه الاستوائية تحقيق المعجزات. ولا يضم البرنامج راهناً سوى نحو عشرة مزارعين، وتقتصر مساحته المزروعة على عشرة هكتارات.

وليس المقصود منه أن تكون هذه الفواكه بديلاً من المنتجات الرئيسية، مثل الزيتون أو البرتقال، ولكنها يمكن أن تكون بمثابة «مكمّل» لها، على ما شرحت تيريزا تزاتزاني التي تعتزم توسيع التجربة لتشمل مناطق يونانية جديدة.

المُزارع اليوناني بانوس أداموبولوس يحمل طفله ويتفقد شجرة الأفوكادو في حقله باليونان (أ.ف.ب)

وتعاني دول مجاورة المشكلة نفسها. ففي إيطاليا، بدأ المزارعون في صقلية مثلاً بإنتاج المانجو والموز والبابايا.

وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو أحد «البؤر الساخنة» للتغير المناخي، سيشهد المزيد من موجات الحر والجفاف المتكررة.

وشهدت اليونان هذه السنة شهر يوليو (تموز) الأكثر حراً على الإطلاق وفقاً لبيانات الطقس الأولية الصادرة عن المرصد الوطني، بعد أن سجل يونيو (حزيران) أيضاً رقماً قياسياً.

ربحية

ورأى ثيودوروس ديميتراكاكيس، وهو مزارع يوناني آخر مشارك في التجربة، أن الأمر سيستغرق «سنوات» حتى يصبح إنتاج الفاكهة الاستوائية مربحاً.

وقال المزارع البالغ (44 عاماً) رغم حماسته لهذه التجربة، إنه لا يملك الوسائل اللازمة لتكريس نفسه لها بشكل كامل لأن مصدر رزقه، وهي شجرة الزيتون، تتطلب كل اهتمامه. وأفاد بأن إنتاجه انخفض بنسبة 60 في المائة العام الفائت بسبب الجفاف والحرارة المبكرة.

فقريته، كالكثير من القرى الأخرى في اليونان، تُحرم في أكثر الأحيان لساعات عدة خلال النهار من المياه بسبب النقص. واعترف ثيودوروس ديميتراكاكيس، الذي كان ناشطاً بيئياً خلال سنوات دراسته الجامعية، بأنه لم يفهم إلا أخيراً أن ظاهرة الاحترار المناخي ستؤثر عليه «منذ الآن». وأمل في أن يتمكن من إقناع المزارعين الآخرين بذلك، إذ إن بعضهم يعدونها مجرّد «سنة سيئة».