هل يعزز تنظيم «القاعدة» وجوده في أفغانستان؟

فتح معسكرات تدريب جديدة ومدارس دينية ومنازل آمنة تسهّل التنقل إلى إيران

عناصر من «طالبان» في الحي الذي كان الظواهري يسكن فيه في 2 أغسطس 2022 (إ.ب.أ)
عناصر من «طالبان» في الحي الذي كان الظواهري يسكن فيه في 2 أغسطس 2022 (إ.ب.أ)
TT

هل يعزز تنظيم «القاعدة» وجوده في أفغانستان؟

عناصر من «طالبان» في الحي الذي كان الظواهري يسكن فيه في 2 أغسطس 2022 (إ.ب.أ)
عناصر من «طالبان» في الحي الذي كان الظواهري يسكن فيه في 2 أغسطس 2022 (إ.ب.أ)

فتح تنظيم «القاعدة» الإرهابي 8 معسكرات تدريب جديدة، و5 مدارس دينية، ومستودعاً للأسلحة، ومنازل آمنة في أفغانستان تُستخدم في تسهيل حركة عناصر التنظيم من وإلى إيران، وفق تقرير نشره «لونغ وور جورنال».

واستند التقرير الذي كتبه بيل روجيو، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى تقييم فريق الدعم التحليلي ورصد العقوبات التابع للأمم المتحدة الصادر في 29 يناير (كانون الثاني). ووجد الفريق الأممي أن هذه المعسكرات الجديدة التابعة لـ«القاعدة» موجودة في ولايات غازني، ولاغمان، وباروان، وأوروزغان، وأن «بعضها قد تكون مؤقتة»، لافتاً إلى أن «العلاقة بين حركة (طالبان) وتنظيم القاعدة لا تزال وثيقة». وأصبح بذلك التنظيم يُدير معسكرات للتدريب في 10 من أصل 34 ولاية في أفغانستان. ورجّح التقرير أن يكون أحد قادة «القاعدة»، المعروف باسم حكيم المصري، هو «المسؤول عن معسكرات التدريب، وتدريب العناصر الانتحارية لصالح حركة (طالبان) الباكستانية».

إلى ذلك، وجد التقرير أن تنظيم «القاعدة» يدير 5 مدارس دينية في ولايات لاغمان، وكونار، وننغرهار، ونورستان، وباروان.

«القاعدة» وإيران

سلّط بيل روجيو الضوء على العلاقة بين تنظيم «القاعدة» وإيران، من خلال التركيز على «المنازل الآمنة» الموجودة في الولايات الأفغانية المحاذية للحدود الإيرانية، وتنقل قادة التنظيم بين البلدين. وقال، مستنداً إلى تقرير فريق الرصد الأممي، إن تنظيم «القاعدة» يحتفظ بمنازل آمنة لتسهيل حركة الأعضاء بين أفغانستان وإيران في كل من هرات وفرح وهلمند وكابل.

وتقع ولايات هيرات وفرح وهلمند على الحدود مع إيران، ويُشاع احتماء قادة تنظيم «القاعدة» فيها. ورصد الفريق الأممي، وفق «لونغ وور جورنال»، سفر أفراد «لتيسير الاتصال بين الزعيم الفعلي لتنظيم (القاعدة) في إيران سيف العدل، وكبار رجال التنظيم في أفغانستان، بمن فيهم عبد الرحمن الغامدي».

وكان قد كُشف عن منزل آمن واحد على الأقل يتبع لتنظيم «القاعدة» في كابل في يوليو (تموز) 2022، عندما قتلت الولايات المتحدة أيمن الظواهري، أحد مؤسسي التنظيم الإرهابي. وقد قُتل الظواهري في غارة جوية بطائرة مُسيرة استهدفت منزلاً آمناً يُديره أحد رجال سراج الدين حقاني، وهو أحد نائبي «أمير» حركة «طالبان» ووزير الداخلية الحالي في حكومة طالبان الحالية. ثم صُنفت شبكة حقاني، التابعة لسراج الدين، منظمة إرهابية أجنبية لعلاقاتها الوثيقة بتنظيم «القاعدة». كما صُنف سراج الدين والكثير من كبار مساعديه أيضاً بأنهم إرهابيون عالميون بصفة خاصة من قبل الولايات المتحدة.

وأشار روجيو إلى أنه تمّ توثيق وجود كبار قادة تنظيم «القاعدة» داخل إيران من قبل الحكومة الأميركية في الكثير من التصنيفات على مر السنوات. ومن بين كبار القادة المعروفين بأنهم كانوا يعملون داخل إيران: عبد الرحمن المغربي، وياسين السوري، وسعد بن لادن (المتوفى الآن)، ومصطفى حامد.


مقالات ذات صلة

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».