كيف يُساهم التقدُّم التِقني في حماية البيئة؟ البيئة في مجلات الشهر

مجلات الشهر
مجلات الشهر
TT

كيف يُساهم التقدُّم التِقني في حماية البيئة؟ البيئة في مجلات الشهر

مجلات الشهر
مجلات الشهر

التقدُّم التِقني ودوره في حماية البيئة كان محوراً رئيسياً في المقالات التي حملتها لنا المجلات العلمية الصادرة في مطلع شهر مايو (أيار). فمجلة «ساينس إيلوستريتد» استعرضت جهود الشركات في خفض البصمة الكربونية للسيارات الكهربائية خلال مرحلة التصنيع، كما عرضت «ساينتفك أميركان» تجربة مدينة سياتل في خفض الانبعاثات والحدّ من الأزمة المرورية عبر تبنّي وسائط النقل العامة الكهربائية، وأبرزت «ديسكفر» دور الزراعة الرقمية في توفير الغذاء للأعداد المتزايدة من البشر.«ناشيونال جيوغرافيك»

اختارت «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic) حماية الفيلة موضوعاً لغلاف عددها الجديد. وتشير المجلة إلى تراجع أعداد الفيلة على نحو كبير نتيجة الصيد الجائر، حيث تناقصت فيلة السافانا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفيلة الغابات الاستوائية الأفريقية ذات الأنياب المستقيمة، والفيلة الآسيوية التي يعيش نحو ثلثها في الأسر. ورغم صعوبة إحصاء الفيلة، إلا أن أحد التقديرات يشير إلى أن أفريقيا كانت موطناً لنحو 26 مليون فيل في بداية القرن التاسع عشر، ولم يتبق منها حالياً سوى 415 ألف فيل. وفي آسيا يوجد حالياً 50 ألف فيل في البرية. ولا يقتصر الصيد الجائر على إبادة هذه الحيوانات، بل يساهم أيضاً في تقويض تجمعاتها وإرهاقها.

«نيو ساينتست»

ناقشت «نيو ساينتست» (New Scientist) مشكلة تلوُّث الهواء الداخلي في المنازل والمدارس وأماكن العمل. وعدّدت المجلة ستة ملوّثات بصفتها المسؤولة الرئيسية عن تلوُّث الهواء الداخلي، وتشمل دخان التبغ، وأول أوكسيد الكربون المتسرّب من أجهزة الطبخ التي تعمل على الغاز، وغاز الرادون الناتج عن الانحلال الطبيعي لليورانيوم والثوريوم والراديوم في أعماق الأرض، ومركّبي ثلاثي كلوروإيثيلين والبنزن اللذين يتحرران من مواد الطلاء والأثاث والأرضيات والتمديدات الكهربائية وغيرها، بالإضافة إلى الجسيمات الدقيقة المعلّقة في الهواء. ويمكن التخفيف من تلوُّث الهواء الداخلي باتباع عدة إجراءات، تأتي التهوية في طليعتها.«ساينس»

على عاتق من يقع توفير الحماية للتنوُّع البيولوجي؟ أهي مسؤولية الحكومات أم القطاع الخاص أم المجتمعات المحلية؟ أسئلة حاولت «ساينس» (Science) تقديم إجابات عنها. وتنتمي المناطق المحمية في جميع أنحاء العالم إلى فئات إدارة مختلفة (مثل المنتزهات الوطنية، والمناطق البرية، ومناطق الموارد المحمية المدارة)، وهي تغطي نحو 15.8 في المائة من اليابسة والأوساط المائية الداخلية، و8.16 في المائة من البيئات البحرية. وهذه النِسَب بعيدة عن هدف حماية 30 في المائة من سطح الأرض بحلول 2030، مما يستدعي النظر في الأراضي ذات الملكية الخاصة لتحقيق هذا الهدف. وترى المجلة أن استعادة المناطق المتدهورة ضمن الأراضي الخاصة ووقف إزالة الغطاء النباتي إجراءان ضروريان لتعزيز حفظ التنوُّع البيولوجي خارج المناطق المحمية العامة.

«ساينس إيلوستريتد»

كيف تصبح السيارات الكهربائية سلاحاً فاعلاً في مواجهة تغيُّر المناخ، كان موضوع إحدى المقالات الرئيسية في «ساينس إيلوستريتد» (Science Illustrated). وفيما لا تزال أستراليا متريّثة في تبني سياسة وطنية تدعم التحوّل إلى السيارات الكهربائية، أعلنت أسواق رئيسية مثل الصين والاتحاد الأوروبي وكاليفورنيا توقفها عن بيع السيارات ذات المحرك التقليدي بعد سنة 2035. وتبلغ البصمة الكربونية لسيارة «تسلا» الكهربائية من النموذج الثالث 19 طناً من الكربون في مرحلة التصنيع. وتسعى شركات السيارات لتخفيف البصمة الكربونية للسيارات الكهربائية خلال مرحلتي التصنيع والاستثمار باستخدام مواد جديدة وتحسين نوعية البطاريات.

«ساينتفك أميركان»

عرضت «ساينتفك أميركان» (Scientific American) تجربة مدينة سياتل الأميركية في خفض الحركة المرورية وتقليل الانبعاثات باستخدام الحافلات الكهربائية. وتُعد وسائط النقل أكبر مصدر منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة لمسؤوليتها عن 30 في المائة من كمية الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري. وتخلص دراسات في الولايات المتحدة إلى أن التحوّل نحو السيارات التي تعمل على الكهرباء ليس كافياً وحده لتحقيق أهداف البلاد المناخية، وأن الحل قد يكون في بدائل طموحة تشجّع استخدام النقل العام بحافلات تعمل على الكهرباء.

«ديسكفر»

الزراعة الرقمية ودورها في نهضة القطاع الزراعي كان أحد المواضيع المهمة في «ديسكفر» (Discover). وتجمع «الزراعة الرقمية» بين الذكاء الصناعي وشبكات أجهزة الاستشعار لمنح المزارعين رؤى غير مسبوقة حول محاصيلهم. ويمكن أن تكون الزيادة في الكفاءة والإنتاج التي تَعِد بها الزراعة الرقمية حاسمة لتوفير الغذاء للأعداد المتزايدة من البشر في عالم متغيّر المناخ. وتعتمد الزراعة الرقمية على تقنيات وبرمجيات متقدمة تساعد في توفير معلومات آنية، كرطوبة التربة وصحة المزروعات وكفاية المغذيات، لاتخاذ قرارات مناسبة حول مسائل مثل الطلب على مياه الري والحاجة لاستخدام الأسمدة في الوقت والمكان المناسبين.

«ساينس نيوز»

عرضت «ساينس نيوز» (Science News) مشكلة ارتفاع منسوب مياه البحر في أرخبيل سان بلاس قبالة الساحل الشمالي لبنما. وتتعرض جزر في هذا الأرخبيل، مثل جزيرة غاردي سغدوب، للغرق ببطء بسبب ارتفاع منسوب المياه نتيجة تغيُّر المناخ. وكانت الحكومة البنمية بدأت منذ نحو 10 سنوات خطة لإعادة توطين سكان غاردي سغدوب في مساكن على البر الرئيسي. ومن المتوقع أن يتسبب ارتفاع البحر نتيجة تغيُّر المناخ في نزوح مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك جزر أرخبيل سان بلاس التي ستصبح تحت الماء وغير صالحة للسكن.

«بوبيولار ساينس»

أفضل المنازل للعيش بعيداً عن الشبكة العامة كان ضمن المواضيع المميزة لـ«بوبيولار ساينس» (Popular Science). ويمكن للمساكن، التي يتم تصميمها لدعم أسلوب الحياة المستدام، أن تساعد في التكيُّف مع عدد من التحديات التي يواجهها العالم، من نقص البيوت إلى تزايد عدد السكان وارتفاع التلوُّث وهيمنة الطقس القاسي. ويقوم بعض المصممين بإعادة الاعتبار لمفهوم «العمارة البيولوجية»، التي تعتمد على توظيف المواد الطبيعية مع استخدام التقنيات الحديثة في التصميم والتنفيذ. وتساعد بعض التصاميم ومواد البناء المعاد تدويرها في خفض البصمة الكربونية بنحو 90 في المائة.


مقالات ذات صلة

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

بيئة سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

زادت ظاهرة التغيّر المناخي نسبة حدوث فيضانات في منطقة البحر المتوسط، حيث تلعب الجغرافيا والنمو السكاني دوراً في مفاقمة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
بيئة أنثى «الحوت القاتل» الشهيرة «أوركا» أنجبت مجدداً

«أوركا» تنجب مجدداً... والعلماء قلقون

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن أنثى الحوت القاتل (التي يُطلق عليها اسم أوركا)، التي اشتهرت بحملها صغيرها نافقاً لأكثر من 1000 ميل في عام 2018 قد أنجبت أنثى

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)
سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

هطول الأمطار الغزيرة ولفترات قصيرة أمر طبيعي في منطقة البحر المتوسط، ولكنه، مثل العديد من الظواهر المناخية المتطرفة في السنوات الأخيرة، لم يعد هطول الأمطار في المنطقة تقليدياً بالضرورة، وذلك لما تسبّبه مؤخراً متأثرة بتغيّر المناخ.

في الخريف، أحدثت الفيضانات القاتلة دماراً على طول قوس ممتد من إسبانيا إلى البلقان، ومن المغرب إلى ليبيا. قُتل أكثر من 200 شخص في فالنسيا الإسبانية في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد فترة وجيزة من الطوفان الذي أغرق أوروبا بخمسة أضعاف معدل هطول الأمطار الشهري العادي في أسبوع واحد.

يقول العلماء إن تغير المناخ لا يزيد فقط من قوة العواصف المدمرة في البحر المتوسط، ​​​​ولكن أيضاً من تواترها، ويتوقعون أن يزداد الأمر سوءاً، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

آثار السيول التي ضربت مدينة بنغازي الليبية نتيجة «إعصار دانيال» الذي ضرب البلاد 11 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

كانت المناطق الساحلية في حوض البحر المتوسط ​​​​دائماً عرضة لهطول أمطار غزيرة، وخاصة في الأماكن التي توجد بها جبال بالقرب من البحر. لكن الأمر أصبح أسوأ مع ازدياد فترات هطول الأمطار الشديدة، مقارنة بعقود من الزمان فقط. في بعض المناطق، بدأت الكارثة تبدو وكأنها الوضع الطبيعي الجديد.

وقال ليوني كافيشيا، وهو عالم في المركز الأوروبي المتوسطي لتغير المناخ، إن شدة هذه الظواهر المتطرفة من المرجح أن تزداد في العقود المقبلة. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن منطقة البحر المتوسط ​​ترتفع درجة حرارتها بالفعل بنسبة 20 في المائة أسرع من المتوسط ​​العالمي. فمع ارتفاع درجة حرارة الهواء، ترتفع قدرته على الاحتفاظ بالمياه.

تشير النماذج المناخية إلى أنه رغم تكثيف أحداث هطول الأمطار الغزيرة في منطقة البحر المتوسط، فإن متوسط ​​هطول الأمطار في هذه المنطقة سينخفض بشكل عام. بعبارة أخرى، ستكون المناطق الجافة أكثر جفافاً، رغم أن الأمطار الغزيرة عندما تأتي ستكون أكثر شدة.

دور الجغرافيا

فجغرافيا البحر المتوسط عرضة خصيصاً للفيضانات المفاجئة. الجبال والبحر المغلق ومجاري الأنهار الجافة حول البحر المتوسط ​​تجعل المنطقة معرضة بشكل خاص للفيضانات المفاجئة.

تظل معظم المجاري المائية في المنطقة جافة إلى حد ما لفترات طويلة من العام. وعندما تأتي الأمطار الغزيرة، تتركز المياه بسرعة في مجاري الأنهار شديدة الانحدار، ويمكن أن ترتفع عدة أمتار في غضون ساعات قليلة، كما قال فرانشيسكو دوتوري، أستاذ مشارك في علم المياه في كلية الدراسات العليا بجامعة بافيا بإيطاليا.

إن البحر المتوسط ​​يسخن بسرعة أكبر من المسطحات المائية الأخرى، ويرجع هذا جزئياً إلى كونه بحراً مغلقاً عملياً. وهذا يجعله مصدراً قوياً للرطوبة التي يمكن للرياح أن تحملها إلى الداخل، فتغذي أنظمة هطول الأمطار، غالباً فوق المناطق الساحلية التي يتركز فيها معظم سكان البحر المتوسط.

وتلعب كذلك التيارات الجوية القوية للتيار النفاث القطبي دوراً في طقس المنطقة. فمع تقلّب التيارات، تتشكل موجات شمال - جنوب فترسل الهواء الدافئ إلى الشمال، وترسل الهواء البارد إلى الجنوب. وفي بعض الأحيان، عندما ينفصل جزء من التيار النفاث، فإنه يشكل منخفضاً جوياً، وقد يستمر هذا المنخفض لأيام، مما يتسبب في عدم الاستقرار عندما يلتقي بالهواء الدافئ في البحر المتوسط. وهذا ما حدث في سبتمبر (أيلول)، عندما نشأت العاصفة بوريس كأحد أنظمة الضغط الجوي المنخفض، واستمرت في التسبب في دمار بوسط وجنوب أوروبا، حيث قتلت 24 شخصاً على الأقل.

وكان منخفض جوي آخر هو الذي تسبب في الفيضانات بعد فترة وجيزة في فالنسيا بإسبانيا، حيث تُوفي المئات.

وفي عام 2023، تسبب انخفاض في درجات الحرارة فوق اليونان في إطلاق العاصفة «دانيال»، (عُرف باسم «إعصار دانيال»)، التي اشتدت قوتها مع عبورها البحر المتوسط ​​إلى ليبيا، ما أسفر عن مقتل 13200 شخص في ليبيا بعد انهيار سدين.

النمو السكاني

ويعني النمو السكاني في منطقة المتوسط أن المزيد من الناس معرّضون للخطر على مدى العقود الأخيرة، فقد أصبحت معظم المناطق الساحلية ومناطق السهول الفيضية في منطقة البحر المتوسط ​​أيضاً حضرية بكثافة، مما يترك مساحة صغيرة للممرات المائية. ولا تؤدي هذه التغييرات إلى تضخيم خطر الفيضانات فحسب، بل تضع كذلك المزيد من الناس في طريق الأذى.

أشخاص يسيرون في شوارع غمرتها المياه في فالنسيا بإسبانيا جراء الفيضانات التي ضربت المنطقة أكتوبر 2024 (أ.ب)

أصبحت الفيضانات أقل فتكاً بشكل عام بفضل التحسينات في هياكل الحماية من الفيضانات وأنظمة الإنذار المبكر. لكن الخبير دوتوري، الذي ساعد في تطوير نظام التوعية بالفيضانات الأوروبي، قال إن المزيد من المنازل والممتلكات يتعرض للضرر بسبب التنمية الحضرية والنمو السكاني.

لقد تضاعف عدد سكان دول البحر المتوسط ​​​​أكثر من الضعف منذ ستينات القرن العشرين. واليوم، يقيم نحو 250 مليون شخص في دول البحر المتوسط ​​​​في أحواض الأنهار، حيث تكون الفيضانات أكثر احتمالية.