عندما أبرم الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الفنلندي ألكسندر ستاب أحدث اتفاقية تجارية بينهما يوم الخميس، لم تكن مجرد مصافحة ترتبط بـ 11 سفينة، بل كانت علامة أخرى على صداقة تترجم بسرعة إلى استراتيجية واضحة، بحسب تقرير لشبكة «فوكس نيوز».
في حين حاول قادة أوروبيون آخرون كسب احترام ترمب من خلال السياسة والإقناع، اختار ستاب الطريق الصحيح. في مارس (آذار)، حضر الرئيس الفنلندي - الذي كان لاعباً سابقاً في المنتخب الوطني للغولف - إلى منتجع مارالاغو ليس حاملاً مذكرات إحاطة، بل مضارب الغولف، متحدياً ترمب في جولة، ومكتسباً شيئاً أندر من صفقة تجارية: الود.
يُهم المظهر الخارجي ترمب، ويبدو أن ستاب -الشخصية الرياضية الذي يبلغ طوله 180 سم- قد لقي اللحظة المناسبة. عندما التقى الاثنان آخر مرة في البيت الأبيض في أغسطس (آب)، أخبره ترمب أنه «يبدو أفضل من أي وقت مضى» وقدّمه على أنه «شاب قوي».
هذا التوافق الشخصي، الذي تم الحفاظ عليه من خلال تبادل الرسائل النصية المتكررة، فتح الأبواب بهدوء أمام الرئيس الفنلندي، وهو عدّاء ماراثون ورياضي مخضرم يتمتع بروح تنافسية عالية. والأهم من ذلك، أنه يُترجم إلى سياسات فعلية - من عقود الدفاع إلى التعاون في القطب الشمالي - مما يرفع هذه الدولة الاسكندنافية الهادئة إلى مكانة بارزة جديدة في واشنطن.
وهذا الصعود لم يكن متوقعاً لبلد معروف بحمامات البخار والهدوء أكثر من القمم. ينحدر ستاب من دولة يبلغ عدد سكانها 5.6 مليون نسمة، وتتصدر مؤشر السعادة العالمي بشكل روتيني، حيث تغطي الغابات ما يقرب من 75 في المائة من أراضيها.
Prime Minister Orpo and I met with President Trump, Vice President Vance, Secretary of State Rubio, and Secretary of War Hegseth in the Oval Office.Today was a good day for Finland._Tapasimme pääministeri Orpon kanssa presidentti Trumpin, varapresidentti Vancen,... pic.twitter.com/s8zqHVwV2w
— Alexander Stubb (@alexstubb) October 9, 2025
فنلندا - أصغر بقليل من ولاية مونتانا، وتقع بين السويد وروسيا - لطالما تأثرت رؤيتها الأمنية بالجغرافيا، وهو موقع يضعها الآن في طليعة استراتيجية حلف شمال الأطلسي والقطب الشمالي.
تُعدّ اتفاقية التجارة التي وُقّعت يوم الخميس، والتي تشمل 11 سفينة تُقدّر قيمتها بنحو 6.1 مليار دولار، أحدث مؤشر على تبلور هذا التوجه. وبموجب الاتفاقية التي أقرّها ترمب، ستُبنى ثلاث سفن من قِبل شركة «ديفي» في غالفستون بتكساس، وأربع سفن في هوما بلويزيانا، وهو نظام يتماشى مع شعاره «صنع في أميركا» وتأكيده على خلق فرص عمل في الولايات المتحدة، وضخّ مليارات الدولارات في القاعدة الصناعية البحرية.
وعندما يتعلق الأمر بكاسحات الجليد، فإن هلسنكي تُجسّد مكانتها المتميزة: تُصمّم الشركات الفنلندية ما يقرب من 80 في المائة من أسطول العالم.
لقد جعلت خبرة فنلندا منها أكثر من مجرد مورد. لقد حوّلت هلسنكي إلى طرف موثوق في استراتيجية ترمب في القطب الشمالي، وهي منطقة تُحدّدها بشكل متزايد المنافسة العسكرية مع روسيا والصين، وذوبان الطرق البحرية، والوصول إلى المعادن الأساسية.
تُحدث هذه الشراكة فرقاً في الاتجاهين. بالنسبة لفنلندا، تُعزز الاتفاقية تعاونها الدفاعي مع الولايات المتحدة، وترفعها من كونها وافداً جديداً على حلف الناتو إلى شريك استراتيجي، كما تخلق جسراً يربط واشنطن بحدود القطب الشمالي سريعة التغير.
Thank you for the invitation to the White House, @POTUS Donald Trump.Kiitos kutsusta Valkoiseen taloon, presidentti Donald Trump. pic.twitter.com/BCoqM9CKst
— Alexander Stubb (@alexstubb) October 9, 2025
وقال ستاب خلال اجتماع في المكتب البيضاوي يوم الخميس: «نحن سعداء للغاية بوجود هذا الكم الهائل من التدريبات الجارية مع الجنود الأميركيين حالياً. إنهم يكتسبون خبرة من ظروفنا في القطب الشمالي، ونحن ندمج جيوشنا معاً».
ويراقب المحللون ما إذا كان هذا التوافق الشخصي سيصمد في ظل التحولات السياسية، ولكن بالنسبة لفنلندا، فإن المكاسب ملموسة بالفعل، بحسب تقرير «فوكس نيوز».


