ما أسباب نجاة جميع ركاب طائرة «دلتا» التي تحطّمت خلال رحلة إلى تورنتو؟

طاقم ماهر ومقاعد قوية وأجنحة قابلة للانفصال

صورة من فيديو لهيئة سلامة النقل الكندية بتاريخ 19 فبراير 2025 تُظهر طائرة دلتا الرحلة 4819 التي تحطمت في مطار تورونتو بيرسون الدولي (أ.ب)
صورة من فيديو لهيئة سلامة النقل الكندية بتاريخ 19 فبراير 2025 تُظهر طائرة دلتا الرحلة 4819 التي تحطمت في مطار تورونتو بيرسون الدولي (أ.ب)
TT
20

ما أسباب نجاة جميع ركاب طائرة «دلتا» التي تحطّمت خلال رحلة إلى تورنتو؟

صورة من فيديو لهيئة سلامة النقل الكندية بتاريخ 19 فبراير 2025 تُظهر طائرة دلتا الرحلة 4819 التي تحطمت في مطار تورونتو بيرسون الدولي (أ.ب)
صورة من فيديو لهيئة سلامة النقل الكندية بتاريخ 19 فبراير 2025 تُظهر طائرة دلتا الرحلة 4819 التي تحطمت في مطار تورونتو بيرسون الدولي (أ.ب)

بعد مشاهدة مقاطع فيديو لطائرة تابعة لشركة «دلتا للطيران» وهي تحترق عند هبوطها وانقلابها على مدرج تورنتو بكندا، من العدل أن نتساءل كيف يمكن لأي شخص أن ينجو.

لكن خبراء الطيران قالوا إنه ليس من المستغرب أن ينجوا جميع الركاب البالغ عددهم 76 وأفراد الطاقم الأربعة من كارثة يوم الاثنين، حيث أصيب 21 شخصاً بجروح طفيفة ولم يبقَ في المستشفى سوى شخص واحد يوم الأربعاء. وقال الخبراء إن الفضل يعود إلى التقدم في تصميم الطائرات، بالإضافة إلى طاقم نفّذ خطة الإخلاء بشكل لا تشوبه شائبة، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

قال مايكل ماكورميك، الأستاذ المساعد ومنسق برنامج إدارة الحركة الجوية في جامعة إمبري ريدل للطيران في دايتونا بيتش بولاية فلوريدا الأميركية: «عندما رأيت لأول مرة (لقطات) تلك الطائرة مقلوبة رأساً على عقب في المطار، تساءلت: كيف يمكن أن يحدث هذا؟ وكيف يمكن لأي شخص أن ينجو من ذلك؟». وأضاف: «كان من المذهل تماماً مشاهدة الناس وهم يخرجون بالفعل (من الطائرة)».

وقال ماكورميك وآخرون إن حقيقة وقوع إصابات طفيفة فقط، تظهر أن تصميم الطائرات النفاثة للركاب والهندسة قد تحسنت بشكل كبير بمرور الوقت.

وقال إن خزانات الوقود مخزنة في الأجنحة، لذا فإن الأجنحة مصممة للكسر في حالة وقوع حادث لإزالة خطر انفجار خطير. وقال إن الزعنفة الشبيهة بالذيل في الطائرة والمعروفة باسم المثبت الرأسي قابلة للكسر - أو تنكسر بسهولة - مما يعني أن الطائرة التي انقلبت يمكن أن تظل مسطحة على الأرض والركاب وأفراد الطاقم قادرين على الإخلاء.

وقال ماكورميك: «الطيران سيظل أكثر أشكال النقل أماناً»، مضيفاً أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن يتمكن 80 شخصاً من الفرار من حادث تورنتو. وتابع: «ذلك لأن سلامة الطيران تتحسن باستمرار».

قال جيف جوزيتي، مستشار سلامة الطيران والمحقق السابق في إدارة الطيران الفيدرالية ومجلس سلامة النقل الوطني، إن المقاعد وأحزمة الأمان ساعدت أيضاً في منع الوفيات. وأشار إلى أن مقاعد طائرات الركاب مصممة لتحمّل تأثيرات تصل إلى 16 ضعف قوة الجاذبية، وأن أحزمة الأمان تقيد الركاب الذين تم تعليقهم رأساً على عقب أثناء انزلاق الطائرة لتتوقف على المدرج في مطار تورنتو بيرسون الدولي.

وقال جوزيتي: «احتمالات الإصابة أو الوفاة في حادث طيران تجاري أقل بكثير من (احتمالات الإصابة أو الوفاة أثناء) القيادة في سيارتك».

نفّذ طاقم الطائرة خطة الإخلاء، وقد أشاد الخبراء بالطاقم، الذين أخرجوا بهدوء وسرعة العديد من الركاب من الطائرة قبل وصول أطقم الطوارئ إلى مكان الحادث. وصفت ديبورا فلينت، الرئيسة التنفيذية لهيئة مطارات تورنتو الكبرى، طاقم الرحلة بـ«الأبطال»، بينما أشاد رئيسهم، الرئيس التنفيذي لشركة «دلتا»، إد باستيان، باستجابتهم باعتبارها «شهادة على السلامة المضمّنة في الأنظمة».

صورة من حطام طائرة شركة «دلتا إيرلاينز» التي تحطمت على مدرج مطار تورنتو بيرسون الدولي في أونتاريو بكندا (رويترز)
صورة من حطام طائرة شركة «دلتا إيرلاينز» التي تحطمت على مدرج مطار تورنتو بيرسون الدولي في أونتاريو بكندا (رويترز)

كيف كان الأمر داخل المقصورة؟

تحطمت طائرة الرحلة 4819 التي كانت متجهة من مينيابوليس إلى تورنتو، وهي طائرة تديرها شركة «إنديفور إير» التابعة لشركة «دلتا»، عند الهبوط نحو الساعة 2:30 مساءً يوم الاثنين. تُظهر مقاطع الفيديو الطائرة وهي تصطدم بالمدرج بقوة، وتشتعل فيها النيران ثم تنزلق على طول المدرج وتنقلب.

وقال بيتر كارلسون، وهو مسعف كان مسافراً إلى تورنتو لحضور مؤتمر، لوكالة «أسوشييتد برس»: «لقد كان الأمر غير مريح للغاية، تجربة قاسية وغير مريحة للغاية، كانت قوية (الضربة) عند الاصطدام، وحركة جانبية وفجأة انقلبت». وتابع: «كانت المهمة الوحيدة هي الخروج من الطائرة».

تم تكريم كارلسون في مؤتمر المسعفين لـ«أفعاله الشجاعة والمستحقة» في مساعدة الركاب الآخرين. تقول الشهادة إن أفعاله «حافظت على الحياة، وقللت من الإصابات ووفرت الهدوء».

قال كارلسون: «لدي جرح... وبعض الكدمات في ساقي، وبعض الكدمات في ضلوعي، لكنني على قيد الحياة. الجميع على قيد الحياة... الأمر مذهل».

رفض محقق كندي التعليق على النظريات الأولية لأسباب تحطم الطائرة، على الرغم من أن خبراء طيران قالوا لوكالة «أسوشييتد برس» إنهم من المرجح أن يأخذوا في الاعتبار الظروف الجوية، فضلاً عن احتمال حدوث خطأ بشري أو عطل في الطائرة.

وقال كين ويبستر، المحقق الكبير في مجلس سلامة النقل الكندي، في بيان مصور الثلاثاء: «في هذه المرحلة (من التحقيق)، من السابق لأوانه للغاية أن نقول ما قد يكون سبب هذا الحادث». وأضاف أن المحققين سيفحصون الحطام والمدرج، وأن مسجلات صوت قمرة القيادة وبيانات الرحلة قيد التحليل. وأعلن مجلس سلامة النقل الكندي بعد ظهر الأربعاء أن الطواقم تنقل الحطام من المدرج إلى حظيرة طائرات لمزيد من الفحص.


مقالات ذات صلة

تقرير: «كوكا كولا» مسؤولة عن مئات آلاف الأطنان من نفايات البلاستيك في المحيطات

العالم زجاجات بلاستيكية كُتب عليها «زجاجة مُعاد تدويرها 100 %» من كوكاكولا موضوعة على رف في متجر في ماريلاند الولايات المتحدة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)

تقرير: «كوكا كولا» مسؤولة عن مئات آلاف الأطنان من نفايات البلاستيك في المحيطات

بحلول عام 2030، ستكون شركة «كوكاكولا» مسؤولة عن أكثر من 600 ألف طن من النفايات البلاستيكية التي تُرمى في المحيطات والممرات المائية في مختلف أنحاء العالم سنوياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم صورة ملتقطة في 18 مارس 2025 تظهر أحد أعضاء برنامج الأغذية العالمي وهو يتحقق من الوثائق بينما ينتظر اللاجئون الحصول على المساعدات في مخيم خارج مدينة ميتكينا في شمال شرقي ميانمار (أ.ف.ب)

«برنامج الأغذية»: نقص التمويل قد يعلّق برامج مكافحة سوء تغذية الأطفال في العالم

حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، من احتمال تعليق البرامج التي تساعد على منع سوء تغذية الأطفال في اليمن وأفغانستان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم الرئيس الفرنسي حينها نيكولا ساركوزي يصافح الزعيم الليبي معمر القذافي لدى وصول الأول في زيارة رسمية إلى ليبيا في 25 يوليو 2007 (أ.ف.ب)

فرنسا: ساركوزي كان «صاحب القرار الفعلي» في الصفقة المبرمة مع القذافي

أكّدت النيابة المالية الفرنسية أن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي كان «صاحب القرار والراعي الفعلي» لصفقة الفساد التي أبرمها معاونان له مع القذافي سنة 2005.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب الألماني (البوندستاغ) في برلين (أ.ف.ب)

اليمين المتطرف يطمع بتولي مناصب مهمة في البرلمان الألماني

يطالب الحزب اليميني المتطرف «البديل من أجل ألمانيا»، بالحصول على مناصب عليا في مجلس النواب الألماني (البوندستاغ) الذي يباشر جلساته اليوم.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في اليوم الثاني من جولته الانتخابية للحزب الليبرالي يشارك بمؤتمر صحافي في نيوفاوندلاند... كندا 24 مارس 2025 (رويترز)

رئيس وزراء كندا: مستعد لإجراء مكالمة مع ترمب لكن بشروطنا

قال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، الاثنين، إنه مستعد لإجراء مكالمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب لكنه سيفعل ذلك «وفقا لشروطنا كدولة ذات سيادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

تقرير: «كوكا كولا» مسؤولة عن مئات آلاف الأطنان من نفايات البلاستيك في المحيطات

زجاجات بلاستيكية كُتب عليها «زجاجة مُعاد تدويرها 100 %» من كوكاكولا موضوعة على رف في متجر في ماريلاند الولايات المتحدة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)
زجاجات بلاستيكية كُتب عليها «زجاجة مُعاد تدويرها 100 %» من كوكاكولا موضوعة على رف في متجر في ماريلاند الولايات المتحدة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

تقرير: «كوكا كولا» مسؤولة عن مئات آلاف الأطنان من نفايات البلاستيك في المحيطات

زجاجات بلاستيكية كُتب عليها «زجاجة مُعاد تدويرها 100 %» من كوكاكولا موضوعة على رف في متجر في ماريلاند الولايات المتحدة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)
زجاجات بلاستيكية كُتب عليها «زجاجة مُعاد تدويرها 100 %» من كوكاكولا موضوعة على رف في متجر في ماريلاند الولايات المتحدة 25 مارس 2025 (أ.ف.ب)

بحلول عام 2030، ستكون شركة «كوكاكولا» مسؤولة عن أكثر من 600 ألف طن من النفايات البلاستيكية التي تُرمى في المحيطات والممرات المائية في مختلف أنحاء العالم كل عام، على ما أظهر تقرير نشرته منظمة «أوشيانا» غير الحكومية الأربعاء.

ويأتي إصدار التقرير وسط مخاوف متزايدة بشأن المخاطر التي يشكلها انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة على صحة الإنسان، والتي يربطها العلماء بشكل متزايد بالإصابات السرطان والعقم وأمراض القلب، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مدير حملة مكافحة التلوث في منظمة «أوشيانا» مات ليتلجون إن «(كوكاكولا) تشكل بلا منازع أكبر مُنتِج وبائع للمشروبات في العالم، لذا فإن دورها مهم حقاً عندما نتحدث عن تأثير كل ذلك على المحيط».

تُعد شركة «كوكاكولا» أكبر مسبب للتلوث بالبلاستيك في العالم، متقدمة على شركات «بيبسيكو» و«نستله» و«دانون»، بحسب دراسة نُشرت نتائجها سنة 2024 في مجلة «ساينس أدفانسز» Science Advances.

وبناء على بيانات نشرتها شركة «كوكاكولا» بشأن إنتاجها لمواد التغليف بين العامين 2018 و2023، بالإضافة إلى توقعات نمو المبيعات، تقدر «أوشيانا» أن استهلاك الشركة من البلاستيك من المتوقع أن يتجاوز 4.13 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030.

ثم طبّقت المنظمة غير الحكومية منهجاً علمياً قُدّم في مجلة «ساينس» في عام 2020 لتقييم نسبة هذا البلاستيك الذي يمكن أن ينتهي به المطاف في النظم البيئية المائية، أي 602 ألف طن في المجموع، ما يوازي تقريباً 220 مليار عبوة سعة 500 ملليلتر، ما يكفي لملء جوف 18 مليون حوت.

مواد بلاستيكية في مركز إعادة تدوير (أ.ف.ب)
مواد بلاستيكية في مركز إعادة تدوير (أ.ف.ب)

«تقديم مثال يُحتذى به»

ولتجنب هذا التلوث، فإن الحل الأفضل، وفقاً لمنظمة «أوشيانا»، يكمن في الاستعانة بمواد التغليف القابلة لإعادة الاستخدام، مثل الزجاج الذي يمكن إعادة استخدامه حتى 50 مرة، أو استخدام نسخة أقوى وأكثر سمكاً من البلاستيك المصنوع من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات (PET)، والذي يمكن إعادة استخدامه 25 مرة.

وكانت «كوكاكولا» تعهدت في عام 2022 بأن تصل نسبة العبوات القابلة لإعادة الاستخدام في منتجاتها إلى 25 في المائة بحلول عام 2030، معتبرة حينها أن هذه الطريقة تشكل «أحد أكثر الأساليب فعالية للحد من النفايات».

لكنها تخلت عن هذا الطموح من دون ضجة كبيرة في أحدث خريطة طريق للاستدامة، والتي نُشرت في ديسمبر (كانون الأول) 2024، إذ اختارت الشركة تركيز جهودها على عمليات إعادة تدوير النفايات وجمعها.

وقال ناطق باسم «كوكاكولا» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه رغم الأهداف الجديدة، فإن الشركة لا تزال «ملتزمة توسيع خيارات التغليف القابلة لإعادة الاستخدام».

ويحذّر الناشطون البيئيون منذ فترة طويلة من الاعتماد المفرط على إعادة التدوير، معتبرين أن هذا الأمر يؤدي غالباً إلى تحميل المستهلكين المسؤولية بدلاً من معالجة المشكلة من جذورها.

وقال مات ليتلجون: «إعادة التدوير أمر جيد، لا تسيئوا فهمي». وتابع: «لكن إذا كنتم تستخدمون البلاستيك المعاد تدويره لإنتاج المزيد من البلاستيك الذي يُستخدم مرة واحدة، فهذه مشكلة».

يعتمد إنتاج البلاستيك على النفط، ما يجعل هذه الصناعة مساهماً مباشراً في تغير المناخ.

لكنّ منظمة «أوشيانا» ترى أن الأمل لا يزال ممكناً، إذ إن «كوكاكولا» تستخدم مواد تغليف قابلة لإعادة الاستخدام على نطاق واسع في بلدان مثل البرازيل وألمانيا ونيجيريا، وحتى في أجزاء من الولايات المتحدة، ولا سيما بولاية تكساس.

وأضاف ليتلجون: «إنهم يمتلكون القدرة على تطوير هذا الأمر وتقديم مثال يُحتذى به لبقية الجهات في القطاع».